الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد
الفائدة الأولى: التشريك في النية أقسام
القسم الأول: أن ينوي مع العبادة ما ليس بعبادة، فقد يبطلها، كما إذا ذبح الأضحية لله وللصنم، فانضمام الصنم يوجب حرمة الذبيحة، وقد لا يبطلها.
وفيها صور:
1 -
لو نوى الوضوء أو الغسل مع التبرد، صح الوضوء والغسل.
2 -
لو نوى الصوم والحمية أو التداوي، صح صومه.
3 -
لو نوى الصلاة ودفع غريمه صحت صلاته.
4 -
لو نوى الطواف وملازمة غريمه، أو السعي خلفه، صح طوافه إذا أفرده بنية، ولا ينسحب حكم النية في أصل النسك عليه، لوجود الصارف، وهو قصد ملازمة الغريم.
5 -
إذا قرأ في الصلاة آية، وقصد بها القراءة والتفهيم، فإنها لا تبطل.
6 -
من قال له إنسان: صَل الظهر، ولك دينار، فصلى بهذه النية، فإنه تجزئه صلاته، ولا يستحق الدينار، ولم يَحْكِ النووي فيها خلافاً.
وما صححوه من الصحة في هذه الصور هو بالنسبة إلى الإجزاء، وأما الثواب
فصرح ابن الصباغ بعدم حصوله في مسألة التبرد، ومسألة الصلاة والطواف أولى بذلك.
القسم الثاني: أن ينوي مع العبادة المفروضة عبادة أخرى مندوبة، وفيه صور:
1 -
ما لا يقتضي البطلان، ويحصلان معاً، كمن أحرم بصلاة ونوى بها الفرض والتحية، صحت، وحصلا معاً، قال النووي في (شرح المهذب) :"اتفق عليه أصحابنا، ولم أر فيه خلافاً بعد البحث الشديد سنين ".
قال الشمس الرملي: "السنن التي تندرج (تدخل) مع غيرها: تحية السجد.
وركعتا الوضوء والطواف، والإحرام، وسنة الغفلة، والاستخارة، وصلاة الحاجة، وركعتا القدوم من السفر، وركعتا الخروج له ".
ومنه: نوى بغسله الجنابة والجمعة حصلا جميعاً على الصحيح، ومن نوى بسلامه الخروج من الصلاة والسلام على الحاضرين، حصلا، ومن نوى حج الفرض وقرنه بعمرة تطوع أو عكسه حصلا، ومن نوى بصلاته الفرض وتعليم الناس جاز للحديث.
2 -
ما يحصل الفرض فقط، كمن نوى بحجه الفرض والتطوع، وقع فرضاً، لأنه لو نوى التطوع انصرف إلى الفرض، عند الشافعية.
3 -
ما يحصل النفل فقط، كمن أخرج خمسة دراهم، ونوى بها الزكاة وصدقة التطوع، لم تقع زكاة، ووقعت صدقة تطوع بلا خلاف، ومن عجز عن القراءة فأنتقل إلى الذكر، فأتى بالتعوذ ودعاء الاستفتاح قاصداً به السنة والبدلية، لم يحسب عنه الفرض، كما جزم به الرافعي، ومن خطب بقصد الجمعة والكسوف لم يصح للجمعة، لأنه تشريك بين فرض ونفل، - جم به الرافعي.
4 -
ما يقتضي البطلان في الكل، كمن كبر، وهو مسبوق والإمام راكع، تكبيرة واحدة، ونوى بها التحرم والهوي إلى الركوع، لم تنعقد الصلاة أصلاً للتشريك، ومن نوى بصلاته الفرض والراتبة، لم تنعقد أصلاً.
القسم الثالث: أن ينوي مع المفروضة فرضاً آخر، قال ابن السبكي:
"لا يجزئ ذلك إلا في الحج والعمرة" وقال السيوطي: "بل لهما نظير آخر، وهو أن ينوي الغسل والوضوء معاً، فإنهما يحصلان على الأصح ".
القسم الرابع: أن ينوي مع النفل نفلاً آخر، فيحصلان من ذلك، كما لو نوي
الغسل للجمعة والعيد، فإنهما يحصلان، ومنه ما لو نوى صوم يوم عرفة والاثنين مثلاً، فيصح، لأنهما سنتان.
القسم الخامس: أن ينوي مع غير العبادة شيئاً آخر غيرها، وهما مختلفان في
الحكم، ومن فروعه: أن يقول لزوجته: أنت عليَّ حرام، وينوي الطلاق والظهار، فالأصح أنه يخير بينهما، هما اختاره ثبت، وقيل: يثبت الطلاق لقوته، وقيل: الظهار، لأن الأصل بقاء النكاح.
الفائدة الثانية، محل النية
محل النية القلب في كل موضع، وفي ذلك أصلان:
الأول: لا يكفي التلفظ باللسان دون القلب، ويتفرع عليه أنه لو اختلف اللسان والقلب، فالعبرة بما في القلب، فلو نوى بقلبه الظهر، وبلسانه العصر، أو بقلبه الحج، وبلسانه العمرة، أو عكسه، صح له ما في القلب، ومنها أنه إن سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد، فلا تنعقد، ولا تتعلق به كفارة.
الثاني: لا يشترط مع القلب التلفظ، ومن فروعه: مسائل العبادات كلها، ومنها إذا أحيا أرضاً بنية جَعْلها مسجداً، فإنها تصير مسجداً بمجرد النية، ومنها: لو حلف لا يسلم على زيد، فسلم على قوم هو فيهم، واستثناه بالنية، فإنه لا يحنث.
وخرج على هذا الأصل صور، يشترط فيها التلفظ بالمنوي، منها: الطلاق، فلو نوى أصل الطلاق، أو عدداً منه، ولم يتلفظ بذلك فلا وقوع، ومنها: النذر، فلو نواه بقلبه ولم يتلفظ به لم ينعقد، ومنها: أن يشتري شاة بنية الأضحية أو الإهداء للحرم، فلا تصير أضحية ولا هدياً على الصحيح حتى يتلفظ بذلك، ومنها: إذا باع سلعة بألف، وفي البلد نقود لا غالب فيها، فقبل ونويا نوعاً لم يصح في الأصح حتى
يبيناه لفظاً، ومنها: لو قال: أنت طالق، ثم قال:"أردت إن شاء الله " لم يقبل حتى يتلفظ بذلك، قال الرافعي: والمشهور أنه لا يُديَّن، ومنها: من همَّ بقول معصية، ولم يتلفظ به، لم يأثم ما لم يقل، فإن قال بعد الهمِّ أثم بها أيضاً.
الفائدة الثالثة: زمن النية
أي وقتها، فهو أول العبادات ونحوها، ففي الوضوء عند غسل الوجه، وفي
الصلاة بالهمزة من التحرم، ويستمر إلى تمام التحرم، والمختار أنه تكفي المقارنة العرفية بأن يُوجد النية كلها، أو بعضها في أول التكبير، أو آخره، بحيث يعد مستحضراً للصلاة، قال السبكي: ومن لم يقل به وقع في الوسواس المذموم.
وخرج عن ذلك صور لا تجب فيها مقارنة النية لأول العبادة، أي فتصح النية قبل الشروع في العبادة.
1 -
الصوم: يجوز تقديم نيته على الفجر لعسر مراقبته، ثم سرى ذلك إلى أن وجب، فلو نوى مع الفجر لم يصح في الأصح.
قال الزركشي: "ليس لنا ما يمتنع مقارنته، ويجب تقديمه إلا الصوم، والصحيح أنه عَزْم قام مقام النية ".
2 -
الزكاة: تصح نيتها قبل الشروع في الدفع للفقراء في الأصح للعسر قياساً على الصوم، وكذلك الكفارة، والفرق بينهما وبين الصلاة حيث لا تجزئ إلا في أولها.
أنه يجوز تقديمها عن وقت وجوبها، فجاز تقديم نيتهما بخلاف الصلاة.
3 -
جمع الصلاتين في السفر؛ حيث تكون نية الجمع في أولاهما، ولو كانت في
أول العبادة لكانت في أول الصلاة الثانية، لأنها المجموعة، وإن جعلت الأولى أول العبادة فهو مما جاز فيه التأخير عن أولها، لأن الأظهر جواز نية الجمع في أثنائها، ومع التحلل منها.
4 -
الأضحية: يجوز نية التضحية بالشاة مثلاً قبل الشروع في ذبحها، ولا يجب اقترانها به في الأصح، وتجوز عند الدفع إلى الوكيل في الأصح.
وفي زمن "طية تنبيهان
التنبيه الأول: ما أوله من العبادات ذِكْرٌ وجب اقترانها بكل اللفظ، وقيل: يكفي بأوله:
1 -
فمن ذلك الصلاة، ومعنى اقترانها بكل التكبير أن يوجد جميع النية المعتبرة عند كل حرف منه، ومعنى الاكتفاء باوله أنه لا يجب استصحابها إلى آخره.
ونظير ذلك نية كناية الطلاق فإنه يشترط مقارنة النية لجميع اللفظ على خلاف فيه.
2 -
من ذلك الإحرام: فينبغي أن يقال بمقارنة النية للتلبية، وهو ظاهر.
3 -
ومن ذلك الخُطْبة إن أوجبنا نيتها، والظاهر وجوب اقترانها بقوله:"الحمد لله " لأنه أول الأركان "
التنبيه الثاني: قد يكون للعبادة أول حقيقي وأول نسبي، فيجب اقتران النية بهما.
1 -
من ذلك التيمم، فيجب اقتران نيته بالنقل، لأنه أول المفعول من أركانه، وبمسح الوجه، لأنه أول الأركان المقصودة، والنقل وسيلة إليه.
2 -
ومن ذلك: الوضوء والغسل، فيجب للصحة اقتران نيتهما بأول مغسول من
الوجه والبدن، ويجب للثواب اقترانها بأول السنن السابقة ليثاب عليها، فلو لم يفعل لم يثب عليها في الأصح، لأنه لم ينوها.
3 -
وفي نظيره من نفل الصوم، لو نوى في أثناء النهار حصل له ثواب الصوم من أوله.
وقرر المقري المالكي قاعدتين عند المالكية في ذلك، وهما:
الأولى: شرط النية اقتران ذكرها بأول المنوي، فلا يضر ما لا يقطع ذلك من
تقدمها عليه، وهو المعبر عنه بالتقدم اليسير؛ لأن فائدتها تخصيصه بالجهة المرادة.
الثانية: الأصل مقارنة النية للفعل إلا أن يتعذر أو يتعسر، كما في الصوم فتتقدم، ولا تتأخر.
وأضاف المقري قاعدتين أيضاً تتعلقان بالنية:
الأولى: الأصل استصحاب ذكر النية، نتكون مصاحبة للفعل كالصلاة من أولها إلى آخرها، والوضوء من أوله إلى آخره.
الثانية: تعين الوقت لا يفني عن تعين وصف النية، فلا بدَّ في رمضان من نية
الفرض عند مالك والشافعي.
الفائدة الرابعة، كيفية النية
تختلف النية باختلاف الأبواب:
1 -
نية الوضوء: فإنها "قصد رفع الحرمة الناشئة من الحدث، وفي اشتراط مقصد الفعل (وهو الفعل الخصوص ويعني: قصد غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين) خلاف بين الأصحاب، رجح الشيخ ابن حجر في (حاشيته على فتح الجواد) الاشتراط، وهو مشكل، وفي بعض كتب الأئمة من أصحابنا عدم اشتراط قصد الفعل في الطهارة، فالمنقول خلاف ما بحثه.
2 -
نية الصلاة، فإنها:"قصد أقوال وأفعال مخصوصة مبتدأة بالتكبير، مختتمة بالتسليم بشرائط مخصوصة ".
3 -
نية الحج، فإنها:"قصد الدخول في شيء معنوي يقتضي قصد الدخول فيه تحريم أشياء كانت حلالاً قبل "، وهناك تعريفات أخرى مدخولة.
4 -
نية الصيام، فإنها "قصد إمساك مخصوص ".
5 -
نية الزكاة، فمانها "قصد إخراج شيء مخصوص عن مال مخصوص على وجه مخصوص ".
6 -
الظاهر من مذهب مالك أن الموَسْوس في الوضوء أو الصلاة يلغي الشك، ويرجع إلى الأصل.
الفائدة الخامسة، شروط النية، أربعة:
الشرط الأول - الإسلام، ومن ثم لا تصح العبادات من الكافر، أصلياً كان أو مرتداً على الراجح، حتى في غسله على الراجح أيضاً، وخرج عن ذلك صور:
1 -
الذمية تحت المسلم: يصح غسلها من الحيض ليحل لحليلها وطؤها بلا
خلاف للضرورة، ويشترط نيتها، فإن امتنعت أجبرها عليه واستباحها، وإن لم تنو للضرورة، كما تجبر المسلمة المجنونة.
2 -
الكفارة: تصح من الكافر، ويشترط منه نيتها، لأن المغلب فيها جانب
الغرامات، والنية فيها للتمييز، لا للقربة.
3 -
الزكاة: إذا أخرجها المرتد حال ردته، فتصح وتجزئه.
4 -
إذا نوى سفر القصر، وهو كافر، اعتبرت نيته، فإذا أسلم في أثناء المسافة قصر على الأرجح.
5 -
إذا أسلم الكافر مع طلوع الفجر، ووافق آخر إسلامه الطلوع، فهو مسلم حقيقة، ويصح منه صوم النفل، وأما الفرض فلا يصح منه والحالة هذه، لأن التبييت شرط.
الشرط الثاني - التمييز: فلا تصح عبادة صبي لا يميز، ولا عبادة مجنون.
الشرط الثالث - العلم بالمنوي مطابقاً للواقع، فلو اعتقد أن الوضوء أو الصلاة سنة لم يصح، ولو اعتقد أن فيهما فروضأ وسنناً، ولم يميز، صح حتى من العالم.
ولو أتى بالأفعال، ولم يعتقد شيئاً، وكان يخفى عليه مثل ذلك، فالقياس الصحة.
وإن كان قولهم: لا يجوز الإقدام على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، يقتضي خلافه.
الشرط الرابع - عدم المنافي: بألا يأتي بما ينافيها دواماً وابتداء، أي في أثناء
العبادة وفي أولها، فلو ارتد في أثناء الصلاة، أو عند تحرمها لم تصح، وكذا لو ارتد في أثناء الصوم أم الحج أو التيمم بطل أيضاً، أو في أثناء الوضوء أو الغسل لم يبطلا، لأن أفعالهما غير مرتبطة ببعضها، ولكن لا يحسب المغسول في زمن الردة.
ويحتاج إلى استئناف النية، ولو ارتد بعد الفراغ فالأصح أنه لا يبطل الوضوء
والغسل، ويبطل التيمم لضعفه، ولو وقعت الردة بعد فراغ الصلاة أو الصوم أو الحج أو أداء الزكاة لم تجب عليه الإعادة، وأما الأجر فإن لم يعد إلى الإسلام فلا يحصل له؛ لأن الردة تحبط العمل، وإن عاد إلى الإسلام فظاهر النص أنها تحبط
أيضاً، والذي في كلام الرافعي وغيره أنها إنما تحبط العمل إذا اتصلت بالموت، لقوله تعالى:(فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) .
وهذا هو المعتمد.
ومن المنافي نية القطع، وفي ذلك فروع، وهي قسمان:
القسم الأول: يؤثر فيه نية القطع، وهي:
1 -
نوى قطع الإيمان، والعياذ بالله تعالى من ذلك، صار مرتداً في الحال.
2 -
نوى قطع الصلاة في أثنائها، بطلت بلا خلاف، لأنها شبيهة بالإيمان.
3 -
نوى قطع الجماعة، بطلت، وفي الصلاة قولان، أصحهما لا تبطل.
4 -
نوى قطع الفاتحة، فإن كان مع سكوت يسير بطلت القراءة في الأصح، وإلا فلا.
5 -
نوى الإقامة وقطع السفر، فإن كان سائراً لم يؤثر، لأن السير يكذبها، وإن كان نازلاً انقطع.
6 -
نوى الإتمام في أثناء الصلاة امتنع عليه القصر.
7 -
نوى بمال التجارة القنية انقطع حول التجارة، ولو نوى بمال القنية التجارة لم يؤثر في الأصح حتى يبدأ بالتجارة فعلاً.
8 -
نوى بالحلي المحرم استعمالاً مباحاً بطل الحول، ونوى بالحلي المباح محرماً أو كنراً ابتدأ حول الزكاة.
القسم الثاني: المنافي الذي لا يؤثر فيه نية القطع، وفيه صور:
1 -
نوى قطع الطهارة في أثنائها لم يبطل ما مضى، لكن يجب تجديد النية لما بقي.
2 -
نوى قطع الصوم والاعتكاف لم يبطلا في الأصح، والفرق بينهما وبين
الصلاة أن الصلاة أشد احتياطاً من غيرها، وهي مخصوصة من بين سائر العبادات بجوه من الربط ومناجاة العبد ربه.
قال الشارح: " وكان القياس أن التيمم يبطل بنية القطع، ولم أر فيه نقلاً".
3 -
نوى الأكل والجماع في الصوم لم يضر.
4 -
نوى فِعل منافٍ في الصلاة كالأكل والعمل الكثير، لم تبطل قبل الشروع فيه.
5 -
نوى قطع الحج والعمرة، لم يبطلا بلا خوف، لأنه لا يخرج منها بالفساد.
6 -
نوى الخيانة في الوديعة لم يضمن على الصحيح، إلا أن يتصل به نقل من
الحرز، كما في قطع القراءة مع السكوت.
ومن المنافي عدم القدرة على المنوي إما عقلاً وإما شرعاً، فمن الأول: نوى
بوضوئه أن يصلي صلاة، وألا يصليها، لم يصح لتناقضه.
ومن الثاني: نوى به الصلاة في مكان نجس لم يصح الوضوء لعدم قدرته شرعاً، وإن قال بعضهم: الظاهر الصحة.
ومن المنافي التردد وعدم الجزم، وفيه فروع:
1 -
تردد هل يقطع الصلاة أم لا؟
أو علق إبطالها على شيء، بطلت، وكذا في الإيمان.
2 -
تردد في أنه نوى القصر أو لا، وهل يتُم أو لا؟
لم يقصر.
3 -
تيقن الطهارة، وشك في الحدث، فاحتاط وتطهر، ثم بأن أنه محدث، لم يصح، وعليه الإعادة في الأصح.
4 -
نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غدٍ عن رمضان إن كان منه، فكان منه، لم يقع عنه، بخلاف ما لو وقع ذلك ليلة الثلاثين من رمضان لاستصحاب الأصل.
5 -
عليه فائتة فشك: هل قضاها أو لا؟
فقضاها ثم تيقنها، لم تجزئه.
6 -
هَجَم، فتوضأ بأحد الإناءين، لم يصح وضوءُه، وإن بأن أنه توضأ بالطاهر.
7 -
شك في جواز المسح على الخف، فمسح، ثم بأن جوازه، وجب إعادة المسح، وقضى ما صلى به.
8 -
تيمم أو صلى أو صام شاكاً في دخول الوقت، فبان في الوقت، لم تصح.
9 -
تيمم بلا طلب للماء، ثم بانَ أن لا ماء، لم يصح.
10 -
صلى إلى جهة شاكاً أنها القبلة، فإذا هي هي، لم تصح.
11 -
قصر شاكاً في جواز القصر، لم يصح، وإن بأن جوازه.
12 -
صلى على ميت شاكاً أنه من أهل الصلاة عليه، فبان أنه من أهلها، لم تصح.
13 -
صلى خلف خنثى، فبان رجلاً، لم يسقط القضاء في الأظهر.
14 -
قال: هذه زكاة أو صدقة، لم تقع زكاة للتردد.
15 -
قال: أصوم غداً إن شاء زيد، لم يصح وإن شاء زيد، أو قال: أصوم غداً إن نشطت، لم يصح.
وخرج عن ذلك صور يصح فيها النية مع التردد أو التعليق.
فمن صور التردد:
1 -
اشتبه عليه ماء وماء ورد لا يجتهد، بل يتوضأ بكل مرة، ويغتفر التردد في النية للضرورة.
2 -
من عليه صلاة من الخمس، فنسيها، فصلى الخمس، ثم تذكرها، لا تجب الإعادة.
3 -
من عليه صوم واجب، لا يدري هل هو من رمضان أو نذر أو كفارة، فنوى صوماً واجباً، أجزأه، كمن نسي صلاة من الخمس، ويعذر في عدم جزم النية للضرورة.
ومن صور التعليق:
1 -
إذا علق إحرامه على إحرام صاحبه، كان يقول: إن كان زيد محرماً فقد أحرمت، فإن تبين إحرام صاحبه انعقد إحرامه، وإلا فلا.
2 -
لو أحرم ليلة الثلاثين من رمضان، وهو شاك، فقال: إن كان من رمضان
فإحرامي بعمرة، أو من شوال فإحرامي بحج، فكان من شوال، صح، كما نقله، في (شرح المهذب) .
3 -
شك في قصر إمامه، فقال: إن قصر قصرت، وإلا أتممت، فبان قاصراً قصر.
4 -
اختلط موتى مسلمون بكفار، أو شهداء، وصلى على كل واحد منهم بنية الصلاة عليه إن كان مسلماً أو غير شهيد، صح.
5 -
عليه فائتة، وشك في أدائها، فقال: أصلى عنها إن كانت، وإلا فنافلة، فتبين أنها عليه، أجزأه، نقله في (شرح المهذب) عن الدارمي.
6 -
نوى زكاة ماله الغائب إن كان باقياً لم يتلف، وإلا فعن الحاضر، فبان باقياً أجزأه عنه، أو تالفاً أجزأه عن الحاضر.
7 -
أحرم بصلاة الجمعة في آخر وقتها، فقال: إن كان باقياً فجمعة، وإلا فظهر، فبان بقاؤه، صحت الجمعة على ما اعتمده الشهاب الرملي وتبعه ولده الجمال الرملي رحمهما الله تعالى.
الفائدة السادسة: النية ركن أم شرط
اختلف أصحابنا الشافعية، هل النية ركن في العبادة أو شرط؟
فاختار الأكثر أنها ركن، لأنها داخل العبادة، وذلك شأن الأركان، واختار القاضي أبو الطيب وابن الصباغ أنها شرط وإلا لافتقرت إلى نية أخرى.
والشيخان الرافعي والنووي عداها في الصلاة ركناً، وقالا في الصوم: النية شرط الصوم، والمعتمد الأول، أي أنها ركن لا شرط.
نعم أجرى العلماء النية مجرى الشروط في المسألة، وهي ما لو شك بعد الصلاة في
تركها أو ترك الطهارة، فإنه تجب الإعادة، بخلاف ما لو شك في ترك ركن، قال في (شرح المهذب) والفرق أن الشك في الأركان يكثر لكثرتها بخلاف الشروط.
الفائدة السابعة: مقاصد اللفظ
قال العلماء: مقاصد اللفظ على نية اللافظ، والمعنى أن مقاصد اللفظ كاليمين.
(كمن حلف لا يدخل دار زيد، فإنه يحنث بدخول ما يسكنها بملك، لا بإعارة وإجارة وغصب، إلا أن يريد مسكنه، فيحنث بالمعار وغيره، ويحنث بما يملكه ولا يسكنه إلا أن يريد مسكنه فلا يحنث بما لا يسكنه)
والاعتكاف (كان يقول أَعتكفُ، ويطلق، ثم يخرج من المسجد، فهل يجدد النية إذا عاد أم لا؟
فإن كان خروجه بعد العزم على العود فلا يجب التجديد، وإن كان بدون العزم على العود فيجب التجديد) والنذر (كأن يقول: نذرت لله لأفعلن كذا، فإن نوى اليمين يلزمه إن حنث كفارة يمين)
والحج (كأن يحرم مطلقاً في أشهر الحج، فإنه يصرفه قبل العمل
بالنية إلى ما شاء من حج وعمرة، وقِران) ونحوها من الصلاة وغيرها (كالطلاق والعتق بأن يقول لزوجته، واسها طالق، أو أمته، واسمها حرة؛ يا طالق أو يا حرة.
فإن قصد الطلاق أوالعتق حصلا، أو النداء باسمها فلا) .
فكل تلك محمولة على نية اللافظ أي أنه لا يعتبر في النية إلا نية صاحبها المتلفظ بمضمونها إلا في صورة واحدة، وهي: اليمين عند من له ولاية التحليف كالقاضي والمحكَم فإنها على نية
القاضي ونحوه، دون الحالف فلا تعتبر نيته، وإلا ضاعت الحقوق، سواء كان موافقاً للقاضي في مذهبه أم لا، فإذا ادعى حنفي على شافعي شفعة الجوار، والقاضي حنفي يعتقد إثباتها، فليس للمدعى عليه أن يحلف على عدم استحقاقها عليه عملاً باعتقاده، فلو حلف أثم، اعتباراً بنية القاضي، ومحله ما إذا صدق المدعي في دعواه.
دون ما إذا كذب بأن ادعى بدين قد أبرأ منه، أو أداه، ولا بيِّنة مثلاً، فإنه في هذه الحالة تنفع التورية من المدعى عليه.
وهذه الفائدة نص قاعدة مستقلة، وإنَّما عرضناها ثانية للتوضيح والأمثلة
والشرح.
الفائدة الثامنة، النفل والفرض
إن النفل لا يقوم مقام الفرض، ولا يجزئ عنه، وخرج عن هذا الأصل صور
يتأدى فيها الفرض بنية النفل، وهي:
1 -
أغفل المتطهر لمعة، وانغمست بنية التكرار في الثانية أو الثالثة أجزأه في
الأصح، بخلاف ما لو انغمست في التجديد.
2 -
لو تذكر في قيامه ترك سجدة، وكان جلس بنية الاستراحة، كفاه عن جلوس الركن في الأصح.
3 -
لو جلس للتشهد الأخير، وهو يظنه الأول، ثم تذكر أجزأه.
4 -
لو نوى الحج أو العمرة أو الطواف تطوعاً، وعليه الفرض، انصرف إليه بلا خلاف.
تنبيه: المنقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها إذا كانت نيته حضورها لولا العذر، يحصل له ثوابها، قال السيوطي:"والأحاديث تدل لذلك ".
الفائدة التاسعة، الأعمال بالنيات
إن الأعمال لا يترتب عليها ثواب أو عقاب إلا على حسب نية الفاعل وقصده.
وهذا يشمل أمرين:
الأمر الأول - العمل تابع للنية والقصد: وبناء عليها يوزن العمل، وعلى أساسها تكون الديانة والقضاء في الفتوى والحكم، ويكون العمل عبادة أو غير عبادة.
ويكون طاعة أو معصية، ويكون حلالاً أو حراماً، ويكون صحيحاً أو فاسداً، ويكون إيماناً أو كفراً، سواء كان العمل فعلاً أو قولاً.
والأدلة على كون الفعل تابعاً للنية قوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) ، فإذا قصد الرجل بالرجعة الصلاح جازت، وإن قصد بها الضرار لم تجز، ويؤكد ذلك قوله تعالى:(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) .
فالفعل واحد وهو ارتجاع الرجل زوجته التي طلقها، ولكن يختلف الحكم فيه
بحسب النية والقصد، وقوله تعالى:(وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) ، فصورة الصلاة والإنفاق واحدة، ولكن
الحكم يختلف بحسب النية والقصد، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟
فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ".
فالقتال في كل الحالات واحد، ولكن الجزاء
يختلف باختلاف نية المقاتل وقصده.
والأدلة على كون القول تابعاً للنية والقصد كثيرة، منها حديث ركانة الذي طلق امرأته ألبتة، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم
فقال له: "ما أردت؟!
قال: واحدة، قال: "آلله!
قال: آلله.
قال: "هو ما أردت ".
فالحكم يختلف باختلاف نية المتلفظ بها أو قصده.
وحلف ركانة الذي تلفظ بكلمة "ألبتة" أنه قصد منها طلقة واحدة، وليس ثلاثة، فردَّ له صلى الله عليه وسلم زوجته بناء على هذا القصد والاعتقاد، لا على العبارة التي تلفظ بها.
الأمر الثاني: الأعمال العارية عن القصد لا يتعلق بها تكليف، ولا يترتب عليها ثواب ولا عقاب، ولذلك يسقط التكليف عن النائم والغافل والناسي والمجنون والمغمى عليه والجاهل والمخطئ والمكره، وأدلة ذلك كثيرة، منها قوله تعالى:
(إِلَّا مَنْ أُكْرِه وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ)، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة:
عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يكبر".
فالمدار في الأقوال والأفعال على المقاصد والنيات، لا على ذات الألفاظ، لذلك فإن الأقوال والأفعال إذا عريت عن القصد لم يترتب على صاحبها العقاب، وإن الأقوال والأفعال الموجبة للثواب إذا عريت عن القصد لم يكتب لصاحبها الثواب.
الفائدة العاشرة، فائدة النية
إن النية شرعت لأجل التمييز بين ما هو عبادة وما هو عادة من الأقوال
والأفعال، والتفريق في العبادات بين ما هو واجب وما هو غير واجب، وفي
العادات بين الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح والصحيح والفاسد.
والحلال والحرام.
الفائدة الحادية عشرة، تعاقب النيتين
إن العمل الواحد إذا تعاقب عليه نيتان، فإن الحكم للأولى، وهو المراد من
قاعدة: "كل ما كان له أصل فلا ينتقل عن أصله بمجرد النية" فمن اشترى عَرَضاً بنية القنية، ثم نوى بهها التجارة من بعد، فلا زكاة عليه عند المالكية والشافعية، لأن إيجاب الزكاة بنية مستأنفة يعني إيجاب الزكاة بخية مجردة، وذلك غير جائز، كالذهب والفضة إذا نوى الرجل أن يجعلهما حلياً لزوجته للبس فلا يكفي مجرد النية، ومن
أمثلته: أن من سلَّم في الظهر من اثنتين ظاناً أنه أتم، فتنفل بعدهما بركعتين، ثم تذكر أنه لم يتم، فإنهما تجزياه عن ركعتي الفريضة على مذهب مالك.
الفائدة الثانية عشر: التخصيص والتقييد بالنية
إن النية تخصص العام وتقيّد المطلق، وأكثر ما يكون ذلك في الطلاق والعتق
واليمين، كان ينشئ طلاقاً أو يميناً بلفظ عام، ويقصد بقلبه قصره على بعض أفراده.
مثل أن يقول: نسائى طوالق، وينوي استثناء واحدة منهن، أو ينشئ شيئاً من ذلك بلفظ مطلق، ويقصد بقلبه تقييده بصفة أو شرط، مثل أن يقول لزوجته: أنت طالق، وهو ينوي أنها طالق إن خرجت من داره، فهذا مقبول ديانة عملاً بقاعدة "الأعمال بالنيات " أما من جهة القضاء والحكم فمنعه المالكية والشافعية وبعض الأحناف، والحنابلة في إحدى الروايات، وأجازه البعض الآخر من الأحناف والحنابلة في الرواية الثانية.