الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [87]
من سعى في نقض ما تمَّ من جهته فسعيه مردود عليه
(م/105)
التوضيح
إن من أبرم أمراً بإرادته واختياره، ثم أراد نقض ما تمَّ، فلا يقبل، ويكون سعيه مردوداً عليه، لأنه والحالة هذه يكون متناقضاً في سعيه بذلك مع ما كان أتمه وأبرمه.
والدعوى المتناقضة لا تسمع، لما فيها من التعارض والمنافاة هنا بين الشيء الذي تم من قبله وبين سعيه الأخير في نقضه.
ولا فرق بين ما تمَّ من جهة المرء بين أن يكون تم من جهته حقيقة، كما إذا فعل ذلك بنفسه، أو يكون تمَّ من جهته حكماً، كما إذا كان ذلك بواسطة وكيله، أو صدر من مورثه فيما يدعيه بحكم الوراثة، فإن السعي في نقضه لا يسمع منه، لأن الوكيل مع الموكِل، والمورِّث مع الوارث، بمنزلة شخص واحد.
التطبيقات
1 -
لو أقر، ثم ادعى الخطأ في الإقرار، وأراد أن يرجع عن إقراره السابق، فإنه لا يسمع منه ولا يصح.
(الزرقا ص 475، الدعاس ص 61) .
2 -
إذا ضمن شخص الدَرَك لمشتري الدار، ثم ادَّعى شفعة فيها أو ملكاً لها، فإنه لا يسمع منه، لأن ضمان الدرك للمشتري يتضمن بلا شك تقرير سلامة المبيع له، ودعواه الشفعة أو الملك فيها تنقضه، فلا تسمع.
(الزرقا ص 475) .
3 -
لو بادر شخص إلى اقتسام التركة مع الورثة، ثم ادعى بعد القسمة أن المقسوم ماله، فإنه لا تسمع دعواه (م/ 1656) .
لأن إقدامه على القسمة فيه اعتراف منه بأن المقسوم مشترك للورثة.
(الزرقا ص 475) .
4 -
وكذلك لو تقاسم الورثة التركة، ثم ادعى أحدهم أنها ملكه، وأراد نقض القسمة، لا تسمع دعواه؛ لأن إقدامه على المقاحمة هو إقرار ضمني بحقوق من قاسمهم فيها.
(الدعاس ص 61) .
5 -
إذا باع شخص أو اشترى، ثم ادعى أنه كان فضولياً عن شخص آخر، وأن المالك أو المشتري لم يُجز العقد، لم يسمع منه ذلك الادعاء.
(الزرقا ص 475، الدعاس ص 61) .
6 -
لو تراكمت نفقة الزوجة المقضيُّ بها، أو المتراضى عليها، ولم تكن مستدانة بامر القاضي، فطلقها بائناً لتسقط النفقة المتراكمة في ذمته، لا لذنب منها، فإنه يرد قصده، ويرد سعيه عليه.
والأمر ظاهر في هذا الفرع في صورة ما إذا كانت النفقة متراضىً عليها، وأما إذا كانت مقضياً بها فيمكن أن يقال: إنها تمت من جهته بعقد النكاح، فإن النفقة تجب بالعقد إذا لم تمنع نفسها عنه.
(الزرقا ص 476) .
7 -
لو باع أحد الشريكين في كرم حصته من شريكه بيعاً جائزاً أي بيعاً بالوفاء)
ثم باعه من آخر باتاً حتى توقف على إجازة شريكه المشتري وفاءً، فأجاز شريكه، فهل لشريكه حق الشفعة؛ فعلى قول: ليس له ذلك، وذلك أن عدم ثبوت الشفعة له لكونه بدعوى الشفعة يكون ساعياً في نقض ملك المشتري الذي تم من جهته بالإجازة، فلا تسمع منه.
(الزرقا ص 476) .
المستثنى
1 -
إذا كان العقد الذي تم من جهته له مساس بحق قاصر، أو وقف، فيجوز له نقضه، كما إذا باع الأب أو الوصي أو المتولي مال الصغير القاصر أو الوقف، ثم
ادعى وقوع غبن فاحش فيه، فإن دعواه تسمع.
(الزرقا ص 477، الدعاس ص 61) .
2 -
إذا اشترى شخص أرضاً، ثم ادعى أن بائعها كان جعلها مقبرة أو مسجداً، فإنه يقبل، لأن ذلك يمسُّ حقوق الجماعة.
(الزرقا ص 477) .
3 -
إذا اشترى الأب داراً لابنه الصغير، والأب شفيعها، كان للأب أن يأخذها بالشفعة عند الحنفية، مع أن إجازة مشتري الوفاء للبيع البات ليست بأقوى من مباشرة الأب الشراء لابنه الصغير لنفسه، مع أن الشريك المجيز ليس له الشفعة.
والفرق أن المشتري بتاتاً في مسألة الشريك يتملك العقار بعد إجازة مشتري الوفاء بالاستناد إلى العقد السابق الحاصل قبل الإجازة، وبالإجازة يكون قد رضي بتملك ذلك المشترى، وبهذه الإجازة أسقط حقه بالشفعة.
أما في مسألة الأب فإن حق الشفعة إنما يثبت له مع فراغه من إجراء عقد الشراء لابنه، فإذا طلب الشفعة مع تمام العقد بلا فاصل فلا يكون قد حصل منه رضاً بتسليم الشفعة بعد ثبوتها، وأما رضاه المستفاد من إقدامه على الشراء فلا عبرة به، لأنه إنما كان قبل ثبوت حق الشفعة، والحق قبل ثبوته لا يقبل الإسقاط.
أو يقال: إن كلاً من إجازة الشريك وإقدام الأب على الشراء لابنه يفيد الرضا المسقط للشفعة، ولكن إجازة الشريك تفيد رضاه بعد ثبوت حق الشفعة له، لأن المشتري يملك المبيع بعد الإجازة بالعقد السابق.
أما رضا الأب المستفاد من إقدامه على الشراء لابنه فإنما كان قبل ثبوت حق الشفعة له، لأن الشفعة تثبت بعد العقد.
والحق لا يقبل الإسقاط قبل ثبوته، ولذا اشترطوا أن يكون طلب الأب للشفعة إثر الشراء بلا فاصل، فيقول: اشتريت وأخذت بالشفعة.
(الزرقا ص 476) .
3 -
لو اشترى العين المأجورة، أو العين المرهونة بدون إذن المستأجر أو المرتهن عالماً بأنها مأجورة، أو بأنها مرهونة، فإنه يبقى على خياره، كما هو الصحيح الذي عليه الفتوى، إن شاء فسخ البيع، وإن شاء انتظر انتهاء مدة الإجارة، أو فكاك الرهن، فهو في صورة اختياره فسخ البيع ساعٍ في نقض ما تمَّ من جهته، ولم يردّ عليه سعيه.
والظاهر أن وجهه: أن الخيار - والحالة هذه - لم يجب بتملك البائع إياه لخيار الشرط، حيث يسقط بمفيد الرضا، بل وجب بإيجاب الشرع له كخيار الرؤية، ولذا لا يسقط بالإسقاط الصريح.
(الزرقا ص 477) .