المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌141 - (45) (28) باب المسح على الخفين - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌96 - (1) باب: آخر أهل النار خروجًا منها

- ‌97 - (2) باب آخر أهل الجنة دخولًا الجنة

- ‌98 - (3) باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها

- ‌99 - (4) باب عرض صغار الذنوب على العبد وإقراره بها وتبديل كل سيئة منها بحسنة

- ‌100 - (5) باب انطفاء نور المنافقين على الصراط ونجاة المؤمنين على اختلاف أحوالهم والإذن في الشفاعة وإخراج من قال لا إله إلا الله من النار

- ‌101 - (6) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر (المسماة بالشفاعة العظمى)

- ‌102 - (7) باب: كون النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم شفاعة وكونه أول من تفتح له الجنة منهم

- ‌103 - (8) باب: اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوته شفاعة لأمته

- ‌104 - (9) باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقة عليهم

- ‌105 - (10) باب: أن من أشرك بالله وعبد الأوثان من أهل الفترة يدخل النار مخلدًا فيها لا تنفعه شفاعة شافع ولا قرابة مُقرب

- ‌106 - (11) باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار عشيرته الأقربين وأنه لا ينفعهم إذا ماتوا على الشرك

- ‌107 - (12) باب: صعود النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا وقوله لعشيرته الأقربين: سلوني من مالي ما شئتم ولا أملك لكم من اللَّه شيئًا

- ‌108 - (13) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في التخفيف عنه

- ‌109 - (14) باب أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة

- ‌110 - (15) باب من لم يؤمن لن ينفعه عمل صالح في الآخرة

- ‌111 - (16) باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم

- ‌112 - (17) باب كم يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بغير حساب ولا عذاب

- ‌(تتمة في مباحث تتعلق بهذا الحديث)

- ‌113 - (18) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم نصف أهل الجنة

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌114 - (19) (1) باب فضل الوضوء

- ‌115 - (20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته)

- ‌116 - (21) (3) باب فضل الوضوء والصلاة عقبه

- ‌117 - (22) (4) باب إذا أحسن الرجل وضوءه وصلاته بخشوعها وركوعها وسائر أركانها تكون كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يرتكب كبيرة

- ‌118 - (23) (5) باب كون صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة

- ‌119 - (24) (6) باب حجة من قال يثلث مسح الرأس كما يثلث كسل سائر الأعضاء

- ‌120 - (25) (7) باب من أتم وضوءه كما أمره الله تعالى فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن

- ‌121 - (26) (8) باب من أحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد فصلى مع الجماعة غُفر له

- ‌122 - (27) (9) بابٌ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر

- ‌123 - (28) (10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

- ‌124 - (29) (11) باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌125 - (30) (12) باب الإيتار في الاستجمار والاستنثار

- ‌126 - (31) (13) باب وعيد من لم يسبغ الوضوء

- ‌127 - (32) (14) باب وجوب استيعاب محل الفرض بالطهارة

- ‌128 - (33) (15) باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء

- ‌129 - (34) (16) باب استحباب إطالة الغُرَّة والتحجيل في الوضوء

- ‌130 - (35) (17) باب بيان سيما أمته صلى الله عليه وسلم حين ورودهم عليه على الحوض وبيان قدر الحوض وصفته وبيان ذود رجال من أمته عنه

- ‌131 - (36) (18) باب بلوغ حلية المؤمن حيث يبلغ الوضوء

- ‌132 - (37) (19) باب فضل إسباغ الوضوء مع المكاره

- ‌133 - (38) (20) باب السواك

- ‌[تتمة]

- ‌134 - (39) (21) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(فصل في مباحث خصال الفطرة العشرة)

- ‌135 - (40) (22) باب الاستنجاء والنهي عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط وعن الاستنجاء بروث أو عظم وعن الاستنجاء باليمين

- ‌136 - (41) (23) باب ما جاء من الرخصة في ذلك

- ‌137 - (42) (24) باب النهي عن التمسح باليمين من الخلاء وعن التنفس في الإناء عند الشرب

- ‌138 - (43) (25) باب التيمن في الطهور وغيره

- ‌139 - (44) (26) باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌140 - (45) (27) باب حمل الإداوة والعَنَزَة مع الإمام والأمراء ليستنجي بمائها

- ‌141 - (45) (28) باب المسح على الخفين

الفصل: ‌141 - (45) (28) باب المسح على الخفين

‌141 - (45)(28) باب المسح على الخفين

518 -

(246)(82)(46) حدَّثنا يَحيَى بْنُ يَحيَى التمِيمِي وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوَيةَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ وَوَكِيعٌ، (وَاللَّفْظُ

ــ

141 -

(45)(28) باب المسح على الخفين

قال النواوي: أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر سواء كان لحاجة أو لغيرها حتى يجوز للمرأة الملازمة بيتها والزَّمِنِ الذي لا يمشي وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يُعتد بخلافهم، وقد رُوي عن مالك رحمه الله تعالى روايات فيه والمشهور من مذهبه كمذهب الجمهور، وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يُحصون من الصحابة، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين، وقد بينتُ أسماء جماعات كثيرين من الصحابة الذين رووه في شرح المهذب وقد ذكرت فيه جملًا نفيسة مما يتعلق بذلك وبالله التوفيق.

واختلف العلماء في أن المسح على الخفين أفضل أم غسل الرجلين فذهب أصحابنا إلى أن الغسل أفضل لكونه الأصل وذهب إليه جماعات من الصحابة منهم عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنهم، وذهب جماعات من التابعين إلى أن المسح أفضل وذهب إليه الشعبي والحكم وحماد وعن أحمد روايتان أصحهما المسح أفضل والثانية هما سواء واختاره ابن المنذر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

518 -

(246)(82)(46)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير (التميمي) أبو زكرياء النيسابوري ثقة من (10)(وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة من (10)(وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي ثقة من (10) حالة كونهم (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن أبي معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي ثقة من (9)(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي ثقة من (10) قال (حدثنا أبو معاوية ووكيع) بن الجراح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي ثقة من (9)(واللفظ) أي لفظ الحديث

ص: 349

لِيَحيى)، قَال: أخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويةَ عَنِ الأعمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن همَّامٍ؛ قَال: بَال جَرِيرٌ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفيهِ. فَقِيلَ: تَفْعَلُ هذَا؟ فَقَال: نَعَم. رَأَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَال، ثُمَّ تَوَضأ وَمَسَحَ عَلَى خُفيهِ.

قَال الأَعمَشُ: قَال إِبْرَاهِيمُ: كَانَ يعجِبُهُم هذَا الْحَدِيثُ. لأنّ إِسلامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ

ــ

الآتي (ليحيى) لا لغيره وأتى به تورعًا من الكذب على غير يحيى (قال) يحيى (أخبرنا أبو معاوية) وأتى بحاء التحويل لبيان اختلاف صيغتي شيخيه لأن أبا بكر قال حدثنا أبو معاوية وقال يحيى أخبرنا أبو معاوية (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي أبو محمد الكوفي ثقة من (5)(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي أبي عمران الكوفي ثقة من (5)(عن همام) بن الحارث بن قيس النخعي الكوفي ثقة عابد من الثانية مات سنة (65) روى عنه في (4) أبواب (قال) همام (بال) أي قضى حاجة البول (جرير) بن عبد الله البجلي الأحمسي أبو عمرو الكوفي له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة مات سنة (51)(ثم توضأ) أي غسل وجهه ويديه (ومسح على خفيه) بدلًا عن غسل الرجلين (فقيل) لجرير أ (تفعل هذا) المسح على الخفين بدل غسل الرجلين (فقال) جرير لمن سأله (نعم) أمسح على الخفين بدل غسل الرجلين لأني (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه) يفعل مثل ما فعلته فلي أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا مُتَبعٌ له لا مبتدع (قال الأعمش) بالسند السابق (قال) لنا (إبراهيم) النخعي (كان يعجبهم) أي يعجب ويسر أصحاب عبد الله بن مسعود (هذا الحديث) أي حديث جرير بن عبد الله الآن إسلام جرير كان متأخرًا (بعد نزول) أي عن نزول سورة (المائدة) معناه أن الله سبحانه وتعالى قال في سورة المائدة {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} فلو كان إسلام جرير متقدمًا على نزول المائدة لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخًا بأية المائدة فلما كان إسلامه متأخرًا علمنا أن حديثه يعمَلُ به وهو مُبَين أن المراد بآية المائدة غير لابس الخف فتكون السنة مخصصة للآية، والله أعلم. وفي سنن البيهقي عن إبراهيم بن أدهم قال: ما سمعت في المسح على الخفين أحسن من حديث جرير. وهذا السند من سداسياته ورجاله كلهم كوفيون أو خمسة كوفيون والسادس إما نيسابوري أو مروزي.

ص: 350

519 -

(00)(00)(00) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ وَعَلِي بن خَشرَمٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسى بن يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمدُ بن أَبِي عُمَرَ. قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. أَخبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ كُلهم عَنِ الأَعمَشِ. فِي هذَا الإِسْنَادِ، بِمَعنى حَدِيث أَبِي مُعَاويةَ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 358] والبخاري [387] وأبو داود [154]، والترمذي [93] والنسائي [1/ 81].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث جرير فقال:

519 -

(00)(00)(00)(وحدثناه) أي حدثنا هذا الحديث المذكور يعني حديث جرير (إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعلي بن خشرم) بمعجمتين أولاهما مفتوحة ثانيتهما ساكنة على وزان جعفر بن عبد الرحمن أبو الحسن المروزي (قال أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أبو عمرو الكوفي ثقة مامون من (8) مات سنة (191) روى عنه في (17) بابا (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثناه) أي حدثنا الحديث المذكور يعني حديث جرير (محمد) بن يحيى (بن أبي عمر) العدني أبو عبد الله الكوفي ثقة لكن كانت به غفلة من (10) مالناسنة (243) روى عنه في (11) بابا (قال) محمد بن أبي عمر (حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي مولاهم أبو محمد الكوفي ثم المكي ثقة إمام حجة من (8) مات سنة (198) وله (91) سنة، روى عنه في (25) بابا (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا منجاب بن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي) أبو محمد الكوفي ثقة من (10) مات سنة (231) روى عنه في (3) أبواب، قال (أخبرنا) على (بن مسهر) بصيغة اسم الفاعل القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (8) مات سنة (189) روى عنه في (14) بابا (كلهم) أي كل من عيسى بن يونس وسفيان بن عيينة وعلي بن مسهر رووا (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي أبي محمد الكوفي ثقة من (5) وغرضه بسوق هذه الأسانيد الثلاثة بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن الأعمش، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وإنما أتى بحاء التحويلات لاختلاف مشايخ مشايخه وإن كان شيخ الكل واحدا وهو الأعمش، وقوله (في هذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع بكسر الباء و "في" بمعنى الباء وكذا قوله (بمعنى حديث أبي معاوية) متعلق به واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابَع بفتح الباء أي

ص: 351

غَيرَ أَن فِي حَدِيثِ عِيسى وَسُفْيَانَ: قَال: فَكَانَ أَصحَابُ عَبْدِ الله يعجِبُهم هذَا الْحَدِيثُ، لأنّ إِسْلامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعدَ نُزُولِ المَائِدَةِ.

520 -

(247)(83)(47) حدَّثنا يحيى بْنُ يحيى التمِيمِي. أَخبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنِ الأَعمَشِ،

ــ

روى كل من الثلاثة عن الأعمش بهذا الإسناد يعني عن إبراهيم عن همام عن جرير بمعنى حديث أبي معاوية السابق لا بلفظه، وهذه الأسانيد الثلاثة كلها من سداسياته الأول منها رجاله أربعة منهم كوفيون واثنان مروزيان، والثاني منها أربعة منهم كوفيون واثنان مكيان والثالث منها كلهم كوفيون ثم بيّن محل المخالفة فقال (غير أن) أي لكن أن (في حديث عيسى) بن يونس (و) حديث (سفيان) بن عيينة (قال) إبراهيم (فكان أصحاب عبد الله) بن مسعود بدل قوله في رواية أبي معاوية "كان يعجبهم" بالضمير المبهم ففسرت هذه الرواية الضمير المبهم في الرواية الأولى (يعجبهم) أي يحبهم وَيسرُّهُم (هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة) قال القرطبي: وإنما أعجبهم ذلك لأنه إنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم، وأسلم بعد نزول المائدة فمسح النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة فلا تكون آية الوضوء التي في المائدة ناسخة للسنة الثابتة في ذلك ولا مرجحة عليها خلافًا لمن ذهب إلى ذلك.

ثم استشهد المؤلف لحديث جرير بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما فقال:

520 -

(247)(83)(47)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) أبو زكرياء النيسابوري، قال (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية بن حُدَيج مصغرًا بمهملتين آخره جيم بن الرُّجَيلِ مصغرا ابن زهير بن خيثمة الجعفي الكوفي، روى عن الأعمش وهشام بن عروة وعاصم الأحول وسماك بن حرب وأبي إسحاق وأبي الزبير ومنصور وخلق، ويروي عنه (ع) ويحيى بن يحيى ويكنيه أبا خيثمة ويحيى بن آدم وأحمد بن يونس والحسن بن محمد بن أعين وخلائق ثقة ثبت من السابعة مالناسنة (173) ثلاث وسبعين ومائة وكان مولده سنة مائة (100) روى عنه في الوضوء والصلاة في موضعين والجنائز في موضعين والزكاة والصوم في موضعين والحج في خمسة مواضع والجهاد والأطعمة والقدر والفتن في موضعين فجملة الأبواب التي روى عنه فيها عشرة (عن الأعمش)

ص: 352

عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيفَةَ؛ قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَانتهى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ. فَبَال قَائِمًا. فَتَنَحَّيتُ. فَقَال:"ادْنُهْ" فَدَنوتُ حَتَّى قلت عِنْدَ عَقِبَيهِ. فَتَوَضَّأَ، فَمَسَحَ عَلَى خُفيهِ

ــ

سليمان بن مهران الكوفي (عن شقيق) بن سلمة الأصليّ أبي وائل الكوفي ثقة مخضرم مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله (100) ماثة سنة، روى عنه في (9) أبواب (عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي الصحابي الجليل روى عنه في (5) أبواب وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (قال) حذيفة كنت مع النبي على الله عليه وسلم فانتهى) أي وصل النبي صلى الله عليه وسلم (إلى سُبَاطة قوم) من الأنصار أي مجتمع قمامتهم (فبال قائمًا فتنحيت) أي تباعدت وتجنبت عنه صلى الله عليه وسلم (فقال) صلى الله عليه وسلم (اُدنُهْ) مني أي تقرب مني لتكون سترة لي عن أعين الناس، وهو فعل أمر من دنا يدنو والهاء للسكت كما سيأتي (فدنوت) منه وتقربت إليه (حتى قمت عند عقبيه) تثنية عقب وهو مؤخر القدم (فـ) استنجى و (توضأ) أي غسل وجهه ويديه (فمسح على خفيه) بدلا عن غسل الرجلين، وقوله (إلى سباطة قوم) والسباطة بضم السين هي المزبلة، قال ابن الأثير: وإضافتها إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك لأنها كانت مواتًا مباحة. اهـ. واستدل بها على كون ذلك المسح في الحضر كما هو الظاهر في رواية التماشي الآتية وقيل السباطة هي ملقى القمامة والتراب ونحوهما تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها ويكون ذلك غالبًا سهلًا منثالًا يَحُذُّ فيه البول ولا يرتد على البائل، وأما سبب بوله صلى الله عليه وسلم قائمًا فقيل لأن العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما، وقيل لأنه كان بمأبضه وجع والمأبض بهمزة ساكنة بعد الميم ثم باء موحدة ثم ضاد معجمة باطن الركبة، وقيل لأنه لم يجد مكانًا يصلح للقعود فاضطر إلى القيام لكون الطرف الذي من السباطة عاليًا مرتفعًا، وقيل إنما بال قائمًا لكونها حالة يُؤمَنُ فيها خروج الحدث من السبيل الآخر في الغالب بخلاف حالة القعود ولذلك قال عمر: البول قائما أحصن للدبر، وقيل فعله لبيان الجواز في هذه المرة وكانت عادته المستمرة أن يبول قاعدًا ويدل عليه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:"من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا فلا تصدقوا ما كان يبول إلا قاعدًا" رواه أحمد والترمذي والنسائي وآخرون بإسناد جيد، وقد روي

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في النهي عن البول قائمًا أحاديث لا تثبت ولكن حديث عائشة هذا ثابت، فلهذا قال العلماء: يكره البول قائمًا إلا لعذر وهي كراهة تنزيه لا تحريم، وقال ابن المنذر: البول جالسًا أحب إلي والبول قائمًا مباح وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما بوله صلى الله عليه وسلم على سباطة قوم قيل إنهم يحبون ذلك ولا يكرهونه بل يفرحون به، ومن كان هذا حاله جاز البول في أرضه والأكل من طعامه ونظائر هذا أكثر في السنة من أن تحصى، وقيل لم تكن السباطة مختصة بهم بل كانت بفناء دورهم للناس كلهم فأضيفت إليهم لقربها منهم، وقيل أذنوا لمن أراد قضاء الحاجة فيها إما بصريح الإذن وإما بما في معناه، وأما بوله في السباطة التي بقرب الدور مع أن المعروف من عادته التباعد في المذهب فقد قال القاضي عياض: إن سببه أنه صلى الله عليه وسلم كان في الشغل بأمور المسلمين والنظر في مصالحهم وطال عليه المجلس فغلبه البول فلم يمكنه التباعد ولو أبعد لتضرر وارتاد السباطة لدمثها وأقام حذيفة بقربه ليستره عن الناس وهذا الذي قاله القاضي كلام حسن، وأما قوله (فتنحيت فقال ادْنُه فدنوت حتى قمت عند عقبيه) قال العلماء: إنما استدناه صلى الله عليه وسلم ليستتر به عن أعين الناس وغيرهم من الناظرين لكونها حالة يُستخفى بها ويستحيى منها في العادة وكانت الحاجة التي يقضيها بولًا من قيام يؤمَن معه خروج الحدث الآخر والرائحة الكريهة فلهذا استدناه، وجاء في الحديث الآخر لما أراد قضاء الحاجة قال: تَنَحَّ لكونه كان يقضيها قاعدًا ويحتاج إلى الحدثين جميعًا فتحصل الرائحة الكريهة وما يتبعها، ولهذا قال بعض العلماء: في هذا الحديث من السنة القرب من البائل إذا كان قائمًا فإذا كان قاعدًا فالسنة الابتعاد عنه والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ من النواوي بتصرف.

واعلم أن هذا الحديث مشتمل على أنواع من الفوائد تقدم بسط أكثرها فيما ذكرناه ونشير إليها ها هنا مختصرة منها: أن فيه إثبات المسح على الخفين، وفيه جواز المسح في الحضر، وفيه جواز البول قائمًا وجواز القرب من البائل، وفيه جواز طلب البائل من صاحبه القرب منه ليستره، وفيه استحباب الستر، وفيه جواز البول بقرب الدُّور، وفيه غير ذلك من الفوائد الفقهية.

وحديث حذيفة هذا شارك المؤلف في روايته أصحاب الأمهات الخمس رواه البخاري في الطهارة عن محمد بن عرعرة وفي المظالم عن سليمان بن حرب وعن عثمان

ص: 354

521 -

(00)(00)(00) حدَّثنا يَحيَى بْنُ يحيى. أَخبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي وَائِلٍ؛ قَال: كَانَ أبُو مُوسى يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ. ويبُولُ فِي قَارُورَةٍ ويقُولُ: إِن بَنِي إِسرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ جِلْدَ أَحَدِهِم بَولٌ قَرَضَهُ بَالمَقَارِيضِ. فَقَال حُذَيفَةُ: لَوَددتُ أن صَاحِبَكُم لا يُشَدِّدُ هذَا التَّشْدِيدَ، فَلَقَد رَأَيتُنِي

ــ

ابن أبي شيبة، ورواه أبو داود في الطهارة عن حفص بن عمر وعن مسدد، والترمذي في الطهارة عن هناد قال: وقال وكيع: هذا أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح، والنسائي في الطهارة عن إسحاق بن إبراهيم وعن ابن بشار وعن سليمان بن عبيد الله الغَيلاني، وابن ماجه في الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة.

ثم ذكر المتابعة في حديث حذيفة فقال:

521 -

(00)(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري قال (أخبرنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي أبو عبد الله الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتَاب الكوفي ثقة ثبت وكان لا يدلس من (5) مات سنة (132) روى عنه في (19) بابا (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم روى عنه في (9) أبواب (قال) أبو وائل (كان أبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي (يشدد في) شان التحرز من (البول و) كان (يبول في قارورة) إناء من زجاج (ويقول) أبو موسى في تعلله في التشديد (إن بني إسرائيل) قوم موسى (كان) شأنهم (إذا أصاب جلد أحدهم بول قَرَضَه) أي قرض ذلك الجلد المصاب بالبول أي قطعه (بالمقاريض) جمع مقراض بوزن مفتاح، قال القرطبي: يعني بالجلد الشيء الذي يلبسونه وبعضهم حمله على جلد الجسد وفيه بُغدٌ (فقال حذيفة) ابن اليمان الكوفي.

وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري، وغرضه بسوقه بيان متابعة منصور لسليمان الأعمش، وفائدتها تقوية السند الأول لأن الأعمش مدلس ومنصور لا يدلس، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة. أي فقال حذيفة لمن عنده والله (لوددت) أي لأحببت وتمنيت (أن صاحبكم) يعني أبا موسى (لا يشدد) أي لا يتعمق في التحرز عن البول (هذا التشديد) والتعمق يعني تكلف البول في القارورة (فـ) والله (لقد رأيتني) هذا من خصائص أفعال القلوب فلا يقال

ص: 355

أنا وَرَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَتَمَاشَى. فَأَتَى سُبَاطَةً خَلْفَ حَائِطً. فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُم. فَبَال. فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ. فَاشَارَ إِلَيَّ فَجِئتُ. فَقُمتُ عِنْدَ عَقِبهِ حَتى فَرَغَ.

522 -

(248)(84)(48) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا

ــ

أبصرتني مثلًا بل يقال أبصرتُ نفسي، وقوله (أنا) تأكيد لضمير المفعول ليعطف عليه، قوله (ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصب، وما يوجد في بعض النسخ من التشكيل بالضم خطأ من النساخ أي أبصرت نفسي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كوننا (نتماشى) أي نتجارى معًا في المشي إن قلنا إن رأى بصرية، ومفعول ثان إن قلنا إنها علمية أي ماشيين معًا متقارنين (فأتى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سباطة) أي سباطة قوم (خلف حائط) وبستان لهم (فقام) رسول الله صلى الله عليه وسلم (كما يقوم أحدكم) أي قيامًا كقيام أحدكم في العادة مستويًا (فبال) أي أخرج حدث البول، والبول يضرب بالحائط فلعله لم يكن مملوكًا أو لم يقرب منه، قال الأبي: يبعد أنه غير مملوك إلا أن يكون في الجدر العادية (فانتبذتُ منه) أي ابتعدت منه ظنًّا على عادته في قضاء الحاجة من التباعد عن الناس (فأشار إليَّ) بأن ادنُ إليَّ لأجل حصول التستر ولأجل بيان قضاء حاجة البول عند الناس (فجئتـ) ـه (فقمت عند عقبه) بفتح العين المهملة وكسر القاف على وزان كتف مؤخر القدم كما مر آنفا، وفي بعض النسخ عند عقبيه (حتى فرغ) من حاجته ولم يذكر المسح في هذه الرواية. وشارك المؤلف في رواية حديث حذيفة بهذه الرواية البخاري [226] وأبو داود [23]، والترمذي [13]، والنسائي [1/ 35].

قال النواوي: مقصود حذيفة أن هذا التشديد خلف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائمًا ولا شك في كون القائم مُعَرَّضًا للرشيش ولم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الاحتمال ولم يتكلف البول في قارورة كما فعل أبو موسى رضي الله تعالى عنهما.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث جرير بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما فقال:

522 -

(248)(84)(48)(حدثنا قنيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البغلاني من (10) قال (حدثنا ليث) بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري ثقة من (7) مات سنة (175) روى عنه في (15) بابا (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا

ص: 356

مُحَمدُ بْنُ رُمحِ بْنِ الْمهاجِرِ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ عَنْ يحيى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعبَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَاتبَّعَهُ الْمُغِيرَةُ

ــ

محمد بن رمح بن المهاجر) التُجِيبي أبو عبد الله المصري ثقة من (10) روى عنه في (5) أبواب (أخبرنا الليث) بن سعد المصري، أتى بحاء التحويل لاختلاف صيغة سماع شيخيه (عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري أبي سعيد المدني ثقة حجة من (5) مات سنة (144) روى عنه في (16) بابا (عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ أبي إسحاق المدني قاضي المدينة ثقة عابد من (5) مات سنة (125) روى عنه في (13) بابا (عن نافع بن جبير) بن مطعم النوفلي أبي محمد المدني ثقة من (2) روى عنه في (10) أبواب مات سنة (99)(عن عروة بن المغيرة) بن شعبة الثقفي أبي يعفور بفاء بعد العين آخره مهملة الكوفي أميرها، روى عن أبيه في الوضوء والصلاة، وعائشة، ويروي عنه (ع) ونافع بن جبير والشعبي وبكر بن عبد الله المزني وعباد بن زياد في الصلاة ثقة من (3) مات بعد (90)(عن أبيه المغيرة بن شعبة) بضم ميم المغيرة وكسرها بن أبي عامر بن مسعود الثقفي أبي عيسى الكوفي له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، مشهور شهد الحديبية وما بعدها وأسلم زمن الخندق له (136) مائة وستة وثلاثون حديثًا، اتفقا على (9) وانفرد (خ) بحديث، ومسلم (2) بحديثين ولي البصرة سنتين وولي الكوفة ومات بها وهو في عداد الكوفيين، يروي عنه (ع) وابنه عروة في الوضوء، والأسود بن هلال ومسروق وابنه حمزة وورَّاد مولاه في الصلاة، وزياد بن عِلاقة في الصلاة، وعلقمة بن وائل وغيرهم، وتقدم البسط في ترجمته أول الكتاب.

وهذا السند من سباعياته رجاله اثنان منهم كوفيان وثلاثة مدنيون واثنان مصريان أو مصري وبغلاني، ومن لطائف هذا السند أن فيه أربعة أتباع روى بعضهم عن بعض وهم يحيى بن سعيد الأنصاري وسعد بن إبراهيم ونافع وعروة (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج لـ) قضاء (حاجته) بولًا وغائطًا، وفي هذا دلالة على أن من أدب الشرع التجافي عن ذكر ما يقبح سماعه وهي عادة العرب في صونها ألسنتها عما تصان عنه الأسماع عكس ما قاله المشركون (علمكم كل شيء حتى الخراءة)(فاتبعه) صلى الله عليه وسلم أي لحقه (المغيرة) بن شعبة، وهذا من كلام عروة عن أبيه وهذا كثير يقع مثله في

ص: 357

بِإِدَاوةٍ فِيها مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ. فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفينِ.

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ رُمحٍ (مَكَانَ حِينَ، حَتَّى)

ــ

الحديث فنقل الراوي عن المروي عنه لفظَه عن نفسه بلفظ الغَيبَة. اهـ نووي. قال الأبي: المغيرة أحد الأحرار المختصين بخدمته صلى الله عليه وسلم في السفر كأنس في الحضر، ومنه أخذ بعض العلماء اختصاص الشيخ بخادم يقتصر عليه، أي تبعه المغيرة (بإداوة فيها ماء) قال في المصباح: والإداوة بكسر الهمزة المِطْهرة وجمعها الأدَاوَى بفتح الواو اهـ.

قال النواوي: وأما الإداوة فهي والركوة والمطهرة والميضاة بمعنىً متقارب وهو إناء الوضوء اهـ (فصب) المغيرة ماءها (عليه) صلى الله عليه وسلم (حين فرغ) صلى الله عليه وسلم (من) قضاء (حاجته) وخروجه من موضع قضاء الحاجة وانتقاله إلى موضع آخر (فتوضأ) أي غسل وجهه ويديه ومسح رأسه (ومسح على الخفين) بدلًا من غسل الرجلين (وفي رواية) محمد (بن رمح مكان حين حتى) وفي بعض النسخ وفي حديث ابن رمح يعني أنه قال بدل حين فرغ من حاجته حتى فرغ من حاجته، قال الشراح: فيكون المراد بالحاجة الوضوء؛ والمعنى فصب عليه الماء إلى أن فرغ من وضوئه، لكن رواية حين أبين وأوضح، وأما قوله (فقمت عند عقبه) حتى فرغ فكان ذاك للستر عن أعين الناس، وقد جاء في الرواية الأخرى مبَيَّنًا أن صبه عليه كان بعد رجوعه من موضع قضاء الحاجة، والله أعلم.

قال النواوي: وفي هذا الحديث دليل على جواز الاستعانة في الوضوء، وقد ثبت أيضًا في حديث أسامة بن زيد أنه صب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه حين انصرف من عرفة، وقد جاء في أحاديث ليست بثابتة النهي عن الاستعانة، قال القاضي: أجاز الجمهور صب الماء على المتوضئين وكرهه عمر وابنه وعلي رضي الله عنهم كما كرهوا استقاء الماء لوضوء الغير ورأوه من الشركة في عمل الوضوء، وروي عنهم خلافه فقد صب ابن عباس على يد عمر للوضوء. وقال ابن عمر: لا أبالي أُعِنْتُ على وضوئي أو ركوعي أو سجودي، واحتج به البخاري على توضئة الرجل غيره قال: لأنه إذا صح أن يكفيه صب الماء صح أن يكفيه عمل الوضوء ولأنه من القربات التي يعملها الرجل عن غيره ولإجماعهم على توضئة المريض وتيممه بخلاف الصلاة،

ص: 358

523 -

(00)(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبدُ الْوهابِ. قَال: سَمِعْتُ يَحيَى بْنَ سَعِيدٍ، بِهذَا الإِسنَادِ. وَقَال: فَغَسَلَ وَجْههُ وَيدَيهِ، وَمَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى الْخُفينِ

ــ

ويحتمل صب المغيرة أنه لضيق فم الإناء وإن الإداوة حملت للشرب لا للوضوء منها ولذلك يختلف حكم وضع الإناء فما اتسع فموضعه اليمين وما ضاق فموضعه اليسار لتيسر الصب منه.

قال النواوي: قال أصحابنا الاستعانة ثلاثة أقسام أحدها: أن يستعين غيره في إحضار الماء فلا كراهة فيه ولا نقص، والثاني: أن يستعين به في غسل الأعضاء ويباشر الأجنبي بنفسه غسل الأعضاء فهذا مكروه إلا لحاجة، والثالث: أن يستعين في الصب عليه فهذا الأولى تركه وهل يسمى مكروها فيه وجهان قال أصحابنا وغيرهم: وإذا صب عليه الماء وقف الصاب على يسار المتوضئ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري رواه في الطهارة وفي المغازي وفي اللباس وفي غيرها، وأبو داود في الطهارة، والنسائي في الطهارة، وابن ماجه في الطهارة اهـ تحفة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:

523 -

(00)(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى) أي وحدثنا الحديث المذكور يعني حديث المغيرة محمد بن المثنى بن عبيد العنزي أبو موسى البصري ثقة من (10) قال (حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي أبو محمد البصري ثقة من (8)(قال سمعت يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري أبا سعيد المدني ثقة من (5)(بهذا الإسناد) يعني عن سعد بن إبراهيم عن نافع بن جبير عن عروة عن أبيه المغيرة، والجار والمجرور متعلق بقوله حدثنا عبد الوهاب لأنه المتابع. وهذا السند أيضًا من سباعياته رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان بصريان وثلاثة مدنيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد الوهاب لليث بن سعد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، وفائدتها بيان كثرة طرقه مع بيان محل المخالفة بين الروايتين.

(و) لكن (قال) عبد الوهاب الثقفي (فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه) بدل قول الليث فتوضأ، وقال (ثم مسح على الخفين) بثم بدل قول الليث ومسح على الخفين بالواو.

ص: 359

524 -

(00)(00)(00) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى التمِيمِي. أَخبَرَنَا أَبُو الأحوَصِ عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الأسوَدِ بْنِ هِلالٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعبَةَ؛ قَال: بَينَا أنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ. إِذْ نَزَلَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُم جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيهِ مِنْ إِدَاوَةٍ كَانَتْ مَعِي. فَتَوَضأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفيهِ

ــ

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:

524 -

(00)(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي) أبو زكريا النيسابوري ثقة من (10) قال (أخبرنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي ثقة متقن من (7) مات سنة (179) روى عنه في (12) بابا (عن أشعث) بن أبي الشعثاء سليم بن الأسود المحاربي الكوفي ثقة من (6) مات سنة (125) روى عنه في (6) أبواب (عن الأسود بن هلال) المحاربي الكوفي ثقة فقيه مخضرم من (2) مات سنة (84) روى عنه في (2) بابين (عن المغيرة بن شعبة) الثقفي الكوفي. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري، وغرضه بسوقه بيان متابعة الأسود بن هلال لعروة بن المغيرة في رواية هذا الحديث عن المغيرة، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة، وانفرد المؤلف بهذه الرواية عن أصحاب الأمهات (قال) المغيرة وكلمة بينا في قوله (بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ظرف زمان ملازم للإضافة إلى الجملة وهو لفظ بين زِيدَت فيه الألف فأضيفت إلى الجملة ولفظ ذات في قوله (ذات ليلة) مُقْحَمٌ أو من إضافة الشيء إلى نفسه، وقد بسطنا البحث فيه في أول كتاب الإيمان أي بَينَا أوقات كوني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي (إذ نزل) أي عن راحلته كما يأتي التصريح بذلك قريبًا (فـ) ذهب و (قضى حاجته) حاجة الإنسان (ثم جاء) بعد فراغه من قضاء حاجته (فصببت عليه) الماء (من إداوة) أي من مِطْهرة (كانت معي فتوضأ ومسح على خفيه) وفي المفهم قوله (ذات ليلة) أي ليلة من الليالي وهي منصوبة على الظرفية كما تقول ذات مرة أي مرة من المرات ويقال للمذكر ذا صباح وذا مساء كما قال الشاعر وهو أنس بن نهيك:

عزمتُ على إقامة ذي صباح

لأمر ما يُسَوَّدُ من يَسُود

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:

ص: 360

525 -

(00)(00)(00) (وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعبَةَ؛ قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ. فَقَال: "يَا مُغِيرَةُ، خُذِ الإِدَاوَةَ" فَأَخَذْتُها، ثُمَّ

ــ

525 -

(00)(00)(00)(وحدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة من (10)(وأبو كريب) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي ثقة من (10) وأتى بقوله (قال أبو بكر) .. إلخ .. تورعًا من الكذب عليه لأنه لو قال عن أبي معاوية لأوهم أنه روى بالعنعنة كأبي كريب (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي ثقة من (9)(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي أبي محمد الكوفي ثقة ثبت مدلس من (5)(عن مسلم) بن صُبَيح مصغرًا العطار الهمداني مولاهم ويقال القرشي مولاهم كان مولى لال سعيد بن العاص أبي الضحى الكوفي، روى عن مسروق في الوضوء والصلاة والصوم وغيرها، وشُتَير بن شَكَل في الصلاة والصوم، وعبد الرحمن بن هلال في الزكاة والعلم، والنعمان بن بشير وابن عباس وأرسل عن علي بن أبي طالب، ويروي عنه (ع) والأعمش ومنصور بن المعتمر وسعيد بن مسروق وفطر بن خليفة وعطاء بن السائب وجماعة وثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال في التقريب؛ ثقة فاضل مشهور بكنيته من الرابعة مات سنة مائة (100) ووقع في هامش بعض المتون تفسيره بمسلم بن خالد الزنجي ولعله كتبه من ليس من أهل الحديث لأن مسلم بن خالد الزنجي ليس من رجال مسلم بل ليس من أهل الحديث بل هو من الفقهاء شيخ الشافعي فلا تغتر بذلك وراجع تحفة الأشراف ورجال الأصبهاني (عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي ثقة فقيه مخضرم عابد من الثانية مات سنة (63) ثلاث وستين (عن المغيرة بن شعبة) الكوفي. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة مسروق لعروة بن المغيرة والأسود بن هلال في رواية هذا الحديث عن المغيرة، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للروايتين السابقتين (قال) المغيرة (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر) كان هذا السفر في غزوة تبوك كما في الموطإ فنزل عن راحلته (فقال) في (يا مغيرة خذِ الأداوة) وهي الإناء من الجلد (فأخذتها ثم) قال لي

ص: 361

خَرَجْتُ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ. ثَمَّ جَاءَ وَعَلَيهِ جُبَّةٌ شَامِيةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّينِ. فَذَهب يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْ كُمِّها فَضَاقَت عَلَيهِ. فأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلها. فَصَبَبْتُ عَلَيهِ فَتَوَضأَ وُضُوءَهُ لِلصَلاةِ. ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيهِ ثُمَّ صَلَّى.

526 -

(00)(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِي بْنُ خَشْرمٍ. جَمِيعًا عَنْ

ــ

اذهب معي فخرج إلى موضع قضاء الحاجة ف (خرجت معه فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من عندي (حتى) غاب و (توارى) أي استتر (عني) بسواد الليل (فقضى حاجته ثم جاء) وأراد الوضوء (وعليه جبة شامية) أي منسوجة بالشام؛ والجبة قميص من صوف كما يصرح به في الرواية الآتية محشو يُلبس للبرد، وفي هذا دليل على أن الصوف لا ينجس بالموت لأن الجبة كانت من عمل الشام والشام إذ ذاك بلاد الكفر والشرك من مجوس وغيرهم وأكثر مأكلهم الميتة ولم يسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا توقف فيه (ضيقة الكمين) أي ضائق كمَّاها، وفيه دليل على لباس الضيق والتشمير للأسفار. اهـ من المفهم (فذهب يُخرج يده من كمها) أي فشرع في إخراج يده من أعلى كمها (فضاقت عليه) عن إخراج يده من أعلاها (فأخرج يده من أسفلها فصببتُ عليه) الماء (فتوضأ وضوءه للصلاة) أي غسل وجهه ويديه ومسح برأسه (ثم) بعد وضوئه في الأعضاء الثلاثة (مسح على خفيه) بدلًا عن غسل الرجلين (ثم صلى) بنا الفريضة كما سيصرحه في الرواية الآتية.

وشارك المؤلف في هذه الرواية أعني رواية مسروق عن المغيرة البخاري رواه في الجهاد عن موسى بن إسماعيل، وفي اللباس عن قيس بن حفص، وفي الصلاة عن يحيى، والنسائي في الطهارة عن علي بن خشرم، وابن ماجه في الطهارة عن هشام بن عمار.

ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:

526 -

(00)(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة من (10) روى عنه في (21) بابا (وعلي بن خشرم) بوزن جعفر المروزي ثقة من (10) روى عنه في (8) أبواب حالة كونهما (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن

ص: 362

عِيسى بْنِ يُونُسَ. قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا الأَعمَشُ، عَنْ مُسْلِم، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعبَةَ؛ قَال: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ تَلَقَّيتُهُ بِالإِدَاوَةِ. فَصَبَبْتُ عَلَيهِ فَغَسَلَ يَدَيهِ. ثُمَّ غَسَلَ وَجْههُ. ثُم ذَهبَ لِيَغْسِلَ ذِرَاعَيهِ فَضَاقَتِ الْجُبَّةُ فَأَخرَجَهُما مِنْ تَحتِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَمَسَحَ عَلَى خُفيهِ ثُمَّ صَلى بِنَا.

527 -

(00)(00)(00) حدَّثنا مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا زَكَرِياءُ

ــ

عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أخي إسرائيل أبي عمرو الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (18) بابًا وأتى بقوله (قال إسحاق أخبرنا عيسى) تورعًا من الكذب عليه، قال عيسى (حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي ثقة من (5)(عن مسلم) بن صُبيح الهمداني أبي الضحى الكوفي ثقة من (4) روى عنه في (5)(عن مسروق) بن الأجدع الهمداني الكوفي ثقة مخضرم من (2)(عن المغيرة بن شعبة) الكوفي. وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم كوفيون وواحد مروزي، وغرضه بسوقه بيان متابعة عيسى بن يونس لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن الأعمش، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية قبلها في بعض الكلمات.

(قال) المغيرة (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيننا بعد ما نزل من راحلته (ليقضي حاجته) حاجة الإنسان (فلما رجع) من موضع قضاء حاجته (تلقيتُهُ) أي استقبلته (بالاداوة) أي بالمطهرة فأخذ مني فاستنجى بها ثم رجع فاراد الوضوء (فصببت عليه) الماء (فغسل يديه) أي كفيه (ثم غسل وجهه ثم ذهب) أي شرع بإخراج يديه عن كُمَّيْهِ (ليغسل ذراعيه) أي ساعديه (فضاقت الجبة) عن إخراج الذراعين من أعلى كمها (فأخرجهما) أي فأخرج الذراعين (من تحت الجبة) وأسفلها (فغسلهما) أي غسل الذراعين (ومسح رأسه ومسح على خفيه ثم صلى بنا) الفريضة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:

527 -

(00)(00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني أبو عبد الرحمن الكوفي ثقة من (10) قال (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني أبو هشام الكوفي ثقة من (9) قال (حدثنا زكرياء) بن أبي زائدة خالد بن ميمون الهمداني أبو يحيى

ص: 363

عَنْ عَامِرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُروَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ فِي مَسِيرٍ. فَقَال لِي: "أَمَعَكَ مَاءٌ" قُلْتُ: نَعَم. فَنَزلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى فِي سَوَاد الليلِ. ثُمَّ جَاءَ فَأَفْرَغْتُ عَلَيهِ مِنَ الإِدَاوَةِ. فَغَسَلَ وَجْههُ، وَعَلَيهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ. فَلَم يَسْتَطِع أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيهِ مِنْها. حَتَّى أَخْرَجَهُمَا. . . .. ،

ــ

الكوفي ثقة من (6)(عن عامر) بن شراحيل الحميري الشعبي أبي عمرو الكوفي ثقة من (3)(قال) الشعبي (أخبرني عروة بن المغيرة) بن شعبة الثقفي أبو يعفور الكوفي (عن أبيه) المغيرة بن شعبة الثقفي أبي محمد الكوفي. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وفيه رواية تابعي عن تابعي، وغرضه بسوقه بيان متابعة الشعبي لنافع بن جبير وأخَّرَه إلى هنا لكونه مطولًا على جميع روايات حديث المغيرة، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من الزيادات الكثيرة التي لا تقبل الفصل (قال) المغيرة (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (في مسير) وكان هذا المسير في غزوة تبوك كما عن الموطإ، والمسير مصدر ميمي بمعنى السير وقد يكون بمعنى الطريق الذي يسار فيه (فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمعك) أي هل معك يا مغيرة (ماء) أتطهر به (قلت) له (نعم) معي ماء (فنزل عن راحلته) أي عن ناقته (فمشى) وذهب لقضاء حاجته (حتى توارى) واستتر مني (في سواد الليل) وظلامه (ثم جاء) بعد ما قضى حاجته (فأفرغتُ عليه) الماء وصببته (من الإداوة) والمطهرة (فغسل وجهه) وفيه حجة للجمهور في جواز صب الماء على المتوضئ، روي عن عمر وابنه كراهة ذلك، وقد روي عنهما خلف ذلك فروي عن عمر أن ابن عباس صب على يديه الوضوء، وقال ابن عمر: لا أبالي أعانني رجل على وضوئي وركوعي وسجودي رواه الطبري كما في فتح الباري وهو الصحيح، وفيه أيضًا دليل على جواز الاقتصار على فروض الوضوء دون السنن إذا ارهقَتْ إلى ذلك ضرورةٌ حيث ترك النبي صلى الله عليه وسلم غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وترك ذكرها المغيرة والظاهر خلافه، وقد روى البخاري من حديث عبد الله بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم اقتصر على الفروض وقد قدمنا قوله للأعرابي توضأ كما أمرك الله (وعليه جبة من صوف) ضيقة الكمين (فلم يستطع) أي لم يقدر (أن يخرج ذراعيه منها) أي من أعلى كمي الجبة وحتى في قوله (حتى أخرجهما)

ص: 364

مِن أَسْفَل الْجُبَّةِ. فَغَسَل ذِرَاعَيهِ. وَمَسَحَ بِرأْسِهِ. ثُم أَهْوَيتُ لأَنْزعَ خُفَّيْهِ فَقَال: "دعهُمَا، فَإِنِّي أَدخلتُهُمَا طَاهِرَتَينِ" وَمَسَحَ عَلَيهِمَا

ــ

بمعنى الفاء العاطفة على جملة قوله (فلم يستطع) أي فلم يستطع على ذلك فأخرج الذراعين (من أسفل الجبة فنسل ذراعيه) وفيه دليل على أن يسير التفريق في الطهارة لا يفسدها، قال أبو محمد عبد الوهاب: لا يختلف في أن التفريق غير المتفاحش لا يفسد الوضوء، واختلف في الكثير المتفاحش؛ فروي عن ابن وهب أنه يفسده في العبد والسهو وهو أحد قولي الشافعي، وحكي عن ابن عبد الحكم أنه لا يفسده في الحالين وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وعن ابن القاسم أنه يفسده مع العبد أو التفريط ولا يفسده مع السهو، وقال أبو الفضل عياض: إن مشهور المذهب أن الموالاة سنة وهذا هو الصحيح بناءً على ما تقدم من أن الفرائض محصورة في الآية وليس في الآية ما يدل على الموالاة وإنما أخذت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يرو عنه قط أنه فرق تفريقًا متفاحشًا.

واختلف في الفرق بين اليسير والكثير فقيل: ذلك يرجع إلى الاجتهاد وليس فيه حد، وقيل جفاف الوضوء هو الكثير. اهـ مفهم. (ومسح برأسه) قال المغيرة (ثم) بعد مسح رأسه (أهويت) أي أملت وبسطت ومددت يدي إلى رجليه (لأنزع) وأخلع عنه (خفيه) ليتمكن من غسل رجليه (فقال) في رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعهما) أي دع الخفين واتركهما على رجلي (فإني أدخلتهما) أي أدخلت الرجلين في الخفين حالة كون الرجلين (طاهرتين) من الحدث الأصغر (ومسح عليهما) أي على الخفين بدلًا عن غسل الرجلين، وفيه دليل على اشتراط لبسهما على طاهرة كاملة، وفي المفهم حمل الجمهور الطهارة على العرفية وهي الطهارة عن الحدث وخصوها بالماء لأنه الأصل والطهارة به هي الغالبة ورأى أصبغ: أن طهارة التيمم تدخل تحت مطلق قوله (أدخلتهما طاهرتين) وقيل عنه إنه بناء على أن التيمم يرفع الحدث، وذهب داود إلى أن المراد بالطهارة هنا هي الطهارة من النجس فقط فإذا كانت رجلاه طاهرتين من النجاسة جاز المسح على الخفين وسبب الخلاف الاشتراك لثاني اسم الطهارة، والله أعلم اهـ.

وشارك المؤلف في هذه الرواية أعني رواية الشعبي عن عروة أحمد [/ 251] والبخاري [5799]، وأبو داود [149 و 150 و 151]، والترمذي [97 - 100] والنسائي [1/ 82].

ص: 365

528 -

(00)(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أبِي زَائدَةَ عَنِ الشعبِي، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنهُ وَضَّأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضأ وَمَسَحَ عَلَى خُفيهِ. فَقَال لَهُ. فَقَال:

ــ

ثم ذكر المتابعة سادسًا في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:

528 -

(00)(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون أبو عبد الله السمين المروزي ثقة من (10) روى عنه في (11) بابًا، قال (حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي روى عن عمر بن أبي زائدة في الوضوء، وإسرائيل في الوضوء، وهُرَيم بن سفيان في الصلاة، وإبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق في الحج وصفة النبي صلى الله عليه وسلم وفضائل الصحابة وغيرهم، ويروي عنه (ع) ومحمد بن حاتم ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب وأحمد بن سعيد وغيرهم، وقال في التقريب: صدوق تُكُلِّم فيه للتشيع من التاسعة مات سنة (204) أربع ومائتين وقيل سنة خمس، روى عنه في (5) أبواب، قال (حدثنا عمر بن أبي زائدة) أخو زكرياء بن أبي زائدة خالد بن ميمون الهمداني الكوفي، روى عن الشعبي في الوضوء، وعون بن أبي جحيفة في الصلاة، وأبي إسحاق السبيعي في الدعاء، وعبد الله بن أبي السفر في الدعاء، وقيس بن أبي حازم وغيرهم، ويروى عنه (خ م س) وإسحاق بن منصور وبهز بن أسد وأبو عامر العقدي وابن مهدي وثقه النسائي، وقال في التقريب: صدوق رمي بالقدر من السادسة مات سنة (159) تسع وخمسين ومائة، روى عنه في (3) أبواب (عن الشعبي) عامر بن شراحيل الكوفي (عن عروة بن المغيرة) الكوفي (عن أبيه) المغيرة بن شعبة الثقفي الكوفي. وهذا السند أيضًا من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلا محمد بن حاتم فإنه مروزي، وغرضه بسوقه بيان متابعة عمر بن أبي زائدة لزكرياء بن أبي زائدة في رواية هذا الحديث عن الشعبي، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر المتن لما في هذه الرواية من المخالفة لما قبلها مع اختصارها (أنه) أي أن المغيرة بن شعبة (وَضَّأَ النبي صلى الله عليه وسلم أي صب ماء الوضوء على يدي النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ به (فتوضأ) النبي صلى الله عليه وسلم أي غسل وجهه ويديه ومسح برأسه (ومسح على خفيه فقال) المغيرة (له) صلى الله عليه وسلم لِمَ مسحت على الخفين وتركت غسل الرجلين كعادتك في الوضوء؟ فمقول قال الأول محذوف دل عليه السياق لا كما يقوله بعض الطلبة من حمله على الفعل (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة لا حاجة لي

ص: 366

"إِني أَدخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَينِ"

ــ

إلى نزع الخفين لغسل الرجلين (إني أدخلتهما) أي لأني أدخلت القدمين في الخفين حالة كون القدمين (طاهرتين) من الحدث الأصغر فأقتصر على مسحهما لأنه رخصة تصدق الله تعالى بها على عباده. وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث، الأول حديث جرير ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث حذيفة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث المغيرة ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه ست متابعات، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(خاتمة):

قال القرطبي: أنكر طائفة من أهل البدع المسح على الخفين في السفر والحضر كالخوارج لأنم لم يجدوه في القرآن على أصلهم وردهم أخبار الآحاد، وأنكرته الشيعة لما روي عن علي أنه كان لا يمسح، وأنكره غير هؤلاء زاعمين أن التمسك بآية الوضوء أولى إما لأنها ناسخة لما تقدمها من جواز المسح الثابت بالسنة وإما لأنها أرجح من أخبار الآحاد، وأما جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى فالمسح عندهم جائز، قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، ثم إنه قد ورد من الأحاديث الصحيحة والمشهورة ما يفيد مجموعها القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وقد روي عن مالك إنكار المسح على الخفين وليس ذلك بصحيح مطلقًا، وإنما الذي صح عنه من رواية ابن وهب في هذا أنه قال "لا أمسح في حضر ولا سفر" نقلها أبو محمد بن أبي زيد في نوادره وغيره، فظاهر هذا أنه اتقاه في نفسه، وقد روى ابن نافع في المبسوط عن مالك ما يزيل كل إشكال أنه قال له عند موته: المسح على الخفين في الحضر والسفر صحيح يقين ثابت لا شك فيه إلا أني كنت أجد في خاصة نفسي بالطهور ولا أرى من مسح مُقَصِّرًا فيما يجب عليه، وعلى هذا حمل أحمد بن حنبل قول مالك، كما روي عن عمر أنه أمرهم أن يمسحوا أخفافهم وخلع هو وتوضأ وقال: حُبِّب إليَّ الوضوء، ونحوه عن أبي أيوب، قال الشيخ رحمه الله تعالى: وعلى هذا يحمل ما روي عن علي، قال أحمد بن حنبل: فمن ترك ذلك على نحو ما تركه عمر وأبو أيوب ومالك لم أُنْكِره عليه وصلّينا خلفه ولم نَعِبْهُ إلا أن يترك ذلك ولا يراه كما صنع أهل البدع فلا نصلي خلفه.

فأما من أنكر المسح في الحضر وهي أيضًا رواية عن مالك فلأن أكثر أحاديث

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المسح إنما هي في السفر والصحيح جواز المسح فيه إذ هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله، وحديث السباطة مما يدل عليه حيث كانت السباطة خلف الحائط بل قد روي في ذلك الحديث عن حذيفة قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة .. وذكر الحديث، وقد روى أبو داود عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الأسواق لحاجته ثم خرج فتوضأ ومسح على خفيه؛ والأسواق موضع بالمدينة وسيأتي حديث علي في توقيت المسافر والمقيم.

(فائدة) وقوله في حديث المغيرة (فمشى حتى توارى في سواد الليل) إشارة إلى آداب قضاء الحاجة، قال القاضي: من آدابه الإبعاد والاستتار حتى لا يُرى وقد جاء في الحديث "أبعدوا المذاهب" قال الأبي: ذكر الطبري في تهذيب الآثار أنه صلى الله عليه وسلم كان يذهب في قضاء حاجته إلى المُغَمَّسِ وبُعْدُه من مكة ميلان وأنه كان يرتاد لحاجته كما يرتاد المنزل.

ومن آدابه ما تقدم من اتقاء الملاعن والاستقبال والاستدبار، ومن آدابه أن يقول عند إرادة دخول الخلاء (اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث) وعند الخروج ما أخرجه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج (اللهم غفرانك الحمد لله الذي سَوَّغَنِيهِ وأخرجه خبيثًا) وقيل في وجه استغفاره في هذا الوقت إنه لفوته الذكر فيه إذ لا يذكر الله فيه، وقيل إظهارًا للعجز عن شكر النعمة، ومن آدابه أن تُتَّقَى الجُحرة والمَهْوَاة خوف أن يخرج منها ما يؤذي أو يشوش، وقيل لأنها من مساكن الجان وإن ذلك كان سبب موت سعد بن عبادة بال في جحر بأرض حوران فرمته الجن، وروي أنه سمع في الجحر راجز يرتجز:

نحن قتلنا سيد الـ

ـخزرج سعد بن عبادة

ورميناه بسهميـ

ـن فلم نخُطئ فؤاده

ولذا قال ابن حبيب: لا يبول في المهواة ويبول دونها ليسيل البول إليها، واستشكل ابن عبد السلام وفرق بأن حركة الجن بالطيران لا بالتمسك بالحيطان فإذا بال في المهواة فقد يصادف أحدًا منهم طائرًا.

ومن آدابه إدامة الستر فلا يرفع الثوب حتى يدنو من الأرض وأن يصمت، قال ابن العربي: وأن لا يلتفت يمينًا ولا شمالًا، قال الغزالي: وأن لا يدخل حاسر الرأس قيل

ص: 368

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خوف أن تعلق الرائحة بالشعر فلا تزول وقيل لأن تغطية الرأس أجمع لمسام البدن وأسرع لخروج الحدث. اهـ من الأبي.

الحمد لله الذي تتم به الصالحات، والصلاة والسلام على سيد البريات، سيدنا محمد منبع العلوم ومقبس الحكمات، وعلى آله وأصحابه ذوي المقامات السنية، وأتباعهم على ضوء السنن والملَّة الحنيفية، إلى يوم المحاسبة والعرض على رب البرية.

آمين آمين يا رب العالمين.

لا تَكشِفَنْ من مساوي الناس ما ستروا

فيهتك الله سترًا عن مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا

ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا

آخر:

تساوى الكل منا في المساوي

فأفضلنا فتيلًا ما يساوي

هل الدنيا وما فيها جميعًا

سوى ظل يزول مع النهار

تم المجلد الخامس من الكَوْكَبِ الوَهَّاجِ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ الحَجَّاجِ

ويليه المجلد السادس

ص: 369