المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: الفرق بين القاعدة والضابط - القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة - جـ ١

[محمد مصطفى الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تقديم

- ‌منهح البحث

- ‌خطة البحث

- ‌الباب التمهيديتعريف القواعد الفقهية وفوائدها وأهم كتبها

- ‌ثالثاً: الفرق بين القاعدة والضابط

- ‌سابعاً: مصادر القواعد الفقهية

- ‌جـ (كتب القواعد الفقهية في المذهب الشافعي)

- ‌د - (كتب القواعد الفقهية في المذهب الحنبلي)

- ‌هـ - (القواعد الكلية في مجلة الأحكام العدلية)

- ‌عاشراً: فوائد

- ‌الباب الأولالقواعد الفقهية الأساسية

- ‌القاعدة الأساسية الأولى:الأمور بمقاصدها

- ‌المستثنى

- ‌فوائد

- ‌القاعدة الأساسية الثانية:اليقين لا يزول بالشك

- ‌فوائد

- ‌القاعدة: [3]1 -الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌القاعدة: [4]2 -ما ثبت بزمان يحكم ببقائهما لم يقم الدليل على خلافه

- ‌القاعدة: [5]3 -الأصل في الصفات العارضة العدم

- ‌القاعدة: [6]4 -الأصل براءة الذمة

- ‌القاعدة: [7]5 -الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته

- ‌القاعدة [8]6 -لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح

- ‌القاعدة: [9]7 -لا ينسب إلى ساكت قول، لكن السكوت في معرض الحاجة بيان

- ‌القاعدة: [10]8 -لا عبرة للتوهم

- ‌القاعدة: [11]9 -لا حجة مع الاحتمال الناشئ عن دليل

- ‌القاعدة: [12]10 -لا عبرة بالظن البينِّ خطؤه

- ‌القاعدة: [13]11 -من شك هل فعل شيئًا أولا فالأصل أنه لم يفعله

- ‌القاعدة: [14]12 -من تيقن الفعل، وشك في القليل أو الكثير، عمل علىالقليل، لأنه المتيقن

- ‌القاعدة: [15]13 -الأصل العدم

- ‌القاعدة: [16]14 -الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريمعند الجمهور، وعند أبي حنيفة: الأصل فيها التحريم حتى يدلالدليل على الإباحة

- ‌القاعدة: [17]15 -الأصل في الأبضاع التحريم

- ‌القاعدة: [18]16 -الذمة إذا عمرت بيقين فلا تبرأ إلا بيقين

- ‌القاعدة الأساسية الثالثة: [19]لا ضرر ولا ضرار

- ‌القاعدة: [20]1 -الضرر يدفع بقدر الإمكان

- ‌القاعدة: [21]2 -الضرر يُزال

- ‌القاعدة: [22]3 -الضرر لا يزال بمثله

- ‌القاعدة: [23]4 -الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف

- ‌القاعدة: [24]5 -يُختار أهون الشَّرين

- ‌القاعدة: [25]6 -إذا تعارضت مفسدتان رُوعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما

- ‌القاعدة: [26]7 -يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام

- ‌القاعدة: [27]8 -درء المفاسد أولى من جلب المنافع

- ‌القاعدة: [28]9 -إذا تعارض المانع والمقتضي يُقدَّم المانع

- ‌القاعدة: [29]10 -القديم يُترك على قدمه

- ‌القاعدة: [30]11 -الضرر لا يكون قديمًا

- ‌القاعدة الأساسية الرابعة: [31]المشقة تجلب التيسير

- ‌القاعدة: [32]1 -الأمر إذا ضاق اتَّسع

- ‌القاعدة: [33]2 -الضرورات تبيح المحظورات

- ‌القاعدة: [34]3 -الضرورات تَقَدَّر بقَدْرِها

- ‌القاعدة: [35]4 -الاضطرار لا يبطل حق الغير

- ‌القاعدة: [36]5 -الحاجة تُنزَّل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة

- ‌القاعدة: [37]6 -كل رخصة أبيحت للضرورة والحاجة لم تستبح قبل وجودها

- ‌القاعدة: [38]7 -يجوز في الضرورة ما لا يجوز في غيرها

- ‌القاعدة: [40]1 -كل اسم ليس له حد في اللغة، ولا في الشرع، فالمرجع فيه إلى العرف

- ‌القاعدة: [41]2 -العقد العرفي كالعقد اللفطي

- ‌القاعدة: [42]3 -الممتنع عادة كالمتنع حقيقة

- ‌القاعدة: [43]4 -استعمال الناس حجَّة يجب العمل بها

- ‌القاعدة: [44]5 -إنما تُعتبر العادة إذا اطردت أو غَلَبت

- ‌القاعدة: [45]6 -العبرة للغالب الشائع لا للنادر

- ‌القاعدة: [46]7 -الحقيقة تترك بدلالة العادة

- ‌القاعدة: [47]8 -الكتابُ كالخطاب

- ‌القاعدة: [48]9 -الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان

- ‌القاعدة: [49]10 -المعروف عرفًا كالمشروط شرعًا

- ‌القاعدة: [50]11 -التعيين بالعرف كالتعيين بالنص

- ‌القاعدة: [51]12 -المعروف بين التجار كالمشروط بينهم

- ‌القاعدة: [52]13 -لا يُنكر تغيُّر الأحكام بتغير الأزمان

- ‌الباب الثاني:القواعد الكلية المتفق عليها

- ‌القاعدة: [53]إعمال الكلام أولى من إهماله

- ‌القاعدة: [54]1 -الأصل في الكلام الحقيقة

- ‌القاعدة: [55]3 -إذا تعذَّرت الحقيقة يُصار إلى المجاز

- ‌القاعدة: [56]3 -إذا تعذر إعمال الكلام يُهمل

- ‌القاعدة: [57]4 -ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله

- ‌القاعدة: [58]5 -المطلق يجري على إطلاقهما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة

- ‌القاعدة: [59]6 -الوصف في الحاضر لَغو، وفي الغائب معتبر

- ‌القاعدة: [60]7 -السؤال مُعاد في الجواب

- ‌القاعدة: [61]8 -التأسيس أولى من التأكيد

- ‌القاعدة: [62]الاجتهاد لا ينقض بمثله

- ‌القاعدة: [63]ما جاز لعذر بطل بزواله

- ‌القاعدة: [64]ما حرم أخذه حرم إعطاؤه

- ‌القاعدة: [65]ما حرم فعله حرم طلبه

- ‌القاعدة: [66]العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني

- ‌القاعدة: [67]من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه

- ‌القاعدة: [68]يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء

- ‌القاعدة: [70]1 -من ملك شيئًا ملك ما هو من ضروراته

- ‌القاعدة: [71]2 -التابع لا يفرد بالحكم

- ‌القاعدة: [72]3 -يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع

- ‌القاعدة: [73]4 -إذا سقط الأصل سقط الفرع

- ‌القاعدة: [74]5 -قد يثبت الفرع دون الأصل

- ‌القاعدة: [75]6 -إذا بطل الشيء بطل

- ‌القاعدة: [76]7 -التابع يسقط بسقوط المتبوع

- ‌القاعدة: [77]8 -التابع لا يتقدَّم على المتبوع

- ‌القاعدة: [78]9 -يدخل تبعًا ما لا يدخل استقلالاً

- ‌القاعدة: [79]الخراج بالضمان

- ‌القاعدة: [80]إذا اجتمع المباشر والمتسبب يُضاف الحكم إلى المباشر

- ‌القاعدة: [81]الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة

- ‌القاعدة: [82]التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

- ‌الباب الثالثالقواعد الكلية في المذهب الحنفي

- ‌القاعدة: [83]لا مساغ للاجتهاد في مورد النص

- ‌القاعدة: [84]ما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس

- ‌القاعدة: [85]إذا زال المانع عاد الممنوع

- ‌القاعدة: [86]ليس للمظلوم أن يظلم غيره

- ‌القاعدة: [87]من سعى في نقض ما تمَّ من جهته فسعيه مردود عليه

- ‌القاعدة: [88]البقاء أسْهَل من الابتداء

- ‌القاعدة: [89]إذا بطل الأصل يصار إلى البدل

- ‌القاعدة: [90]الساقط لا يعود كما أنَّ المعدوم لا يعود

- ‌القاعدة: [91]لا يتم التبرع إلا بالقبض

- ‌القاعدة: [92]تبدل سبب الملك كتبدل الذات

- ‌القاعدة: [93]المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط

- ‌القاعدة: [94]المواعيد بصورة التعاليق تكون لازمة

- ‌القاعدة: [95]يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان

- ‌القاعدة: [96]الجواز الشرعي ينافي الضمان

- ‌القاعدة: [97]الغُرْمُ بالغُنْم

- ‌القاعدة: [98]النعمة بقدر النقمة، والنقمة بقدر النعمة

- ‌القاعدة: [99]الأجر والضمان لا يجتمعان

- ‌القاعدة: [100]لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه

- ‌القاعدة: [101]الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل

- ‌القاعدة: [102]لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي

- ‌القاعدة: [103]يُضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الآمر ما لم يكن مُجْبِرًا

- ‌القاعدة: [104]المباشر ضامن وإن لم يَتَعَمَّد

- ‌القاعدة: [105]المتسبب لا يضمن إلا بالتعمُّد

- ‌القاعدة: [106]جناية العجماء جُبار

- ‌القاعدة: [107]يقبل قول المترجم مُطلقاً

- ‌القاعدة: [108]المرء مؤاخذ بإقراره

- ‌القاعدة: [109]دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقام الظاهر

- ‌القاعدة: [110]الثابت بالبرهان كالثابت بالعِيان

- ‌القاعدة: [111]البينة حجة متعدية، والإقرار حجة قاصرة

- ‌القاعدة: [112]البينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل

- ‌القاعدة: [113]البينة على المدعي واليمين على من أنكر

- ‌القاعدة: [114]لا حجة مع التناقضلكن لا يختل معه حكم الحاكم

- ‌القاعدة: [115]الإسقاط قبل سبب الوجوب يكون لغوًا

- ‌القاعدة: [116]الإجازة اللاحقة كالوحالة السابقة

- ‌القاعدة: [117]الاحتياط في باب العبادات واجب

- ‌القاعدة: [118]الأكثر يقوم مقام الكل

- ‌الباب الرابعالقواعد الفقهية الكلية عند المالكية

- ‌القاعدة: [119]المفرط ضامن

- ‌القاعدة: [120]ما يضمن بالعمد يضمن بالخطأ

- ‌القاعدة: [121]ما يوجب ضمان المنقول يوجب ضمان الأصول

- ‌القاعدة: [122]ما تصح إجارته فعلى متلفه الضمان

- ‌القاعدة: [123]كل ما لا يضمن من التلفات المأخوذة بغير إشهادلا يضمن إذا أخذ بغير إشهاد

- ‌القاعدة: [124]الزعيم غارم

- ‌القاعدة: [125]إيجاب الأخذ يفيد إيجاب الدفع

- ‌القاعدة: [126]العقد على الأعيان كالعقد على منافعها

- ‌القاعدة: [127]كل ما لم يمنع العقد على العين، لم يمنع العقد على منفعتها

- ‌القاعدة: [128]كل عقد جاز أن يكون على القسمة، جاز أن يكون على المشاع

- ‌القاعدة: [129]العقود لا تثبت في الذمم

- ‌القاعدة: [130]كل عقد فاسد مردود إلى صحيحه

- ‌القاعدة: [131]الشرط الباطل لا يؤثر في العقد

- ‌القاعدة: [132]ما ليس بشرط في صحة العقد فليس بواجب أن يقترن به

- ‌القاعدة: [133]الإكراه يبطل العقد

- ‌القاعدة: [134]كل ما يصح تأبيده من عقود المعاوضات فلا يصح توقيته

- ‌القاعدة: [135]كل ما كان لأحد المتعاقدين فسخه بوجهكان للآخر فسخه بمثل ذلك الوجه

- ‌القاعدة: [136]ما هو موجَب العقد لا يحتاج إلى اشتراطه

- ‌القاعدة: [137]ما حرم للاستعمال حرم للاتخاذ

- ‌القاعدة: [138]ما حرم لذاته حرم ثمنه

- ‌القاعدة: [139]ما صح إجارته صحَّ ملكه

- ‌القاعدة: [140]ما صح أن يملك بالأخذ صح أن يملك بالبيع

- ‌القاعدة: [141]كل ما صح أَن يملك إرثًا صح أن يملك هبة وابتياعًا

- ‌القاعدة: [142]كل تمليك في الحياة صح بعد الوفاة

- ‌القاعدة: [143]الحقان المختلفان لا يتداخلان

- ‌القاعدة: [144]كل حق لم يسقط بتأخير الإقرار لم يسقط بتأخير الشهادة

- ‌القاعدة: [145]أخد الحق لا يتوقف إلا بدليل

- ‌القاعدة: [146]إذا اجتمع في المال حقان، أحدهما قد أخذ عوضه، والآخر لميؤخد عوضه، قُدِّم ما أخذ عوضه عدما لم يؤخذ عوضه

- ‌القاعدة: [147]كل ما يفسد العبادة عمدًا يفسدها سهوًا

- ‌القاعدة: [148]لا قياس في العبادات يضر معقولة المعنى

- ‌القاعدة: [149]التلبس بالعبادة يوجب إتمامها

- ‌القاعدة: [150]كل ما جاز في الحضر لعذر جاز في قصير السفر وطويله

- ‌القاعدة: [151]طهارة الأحداث لا تتوقف

- ‌القاعدة: [152]كل قرض جرَّ نفعًا فهو حرام

- ‌القاعدة: [153]الإطلاق محمول على العادة

- ‌القاعدة: [154]ما لا يمكن الاحتراز عنه فهو معفو عنه

- ‌القاعدة: [155]الحدود تدرأ بالشبهات

- ‌القاعدة: [156]العبرة في الحدود بحال وجوبها لا حال استيفائها

- ‌القاعدة: [157]إعطاء الموجود حكم المعدوم، والمعدوم حكم الموجود

- ‌القاعدة: [158]كل ما أدى إثباته إلى نفيه، فنفيه أولى

- ‌القاعدة: [159]الربح يتبع المال الأصل، فيكون ملطا لمن له المال الأصل

- ‌القاعدة: [160]من أثبت أولى ممن نفى

- ‌القاعدة: [161]الأصل لا يجتمع مع البدل

- ‌القاعدة: [162]من أصول المالكية مراعاة الخلاف

- ‌القاعدة: [163]الأصل ألَّا يسقط الوجوب بالنسيان

- ‌القاعدة: [164]كلما سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة

- ‌القاعدة: [165]مراعاة المقاصد مقدمة على رعاية الوسائل أبدًا

الفصل: ‌ثالثا: الفرق بين القاعدة والضابط

جزئياته، فالقاعدة: قضية كلية يدخل تحتها جزئيات كثيرة، وتحيط بالفروع

والمسائل من الأبواب المتفرقة.

والقاعدة إما أن تطبق على جميع الفروع التي تدخل تحتها، كما سبق في التعريف.

وإما أن تشمل غالبَ الجزئيات أو أكثرها، ويخرج عنها بعض الفروع والجزئيات التي تعتبر استثناءات، وقد تطبق عليها قاعدة أخرى، ولذلك عرفها الحموي في (حاشيته على الأشباه والنظائر) بأنها:

"حكم أغلبي ينطبق على معظم جزئياته ".

وقد اخترنا التعريف الأول الذي يفيد انطباق القاعدة على جميع الجزئيات، لأن الأصل فيها أن تكون كذلك، وأن خروج بعض الفروع عنها لا يضر ولا يؤثر، وتكون استثناء من القاعدة، لأن كل قاعدة أو مبدأ أو أصل له استثناء، وهذا الاستثناء لا يغير من حقيقة الأصل أو المبدأ، وقد صرحت مجلة الأحكام العدلية بهذا فقالت في المادة الأولى منها:

"ثم إن بعض هذه القواعد، وإن كان بحيث إذا انفرد

يوجد من مشتملاته بعض المستثنيات، لكن لا تختل كليتها وعمومها من حيث المجموع، لما أن بعضها يخصص ويقيد بعضاً ".

‌ثالثاً: الفرق بين القاعدة والضابط

القاعدة: بمعنى الضابط في الأصل، لكن يميز العلماء بين القاعدة والضابط

عملياً وفي القرون الأخيرة بأن القاعدة تحيط بالفروع والمسائل في أبواب فقهية مختلفة، مثل قاعدة " الأمور بمقاصدها"(م/ 2) فإنها تطبق على أبواب العبادات، والجنايات، والعقود، والجهاد، والأيمان، وغيرها من أبواب الفقه.

ص: 22

أما الضابط فإنه يجمع الفروع والمسائل من باب واحد من الفقه، مثل

"لا تصوم المرأة تطوعاً إلا بإذن الزوج أو كان مسافراً "

ومثل "أيما إهاب دُبغ فقد طَهُر"

وهو نص حديث شريف، ومثل "كل ماء مطلق لم يتغير فهو طهور"

ومثل "الكفار مخاطبون بفروع الشريعة" عند الشافعية.

ومثل "الإسلام يجبُّ ما قبله في حقوق الله.

دون ما تعلق به حق آدمي كالقصاص وضمان المال ".

يقول السيوطي: " لأن القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمع فروعَ بابِ واحد".

ويقول أبو البقاء بعد تعريف القاعدة: "والضابط يجمع فروعاً من

باب واحد".

وإن هذا التفريق بين القاعدة والضابط عند معظم العلماء فقط، كما أنه ليس

تفريقاً حتماً جازماً، فقد يذكر كثير من العلماء قواعد فقهية، وهي في حقيقتها مجرد ضابط، كما سيمر معنا.

رابعاً: الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية

رأينا أن العلماء وضعوا قواعد أصولية للاستنباط والاجتهاد، وكان تدوينها

مبكراً وسابقاً على القواعد الفقهية، وأول من دونها وجمعها في كتاب مستقل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (ت 204 هـ) في كتا به (الرسالة) ثم تطورت وتوسعت وانتشرت وعمت المذاهب.

ص: 23

كما وضع الأئمة والعلماء قواعد فقهية لجمع الأحكام المتشابهة، والمسائل

المتناظرة، وكانت مبعثرة في الكتب والأبواب الفقهية، وتأخر تدوينها وجمعها بشكل مستقل، كما سنرى.

وصرح القرافي بالنوعين السابقين، وميز بينهما، لكنه جمع في كتابه (الفروق) بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية، وكذلك فحل السيوطي الشافعي، وابن نجيم الحنفي، وابن اللحام الحنبلي، في كتابه (القواعد والفوائد الأصولية) وغيرهم.

ويمكن التمييز بين النوعين بما يلي:

1 -

إن القواعد الأصولية ناشئة في أغلبها من الألفاظ العربية، والقواعد العربية، والنصوص العربية، كما صرح القرافي سابقاً، أما القواعد الفقهية فناشئة من الأحكام الشرعية، والمسائل الفقهية.

2 -

إن القواعد الأصولية خاصة بالمجتهد، يستعملها عند استنباط الأحكام

الفقهية، ومعرفة حكم الوقائع والمسائل المستجدة في المصادر الشرعية، أما القواعد الفقهية فإنها خاصة بالفقيه، أو المفتي، أو المتعلم الذي يرجع إليها لمعرفة الحكم الموجود للفروع، ويعتمد عليها بدلاً من الرجوع إلى الأبواب الفقهية المتفرقة.

3 -

تتصف القواعد الأصولية بالعموم والشمول لجميع فروعها، أما القواعد الفقهية فإنها، وإن كانت عامة وشاملة، تكثر فيها الاستثناءات، وهذه الاستثناءات تشكل أحياناً قواعد مستقلة، أو قواعد فرعية، وهذا ما حدا بكثير من العلماء لاعتبار القواعد الفقهية قواعد أغلبية، وأنه لا يجوز الفتوى بمقتضاها.

4 -

تتصف القواعد الأصولية بالثبات، فلا تتبدل ولا تتغير، أما القواعد الفقهية فليست ثابتة، وإنَّما تتغير - أحياناً - بتغير الأحكام المبنية على العرف، وسد الذرائع، والمصلحة وغيرها.

ص: 24

5 -

إن القواعد الأصولية تسبق الأحكام الفقهية، وأما القواعد الفقهية فهي

لاحقة وتابعة لوجود الفقه وأحكامه وفروعه.

خامساً: الفرق بين القواعد والنطريات

قلنا: إن الفقه الإسلامي بدأ بالفروع والجزئيات في التدوين، ثم انتقل إلى التقعيد بإقامة الضوابط الفقهية والقواعد الكلية.

وهذه الضوابط والقواعد مرحلة ممهدة لجمع القواعد المتشابهة، والمبادئ العامة، لإقامة نظرية عامة في جانب من الجوانب الأساسية في الفقه، ولكن الظروف التي مرت بالأمة الإسلامية، وأحاطت بالاجتهاد والمجتهدين والعلماء، أوقفت العمل عند مرحلة القواعد، إلى أن ظهرت في هذا القرن النهضة الفقهية والدراسات المقارنة، وشرع العلماء في صياغة النظريات الأساسية في الفقه الإسلامي، مثل: نظرية العقد، ونظرية الملكية، ونظرية الأهلية، ونظرية الفساد، ونظرية البطلان، ونظرية الشروط المقترنة بالعقد، ونظرية العقد الموقوف، ونظرية الضرورة، ونظرية

الضمان، ونظرية الإثبات، ونظام الحكم في الإسلام، ونظام المال في الإسلام، ونظرية التكافل الاجتماعي، ونظام الجهاد، وغيرهما، مما يتيح للباحث أو الدارس أن يحصل على منهج الإسلام العام، وآراء الفقهاء في كل جانب من جوانب التشريع الأساسي في الإسلام.

والفرق بين القواعد الفقهية وبين النظريات أن القواعد إنما هي ضوابط وأصول فقهية تجمع الفروع والجزئيات، ويعتمد عليها الفقيه والمفتي في معرفة الأحكام الشرعية.

أما النظريات الفقهية فهي دساتير ومفاهيم كبرى تشكل نظاماً متكاملاً في جانب كبير من جوانب الحياة والتشريع، وأن كل نظرية تشمل مجموعة من القواعد الفقهية.

ص: 25

كما تقوم النظرية على أركان وشروط ومقومات أساسية، وكثيراً ما تخلو من بيان الأحكام الفقهية، أما القواعد فلا يوجد لها أركان وشروط، وتنطوي على عدد كبير من الأحكام الفقهية والفروع والمسائل.

مثال القواعد " الفقهية " العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني "

التي تفسر صيغة العقد، وموضوعه، لتحديد الآثار المترتبة عليه.

ومثال النظريات الفقهية (نظرية العقد) التي تتناول جميع العقود الشرعية في مختلف أحكامها وأطرافها من التعريف والأركان والشروط والآثار، وموقع العقد بين مصادر الالتزام الأخرى.

والخلاصة: أن القواعد واسطة بين الفروع والأصول، أو هي واسطة بين

الأحكام والنظريات.

ونشير هنا إلى أهم تطور للفقه الإسلامي في العصر الحاضر، وذلك بتقنين أحكامه في قانون أو نظام في مجال معين، واختيار الآراء فيه من مختلف المذاهب الفقهية.

والتزام القضاة العمل بموجبه، ويختلف ذلك سعة وضيقاً، وشمولاً وحصراً من بلد إلى آخر، وكان أقدم قانون (مجلة الأحكام العدلية) في الدولة العثمانية التي سنشير إليها، وآخرها قانون العقوبات في الفقه الإسلامي الذي صدر بالسودان، والتقنين مستمر.

سادساً: فوائد القواعد الفقهية وأهميتها

بيَّن لنا العلامة القرافي أهمية القواعد وفوائدها فقال:

"وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر

الفقيه، ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، ومن جعل يخرّج الفروع بالمناسبات الجزئية، دون القواعد الكلية، تناقضت عليه الفروع واختلفت، واحتاج إلى حفظ

ص: 26

الجزئيات التي لا تتناهى، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر

الجزئيات، لاندراجها في الكليات، واتحد - عنده ما تناقض عند غيره، وتناسب ".

وقال العلامة ابن نجيم مبيناً فوائد القواعد:

"الأول: في معرفة القواعد التي تُردُّ إليها، وفرعوا الأحكام عليها، وهي أصل الفقه، وبها يرتقي الفقيه إلى درجة الاجتهاد، ولو بالفتوى".

وممكننا أن نلخص فوائد القواعد وأهميتها بما يلي:

1 -

إن دراسة الفروع والجزئيات الفقهية يكاد يكون مستحيلاً، بينما يدرس الطالب والعالم قاعدة كلية تنطبق على فروع كثيرة لا حصر لها، ويتذكر القاعدة ليفرع عليها المسائل والفروع المتشابهة والمتناظرة، ولذلك سمي هذا العلم أيضاً: علم الأشباه والنظائر.

يقول العلامة السيوطي:

"اعلم أن فن الأشباه والنظائر فن عظيم، به يطلع على

حقائق الفقه ومداركه، ومآخذه وأسراره، ويتمهر في فهمه واستحضاره، ويقتدر على الإلحاق والتخريج، ومعرفة المسائل التي ليست بمسطورة، والحوادث والوقائع التي لا تنقضي على مرِّ الزمان، ولهذا قال بعض أصحابنا: الفقه معرفة النظائر".

فهي تسهل ضبط الأحكام الفقهية، وحصرها، وحفظ المسائل الفرعية وجمعها.

2 -

إن دراسة الفروع والجزئيات، إن حفظت كلها أو أغلبها، فإنها سريعة

النسيان، ويحتاج الرجوع إليها في كل مرة إلى جهد ومشقة وحرج.

أما القاعدة الفقهية فهي سهلة الحفظ، بعيدة النسيان، لأنها صيغت بعبارة جامعة

ص: 27

سهلة تبين محتواها، ومتى ذكر أمام الفقيه فرع أو مسألة فإنه يتذكر القاعدة، مثل قاعدة " لا ضرر ولا ضرار"، أو "الضرر يزال "، أو " يتحمل الضرر الخاص لمنع الضرر العام "، أو "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة".

3 -

إن الأحكام الجزئية قد يتعارض ظاهرها، ويبدو التناقض بين عللها، فيقع الطالب والباحث في الارتباك والخلط، وتشتبه عليه الأمور حتى يبذل الجهد والتتبع لمعرفة الحقيقة.

أما القاعدة الفقهية فإنها تضبط المسائل الفقهية، وتنسق بين الأحكام المتشابهة، وترد الفروع إلى أصولها، وتسهل على الطالب إدراكها وأخذها وفهمها.

4 -

إن القواعد الكلية تسهل على رجال التشريع غير المختصين بالشريعة فرصة الاطلاع على الفقه بروحه ومضمونه وأسسه وأهدافه، وتقدم العون لهم لاستمداد الأحكام منه، ومراعاة الحقوق والواجبات فيه، وهذا ما حققته القواعد الفقهية في مجلة الأحكام العدلية، والتي انتقلت إلى العديد من القوانين المعاصرة.

5 -

تكوِّن القواعد الكلية عند الطالب ملكة فقهية تنير أمامه الطريق لدراسة

أبواب الفقه الواسع، ومعرفة الأحكام الشرعية في المسائل المعروضة عليه، واستنباط الحلول للوقائع المتجددة، والمشأكل المتكررة، والحوادث الجديدة.

6 -

تساعد القواعد الكلية في إدراك مقاصد الشريعة، وأهدافها العامة؛ لأن مضمون القواعد الفقهية يعطي تصوراً واضحاً عن المقاصد والغايات، مثل "المشقة تجلب التيْسير"، أو "الرخص لا تناط بالمعاصي "، أو "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة"، وغير ذلك من الفوائد والمنافع الي تحصل من دراسة القواعد الفقهية.

ص: 28