المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خلوا عَن الْعِوَض كَانَ تحريمهما من جِهَة الْعَمَل وَإِذا اشتملا - الفروسية المحمدية - ت مشهور

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌تحمدة وتقدمة

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بالأقدام

- ‌مسابقة الصَّحَابَة على الْأَقْدَام بَين يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مصارعته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْخَيل

- ‌فصل

- ‌مسابقته صلى الله عليه وسلم بَين الْإِبِل

- ‌فصل

- ‌تناضل الصَّحَابَة بِالرَّمْي بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌مراهنة الصّديق للْمُشْرِكين بِعِلْمِهِ وإذنه صلى الله عليه وسلم

- ‌هَل الْمُرَاهنَة على الْمسَائِل الَّتِي فِيهَا ظُهُور أَعْلَام الْإِسْلَام وأدلته وبراهينه مَمْنُوعَة

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بالأقدام بعوض وَبلا عوض

- ‌فصل

- ‌الصراع بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌السباحة بِالرَّهْنِ وَبلا رهن

- ‌المشابكة بِالْأَيْدِي

- ‌الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْبَقر وَالْحمام والسفن

- ‌فصل

- ‌الْمُسَابقَة بَين الْإِبِل والفيل

- ‌فصل

- ‌النضال بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وإذنه فِيهِ

- ‌كتاب عمر رضي الله عنه لعتبة بن فرقد وَشَرحه

- ‌فصل

- ‌فَوَائِد النضال

- ‌فصل

- ‌أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا

- ‌فصل

- ‌فضل الْمَشْي بَين الغرضين وَمن مَشى بَينهمَا من السّلف الصَّالح

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين ركُوب الْخَيل وَرمي النشاب

- ‌وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على الرَّمْي

- ‌المُرَاد بقوله تَعَالَى {وَالْعَادِيات ضَبْحًا}

- ‌عودة إِلَى وُجُوه تَفْضِيل سبق الْخَيل على سبق الرَّمْي

- ‌النَّهْي عَن تَقْلِيد الْخَيل الأوتار وَمَعْنَاهُ

- ‌فصل

- ‌أوجه تفضل الرَّمْي بالنشاب على ركُوب الْخَيل وَذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو

- ‌فضل النزاع بَين تَفْضِيل الرَّمْي على ركُوب الْخَيل وَالْعَكْس

- ‌فصل

- ‌رميه صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْكَرِيمَة

- ‌فصل

- ‌طعنه صلى الله عليه وسلم بالحربة

- ‌فصل

- ‌فضل الرماح

- ‌الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر فِيهَا الفروسية

- ‌أوجه الشّبَه بَين الجلاد بِالسَّيْفِ والجدال بِالْحجَّةِ

- ‌فروسية الْعلم وَالْبَيَان وفروسية الرَّمْي والطعان

- ‌فصل الرِّهَان على الْغَلَبَة بِالرُّمْحِ

- ‌فصل

- ‌ركُوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْفرس عُريَانا وتقلده بِالسَّيْفِ وورود ذَلِك فِي صفته فِي الْكتب الأولى

- ‌فصل

- ‌أَحْكَام الرِّهَان فِي الْمُسَابقَة وصوره الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة المجوزين للتراهن من غير مُحَلل

- ‌فصل

- ‌أَدِلَّة الْقَائِلين بِاشْتِرَاط الْمُحَلّل

- ‌لم يشْتَرط مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحه مَا شَرطه فِي صَحِيحه

- ‌التَّفْرِقَة بَين من أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَبَين مَا أخرج لَهُ فِي الشواهد والمتابعات

- ‌تساهل التِّرْمِذِيّ فِي التوثيق الصَّحِيح

- ‌تَصْحِيح الْحَاكِم

- ‌تَصْحِيح ابْن حزم

- ‌لَيْسَ كل مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَسكت عَنهُ يكون صَحِيحا عِنْده وأمثلة على ذَلِك

- ‌من أصُول مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل

- ‌كتاب أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي فَضَائِل مُسْند أَحْمد وخصائصه وَتعقبه

- ‌فصل

- ‌شُرُوط الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب أبي حنيفَة

- ‌طَبَقَات أَصْحَاب الشَّافِعِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أَنْوَاع المناضلة

- ‌شُرُوط العقد على الْإِصَابَة

- ‌فصل

- ‌تعدد السِّهَام وَعدم تعددها

- ‌فِي تحزب الرُّمَاة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌المفاضلة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصلالنزاع بَين الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌فصل

- ‌فِي أَنْفَع القسي وأولاها بِالِاسْتِعْمَالِ

- ‌فصل

- ‌أَنْفَع قسي الْيَد

- ‌فصل

- ‌فِي الْمُفَاخَرَة بَين قَوس الْيَد وقوس الرجل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌مَا يحْتَاج إِلَيْهِ المتعلم

- ‌فِي آدَاب الرَّمْي وَمَا يَنْبَغِي للرامي أَن يعتمده

- ‌فصل

- ‌فِي الْخِصَال الَّتِي بهَا كَمَال الرَّمْي

- ‌فصل

- ‌فِي النكاية

- ‌فصل فِي جمل من أسرار الرَّمْي ذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه

- ‌فصل فِي الْقيام وَالْجُلُوس

- ‌فصل أوجه الْجُلُوس فِي الرَّمْي

- ‌فصل مُشْتَمل على فُصُول من طب الرَّمْي وعلاج علله وآفاته

- ‌فصل مِنْهَا

- ‌ذكر مَا يصلح بِهِ هَذِه الْآفَات

- ‌فصل فِي استرخاء قَبْضَة الشمَال وَمَا يلْزمه

- ‌فصل فِي آفَة عقر السبابَة من الْيَد الْيُمْنَى وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة مس الْوتر لإذن الرَّامِي ولحيته وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة كسر ظفر الْإِبْهَام فِي العقد وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة لُحُوق السبابَة عِنْد الْإِطْلَاق وعلاجه

- ‌فصل فِي آفَة رد السهْم وَقت الْإِطْلَاق

- ‌فصل فِي آفَة الكزازة وَمَا يزيلها

- ‌فصل فِي آفَة ضرب سية الْقوس الأَرْض عِنْد الْإِطْلَاق

- ‌‌‌فصلفِي عِلّة كسر فَوق السهْم وعلاجه

- ‌فصل

- ‌فصل [أَنْوَاع تَحْرِيك السهْم]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم من أول خُرُوجه إِلَى حِين وُقُوعه]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم عِنْد توَسط المدى]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم آخرا إِن لم يَتَحَرَّك أَولا]

- ‌فصل [اسباب تحرّك السهْم أَولا فَإِذا توَسط استد]

- ‌فصل فِي عقر الْإِبْهَام بِالسَّهْمِ وَقت الْجَرّ وعلاجه

- ‌[فصل فِي] ذكر أَرْكَان الرَّمْي الْخَمْسَة وَصفَة كل وَاحِد مِنْهَا وَالِاخْتِلَاف

- ‌ذكر العقد ووجوهه

- ‌فصل [منشأ السرعة والبعد عِنْد الرُّمَاة]

- ‌فصل [أَنْوَاع تركيب السبابَة على الْإِبْهَام]

- ‌فصل [لَا يَنْبَغِي للرامي أَن يقلم أظافر يَده الْيُمْنَى]

- ‌فصل فِي القفلة بالأصابع الثَّلَاث من الْيَد الْيُمْنَى

- ‌ذكر الْمَدّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر النّظر وَأَحْكَامه

- ‌فصل [النّظر من الدَّاخِل]

- ‌فصل [أوجه النّظر من الْخَارِج]

- ‌فصل فِي ميزَان النّظر

- ‌فصل [المفاضلة بَين أهل التربيع وَأهل التحريف]

- ‌فصل فِي ميزَان آخر

- ‌[فصل فِي] ذكر الاطلاق ووجوهه

- ‌فصل فِي مر السهْم على الْيَد

- ‌ذكر [سَبَب] ارْتِفَاع السهْم فِي الجو ونزوله وسداده

- ‌فصل فِي مدح الْقُوَّة والشجاعة وذم الْعَجز والجبن

- ‌فصل

- ‌فصل [الْفرق بَين الشجَاعَة وَالْقُوَّة]

- ‌فصل فِي مَرَاتِب الشجَاعَة والشجعان

- ‌فصل [الْأُمُور المترتبة على الشجَاعَة]

- ‌خَاتِمَة

الفصل: خلوا عَن الْعِوَض كَانَ تحريمهما من جِهَة الْعَمَل وَإِذا اشتملا

خلوا عَن الْعِوَض كَانَ تحريمهما من جِهَة الْعَمَل وَإِذا اشتملا على الْعِوَض صَار تحريمهما من وَجْهَيْن من جِهَة الْعَمَل وَمن جِهَة أكل المَال بِالْبَاطِلِ فَتَصِير بِمَنْزِلَة لحم الْخِنْزِير الْمَيِّت قَالَ أَحْمد هُوَ حرَام من وَجْهَيْن فَإِن غصبه أَو سَرقه من نَصْرَانِيّ صَار حَرَامًا من ثَلَاثَة أوجه فالتحريم يقوى ويضعف بِحَسب قُوَّة الْمَفَاسِد وضعفها وبحسب تعدد أَسبَابه فَاعْلَم

‌فصل

[مسَائِل] إِذا عرف هَذَا فاتفق النَّاس على تَحْرِيم أكل الْعِوَض فِي هَذَا النَّوْع وعَلى تَحْرِيم المغالبة فِيهِ بالرهان وَاتَّفَقُوا على جَوَاز أكل المَال بسباق الْخَيل وَالْإِبِل والنضال من حَيْثُ الْجُمْلَة وَإِن اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة الْجَوَاز وتفصيله على مَا سَنذكرُهُ وَاخْتلفُوا فِي مسَائِل هَل هِيَ مُلْحقَة بِهَذَا أَو هَذَا وَنحن نذكرها الْمَسْأَلَة الأولى اخْتلفُوا فِي جَوَاز الْمُسَابقَة على البغال وَالْحمير بعوض فَقَالَ الإِمَام أَحْمد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه

ص: 315

وَالزهْرِيّ لَا يجوز ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي القَوْل الْأُخَر يجوز الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة اخْتلفُوا فِي الْمُسَابقَة على الْحمام والفيل وَالْبَقر بعوض فَمَنعه أَحْمد وَمَالك وَأكْثر الشَّافِعِيَّة وَأَجَازَهُ أَصْحَاب أبي حنيفَة وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَبَعض أَصْحَاب أَحْمد فِي الْحمام الناقلة للْأَخْبَار الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة هَل يجوز الْعِوَض فِي الْمُسَابقَة على الْأَقْدَام فَمَنعه مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي الْمَنْصُوص عَنهُ صَرِيحًا وَأَجَازَهُ الحنيفة وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَهُوَ مُخَالف لنَصّ الإِمَام الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة هَل يجوز الْعِوَض فِي الْمُسَابقَة بالسباحة مَنعه الْأَكْثَرُونَ وَجوزهُ بعض الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة الصراع منع أَحْمد وَمَالك وَبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي الْعِوَض فِيهِ وَهُوَ مُقْتَضى نَص الشَّافِعِي فِي مَنعه الْعِوَض فِي

ص: 316

الْمُسَابقَة بالأقدام وَجوزهُ بعض أَصْحَابه وَأَصْحَاب أبي حنيفَة الْمَسْأَلَة السَّادِسَة المشابكة بِالْأَيْدِي لَا تجوز بعوض عِنْد الْجُمْهُور وفيهَا وَجه للشَّافِعِيَّة بِالْجَوَازِ وَمُقْتَضى مَذْهَب أَصْحَاب أبي حنيفَة جَوَازه فَإِنَّهُ يجوزوه فِي الصراع والمسابقة بالأقدام والمغالبة فِي مسَائِل الْعلم الْمَسْأَلَة السَّابِعَة الْمُسَابقَة بِالسَّيْفِ وَالرمْح والعمود منعهَا بعوض مَالك وَأحمد وجوزها أَصْحَاب أبي حنيفَة وللشافعية فِيهَا وَجْهَان الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة الْمُسَابقَة بالمقاليع على الْعِوَض منعهَا الْجُمْهُور وللشافعية فِيهَا وَجه وَمُقْتَضى مَذْهَب أَصْحَاب أبي حنيفَة الْجَوَاز الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة المغالبة بشيل الأثقال كالحجارة والعلاج فالجمهور لَا يجوزون الْعِوَض فِيهَا وَمن جوزه على المشابكة والسباحة والصراع والأقدام فَمُقْتَضى قَوْله الْجَوَاز هُنَا إِذْ لَا فرق الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة المثاقفة لَا تجوز بعوض عِنْد الْجُمْهُور وأباحها

ص: 317

بعض الشَّافِعِيَّة وَهُوَ مُقْتَضى مَذْهَب أَصْحَاب أبي حنيفَة الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة الْمُسَابقَة على حفظ الْقُرْآن والْحَدِيث وَالْفِقْه وَغَيره من الْعُلُوم النافعة والإصابة فِي الْمسَائِل هَل تجوز بعوض مَنعه أَصْحَاب مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَجوزهُ أَصْحَاب أبي حنيفَة وَشَيخنَا وَحَكَاهُ ابْن عبد الْبر عَن الشَّافِعِي وَهُوَ أولى من الشباك والصراع والسباحة فَمن جوز الْمُسَابقَة عَلَيْهَا بعوض فالمسابقة على الْعلم أولى بِالْجَوَازِ وَهِي صُورَة مراهنة الصّديق لكفار قُرَيْش على صِحَة مَا أخْبرهُم بِهِ وثبوته وَقد تقدم أَنه لم يقم دَلِيل شَرْعِي على نسخه وَأَن الصّديق أَخذ رهنهم بعد تَحْرِيم الْقمَار وَأَن الدّين قِيَامه بالججة وَالْجهَاد فَإِذا جَازَت الْمُرَاهنَة على آلَات الْجِهَاد فَهِيَ فِي الْعلم أولى بِالْجَوَازِ وَهَذَا القَوْل هُوَ الرَّاجِح الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة الْمُسَابقَة بِالسِّهَامِ على بعد الرَّمْي لَا على الْإِصَابَة فَأَيّهمَا كَانَ أبعد مدى كَانَ هُوَ الْغَالِب منعهَا بِالْعِوَضِ

ص: 318

أَصْحَاب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَيلْزم من جَوَازهَا فِي الْمُسَابقَة بالأقدام والسباحة والمصارعة جَوَازهَا هُنَا بل هِيَ أولى بِالْجَوَازِ فَإِن الْمَقْصُود بِالرَّمْي أَمْرَانِ الْبعد والإصابة فالبعد أحد مقصوديه والسبق بِهِ من جنس السَّبق بِالْخَيْلِ وَالْإِبِل وَبِكُل حَال هُوَ أولى من سَائِر الصُّور الَّتِي قاسوها على مورد النَّص بِالْجَوَازِ وَظَاهر الحَدِيث يَقْتَضِيهِ فَإِنَّهُ أثبت السَّبق فِي النصل كَمَا أثْبته فِي الْخُف والحافر هَذَا يَقْتَضِي أَن يكون السَّبق بِهِ كالسبق بهما فَأَما أَن يُقَال يَقْتَضِي الْإِصَابَة دون السَّبق فِي الْغَايَة فكلا وَهُوَ فِي اقتضائهما مَعًا أظهر من الِاقْتِصَار على الْإِصَابَة فَقَط وَالله أعلم

فصل

فِي مَأْخَذ هَذِه الْأَقْوَال

وَهِي نَوْعَانِ لَفْظِي ومعنوي فاللفظي الِاقْتِصَار على مَا أثْبته النَّص بعد النَّفْي الْعَام وَهِي الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث فَقَط فَلَا يجوز فِي غَيرهَا وَهَؤُلَاء جعلُوا

ص: 319

أكل المَال بِهَذِهِ الثَّلَاثَة مُسْتَثْنى من جَمِيع أَنْوَاع المغالبات وَقَالُوا لَيْسَ غَيرهَا فِي مَعْنَاهَا حَتَّى يلْحق بهَا فَإِن سَائِر هَذِه الْأَنْوَاع الْمَذْكُورَة لَا يتَضَمَّن مَا تتضمنه هَذِه الثَّلَاثَة من الفروسية وَتعلم أَسبَاب الْجِهَاد واعتيادها وتمرين الْبدن عَلَيْهَا فَأَيْنَ هَذِه من السباحة والمشابكة وَالسَّعْي والصراع والعلاج واللعب بالحمام فَلَا نَص وَلَا قِيَاس قَالُوا ويوضح هَذَا أَن الْخَيل وَالْإِبِل هِيَ الَّتِي عهِدت الْمُسَابقَة عَلَيْهَا بَين الصحابه فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي الَّتِي سَابق عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يسابق على بغل وَلَا حمَار قطّ لَا هُوَ وَلَا أحد من أَصْحَابه مَعَ وجود الْحمير وَالْبِغَال عِنْدهم وَالْخَيْل هِيَ الَّتِي تصلح للكر والفر ولقاء الْعَدو وَفتح الْبِلَاد وَأما أَصْحَاب الْحمير فَأهل الذلة والقلة وَلَا مَنْفَعَة بهم فِي الْجِهَاد أَلْبَتَّة فقياسها على الْخَيل من أفسد الْقيَاس وَفهم حوافرها من حوافر الْخَيل من أبعد الْفَهم وَالْخَيْل هِيَ الَّتِي يُسهم لَهَا فِي الْجِهَاد دون البغال وَالْحمير وَهِي الَّتِي أخبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن الْخَيْر مَعْقُود بنواصيها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَهِي الَّتِي ورد الْحَث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم على اقتنائها وَالْقِيَام عَلَيْهَا وَأخْبر بِأَن أبوالها وأرواثها فِي ميزَان صَاحبهَا وَهِي الَّتِي جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تأديبها

ص: 320

وَتَعْلِيمهَا وتمرينها على الْكر والفر من الْحق بِخِلَاف غَيرهَا من الْحَيَوَانَات وَهِي الَّتِي أَمر الله سُبْحَانَهُ الْمُؤمنِينَ برباطها إعادا لعَدوه فَقَالَ {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل} [الْأَنْفَال: 6] وَهِي الَّتِي ضمن الْعِزّ لأربابها والقهر لمن عاداهم فظهروها عز لَهُم وحصون ومعاقل وَهِي الَّتِي كَانَت أحب الدَّوَابّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي أكْرم الداب وَأَشْرَفهَا نفوسا وأشبهها طبيعة بالنوع الإنساني

فصل

وَأما الرَّمْي بالنشاب فقد تقدم ذكر منفعَته وتأثيره ونكايته فِي الْعَدو وَخَوف الْجَيْش الَّذِي لَا رامي فيهم من رام وَاحِد فَقِيَاس المقاليع والثقاف وَالرَّمْي بالمسالي وَنَحْو ذَلِك عَلَيْهِ من أبطل الْقيَاس صُورَة وَمعنى وَالرَّمْي بالمزاريق والحراب وَإِن كَانَ فِيهِ نكاية فِي الْعَدو فَلَيْسَ مثل نكاية الرَّمْي بالنشاب وَلَا قَرِيبا مِنْهُ

ص: 321

وَبِالْجُمْلَةِ فَغير هَذِه الثَّلَاثَة الْمَشْهُورَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث لَا تشبهها لَا صُورَة وَلَا معنى وَلَا يحصل مقصودها فَيمْتَنع إلحاقها بهَا هَذَا تَقْرِير مَذْهَب المقتصرين على الثَّلَاثَة كمالك وَأحمد وَكثير من السّلف وَالْخلف قَالَت الشَّافِعِيَّة المغالبات الَّتِي تسْتَعْمل فِي الفروسية والشجاعة ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا مَا يُوجد فِيهِ لفظ الحَدِيث وَمَعْنَاهُ فَيجوز أَخذ السَّبق عَلَيْهِ كالخيل وَالْإِبِل والفيل على الْأَصَح والبغل وَالْحمار فِي أحد الْوَجْهَيْنِ الثَّانِي مَا يُوجد فِيهِ الْمَعْنى دون اللَّفْظ كالرمي بالمقاليع وَالْحِجَارَة والسفن والعدو على الْأَقْدَام فَفِيهِ وَجْهَان وَالْمَنْع أظهر لِخُرُوجِهِ عَن اللَّفْظ الثَّالِث مَا لَا يُوجد فِيهِ الْمَعْنى وَلَا اللَّفْظ كالحمام والصراع والشباك فَهُوَ أولى بِالْمَنْعِ قَالَ الْحَنَفِيّ النَّص على هَذِه الثَّلَاثَة لَا يَنْفِي الْجَوَاز فِيمَا عَداهَا وَقَوله لَا سبق إِلَّا فِي خف أَو حافر أَو نصل يُرِيد بِهِ لَا سبق

ص: 322

كَامِلا ونافعا وَنَحْوه وبذل السَّبق هُوَ من بَاب الجعالات فَيجوز فِي كل عمل مُبَاح يجوز بذلك الْجعل فِيهِ فَالْعقد من بَاب الجعالات فَهِيَ لَا تخْتَص بِالثَّلَاثَةِ وَقد ذكر الْجوزجَاني فِي كِتَابه المترجم حَدثنَا الْعقيلِيّ ثَنَا يحيى بن يمَان عَن ابْن جريج قَالَ قَالَ عَطاء السَّبق فِي كل شَيْء ذكر هَذَا فِي (بَاب تَرْجَمَة مَا تجوز فِيهِ الْمُسَابقَة) فمذهب أبي حنيفَة فِي هَذَا الْبَاب أوسع الْمذَاهب ويليه مَذْهَب الشَّافِعِي وَمذهب مَالك أضيق الْمذَاهب ويليه مَذْهَب أَحْمد وَمذهب أبي حنفة هُوَ الْقيَاس لَو أَن السَّبق الْمَشْرُوع من جنس الْجعَالَة ومنازعوه أَكْثَرهم يسلم لَهُ أَنه من بَاب الجعالات فألزمهم الْحَنَفِيَّة القَوْل بِجَوَاز السَّبق فِي الصُّور الَّتِي منعوها فَلم يفرقُوا بفرق طائل وألزموا الْحَنَفِيَّة أَنَّهَا لَو كَانَت من بَاب الجعالات لما اشْترط فِيهَا مُحَلل إِذا كَانَ الْجعل من المتسابقين كَمَا لَا يشْتَرط فِي سَائِر الجعلات إِذا جعل كل مِنْهُمَا جعلا لمن يعْمل لَهُ نَظِير مَا يعمله هُوَ للْآخر وَهَذَا مُشْتَرك الْإِلْزَام بَين الطَّائِفَتَيْنِ فَإِنَّهُم سلمُوا لَهُ أَنَّهَا من بَاب الجعالات ثمَّ اقتصروا بهَا على بعض الْأَعْمَال الْمُبَاحَة واشترطوا فِيهَا الْمُحَلّل إِذا كَانَ الْجعل مِنْهُمَا هَذَا مُخَالف لقاعدة بَاب الْجعَالَة وَقَالَت طَائِفَة ثَالِثَة لَيْسَ هَذَا من الْجعَالَة فِي شَيْء فَإِنَّهُ من الْمَعْلُوم أَن المتسابقين إِذا أخرج أَحدهمَا سبقا للْآخر إِذا غَلبه لَيْسَ مَقْصُوده أَن يغلبه

ص: 323

الآخر وَيَأْخُذ مَاله فَإِن هَذَا لَا يَقْصِدهُ عَاقل فَكيف يقْصد الْعَاقِل أَن يكون مَغْلُوبًا خاسرا بل مَقْصُوده أَن يكون غَالِبا كاسبا كَمَا يقْصد الْمُجَاهِد والجعالة قصد الْبَاذِل فِيهَا حُصُول الْعَمَل من الآخر ومعاوضته عَلَيْهِ بِمَالِه وَهَذَا عكس بَاب الْمُسَابقَة فَإِن الْمُسَابقَة هِيَ عَليّ صُورَة الْجِهَاد وشرعت تموينا وتدريبا وتوطينا للنَّفس عَلَيْهِ والمجاهد لَا يقْصد أَن يغلب ويسلب وَإِن كَانَ قد يَقع ذَلِك من آحَاد الْمُجَاهدين إِذا قصد الانغماس فِي الْعَدو وَأَن يستشهد فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَهَذَا يحمد إِذا تضمن مصلحَة للجيش وَالْإِسْلَام كَحال الْغُلَام الَّذِي أَمر الْملك بقتْله ليتوصل بذلك إِلَى إِسْلَام النَّاس

وَقد يتَّفق فِي المتسابقين ذَلِك إِذا كَانَ قصد الْبَاذِل تمرين من يسابقه وإعانته على الفروسية وتفريح نَفسه بالغلب وَالْكَسْب لَا سِيمَا إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك من يحب تَعْلِيمه كولده وخادمه وَنَحْوهمَا وَهَذَا الْبَاذِل قد يقْصد فِي سبقه وَعلمه ليظْهر الآخر عَلَيْهِ ويفرح نَفسه بذلك وَيكون قَصده أَن يغلبه وَيُعْطِي مَا بذل لَهُ

وَهَذَا قد يَقع وَلكنه لَيْسَ بالغالب بل الغلب خِلَافه وَهُوَ مسابقة النظراء بَعضهم لبَعض وَالْأول مسابقة الْمعلم للمتعلم

والمقصور أَن هَذَا (لَيْسَ) هُوَ الْجعَالَة الْمَعْرُوفَة مَعَ أَن النَّاس متنازعون فِي الْجعَالَة فَإِنَّهُ أبطلها طَائِفَة من أهل الْعلم وأدخلوها فِي قسم الْغرَر والقمار وَقَالُوا الْعَمَل فِيهَا غير مَعْلُوم فَإِنَّهُ إِذا قَالَ من رد عَبدِي

ص: 324