الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [6]
4 -
الأصل براءة الذمة
(م/8)
الألفاظ الأخرى
- الأصل البراءة قبل التكليف وعمارة الذمة.
التوضيح
الذمة لغة: العهد، واصطلاحاً: وصف يصير الشخص به أهلاً للإيجاب له أو
عليه، والإنسان يولد، وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه.
والأصل أن يولد الإنسان بريء الذمة من وجوب شيء عليه، وكونه مشغول
الذمة بحق خلاف الأصل، حتى يثبت ذلك بدليل مقبول، لأن الذمم خلقت بريئة غير مشغولة بحق من حقوق الغير.
ويرجح قول من يتمسك ببراءة ذمته، لأن يشهد له الأصل، وهو عدم شغلها، حتى يقوم دليل على خلافه، فالقاعدة المستقرة في الذمم عدم اشتغالها بشيء حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك.
ومستند هذه القاعدة أنها مأخوذة من الحديث الثريف الذي رواه البخاري
ومسلم "ولكن اليمين على المدعى عليه "
وفي رواية البيهقي الأكثر صراحة ودلالة هنا
" البينة على المدعي، واليمين على من أنكر".
فإذا ثبت شغل الذمة فلا تبرأ إلا بالأداء، أو الإبراء، وإذا شغلت الذمة بيقين فلا تبرأ إلا بيقين، وهو ما عبر عنه الونشريسي بقوله:
"الذمة إذا عُمرت بيقين فلا تبرأ إلا بيقين "
كالشك في قضاء الدَّين الثابت، والشك في أداء الزكاة على الغني، فإن
انشغال الذمة بذلك متيقن، لذلك فلا تفرغ منه إلا بيقين.
التطبيقات
يتفرع على هذه القاعدة مسائل شتى من أبواب متنوعة، كالبيع، والإجارة.
والعارية، والوديعة والضمانات، والغصب، والقرض، والإقرار، وغير ذلك، ولها أمثلة كثيرة، وهي قاعدة مطردة.
1 -
اختلف البائع والمشتري في مقدار الثمن بعد هلاك المبيع، أو خروجه عن ملكه مثلاً، أو اختلف المؤجر والمستأجر في مقدار بدل الإجارة بعد استيفاء المنفعة.
فإن القول قول المشتري والمستأجر، والبينة على البائع والمؤجر، لإثبات الزيادة، أما لو كان اختلافهما قبل هلاك المبيع أو خروجه عن ملكه مثلاً في البيع، وقبل استيفاء المنفعة في الإجارة، ولا بينة لأحدهما، فإنهما يتحالفان (المادة/ 778 1، 779 1 من المجلة) لما ورد في السنة:
"إذا اختلف المتبايعان، والسلعة قائمة، تحالفا وترادا".
(الزرقا ص 114،..
(ابن تيمية، الحصين 167/2) .
2 -
إذا ادعى المستعير رد العارية، فإن القول قوله؛ إذ الأصل براءة ذمته، وكذا لو ادعى الوديع ردَّ الوديعة.
(الزرقا ص 114) .
3 -
إذا أتلف إنسان مال آخر، واختلفا في مقداره، فإن القول للمتلف بيمينه، لأنه ينكر ثبوت الزيادة في ذمته، والأصل براءة الذمة، والبينة على صاحب المال
لإثبات الزيادة، وكذا لو غصب إنسان شيئاً وهلك في يده، ثم اختلف المالك والغاصب في قيمة المغصوب، فالقول للغاصب، وعلى المالك إثبات الزيادة، وكذلك لو جاء الغاصب ليردَّ عين المغصوب، فاختلف هو والمالك في مقداره، فالقول للغاصب.
(الزرقا ص 114، الدعاس ص 116) .
4 -
لو أقر إنسان لآخر بمجهول، بأن قال: لفلان علي شيء أو حق، فإنه يصح ويلزمه تفسيره، أي بيانه، ويقبل منه أن يبينه بما له قيمة، وبما يتفق مع عبارته السابقة، فلو بينه وادعى المقَر له أكثر مما بينه المقِر، فإن القول للمقر، وعلى المدعي إثبات الزيادة، أما لو بينه بما لا قيمة له فلا يقبل بيانه، لأنه بقوله:"له عليَّ " أخبر عن الوجوب في ذمته، وما لا قيمة له لا يجب في الذمة، فيكون بيانه رجوعاً عن الإقرار، والرجوع عنه لا يصح، إلا في الحدود باعتباره شبهة.
(الزرقا ص 114) .
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "أصل ما أبني عليه الإقرار أني اعمل اليقين.
وأطرح الشك، ولا أستعمل الغلبة" وهذه قاعدة مطردة في الإقرار، ومرجعها إلى أن الأصل "براءة الذمة ".
5 -
إذا اختلف الموكل مع الوكيل بالبيع، في بيعه قبل علمه بالعزل أو بعده، فالقول قول الوكيل، لأن الأصل براءة ذمته.
(الزرقا ص 115) .
6 -
وهكذا، كل من ادعى على غيره التزاماً، أو حقاً بدين أو بعمل، مهما كان سببه من عقد أو إتلاف، أو أي سبب آخر من أسباب الضمان، فعليه هو الإثبات، إذا أنكر الخصم، لأن هذا الخصم يتمسك بحالة أصلية، فيكون ظاهر الحال شاهداً له ما لم يثبت خلافه.
(الدعاس ص 16، الغرياني ص 482،..
(ابن تيمية، الحصين 2/ 67) .
7 -
اختلف شخصان في قيمة المتلَف، حيث تجب قيمته على مُتْلِفه، كالمستعير، والمستام، والغاصب، والمودع المعتدي، فالقول قول الغارم، لأن الأصل براءة ذمته مما زاد.
(اللحجي ص 29) .
8 -
توجهت اليمين على المدعى عليه، فنكل، فلا يقضى بمجرد نكوله؛ لأن الأصل براءة ذمته، بل تعرض على المدعي، وهي اليمين المردودة عند الشافعية.
(اللحجي ص 29) .
9 -
إذا اختلف شخصان في القرض، بأن قال أحدهما: مَلَّكتكه على أن ترد بدله، ثم اختلفا في ذكر البدل، فالقول قول الآخذ، لأن الأصل براءة ذمته.
(اللحجي ص 29) .
10 -
لو قال الجاني: هكذا أوضحت، وقال المجني عليه: أوضحت موضحتين، وأنا رفعت الحاجز بينهما، صدق الجاني، لأن الأصل براءة ذمته.
(اللحجي ص 29) .
11 -
من قتل صيداً خطأ وهو محرم فلا فدية عليه؛ لأن الله حض المتعمد بإيجاب الجزاء بقوله: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) .
وهذا يقتضي أن المخطئ لا جزاء عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته، والنص أوجب على المتعمد، فبقي المخطئ على الأصل..
(ابن تيمية، الحصين 65/2) .
12 -
من اتهم بقتل أو سرقة، وليس ثمة بينة، لم يحكم عليه بشيء؛ لأن الأصل براءة الذمة..
(ابن تيمية، الحصين 2/ 66) .
13 -
إذا ثبت شغل الذمة بحق، واختلف في مقدار ما شغلت به من دين أو قيمة متلف، أو غير ذلك، فالقول قول من ينكر الزيادة بيمينه؛ لأن الأصل براءة الذمة مما زاد، فلا ينتقل عنه إلا بدليل..
(ابن تيمية، الحصين 67/2) .