الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [3]
1 -
الأصل بقاء ما كان على ما كان
(م/5)
الألفاظ الأخرى
- القديم يترك على قدمه.
- الأصل عدم المسقط والأصل بقاء ما وجب.
- ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه.
التوضيح
سبق البيان أن الأصل في اللغة: أسفل الشيء، ويطلق في الاصطلاح على معان كثيرة، منها أنه يستعمل بما يقابل الفرع، وبمعنى الراجح، وبمعنى المستصحب، وبمعنى الدليل، وبمعنى القاعدة التي تبنى عليها المسائل، والمنطبقة على جزئياتها.
وهذا المعنى الأخير هو المراد هنا.
وتعني القاعدة: أن الواقع أو الحكم الذي ثبت في الزمان الماضي، ثبوتاً أو نفياً، يبقى على حاله، ولا يتغير ما لم يوجد دليل يغيره، أو أن الأس والمعيار في الأمور المتأخرة أن تبنى على الأمور المتقدمة، فإذا جهل في وقت الخصومة حال الشيء، وليس هناك دليل يُحكم بمقتضاه، وكان لذلك الشيء حال سابقة معهودة، فإن الأصل في ذلك أن يحكم ببقائه واستمراره على تلك الحال المعهودة التي كان عليها حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك، فيصار حينئذ إليه (1) .
.
(1)
قال ابن خطيب الدهشة رحمه الله تعالى:
"استصحاب الحال حجة على الصحيح".
مختصر من قواعد العلائي والإسنوي 2/ 432، 451، 29 اً.
ويعتمد الدليل المخالف على أحد أربعة أشياء: البينة، والإقرار، والنكول.
والأمارة الظاهرة، إلا أن النكول يرجع إلى مجرد القرينة الظاهرة.
وهذه القاعدة مع القواعد الآتية من فروع القاعدة الرئيسية
"اليقين لا يزول بالشك " وداخلات تحتها، وتدخل فروعها في اليقين والشك.
كما تشير هذه القاعدة إلى مبدأ الاستصحاب، وهو دليل شرعي مختلف في حجيته كما قرر علماء الأصول.
التطبيقات
أ - من تيقن الطهارة، وشك في الحدث فهو متطهر، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة، فهو محدث، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.
(اللحجي ص 28) .
خلافاً للمالكية الذين قالوا: من تيقن الطهارة وشك في الحدث، فالمشهور أنه يعيد الوضوء.
(الروقي ص 274، الغرياني ص 483) .
2 -
إذا مس الرجل الخنثى، او لمسه، فلا ينتقض وضوءُه، لأنه كان متطهراً، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
(اللحجي ص 28) .
3 -
أحرم بالعمرة، ثم بالحج، وشك هل كان أحرم بالحج قبل طواف العمرة فيكون صحيحاً، أم بعده فيكون باطلاً؟
حكم بصحة إحرامه، وكذا إذا أحرم بالحج، وشك هل كان في أشهر الحج أم قبلها؟ كان حجاً.
(اللحجي ص 28) .
4 -
أكل آخر النهار بلا اجتهاد، وشك في الغروب، بطل صومه، لأن الأصل بقاء النهار، ولو أكل آخر الليل، وشك في طلوع الفجر، صح صومه، لأن الأصل بقاء الليل، ولو نوى الصوم.
وشك هل طلع الفجر أم لا؟
صح صومه بلا خلاف..
(اللحجي ص 28) .
5 -
تعاشر الزوجان مدة مديدة، ثم ادعت عدم الكسوة والنفقة، فالقول قولها، لأن الأصل بقاؤهما في ذمته وعدم أدائهما.
(اللحجي ص 28، الزرقا ص 88) .
6 -
اشترى ماء، وادعى نجاسته، ليرده، فالقول قول البائع، لأن الأصل طهارة الماء.
(اللحجي ص 28، الغرياني ص 482) .
7 -
ادعت الرجعية امتداد الطهر، وعدم انقضاء العدة، صدقت، ولها النفقة، لأن الأصل بقاؤها.
(اللحجي ص 28، الزرقا ص 88) .
8 -
المفقود، وهو الغائب غيبة منقطعة، أي انقطع خبره، ولا تعلم حياته ولا موته، فإنه يعتبر حياً إلى أن يثبت موته حقيقة بالبينة، أو حكماً بأن يقضي القاضي بموته بعد موت جميع أقرانه، أو بلوغه التسعين سنة من عمره، وإلا يحكم أنه حي بحكم هذا الأصل، فلا يقسم، قبل ذلك، ماله بين ورثته، ولا تفسخ إجارته، ولا تؤخذ وديعته من مودعه.
ولا تتزوج امرأته بآخر.
(الزرقا ص 91، الدعاس ص 13) .
9 -
ولو مات مسلم، وله امرأة نصرانية، فجاءت مسلمة بعد موته، وقالت: أسلمت قبل موته، وقال الورثة: أسلمت بعد موته، فالقول قول الورثة عملاً بالاستصحاب إلا أن تثبت إسلامها قبل موته بالبينة..
(الدعاس ص 13، الزرقا ص 91) ويشهد لهم ظاهر الحدوث أيضاً، حيث يضيفون إسلامها الحادث لأقرب أوقاته.
10 -
المدين: لو ادعى المستقرض دفع الدَّيْن إلى المقرض، أو ادعى المشتري دفع الثمن إلى البائع، أو ادعى المستأجر دفع بدل الإجارة إلى المؤجر، وأنكر المقرض والبائع والمؤجر القبض، فالقول قولهم، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان وهو مبلغ القرض، والثمن، والأجرة، بعد ثبوتها في الذمة.
(الزرقا ص 88، الدعاس ص 13) .
لأن هذه الديون تعتبر باقية في ذمم الملتزمين بها، ما لم يثبتوا الدفع، لأنها
كانت مستحقة بيقين، ولهم تحليف أصحابها اليمين على عدم القبض، فإذا حلفوا قضي لهم.
(الدعاس ص 13) .
11 -
لو باع إنسان شيئين صفقة واحدة، فهلك أحدهما عند المشتري، وجاء
بالآخر ليرده بعيب فيه على البائع بحصته من الثمن، فاختلفا في قيمة الهالك، فالقول للبائع، لأن الثمن جميعه ثابت في ذمة المشتري، فالأصل بقاء القدر المختلف فيه في ذمته، حتى يبرهن على دعواه.
(الزرقا ص 88) .
12 -
يوافق قاعدة الاستصحاب ما ذكره الأصوليون
"أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد نص بخلافه ".
(الدعاس ص 14) .
13 -
إذا اختلف المتبايعان في قبض الثمن.
فالقول قول البائع أنه لم يقبض؛ لأنه متمسك بالأصل.
وإذا اختلف المتبايعان في قبض المبيع، فالقول قول المشتري؛ لأنه
متمسك بالأصل، إلا أن تكون هناك عادة فيعمل بها.
وإذا اختلفا في انقضاء أجل الخيار فالقول لمشترط الخيار، لترجح جانبه بأنه الطالب له، والأصل الاستمرار والبقاء على الخيار.
(الغرياني ص 355، الونشريسي ص 386) .
14 -
إذا اختلف المتبايعان في تاريخ انعقاد البيع، وادعى المشتري أن العيب
بالمبيع قديم قبل العقد، وخالفه البائع، فادعى أنه حادث بعد العقد، فقيل القول للمشتري، استصحاباً لحال عدم انعقاد البيع، لأن الأصل عدمه، وقيل القول للبائع، استصحاباً لكون البيع منعقداً، فلا ينقض بالدعوى.
(الغرياني ص ا35)
15 -
من اشترى سلعة على رؤية متقدمة، فادعى أن المبيع قد تغير عن حالته التي رآه عليها، وأن البيع منحل، فقال ابن القاسم: القول قول البائع؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وقال أشهب: القول قول المشتري، لأن الأصل براءة ذمته من الثمن.
(الغرياني ص ا35، الونشريسي ص 388) .
16 -
من ادُّعي عليه بشيء من غير بيِّنة لا يلزمه، لأن الأصل براءة الذمة.
(الغرياني ص 482) .
المستثنى
1 -
لو مات نصراني مثلاً، فجاءت امرأته مسلمة: وقالت: أسلمت بعد موته، فلي الميراث، اعتماداً على القاعدة: الأصل بقاء ما كان على ما كان، فكانت
نصرانية، وتبقى كذلك حتى الموت، فترث، ثم أسلمت، فلا يقبل قولها، لأن الورثة يقولون: أسلمت قبل موته، فلا ميراث لها، فالقول قول الورثة لا المرأة.
فالمرأة تريد التمسك بالاستصحاب الحقيقي، وهو استمرارها إلى ما بعد موت زوجها على دينه الذي كانت تدين به، فهذا الاستصحاب لا يكفي حجة للاستحقاق، والورثة يدفعونها عن استحقاق الإرث، لقاعدة:"يضاف الحادث إلى أقرب أوقاته". (م/ 10)
ويتمسكون بالاستصحاب المعكوس، وهو انسحاب مانع
الإرث القائم بالمرأة حين الخصومة، يعني؛ إسلامها، إلى ما قبل موت الزوج، والاستصحاب يكفي حجة للدفع، فكان القول قولهم.
(الزرقا ص 91) .
2 -
إن المفقود لا يستحق الميراث من غيره، ولا يستصحب حال حياته، بل يعتبر ميتاً في جانب الاستحقاق من غيره، لأن استصحاب حياته السابقة لا يكفي حجة للاستحقاق، فلا يرث من غيره، بل يوقف نصيبه من المورث، فإن ظهر حياً أخذه.
وإن ثبت موته حقيقة أو حكماً أعيد النصيب إلى ورثة ذلك المورث..
(الزرقا ص 91) .
وفي المثالين السابقين تمسك الحنفية بمبدأ أن الاستصحاب يصلح حجة للدفع، لا للاستحقاق، وإنَّما كان الاستصحاب غير حجة في الاستحقاق؛ لأنه من قبيل الظاهر، ومجرد الظاهر لا ينتهض حجة في إلزام الغير، ولما كان الاستحقاق على الغير إلزاماً له لم يكتف فيه بالظاهر، ولذلك قال الكرخي في " أصوله ":"الأصل أن الظاهر يدفع الاستحقاق، ولا يوجب الاستحقاق " وقال النسفي في شرح ذلك:
"من مسائل هذا الأصل أن من كان في يده دار، فجاء رجل يدعيها، فظاهر يده يدفع استحقاق المدعي، حتى لا يقضى له إلا بالبينة، ولو بيعت دار لجنب هذه الدار فأراد أخذ الدار المبيعة بالشفعة بسبب الجوار لهذه الدار، فأنكر المدعى عليه أن تكون هذه الدار الي في يده مملوكة له، فإنه بظاهر يَدِه لا يستحق الشفعة ما لم يثبت أن هذه الدار ملكه ".
(الزرقا ص 92) .
3 -
إذا ادعى المودَع عنده ردّ الوديعة، أو هلاكها، والمالك ينكر، فالقول للمودع عنده، مع أن الأصل بقاؤها عنده، وذلك لأن كل أمين ادعى رد الأمانة إلى
مستحقها فالقول قوله بيمينه، لأن الاصل براءة الذمة، وعدم التعدي والتقصير.
(الزرقا ص 93) .
4 -
لو ادعت المرأة مضي عدتها في مدة تحتمل ذلك، صدقت بيمينها، مع أن الأصل بقاء العدة بعد وجوبها، وذلك لأن مضي العدة من الأمور التي لا تعلم إلا منها، فإذا لم يقبل قولها في مضيها لا يمكن ثبوت مضيها أصلاً، فقبل قولها في ذلك ضرورة.
(الزرقا ص 93) .
5 -
المفقود الذي رئى في المعترك، فالأصل بقاء حياته، والغالب فيه موته بسبب القتال والقتل، ويحكم بموته.
(الروقي ص 290) .