الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
107 - (12) باب: صعود النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا وقوله لعشيرته الأقربين: سلوني من مالي ما شئتم ولا أملك لكم من اللَّه شيئًا
400 -
(183)(19) حدَّثنا مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيع ويونُسُ بْنُ بُكَيرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: "لَما نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)} [الشعراء: 214] قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَقَال: يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمدٍ، يَا صَفِيةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطلِبِ،
ــ
107 -
(12) باب: صعود النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا وقوله لعشيرته الأقربين: سلوني من مالي ما شئتم ولا أملك لكم من اللَّه شيئًا
(400)
- (183)(19)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني أبو عبد الرحمن الكوفي ثقة من (15) مات سنة (234) روى عنه في (15) أبواب، قال (حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي ثقة من (9) مات سنة (196) روى عنه في (19) بابا (ويونس بن بكير) مصغرًا بن واصل الشيباني أبو بكر الجَمَّال بالجيم الكوفي روى عن هشام بن عروة في الإيمان، ومحمد بن إسحاق والأعمش وكهمس وعِدة، ويروي عنه (م د ت ق) ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو بكر بن أبي شيبة ويحيى بن معين وأبو سعيد الأشج وآخرون وثقه ابن معين وضعفه النسائي، وقال في التقريب: صدوق يُخطئ من التاسعة مات سنة (199) تسع وتسعين ومائة روى له مسلم مقارنة في هذا الموضع وفائدتها بيان كثرة طرقه (قالا حدثنا هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام الأسدي أبو المنذر المدني ثقة فقيه ربما دلس من (5) مات سنة (145) روى عنه في (16) بابا (عن أبيه) عروة بن الزبير الأسدي أبي عبد الله المدني ثقة فقيه مشهور من (2) مات سنة (94) روى عنه في (20) بابا (عن) خالته (عائشة) الصدِّيقة بنت أبي بكر الصديق زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم عبد الله المدنية، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان (قالت) عائشة (لما نزلت) آية ({وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا) جبل صغير على طرف جبل أبي قبيس (فقال يا فاطمة بنت محمد) المعروف في المنادى الموصوف بالابن أو البنت الفتح تبعًا للابن ويجوز الضم على الأصل ولا يجوز في صفته إلا النصب تبعا لمحله لأن حركة التبع لا يجوز إتباعها (يا صفية بنت عبد المطلب) عمته صلى الله عليه
يَا بَنِي عَبْدِ المُطلِبِ، لَا أَمْلِكُ لَكُم مِنَ الله شَيئًا. سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئتُم".
401 -
(184)(20) وحدثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخبَرَنَا ابْنُ وَهبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابنِ شِهَابٍ؛ قَال: أخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرحمن؛ أَن أَبَا هُرَيرَةَ قَال: "قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيهِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ، اشتَرُوا أَنْفُسَكُم مِن الله
ــ
وسلم (يا بني عبد المطلب لا أملك) ولا أقدر (لكم من) دفع عذاب (الله) عنكم (شيئًا) من الدفع لا قليلًا ولا كثيرًا إن لم تؤمنوا به وبرسوله (سلوني من مالي) قدر (ما شئتم) فأنا أعطيكموه ما شئتم ولا قدرة لي في دفع عذاب الله عنكم إن لم تؤمنوا بالله سبحانه وتعالى وتُوحدوه وتعبدوه.
وحديث عائشة هذا انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات وغيرهم. اهـ تحفة. ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
(401)
- (184)(20)(وحدثني حرملة بن يحيى) التُّجِيبِي المصري صدوق من (11) قال (أخبرني) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري من (9) مات (197) روى عنه في (13) بابا (قال أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي أبو يزيد الأموي ثقة لكن في روايته عن الزهري وهم قليلًا من (7) مات (159) روى عنه في (7) أبواب (عن) محمد بن مسلم بن عبيد الله (بن شهاب) الزهري المدني ثقة من الرابعة (قال) ابن شهاب (أخبرني) سعيد (بن المسيب) بن حَزْن القرشي المخزومي أبو محمد المدني ثقة من الثانية مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين روى عنه في (17) بابا (وأبو سلمة) عبد الله (ابن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني ثقة من (3) مات سنة (94) روى عنه في (14) بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (أن أبا هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُنزل عليها {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله) قال القاضي: قد يكون معناه بيعوا لله أنفسكم أي برضاه بالإيمان به لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وقد يكون
لَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنَ الله شَيئًا. يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطلِبِ، لَا أغنِي عَنكُم مِنَ الله شَيئًا. يَا عَباسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطلِبِ، لَا أغْنِي عَنْكَ مِنَ الله شَيئا. يَا صَفِيةُ عَمةَ رَسُولِ الله، لَا أُغْنِي عَنكِ مِنَ الله شَيئا. يَا فَاطِمَةَ بِنتَ رَسُولِ الله، سَلِينِي بِمَا شِئْتِ. لَا أغْنِي عَنكِ مِنَ الله شَيئا".
402 -
(0)(00) وحدّثني عَمرو الناقِدُ، حَدَّثَنَا مُعَاوَيةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ ذَكْوَانَ
ــ
على بابه أي أنقذوا أنفسكم من عذاب اللَّه بالإيمان به وبما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا أُغني) ولا أدفع (عنكم من) عذاب (الله) سبحانه وتعالى (شيئًا) إن لم تؤمنوا به (يا بني عبد المطلب لا أُغني عنكم من) عذاب (الله) تعالى (شيئًا) قليلًا بالتخفيف ولا كثيرًا بالإخراج منه (يا عباس بن عبد المطلب لا أُغني عنك من الله شيئًا يا صفية عمة رسول الله) أم الزبير بن العوام (لا أُغني عنك من الله شيئًا يا فاطمة بنت رسول الله سليني بما شئت) من مالي فأنا أعطيكه ولكن (لا أُغني عنكِ من الله شيئًا) إن أشركت بالله ولم تُؤمني به، وحديث أبي هريرة هذا شارك المؤلف في روايته البخاري رواه في التفسير تعليقًا وفي الوصايا تعليقًا والنسائي رواه في الوصايا عن سليمان بن داود المُهري. اهـ تحفة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
(402)
- (00)(00)(وحدثني عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور بمعجمة (الناقد) أبو عثمان البغدادي ثقة من العاشرة مات سنة (232) روى عنه في (10) أبواب، قال (حدثنا معاوية بن عمرو) بن المهلب الأزدي، المعني بفتح الميم وسكون المهملة وكسر النون نسبة إلى أحد أجداده أبو عمرو البغدادي المعروف بابن الكرماني، روى عن زائدة بن قدامة في الإيمان والوضوء وأبي إسحاق الفزاري في الجنائز والبِرّ وإسرائيل وجرير بن حازم وخلق، ويروي عنه (ع) وعمرو الناقد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن حاتم وخلق، وثقه أحمد وأبو حاتم، وقال ابن معين: شجاع لا يبالي بلقاء عشرين، وقال في التقريب: ثقة من صغار التاسعة مات سنة (214) أربع عشرة ومائتين قال (حدثنا زائدة) بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي ثقة ثبت من السابعة مات سنة (160) روى عنه في (10) أبواب، قال (حدثنا عبد الله بن ذكوان) الأموي مولاهم
عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَن النبِي صلى الله عليه وسلم، نَحوَ هَذَا.
403 -
(185)(21) حدثنا أَبُو كَامِلٍ الْجَحدَرِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن زُريعٍ، حَدَّثَنَا التيمِي عَنْ أبِي عُثْمَانَ، عَنْ قَبِيصَةَ بنِ الْمُخَارِقِ، وَزُهَيرِ بْنِ عَمْرٍو؛
ــ
أبو الزناد المدني كنيته أبو عبد الرحمن وذكوان هو أخو أبي لؤلؤة قاتل عمر رضي الله عنه ثقة أمير المحدثين فقيه من (5) مات فجاة سنة (130) روى عنه في (9) أبواب (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي مولاهم أبي داود المدني القارئ ثقة ثبت عالم من (3) مات سنة (117) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني (عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: (نحو هذا) الحديث المذكور الذي رواه ابن المسيب وأبو سلمة عن أبي هريرة، مفعول به لما عمل في المتابع وهو الأعرج أي حدثنا الأعرج عن أبي هريرة مثل ما حدثاه عنه وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بغداديان وواحد كوفي، وغرضه بسوقه بيان متابعة الأعرج لابن المسيب وأبي سلمة في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث قبيصة بن المخارق وزهير بن عمرو رضي الله عنهم أجمعين فقال:
(403)
- (185)(21)(حدثنا أبو كامل) فضيل بن حسين (الجحدري) البصري ثقة حافظ من العاشرة مات سنة (237) روى عنه في (6) أبواب قال (حدثنا يزيد بن زريع) مصغرًا التميمي العيشي أبو معاوية البصري ثقة ثبت من الثامنة مات سنة (182) روى عنه في (12) بابا قال (حدثنا) سليمان بن طرخان (التيمي) نزل في التيم فنُسب إليهم أبو المعتمر البصري أحد سادات التابعين علمًا وعملا ثقة عابد من الرابعة مات سنة (243) روى عنه في (13) بابا (عن أبي عثمان) عبد الرحمن بن مل بتثليث الميم وتشديد اللام ابن عمرو بن عَدي النهدي نسبة إلى أحد أَجْدَادِه نهد بن زيد مشهور بكنيته مخضرم الكوفي ثقة ثبت عابد من (2) مات سنة (95) روى عنه في (11)(عن قبيصة بن المخارق) بضم الميم وتخفيف الخاء ابن عبد الله بن شداد الهذلي العامري البصري الصحابي الجليل له ستة أحاديث انفرد له (م) بحديث (وزهير بن عمرو) الهلالي البصري الصحابي له حديث واحد في قوله تعالى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} كلاهما رويا في الإيمان والزكاة ويروى عنهما (م س) وأبو عثمان النهدي في الإيمان والزكاة وأبو قلابة،
قَالا: لَما نَزَلَت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَال: انْطَلَقَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى رَضمَةٍ مِن جَبَلٍ. فَعَلا أَعلاهَا حَجَرًا. ثُم نَادَى "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافَاهْ،
ــ
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون وفيه رواية تابعي عن تابعي واتفاق صحابِيَّين فيما رويا وفيمن روى عنهما (قالا) أي قال كل من قبيصة وزهير (لما نزلت) آية {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} قال) أي قال كل من قبيصة وزهير، قال النواوي: قال هنا بمعنى قالا لأن المراد أن قبيصة وزهيرًا قالا ولكن لما كانا متفقَين وهما كالرجل الواحد أفرد فعلهما ولو حذف لفظة قال كان الكلام واضحًا منتظمًا ولكن لما حصل في الكلام بعض الطول حَسُنَ إعادة قال للتأكيد ومثله في القرآن العزيز كقوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} فأعاد أنكم مخرجون وله نظائر كثيرة في القرآن العزيز والحديث انتهى أي قال الراوي الذي هو هما (انطلق) وذهب (نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى رضمة) أي إلى حجارة مجتمعة بعضها فوق بعض كائنة (من جبل) الصفا كما هو لفظ الحديث السابق والرضمة بفتح الراء وإسكان الضاد المعجمة وبفتحها لغتان حكاهما صاحب المطالع وغيره، واقتصر صاحب العين والجوهري والهروي وغيرهم على الإسكان وابن فارس وبعضهم على الفتح قالوا والرضمة واحدة الرضَم والرضام وهي صخور عظام بعضها فوق بعض وقيل هي دون الهضاب، قال (ع) هي الصخور بعضها فوق بعض، ومنه حديث كان البناء الأول من الكعبة رضمًا، وقولهم بنى داره برضم، وقال صاحب العين: الرضمة حجارة مجتمعة ليست بثابتة في الأرض كانها منثورة أي ذهب إلى صخرة من صخور الجبل (فَعَلا) أي رَقِيَ (أعلاها) أي أرفعها (حجرًا) ليكون أندى للصوت أي رقى أرفع الصخور ليكون أبلغ في إنداء الصوت وإبلاغها إلى أهله (ثم) بعدما رقي النبي صلى الله عليه وسلم أعلاها (نادى) وصاح بقوله (يا بني عبد منافاه) بألف الندبة والهاء للسكت والندبة نداء المتفجع عليه أي يا بني عبد مناف أتوجع لكم وأتفجع عليكم لأنكم أحاط بكم الهلاكُ الأبدي بسبب الشرك والضلال وأصله يا بنين لعبد مناف حذفت النون واللام للإضافة فصار يا بني، وإعرابه يا حرف نداء، بني منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، بني مضاف، عبد مضاف مجرور بكسرة ظاهرة، عبد مضاف منافاه مضاف إليه
إِني نَذِيرٌ، إِنمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُم كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُو فَانطَلَقَ يَربَأ أَهلَهُ. فَخَشِيَ أَن يَسْبِقُوهُ فَجَعَلَ يَهْتِفُ: يَا صَبَاحَاهْ"
ــ
مجرور بكسرة مقدرة مَنَعَ من ظهورها اشتغال المحل بالفتحة المجلوبة لمناسبة ألف الندبة والهاء حرف زائد للسكت، وقوله (إني نذير) أي مُنذر ومُخوف لكم من عذاب الله تعالى جواب النداء (إنما مثلي ومثلكم) أي إنما شبهي وشبهكم (كمثل رجل) وقوم (رأى) وأبصر ذلك الرجل (العدو) أي عدو قومه يقصد ذلك العدو الإغارة والهجوم على قومه (فانطلق) أي ذهب ذلك الرجل الذي رأى العدو إلى مجتمع قومه ليُخبرهم بهجوم العدو عليهم حالة كونه (يربأ) على وزان يقرأ أي حالة كونه يريد أن يربا (أهله) وقومه ويحفظهم من هجوم العدو وإغارته عليهم على حين غفلة منهم (فخشي) أي خاف ذلك الرجل حينما رجع قُدَّام العدو إلى قومه (أن يسبقوه) أي أن يسبق العدو إلى قومه ويهجم عليهم قبل وصوله إليهم وإخباره لهم، وأتى بضمير الجمع العائد إلى العدو لأنه فعول يُطلق على الجمع وعلى الفرد (فجعل) ذلك الرجل أي شرع (يهتف) أي أن يصيح ويصرخ قومه ليكونوا على حذر من العدو بقوله (يا صباحاه) بألف الندبة وهاء السكت أي يا هلاك قومي في الصباح أَقْبِل إلي لأتفجع منك. قال النواوي: أما قوله: (يربأ) فهو بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها باء موحدة ثم همزة على وزن يقرأ ومعناه يحفظهم ويتطلع لهم ويقال لفاعل ذلك ربيئة وهو العين والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهَمَهم العدو ويهجمهم على حين غفلة منهم ولا يكون في الغالب إلا على جبل أو شُرَف أو شيء مرتفع لينظر إلى بُعد، قال المازري: يربا من الربيئة وهي الطليعة والعين، قال الشاعر:
فأرسلنا أبا عمر ربيئًا
أي طليعة وجاسوسًا، قال القاضي: الرواية الصحيحة يربأ بالباء الموحدة، وعند العذري وغيره يرتأ بالتاء المثناة من فوق مكان الباء ولا وجه له هنا. اهـ، وفي تفسير ابن جرير يربؤ وهو من غلط الطبع، وأما قوله يهتف فهو بفتح الياء وكسر التاء فمعناه يصيح ويصرخ إلى قومه وقولهم يا صباحاه فهي كلمة يعتادون القول بها عند وقوع أمر عظيم وخطب خطير ليجتمعوا ويتأهبوا له، والله أعلم. وهذا الحديث أعني حديث قبيصة وزهير شارك المؤلف في روايته النسائي فقط.
404 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَي، حَدَّثَنَا الْمُعتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ زُهَيرِ بنِ عَمرٍو وَقَبِيصَةَ بنِ مُخَارِقٍ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِنَحْوه.
405 -
(186)(22) وحدثنا أَبُو كُرَيبٍ مُحَمدُ بْنُ العَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمرو بْنِ مُرَّةَ،
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث قبيصة وزهير فقال:
(404)
- (00)(00)(وحدثنا محمد بن عبد الأعلى) القيسي أبو عبد الله الصنعاني ثم البصري ثقة من (10) مات سنة (245) روى عنه في (3) أبواب، قال (حدثنا المعتمر) بن سليمان بن طرخان التيمي البصري (عن أبيه) سليمان بن طرخان البصري قال (حدثنا أبو عثمان) النهدي البصري (عن زهير بن عمرو وقبيصة بن مخارق) البصريين (عن النبي صلى الله عليه وسلم والجار والمجرور في قوله (بنحوه) متعلق بحدثنا المعتمر لأنه العامل في المتابع وهو المعتمر والضمير عائد على يزيد بن زريع لأنه المتابع، والتقدير حدثنا المعتمر عن أبيه بنحو ما حدث يزيد بن زريع عن أبيه سليمان.
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، وغرضه بسوقه بيان متابعة معتمر بن سليمان ليزيد بن زريع في رواية هذا الحديث عن سليمان بن طرخان، وفاندتها بيان كثرة طرقه، والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم فقال:
(405)
- (186)(22)(وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي ثقة من (10) مات سنة (248) روى عنه في (10) أبواب، قال (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي مولاهم الكوفي ثقة ثبت ربما دلس من (9) مات سنة (201) وهو ابن (80) روى عنه في (17) بابا (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أبي محمد الكوفي ثقة ثبت قارئ مدلِّس من (5) مات سنة (148) روى عنه في (13) بابا (عن عمرو بن مُرة) بن عبد الله بن طارق الهمداني المرادي الجَمَلِي بفتحتين نسبة إلى جمل بن كنانة المرادي أبي عبد الله الكوفي ثقة عابد من الخامسة مات سنة
عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَباسِ؛ قَال: "لَما نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ. خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ الصفَا. فَهَتَفَ يَا صَبَاحَاهْ! فَقَالُوا: مَنْ هذَا الذِي يَهْتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمد. فَاجْتَمَعُوا إِلَيهِ، فَقَال: يَا بَنِي فُلانٍ، يَا بَنِي فُلانٍ، يَا بَنِي فُلانٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطلِبِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَال: أَرَأَيتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَن خَيلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِي؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا
ــ
(118)
روى عنه في (13) بابا (عن سعيد بن جبير) الأسدي الوالبي مولاهم أَبِي محمد الكوفي ثقة ثبت فقيه من (3) قتله الحجاج سنة (95) فما أُمهل بعده، روى عنه في (7) أبواب (عن) عبد الله (بن عباس) الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد المكثرين من الصحابة مات بالطائف سنة (68) روى عنه في (17) بابا. وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا ابن عباس فإنه طائفي أو مكي أو مدني (قال) ابن عباس (لما نزلت هذه الآية) وقوله {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} ) الخ بدل محكى من هذه الآية، وقوله (ورهطك منهم المخلَصين) بفتح اللام، قال النواوي: الظاهر أن هذا كان قرآنًا أُنزل ثم نُسخت تلاوته ولم تقع هذه الزيادة في روايات البخاري. اهـ (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته (حتى صعد الصفا) طرف جبل أبي قبيس (فهتف) أي صرخ ونادى بقوله (يا صباحاه) مر ما فيه قريبًا (فقالوا) أي قال جمع قريش (من هذا الذي يهتف؟ ) ويُنادي بهذه الكلمة التي تدل على حدوث أمر عظيم وهجوم عدو شديد (قالوا) أي قال بعضهم لبعض هذا المنادي (محمد) أمين صادق لا يكذب (فاجتمعوا إليه) أي اجتمع بعضهم عنده على جبل الصفا (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا بني فلان) أي يا بني كعب بن لؤي (يا بني فلان) أي يا بني مُرة بن كعب (يا بني فلان) أي يا بني عبد شمس (يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه) أي اجتمع كلهم أو معظمهم عنده (فقال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرأيتكم) أي أخبروني عن حالكم وحالي (لو أخبرتكم أن خيلًا) أي أن عدوًا أصحاب خيل يستأصلكم (تخرج) أي تطلع (بسفح) أي بطرف وأسفل (هذا الجبل) أي جبل أبي قبيس (كنتم مصدِّقي) بتشديد الدال والياء أي هل كنتم مصدقين لي فيما أخبرتكم من حال العدو أم مكذبين لي (قالوا) نُصدقك فيما أخبرت لأنا (ما جربنا) ولا
عَلَيكَ كَذِبًا. قَال: فَإِني نَذِير لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ".
قَال: فَقَال أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَمَا جَمَعْتَنَا إِلا لِهذَا؟ ثُم قَامَ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ السورَةُ:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].
كَذَا قَرَأَ الأعْمَشُ إِلَى آخِرِ السورَةِ
ــ
عهدنا (عليك كذبًا) فيما مضى من عمرك (قال) إذًا (فإني نذير لكم) أي مُنذر مُخوف لكم من عذاب الله تعالى إن لم تؤمنوا به وأصررتم على شرككم هذا أُرسل إليكم من الله تعالى (بين يدي عذاب شديد) أي قُدام عذاب الله تعالى الشديد الذي سيَحُل بكم في الدنيا وفي الآخرة إن دمتم على شرككم هذا، و (سفح الجبل) بالسين عرضه وقيل أسفله وصفح الجبل بالصاد جانبه.
(قال) ابن عباس (فقال) عمُّهُ صلى الله عليه وسلم (أبو لهب) بن عبد المطلب (تبًا لك) أي قطعًا لك عن كل خير، وخُسرانًا لك في كل شيء (أما جمعتنا) بهمزة الاستفهام التقريري، وما نافية (إلا لهذا) الإنذار تكْذِبُ فيه (ثم قام) أبو لهب من ذلك المجلس (فنزلت هذه السورة) الكريمة فيه عقب قيامه، وقوله {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ) بدل من قوله هذه السورة، قال أبو أسامة (كذا) أي بزيادة حرف قد الدال على التحقيق (قرأ) شيخنا (الأعمش) حينما حدثنا هذا الحديث، وقوله (إلى آخر السورة) متعلق بنزلت أي نزلت إلى آخرها وتمامها، وعبارة النواوي قوله (كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة) معناه أن الأعمش زاد لفظة قد بخلاف القراءة المشهورة، وقوله إلى آخر السورة يعني أتم القراءة إلى آخر السورة كما يقرؤها الناس، وفي السورة لغتان الهمزة وتركه حكاهما ابن قتيبة والمشهور بغير همز كسُورِ البلد لارتفاعها ومَنْ هَمَزَهُ قال هي قطعة من القرآن كسُؤر الطعام والشراب وهي البقية منه، وفي أبي لهب لغتان قُرئ بهما فتح الهاء وإسكانها واسمه عبد العُزى، ومعنى تب: خسر، قال القاضي عياض: وقد استُدل بهذه السورة على جواز تكنية الكافر وقد اختلف العلماء في ذلك واختلفت الرواية عن مالك في جواز تكنية الكافر بالجواز والكراهة، وقال بعضهم: إنما يجوز من ذلك ما كان على جهة التآلف وإلا فلا، إذ في التكنية تعظيم وتوقير، وأما تكنية الله تعالى لأبي لهب فليست من هذا ولا حجة فيه إذ كان اسمه عبد العُزى وهذه تسمية باطلة فلهذا كَنَّى عنه، وقيل لأنه إنما كان يُعرف بها، وقيل إن أبا لهب لقب وليس
406 -
(00)(00) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أبُو مُعَاويَةَ عَنِ الأعمَشِ، بِهَذَا الإِسنَادِ. قَال:"صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمِ الصفَا فَقَال: يَا صَبَاحَاهْ! ". بِنَحو حَدِيثِ أبِي أسَامَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ نُزُولَ الآيَةِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}
ــ
بكنية وكنيته أبو عُتبة، وقيل جاء ذكر أبي لهب لمجانسة الكلام ومشاكلته التي هي من المحسنات البديعية.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري رواه في التفسير وفي مناقب قريش وفي الجنائز، والترمذي رواه في التفسير وقال: حسن صحيح، والنسائي رواه في التفسير في الكبرى، والله أعلم. اهـ تحفة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
406 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي كلاهما (قالا حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم الكوفي، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بحدثنا أبو معاوية، والإشارة راجعة إلى ما بعد شيخ المتابع وهو أبو أسامة يعني عن عمرو بن مُرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلا ابن عباس، وغرضه بسوقه بيان متابعة أبي معاوية لأبي أسامة في رواية هذا الحديث عن الأعمش، وفائدتها بيان كثرة طرقه (قال) ابن عباس (صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم) أي يومًا من الأيام وكلمةُ ذات مقحمةٌ أو الإضافة فيه للبيان أي ذاتًا هي يومٌ جبل (الصفا فقال ياصباحاه) وقوله (بنحو حديث أبي أسامة) متعلق أيضًا بحدثنا أبو معاوية أي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بنحو حديث أبي أسامة عن الأعمش (و) لكن (لم يدكر) أبو معاوية في روايته (نزول الآية) وكلمة ({وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}) بل قال في روايته (قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا فقال يا صباحاه فقالوا من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد) الخ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا بيان لمحل المخالفة بين الروايتين، فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة:
الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الترجمة.
والثاني حديث أبي هريرة فذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة.
والثالث حديث قبيصة وزهير وذكره أيضًا للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة أيضًا.
والرابع حديث ابن عباس وذكره أيضًا للاستشهاد وذكر فيه أيضًا متابعة واحدة، والله سبحانه تعالى أعلم.
***