الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [28]
9 -
إذا تعارض المانع والمقتضي يُقدَّم المانع
(م/ 41)
الألفاظ الأخرى
- إذا تعارض المقتَضِي والمانع قُدّم المانع.
التوضيح
إذا كان للشيء الواحد، أو العمل الواحد، محاذير تستلزم منعه، وكان له دواع تقتضي تسويغه، فقد تعارضا، ويرجح منعه، لما فيه من درء المفسدة، ودرء المفسدة مقدم على جلب المنافع، لأن حرص الشارع على منع المنهيات أكثر من حرصه على تحقيق المأمورات، واعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات.
ومستند هذه القاعدة ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم "
رواه النووي في (الأربعين) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " رواه البخاري، ومسلم.
والمراد من تقديم المانع على المقتضي رعايته والعمل به دون المقتضي، فهو مقدم في الرتبة والاعتبار لا في الزمن، ولا يصح أن يلاحظ ذلك التقديم والتأخير بينهما في الزمن، وُيرَجَّح اعتبار قيام المانع وانتفاء المقتضي ولو كان وجود المقتضي أسبق زمناً
من المانع، كما لو وقعت شهادة بنكاح المرأة، وبينة بالطلاق أو الخلع قبل الموت، والرجل ميت، وتطلب المرأة الإرث، فيرجح اعتبار الطلاق، أو الخلع قائماً عند وفاة الزوج، وهذا مانع للإرث، على بينة النكاح المقتضي لثبوت الإرث، مع أن النكاح أسبق زمناً من الطلاق، أو الخلع، المانع للإرث.
ولا فرق في تقديم المانع على المقتضي بين أن يجيئا معاً، كأكثر الفروع والتطبيقات، أو أن يطرأ المانع على المقتضي قبل حصول المقصود من المقتضي، فإنه يقدم المانع، كما لو شهد لامرأة أجنبية عنه، ثم تزوجها قبل القضاء بشهادته، أو شهد وليس بأجير، ثم صار أجيراً خاصاً قبل القضاء بشهادته، بطلت شهادته في المسألتين.
ويستثنى من ذلك إذا كان جانب المصلحة أعظم (المقتضي) فإنه يقدم، كما لو تعارض واجب وحرام فتقدم مصلحة الواجب.
وتجري القاعدة في العبادات والمعاملات وغيرها، ويتفرع عليها مسائل كثيرة.
التطبيقات
1 -
تمنع شرعاً التجارة في المحرمات من خمر ومخدرات وغير ذلك، ولو أن فيها ربحاً.
(الدعاس ص 27) .
2 -
يمنع صاحب الدار من اتخاذ فرن أو محرك يؤذيان الجيران بالدخان أو اهتزاز الجدران، أو تشويش في الأصوات، ويمنع صاحب الدار من اتخاذ نوافذ تطل على جاره، ولو كان فيه منفعة، وهو يوافق النظرية المعروفة
"منع التعسف في استعمال الحق ".
(الدعاس ص 28) .
3 -
يحجر على الطبيب الجاهل، والمفتي الماجن، ويمنع الاحتكار، والتعدي في الأسعار.
(الدعاس ص 28) .
4 -
تمنع النساء من المساجد لصلاة الجماعة إذا حصلت مفسدة.
(الدعاس ص 28) .
5 -
إذا استشهد الجُنُبُ فالأصح أنه لا يغسل، لأن الشهادة تمنع الغسل، والجنابة توجبه، فيقدم المانع.
(اللحجي ص 57) .
6 -
لو ضاق الماء أو الوقت عن سنن الطهارة حرم فعلها.
(اللحجي ص 57) .
7 -
جرح الجاني جرحين عمداً وخطأ، أو مضموناً وهدراً، ومات بهما، فلا قصاص، لأن الخطأ والهدر يمنعان القصاص.
(اللحجي ص 57) .
8 -
لو كان ابن الجاني ابن عم لم يعقل، فلا يشارك في دفع الدية.
(اللحجي ص 57) .
9 -
يمنع الزوج من قربان زوجته الحائض، فالحيض يمنع، والزوجية القائمة تقتضي الإتيان، فيقدم المانع (الدعاص ص 28) .
10 -
يمنع الراهن من بيع الرهن ما دام في يد المرتهن، لأن ملكية الراهن تقتضي نفاذ بيع الرهن، وتعلق حق المرتهن يمنع نفاذ البيع بدون رضا المرتهن، وقد تعارضا، فيقدم المانع.
(الدعاس ص 28) .
11 -
يمنع أحد صاحبي الطوابق السفل أو العلو في الأبنية من عمل يضر بالآخر دون إذنه، لأن حقه التصرف بملكه، وهو مقتضٍ، وتعلق حق الجار مانع، فيقدم.
(الدعاس ص 28، الزرقا ص 244) .
12 -
أقر المريض مرض الموت لوارثه ولأجنبي بدين أو عين مشتركاً على الشيوع بطل فيهما.
(الزرقا ص 244) .
13 -
لو ضمَّ ما لا يحل بيحه كالخنزير إلى ما يحل بيعه في صفقة واحدة يفسد البيع (الزرقا ص 224) .
14 -
يمنع الموجر من التصرف في العين المأجورة بما يمسُّ حق التاجر، تقديماً
للمانع، وهو حق المستأجر.
(الزرقا ص 244) .
15 -
بطلان كل القضاء وكل الشهادة إذا بطل بعضهما، كما لو قضى القاضي، أو شهد الشاهد، لمن تقبل شهادته له، ولمن لا تقبل، بطل في كليهما.
(الزرقا ص 244) .
16 -
لو حطَّ البائع كل الثمن عن المشتري فإنه يصح حطُّه، ولكن لا يلتحق بأصل العقد، بل يعتبر بمنزلة هبة مبتدأة، وذلك تقديماً للمانع عن التحاقه به، وهو تأديته إلى بطلان العقد، لفقد ركنه بخلو العقد حينئذ عن الثمن، على المقتضي للإلحاق، وهو المحطوط ثمناً، وهو من متعلقات البيع وناشئ عنه.
(الزرقا ص 244) .
وهذا بخلاف ما لو حطَّ البائع بعض الثمن، فإنه يلتحق بالحط بالعقد، لعدم المانع حينئذ من التحاقه، ولو باعه بعد الحط مرابحة فتقع على ما بقي من الثمن بعد الحط، ويأخذ به الشفيع أيضاً.
(الزرقا ص 244) .
17 -
لو تصارفا ذهباً بذهب، أو فضة بفضة، ثم حطَّ أحدهما عن الآخر بعض البدل، أو زاده في البدل وقبل الآخر، فإنَ الحطَّ يصح عند محمد، ولا يلتحق بالعقد، بل يجعل كهبة مبتدأة، والزيادة تبطل عند الإمام أبي حنيفة، تقديماً للمانع، لأن التحاق الحط، وتصحيح الزيادة، يؤديان إلى فساد العقد لعدم التساوي في البدلين، على المقتضي، وهو كون المتصرف بالحط والزيادة يتصرف في خالص ملكه.
وظاهر كلام بعضهم يفيد ترجيح قول محمد، حيث علله ووجهه ولم يوجه قول غيره.
(الزرقا ص 245) .
18 -
لا تنعقد الهبة بالبيع بلا ثمن، ولا العارية بالإجارة بلا بدل، تقديماً للمانع على المقتصي، وذلك لأن الأمر فيهما دائر بين البيع والإجارة الفاسدين، وذلك مانع، وبين الهبة والإعارة الصحيحتين، وهو مقتضي، فقدم المانع.
(الزرقا ص 245) .
19 -
إذا تعارض الجرح للشاهد وتعديله، فإنه يقدم الجرح على التعديل.
(الزرقا ص 246) .
25 -
تقدم بينة الطلاق قبل الموت على بينة أنه مات وهي امرأته، وتقدم بينة الخلع على بينة النكاح.
(الزرقا ص 245) .
المستثنى
1 -
إذا سكن أحد الشريكين العقار المشترك في غيبة شريكه فإنه يجوز، وللشريك الغائب أن يسكن بعد عودته نظير ما سكن شريكه.
(الزرقا ص 247) .
2 -
اختلط موتى المسلمين بالكفار أو الشهداء بغيرهم، فيجب غسل الجميع والصلاة، وإن كانت الصلاة على الكفار والشهداء حراماً، ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلَّم عليهم.
(اللحجي ص 58، ابن تيمية، الحصين 1/ 241) .
3 -
يجوز للمستأجر على العمل في عين أن يستأجر غيره للعمل فيها، ويدفعها له، وللمستعير أن يعير لغيره، ويدفع العين له فيما لا يختلف استعماله، مع أن العين وديعة في أيديهما، والمودع لا يوح لغير من في عياله أو من يحفظ به ماله، وهذا مانع ولم يعمل عمله هنا، بل قُدّم المقتضي، وهو كون المستعير ملك المنافع، فملك تمليكها، وكون المستأجر للعمل يعمل بنفسه وبأجيره، وذلك لأن الإيداع ثبت ضمناً لا قصداً.
(الزرقا ص 247) .
4 -
لو كان كرم مشترك بين حاضر وغائب، أو بالغ ويتيم، فأدرك ثمره، فباعه وأخذ حصته، ووقف حصة الغاثب يسعه ذلك.
(الزرقا ص 247) .
5 -
يحرم على المرأة ستر جزء من وجهها في الإحرام، ويجب ستر جزء منه مع الرأس للصلاة، فتجب مراعاة الصلاة.
(اللحجي ص 58 (الحصين 1/ 241) .
6 -
يجوز لأحد الشريكين تعمير البناء المشترك بدون إذن الشريك وبدون إذن القاضي، ويرجع بقيمة البناء عند تعذر قسمته وامتناع الجبر على العمارة، كحمام، ورحى، وجدار لا يقسم، فهنا قُدّم المقتضي على المانع، كما هو ظاهر.
(الزرقا ص 247) .
7 -
لو ادعى رجل على ذي اليد أن العين التي في يده كانت ملك فلان الغائب، وأنه كان اشتراها منه، وأنه ملكها بذلك الشراء، وأقام الحجة على ذلك على الرغم من إنكار المدعى عليه، قضي له بذلك، وكان حكماً على الغائب بالبيع، فلو حضر وأنكر البيع لا يسمع منه، فهنا قُدّم المقتضي، وهو دعوى المدعي وبينته القائمة.
وإحياء حقه، على المانع، وهو كون المالك الأول المقضي عليه بالبيع غائباً، مع أنه لا يقضى على غائب ولا له إلا بحضور نائب عنه.
(الزرقا ص 247) .
8 -
لو أقام شخص بينة على آخر أنه اشترى هذه الدار من فلان الغائب، وأنه شفيعها، فقضي له بذلك، صار المالك الأول مقضياً عليه بالبيع، وإن كان غائباً، فلو حضر وأنكر لا يعتبر إنكاره.
(الزرقا ص 248) .
9 -
لو أقام الكفيل بالأمر بينته على الأصيل أنه أوفى الطالب دينه، والطالب غائب، يقضى له، ويصير الطالبُ مقضياً عليه بالاستيفاء، ولو حضر وأنكر الإيفاء لا يسمع منه، ولا حاجة إلى إعادة البينة بمواجهته في جميع ذلك.
(الزرقا ص 248) .
10 -
قد يتعارض المانع والمقتضي، ولا يقدم أحدهما على الآخر، بل يعمل في كل منهما بما يقتضيه، كما لو قال رجل لامرأته: إن لم أطلقك اليوم ثلاثاً فأنت طالق، ثم أراد ألا يطلقها ولا يصير حانثاً، فالحيلة أن يقول لامرأته في اليوم: أنت طالق ثلاثاً على ألف درهم، فتقول المرأة: لا أقبل، فإذا مضى اليوم كان الزوج باراً بيمينه ولا يقع الطلاق، لأنه طلقها في اليوم ثلاثاً، وإنما لم يقع الطلاق لردِّ المرأة، وهذا لا يخرج كلام الزوج أن يكون تطليقاً، فعمل بالمقتضي، وهو اعتبار الزوج موقعاً للطلاق الثلاث عليها على ألف، فلذا لم يحنث في يمينه، وعمل بالمانع من وقوع
الثلاث، وهو رد المرأة وعدم قبولها.
(الزرقا ص 250) .
11 -
إنما يقدم المانع على المقتض إذا وردا على محل واحد، أما إذا لم يردا على محل واحد، فإنه يعطى كلّ منهما حكمه، كما لو جمع بين من تحل له ومن لا تحل له في عقد واحد صح في الحل وبطل في الأخرى، وكما لو جمع بين وقف وملك وباعهما صفقة واحدة: صح في الملك بحصته من الثمن، وكما لو جمع بين ماله ومال غيره وباعهما صفقة واحدة، فإنه يصح في ماله، ويتوقف في مال الغير على إجازة المالك،
وكما لو أوصى لأجنبي ووارث، أو لأجنبي وقاتل، فللأجنبي نصفها وتبطل في حق الآخر على تقدير عدم الإجازة، لأنه لا تعارض بين المانع والمقتضي، ويمكن مراعاة المقتضي بدون أن يلزم المانع.
(الزرقا ص 246) .
12 -
الهجرة على المرأة من بلاد الكفر واجبة، وإن كان سفرها وحدها حراماً، فتجب الهجرة إذا أمنت على نفسها أو كان خوف الطريق دون خوف الإقامة.
(اللحجي ص 58، ابن تيمية، الحصين 1/ 241) .