الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُم من يجريه على عقدَة إبهامه
وَمِنْهُم من يجريه على سبابته ويميل إبهامه عَن السهْم
وَمِنْهُم من يرفع إبهامه وَيجْعَل سبابته تحتهَا فَيصير كَأَنَّهُ عَاقد ثَلَاثَة عشر فَيجْرِي السهْم على ظفر إبهامه
وَمِنْهُم من يجريها على طرفِي أصبعيه السبابَة والإبهام فَيكون كَأَنَّهُ عَاقد ثَلَاثِينَ
فَمن أجراها على عقدَة إبهامه فَهُوَ عيب عِنْد الحذاق لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو ان يضْربهُ فِيهِ الريش فيجرحه وَرُبمَا ضربه السهْم فعقر أُصْبُعه
وَأما من يجريها على سبايته وَهُوَ أحسن قَلِيلا من الأول وَكِلَاهُمَا مَذْهَب أهل الأستواء فِي قَبضته وليسا بجيدين
وَأما من يجريها على أصل ظفري أصبعيه الْإِبْهَام والسبابة كعاقد ثَلَاثِينَ فَهُوَ مَذْهَب التَّوَسُّط وَهُوَ أَحْمد الْمذَاهب
واما من وقف إبهامه فيجريها على طرف ظفره كعاقد ثَلَاث عشرَة فَهُوَ مَذْهَب أهل التحريف وَهُوَ رَدِيء جدا لِأَن صَاحبه يحرف قَبضته تحريفا شَدِيدا وَيُوقف إبهامه فَإِن هُوَ أمال قوسه قَلِيلا سقط السهْم من على ظفره وَهُوَ رَدِيء فِي الْحَرْب لَا يكَاد يَسْتَقِيم لَهُ رمي لسرعة سُقُوطه سَهْمه
ذكر [سَبَب] ارْتِفَاع السهْم فِي الجو ونزوله وسداده
اخْتلف أهل الْعلم من الرُّمَاة فِي ذَلِك اخْتِلَافا متباينا وَنحن نذْكر أَقْوَالهم وَمَا فِيهَا ونبين الصَّحِيح مِنْهَا
فَقَالَت طَائِفَة سَبِيل السهْم إِذا خرج من كبد الْقوس أَن يقطع مَا بَينه وَبَين الْغَرَض فِي خطّ الاسْتوَاء بِغَيْر صعُود وَلَا هبوط بل محاذيا للموضع الَّذِي خرج مِنْهُ فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ على خلاف ذَلِك فِي ارتفاعه ونزوله طلبنا عِلّة ذَلِك فرأيناه من وَاحِد من ثَلَاث إِمَّا من الْقوس وآفته فِيهِ وَإِمَّا من السهْم وَإِمَّا من الرَّامِي فَلَا بُد من آفَة خُفْيَة فِي وَاحِد من هَذِه الثَّلَاث
وَردت طَائِفَة أُخْرَى هَذَا القَوْل وَقَالَت مَا رَأينَا راميا وَلَا نقل إِلَيْنَا إبدا أَنه رمي بِسَهْم فَقطع المدى فِي خطّ الأستواء محاذيا لموْضِع مخرجه لَا صاعدا وَلَا نازلا وَلم تخل الأَرْض من رام لَا آفَة فِي رميه وَلَا قوسه وَلَا سَهْمه بِحَيْثُ تجمع الرُّمَاة على اعْتِدَال الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة وسلامتها من كل عيب
وَقَالَ آخَرُونَ الْعلَّة فِي الِارْتفَاع والانخفاض من جِهَة اخْتِلَاف بِنَاء الْقوس فَإِنَّهَا إِذا غلبت بَيتهَا الْأَعْلَى ارْتَفع السهْم فِي أول مداه وَإِذا غلب الْأَسْفَل ارْتَفع فِي آخر مداه
ورد عَلَيْهِم آخَرُونَ مِنْهُم وَقَالُوا هَذَا لَا يَصح لأَنا نجد الْقوس المعتدلة الْبَيْتَيْنِ الصَّحِيحَة التَّرْكِيب بيد الرجل الحاذق فِي الرَّمْي يرْتَفع عَنْهَا السهْم جدا وَرُبمَا ارْتَفع أَكثر من ارْتِفَاع من هُوَ دونه
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى لَيْسَ ارْتِفَاع السهْم من قبل الْقوس وَلَا الرَّامِي وَلَا من قبل السهْم فِي نَفسه بل من أَمر خَارج وَهُوَ الْهَوَاء [الْحَامِل لَهُ وَذَلِكَ أَن السهْم] إِذا كَانَ شَدِيدا [ثقيلا والقوس صلبة قطع الْهَوَاء و] مر سَادًّا وَإِن كَانَ خَفِيفا حمله الْهَوَاء فارتفع
قَالَ وَالْحجّة على ذَلِك أَن الْمركب إِذا كَانَ ثقيلا غاص فِي المَاء وَإِن كَانَ خَفِيفا ارْتَفع والهواء للسهم مثل المَاء للمركب
ورد آخَرُونَ هَذَا القَوْل وَقَالُوا نجد السهْم الساد عَن الْقوس الصلبة فِي الْيَوْم السَّاكِن الْهَوَاء لَا بُد لَهُ من ارْتِفَاع عَن محاذاة مخرجه وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن ينصب حبلا مُعْتَرضًا فِي نصف [من] الأَرْض مُسَاوِيا لمخرج السهْم [ثمَّ يَرْمِي بِسَهْم سَاد عَن قَوس صلبة فَلَا بُد من أَن يرفع السهْم] عَنهُ
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم الَّذِي صَحَّ عندنَا وكشفناه من عِلّة ارْتِفَاع السهْم ونزوله أَن سير السهْم لَا يتم إِلَّا بِثَلَاثَة أَشْيَاء أَحدهَا بدن الرَّامِي وقوته وَالثَّانِي قوسه وَالثَّالِث سَهْمه وكل وَاحِد ثلث الْعلَّة وَالدَّلِيل على هَذَا أَنَّك تَأْخُذ قوسا صلبة موترة لَا يمكنك الرَّمْي عَنْهَا فتفوق عَلَيْهَا سَهْما ثمَّ تمدها فتحنى الْوتر مَعَك يَسِيرا من غير أَن تنحني الْقوس ثمَّ تطلق فيمر السهْم أذرعا كَثِيرَة وَقد علمت أَن الْقوس لم يعْمل فِي السهْم شَيْئا لِأَنَّهَا لم تطاوعك وَإِنَّمَا خرج السهْم من الْوتر بنفضه الرَّامِي وقوته لَا بِالْقَوْسِ
وَأما الثُّلُث [الَّذِي من قبل الْقوس فالدليل على اعْتِبَاره أَنَّك تَجِد السهْم فِي آخر الثُّلُث] الأول فِي ارْتِفَاع إِلَى اول الثُّلُث الثَّالِث فَيَأْخُذ فِي الهبوط وَذَلِكَ من قبل السهْم نَفسه لِأَن طبعه -[كَمَا علمت]- الهبوط وَكَانَ ارتفاعه أَولا بِالْقُوَّةِ الَّتِي أَفَادَهُ إِيَّاهَا الرَّامِي وَاعْتبر هَذَا بِالْحجرِ ترمي بِهِ إِلَى فَوق فَلَا يزَال صاعدا مَا دَامَت قُوَّة الرَّامِي تمده فاذا انتهك الْقُوَّة الَّتِي أمدته فِي الصعُود صَارَت حركته حِينَئِذٍ النُّزُول وَهِي الْحَرَكَة الطبيعية [لَهُ]
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى بل الْعلَّة الصَّحِيحَة فِي ذَلِك أَن الرَّامِي إِذا فَوق السهْم فِي قسْمَة مستوية لَا مُرْتَفعَة وَلَا منخفضة كَانَ العقد تَحت