الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطهارة والصلاة) وطبعت من قبل مركز الدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى سنة 1416 هـ / 1997 م.
عاشراً: فوائد
هذه فوائد أخرى من كتاب (الأشباه والنظائر) للسيوطي، ومن غيره، رأينا
إثباتها مع تصرف يسير.
الفائدة الأولى: نشأة القواعد الفقهية
قال الجلال السيوطي رحمه الله تعالى: حكى القاضي أبو سعيد الهروي: أن بعض أئمة الحنفية بهراة بلغه أن الإمام أبا طاهر الدباس إمام الحنفية بما وراء النهر ردَّ جميع مذهب أبي حنيفة إلى سبع عشرة قاعدة، فسافر إليه، وكان أبو طاهر ضريراً أعمى، وكان يكرر كل ليلة تلك القواعد بمسجده بعد أن يخرج الناس منه، فالتفَّ الهروي بحصير، وخرج الناس، وأغلق أبو طاهر المسجد، وسرد من تلك القواعد سبعاً، فحصلت للهروي سعلة، فأحس به أبو طاهر، فضربه، وأخرجه من المسجد، ثم لم يكررها فيه بعد ذلك، فرجع الهروي إلى أصحابه، وتلا عليهم تلك السبع.
قال أبو سعيد: فلما بلغ القاضي حسيناً ذلك ردَّ جميع مذهب الشافعي إلى أربع قواعد:
الأولى: اليقين لا يزول بالشك.
الثانية: المشقة تجلب التيسير.
الثالثة: الضرر يزال.
الرابعة: العادة محكمة.
قال بعض المتأخرين: في كون هذه الأربع دعائم الفقه كله، نظر، فإن غالبه لا يرجع إليها إلا بواسطة تكلف.
وضمَّ بعض الفضلاء إلى هذه قاعدة خامسة، وهي "الأمور بمقاصدها"
لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات ".
وقال: (بُني الإسلام على خمس " والفقه على خمس.
قال العلائي: وهو حسن جداً، فقد قال الإمام الشافعي:" يدخل في هذا الحديث ثلث العلم " يعني حديث "إنما الأعمال بالنيات ".
وقال الشيخ تاج الدين السبكي: (التحقيق عندي أنه إن أريد رجوع الفقه إلى خمس بتعسف وتكلف وقول جملي (غير تفصيلي) فالخامسة داخلة في الأولى، بل رجع الشيخ عز الدين بن عبد السلام الفقه كله إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد، بل قد يرجع الكل إلى اعتبار المصالح، فإن درء المفاسد من جملتها، ويقال على هذا: واحدة من هؤلاء الخمس كافية، والأشبه أنها الثالثة، وإن أريد الرجوع بوضوح فإنها تربو
على الخمسين، بل على المئتين ".
الفائدة الثانية: طرق وضع القواعد
للعلماء في وضع القواعد طريقتان:
الأولى: أن يضع القواعد التي تعين المجتهد على استنباط الأحكام من مصادرها، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وهذا هو المسمى: بأصول الفقه.
وكان أول من وضع خطة البحث فيه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فصنف كتابه (الرسالة) وتبعه كل من جاء بعده من علماء المذاهب الأخرى.
الطريقة الثانية: استخراج القواعد العامة الفقهية لكل باب من أبواب الفقه
ومناقشتها وتطبيق الفروع عليها، فيستنتج أي يستنبط قواعد البيع العامة مثلاً، ويبين مسلك التطبيق عليها، وهي الضوابط، ثم عمم ذلك على مختلف العقود، فصارت قواعد.
الفائدة الثالثه: تاريخ القواعد الفقهية عند الشافعية
أول من فتح هذا الباب سلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام
حيث رجع الفقه كله إلى قاعدة واحدة، وهي اعتبار المصالح ودرء المفاسد، وألف في ذلك كتابين يدعى أحدهما بالقواعد الصغرى، والآخر بالقواعد الكبرى، كما قاله السيوطي في (الأشباه والنظائر النحوية) .
ثم جاء العلامة بدر الدين محمد الزركشي فتبعه في (القواعد) وألف كتاباً ضمنه القواعد الفقهية، وقبله كان الشيخ صدر الدين محمد بن عمر المعروف بابن الوكيل المتوفى سنة 716 هـ رحمه الله تعالى ألف كتاباً في.
(الأشباه والنظائر) تبع فيه ابن عبد السلام.
ثم جاء التاج السبكي فحرر كتاب ابن الوكيل في ذلك بإشارة من والده التقي السبكي، وجمع أقسام الفقه وأنواعه، ولم يجتمع ذلك في كتاب سواه.
ثم جاء العلامة سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي المتوفى سنة 804 هـ) فألف كتاباً في (الأشباه والنظائر) ، والتقطه خفية من كتاب التاج السبكي رحمه الله تعالى.
ثم جاء الإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي فنقح جملة من القواعد في كتابه (شوارد الفوائد في الضوابط والقواعد) ثم عَمد إلى كتاب أوسع يضم جملة من العلوم الفقهية، يقال لمجموعها (الأشباه والنظائر) .
الفائدة الرابعة: المبادئ العشرة لعلم لمقواعد الفقهية
ينبغي لكل طالب في أي علم أن يتصوره حتى يكون على بصيرة ما في تطلبه، أو على بصيرة تامة، وذلك بمعرفة مبادئه العشرة التي نظمها العلامة الصبان في قوله:
إن مبادي كل فن عشرةْ. . . الحَدُّ والموضوع ثم الثمرة
وفضله ونسبةٌ والواضعْ. . . والاسمُ، الاستمدادُ؛ حكمُ الشارعْ
مسائل، والبعض بالبعض اكتفى. . . ومن درى الجميع حاز الشرفا
1 -
فحدُّ هذا العلم: قانون تعرف به أحكام الحوادث التي لا نص عليها في كتاب أو سنة أو إجماع.
2 -
وموضوعه: القواعد، والفقه من حيث استخراجه من القواعد.
3 -
وثمرته: السهولة في معرفة أحكام الوقائع الحادثة التي لا نص فيها، وإمكان الإحاطة بالفروع المنتشرة في أقرب وقت، وأسهل طريق على وجه يؤمن معه التشويش والاضطراب.
4 -
وفضله: أنه أشرف العلوم بعد علم التوحيد، كما شهد به صلى الله عليه وسلم حيث قال:
"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "
ومعنى ذلك: التفقه في الفروع المحتاج إليها.
وبالقواعد، إذ التفقه في الفروع كلها من لدن بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر الزمان عسير جداً، حيث إن الوقائع تتجدد بتجدد الزمان كما لا يخفى، فالمراد إذن التفقه ببعض
الفروع، والإحاطة بالقواعد.
5 -
ونسبته: أنه نوع من أنواع الفقه، وفرع من علم التوحيد، وبقية العلوم المباينة.
6 -
وواضعه: الراسخون في الفروع، إلا أنه كان منتشراً خلال الأسفار (الكتب) وعلى أفواه الرجال، حتى جاء الإمام أبو طاهر الدَّباس، والقاضي حسين، فاعتنيا به، وأشاعاه، وابن عبد السلام فألف فيه.
7 -
واسمه: علم القواعد الفقهية، وعلم الأشباه والنظائر.
8 -
واستمداده: من الكتاب والسنة وآثار الصحابة وأقوال المجتهدين.
9 -
وحكمه: الوجوب الكفائي على أهل كل بلدة، والعيني على من ينتصب للقضاء.
10 -
ومسائله: وهي قضاياه أي القواعد الباحثة عن أحوال الفروع من حيث التطبيق والاستثمار،
الفائدة الخامسة: القواعد والضوابط وا، ررارك
قال التاج السبكي في (قواعده) : القاعدة: الأمر الكلي الذي ينطبق عليه
جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منها، ومنها ما لا يختص بباب، كقولنا:"اليقين لا يزول بالشك "، ومنها ما يختص، كقولنا:"كل كفارة سببها معصية فهي على الفور ".
والغالب فيما اختص بباب وقصد به نظم صور متشابهة أن يسمى: ضابطاً،
وإن شئت قلت: ما عمَّ صوراً فإن كان المقصود من ذكره القدر المشترك الذي به اشتركت الصور في الحكم فهو المُدرَك، وإلا فإن كان القصد ضبط تلك الصور بنوع من أنواع الضبط من غير نظر إلى مأخذها فهو الضابط، وإلا فهو القاعدة.