الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
130 - (35)(17) باب بيان سيما أمته صلى الله عليه وسلم حين ورودهم عليه على الحوض وبيان قدر الحوض وصفته وبيان ذود رجال من أمته عنه
477 -
(222)(58)(22) حدَّثنا سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ. قَال ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ أَبِي مَالِكٌ الأَشْجَعِي سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "إِن حَوْضِي أَبْعَدُ مِنْ أَيلَةَ مِنْ عَدَنَ
ــ
130 -
(35)(17) باب بيان سيما أمته صلى الله عليه وسلم حين ورودهم عليه على الحوض وبيان قدر الحوض وصفته وبيان ذود رجال من أمته عنه
477 -
(222)(58)(22)(حدَّثنا سويد بن سعيد) الهروي صدوق من (10) مات سنة (240) روى عنه في (7) أبواب (و) محمَّد بن يَحْيَى (بن أبي عمر) العدني المكيِّ صدوق من العاشرة مات سنة (243) روى عنه في (11) بابا، وفائدة هذه المقارنة تقوية السند لأنَّ الراويين صدوقان، حالة كونهما (جميعًا) أي مجتمعين في الرِّواية (عن مروان) بن معاوية بن الحارث بن أسماء (الفَزَاريُّ) أبي عبد الله الكوفيّ ثقة حافظ يدلس أسماء الشيوخ من الثامنة مات فجأة سنة (193) روى عنه في (13) بابا، وأتى بقوله (قال ابن أبي عمر حدَّثنا مروان) بصيغة السماع تورعًا من الكذب عليه (عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق) بن أشيم الكوفيّ ثقة من الرابعة مات سنة (140) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الكوفيّ ثقة من الثالثة مات سنة (100) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي هريرة) الدوسي المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد إما هروي أو عدني (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أن حوضي) ما بين حافتيه (أبعد من) بُعْدِ (أيلة من عدن) يعني طوله وعرضه وقد جاء في الحديث الآخر زواياه سواء وسيأتي الكلام على الحوض في بابه، وهذا تحديد لقدره طولًا وعرضًا أي بُعْد ما بين طرفي حوضي أزيد من بعد أيلة من عدن وهما بلدان ساحليان في بحر القلزم أحدهما وهو أيلة في شمال بلاد العرب والآخر وهو عدن في جنوبها وهو آخر بلاد اليمن مما يلي بحر الهند، يُصْرَف بالتذكير ولا يصرف بالتأنيث كما هو المعلوم وليس بجزيرة كما زعمه المجد ويضاف إلى أبين علم آدمي
لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ. وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ بَاللَّبَنِ. وَلآنِيَتُهُ أَكثَرُ مِن عَدَدِ النُّجُومِ. وَإِنِّي لأصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ" قَالُوا:
ــ
(لهو) أي لحوضي (أشد) أي أبلغ وأزيد (بياضًا من الثلج) أي الماء المتجمد وكونه أشد بياضًا من الثلج حقيقة لأنَّ البياض مقول بالتفاوت كما في كتب المقولات (وأحلى) أي أزكى وأزيد حلاوة (من العسل) المخلوط (باللبن) لأنَّ العسل وحده أحلى منه مع اللبن (ولآنيته) أي ولكيزانه التي يشرب بها منه جمع إناء كآلهة في جمع إله، وفي المصباح: والإناء والآنية كالوعاء والأوعية وزنًا ومعنى، والأواني جمع آنية فهو جمع الجمع والشافعية تُتَرْجِم بباب الآنية، والمالكية بباب الأواني ومفادهما واحد (أكثر من عدد النجوم) في السماء وهذا كناية عن كثرتها ويحتمل كونه حقيقة فإن (قلت) لا يحتملها لأنَّها من الكثرة والكبر بحيث لا تسعها ضَفَّاتُه (قلت) التشبيه في العَدد لا في العُدد والجِرم، أو يقال إن ما يشرب به منها يذهب ويخْلَق غيره، أو أنَّها تكون بأيدي الملائكة عليهم السلام والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ إكمال. واللام في قوله (ولآنيته) لام الابتداء كهي في قوله (لهو) (وإني لأصد) وأمنع وأطرد (النَّاس) غير أمتي (عنه) أي عن حوضي لئلا يزدحموا على أمتي كما يصد) ويطرد ويمنع (الرجل) صاحب الإبل (إبل النَّاس عن حوضه) الذي هيأه لإبله لئلا تزدحم على إبله. وعبارة المفهم هنا: قوله (وإني لأصد النَّاس) أي لأمنع وأطرد النَّاس بمعنى أنَّه يأمر بذلك، والمطرودون هنا الذين لا سيماء لهم من غير هذه الأمة، ويحتمل أن يكون هذا الصَّلاة هو الذود الذي قال فيه في الحديث الآخر "إنِّي لأذود النَّاس عن حوضي بعصاي لأهل اليمن" مبالغةً في إكرامهم يعني به السُّبَّاق للإسلام من أهل اليمن، والله أعلم.
وقوله (كما يصد الرجل إبل النَّاس عن حوضه) وفي رواية أخرى "الإبل الغريبة" وهذا كقوله "كما يذاد البعير الضَّال" ووجه التشبيه أن أصحاب الإبل إذا وردوا المياه بإبلهم ازدحمت الإبل عند الورود سيكون فيها الضال والغريب وكل واحد من أصحاب الإبل يدفعه عن إبله حتَّى تشرب إبله فيكثر ضاربوه ودافعوه حتَّى لقد صار هذا مثلًا شائعًا، قال الحجاج لأهل العراق (لأحزمنكم حزم السِلْمَةِ ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل) اهـ.
(قالوا) أي قال الحاضرون عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم
يَا رَسُولَ الله، أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَال:"نَعَمْ. لَكُمْ سِيمَا لَيسَتْ لأحَدِ مِنَ الأُمَمِ، تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ".
478 -
(00)(00)(00) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى،
ــ
(يا رسول الله أتعرفنا) أي هل تعرفنا (يومئذٍ) أي يوم إذ وردنا عليك على الحوض (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) حرف جواب وتصديق في الإثبات أي نعم أعرفكم من بين النَّاس لأنَّ (لكم سيما) أي علامة (ليست لأحد من الأمم) غبركم لأنكم (تردون عليّ) على الحوض حالة كونكم (غرًا) جمع أغر أي بيض الوجوه (محجلين) أي بيض الأيدي والأرجل (من أثر) ماء (الوضوء) قوله (سيما) والسيماء العلامة يمد ويهمز ويقصر ويترك همزه كما في القرآن الكريم لغتان فيه ويقال فيه السيمياء بياء بعد الميم مع المد، وهذا نص في أن الغرة والتحجيل من خواص هذه الأمة ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" رواه البيهقي في السنن الكبرى [1/ 80] من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، لأنَّ الخصوصية بالغرة والتحجيل لا بالوضوء وهما من الله تفضُّلٌ يختص به من يشاء. اهـ من المفهم.
وعبارة النواوي هنا: وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة، وقال آخرون: ليس الوضوء مختصًا وإنَّما الذي اختصت به هذه الأمة الغرة والتحجيل واحتجوا بحديث "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" وأجاب الأولون عن هذا الحديث بجوابين: أحدهما أنه حديث ضعيف، والثاني لو صح احتمل أن يكون الأنبياء اختصت بالوضوء دون أممهم إلَّا هذه الأمة والله أعلم اهـ. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
478 -
(00)(00)(00)(وحدثنا أبو كريب) محمَّد بن العلاء الهمداني الكوفيّ ثقة من (10) مات سنة (248) روى عنه في (10) أيوب (وواصل بن عبد الأعلى) بن واصل التميمي الأسدي أبو القاسم الكوفيّ، روى عن محمَّد بن فضيل في الوضوء وأبي بكر بن عياش ووكيع وأسباط بن محمَّد ويحيى بن آدم وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وأبو حاتم وأبو زرعة وبقي بن مخلد وآخرون وثقه النَّسائيّ، وقال في التقريب: ثقة من العاشرة مات سنة (244) أربع وأربعين ومائتين، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه،
واللَّفْظُ لِوَاصِلٍ، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيل، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأشجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ. وَأَنَا أَذودُ النَّاسَ عَنْهُ. كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِه" قَالُوا: يَا نَبِيَّ الله، أَتَعْرِفُنَا؟ قَال: "نَعَمْ. لَكُمْ سِيمَا لَيسَتْ لأَحَدٍ غَيرِكُمْ. تَرِدُونَ عَلَى غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثارِ الوُضُوءِ، وَليُصَدَّنَّ عَنِّي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَلَا يَصِلُونَ. فَاقُولُ: يَا رَبِّ، هَؤلاءِ مِنْ أَصْحَابِي. فَيُجِيبُنِي مَلَكٌ
ــ
وأتى بقوله (واللفظ) أي ولفظ الحديث الآتي الواصل (تورعًا من الكذب على أبي كريب (قالا حدَّثنا) محمَّد (بن فضيل) بن غزوان بمعجمتين الضبي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفيّ صدوق عارف رمي بالتشيع من (9) مات سنة (195) روى عنه في (20) بابا (عن أبي مالك) سعد بن طارق بن أشيم (لأشجعي) الكوفيّ ثقة من (4)(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الأشجعية الكوفيّ ثقة من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلَّا أبا هريرة فإنَّه مدني، وغرضه بسوقه بيان متابعة محمَّد بن فضيل لمروان بن معاوية في رواية هذا الحديث عن أبي مالك الأشجعي، وفائدتها بيان كثرة طرقه (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترد علي أمتي الحوض) أي عند الحوض يوم القيامة أو المعنى ترد أمتي الحوض حالة كونهم وافدين علي (و) الحال (أنا أذود) أي أمنع وأطرد (النَّاس) غيرهم (عنه) أي عن الحوض لئلا يزاحموهم (كما يذود) ويمنع (الرجل) صاحب الإبل في الدُّنيا (إبل الرجل) الآخر (عن) اختلاطها بـ (إبله) عند شربها لئلا تزدحم عليها (قالوا) أي قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم (يا نبي الله أتعرفنا) يومئذٍ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) أعرفكم من بين الأمم (لكم سيما) أي لأنَّ لكم سيماء وعلامة تميزكم عن غيركم (ليست) تلك العلامة (لأحد غيركم) من الأمم السابقة لأنكم (تَرِدُون علي) عند الحوض، حالة كونكم (غرًا) أي بيض الوجوه (محجلين) أي بيض الأيدي والأرجل (من آثار) ماء (الوضوء وليُصَدن) بضم الياء وفتح الصاد والدال المشددة ونون التوكيد الثقيلة على صيغة المبني للمجهول أي والله ليُمْنَعن (عني) أي عن الوصول إلي عند الحوض (طائفة منكم) أي جماعة منكم أيتها الأمة أي تمنعهم الملائكة عن الورود علي (فلا يصلونـ) ـني (فأقول) أنا (يا رب هؤلاء) المصدودون (من أصحابي) أي من أمتي (فيجيبني ملك) من ملائكة الله سبحانه وتعالى، قال النواوي: هو هكذا بالباء
فَيَقُولُ: وَهَل تَدْرِي مَا أَحدَثُوا بَعدَكَ؟ ".
479 -
(223)(59)(23) وحدّثنا عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ
ــ
الموحدة في معظم الأصول من الجواب، وفي بعضها (فيجيئني) بالهمز من المجيء والأول أظهر وللثاني وجه (فيقول) الملك (وهل تدري) وتعلم يا محمَّد (ما أحدثوا) وأبدعوا (بعدك) أي بعد وفاتك، ولذلك مُنِعُوا عن الوصول إليك، قال النواوي: وفي الرِّواية الأخرى "قد بدلوا بعدك فأقول سحقًا سحقًا" وقد اختلف العلماء في المراد بهم على أقوال: الأوَّل: أن المراد بهم المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل فيناديهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم فيقال ليس هؤلاء مما وعدت بهم إن هؤلاء بدلوا بعدك أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم، والثاني: أن المراد بهم من كان في زمن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثم ارتد بعده فيناديهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم فيقال له ارتدوا بعدك، والثالث: أن المراد بهم أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا القول لا يُقْطَع لهؤلاء الذين يُذَادون بالنار بل يجوز أن يذادوا عقوبة لهم ثم يرحمهم الله سبحانه وتعالى فيدخلهم الجنَّة بغير عذاب قال أصحاب هذا القول: ولا يمتنع أن يكون لهم غرة وتحجيل، ويحتمل أن يكونوا في زمن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وبعده لكن عرفهم بالسيما، وقال ابن عبد البر: كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء، قال: وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر، قال: وكل هؤلاء يُخَاف عليهم أن يكونوا ممن عُنُوا بهذا الحديث والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما فقال:
479 -
(223)(59)(23)(وحدثنا عثمان) بن محمَّد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي أبو الحسن الكوفيّ ثقة من (10) مات سنة (239) روى عنه في (13) بابا، قال (حدَّثنا علي بن مسهر) بصيغة اسم الفاعل القرشي أبو الحسن الكوفيّ ثقة من
عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيفَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن حَوْضِي لأَبعَدُ مِن أيلَةَ مِن عَدَن، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَذودُ عَنْهُ الرِّجَال كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الإِبِلَ الغَرِيبَةَ عَنْ حَوضِهِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَتَعْرِفُنَا؟ قَال:"نَعَمْ، تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثَارِ الوُضُوءِ، لَيسَتْ لأَحَدٍ غَيرِكُمْ"
ــ
(8)
مات سنة (189) روى عنه في (14) بابا (عن سعد بن طارق) الأشجعي أبي مالك الكوفيّ ثقة من (4)(عن ربعي بن حراش) بكسر الحاء المهملة العبسي أبي مريم الكوفيّ ثقة مخضرم من الثَّانية مات سنة (104) روى عنه في (6) أبواب (عن حذيفة) بن اليمان العبسي بموحدة أبي عبد الله الكوفيّ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم له (100) حديث مات سنة (36) روى عنه في (5) أبواب، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) حذيفة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن) ما بين طرفي (حوضي لأبْعَدُ) أي لأزيد بُعْدًا (من) بُعْد (أيلة من عدن) بلدتان معروفتان كما مر (و) أقسمت لكم بـ (الذي نفسي) وروحي (بيده) أي بيده المقدسة، ففي هذا دلالة على جواز الحلف بالله تعالى من غير استحلاف ولا ضرورة ودلائله كثيرة. اهـ. نواوي (إنِّي لأذود) وأطرد وأمنع (عنه) أي عن حوضي (الرجال) الذين لم يكونوا من أمتي لئلا يزدحموا عليهم (كما يذود) ويطرد (الرجل) الذي يسقي إبله (الإبل الغريبة عن حوضه) الذي هيأه لإبله لئلا تزدحم عليها أي أذود عنه ذودًا كذود صاحب الإبل الإبلَ الغريبة عن حوضه والغريبة التي ضلت عن صاحبها، وهذا كقوله في رواية أخرى "كما يذاد البعير الضال" ووجه التشبيه أن أصحاب الإبل إذا وردوا المياه بإبلهم ازدحمت الإبل عند الورود فيكون فيها الضال والغريب وكل واحد من أصحاب الإبل يدفعه عن إبله حتَّى تشرب إبله فيكثر ضاربوه ودافعوه حتَّى صار مثلًا شائعًا كما قال الحجاج لأهل العراق "لأضربنكم ضرب غرائب الإبل" كما مر قريبًا (قالوا) أي قال الحاضرون (يا رسول الله) أتذودهم (و) هل (تعرفنا) يومئذٍ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) أعرفكم لأنكم (تردون علي) عند الحوض (غرًا محجلين من آثار) ماء (الوضوء ليست) تلك السيما من الغرة والتحجيل (لأحد) من الأمم (غيركم) وهذا الحديث أعني حديث حذيفة شارك المؤلف في روايته ابن ماجة رواه في كتاب الزهد كما في التحفة.
480 -
(224)(60)(24) حدَّثنا يَحْيَى بن أَيُّوبَ وَسُرَيجُ بْنُ يُونُسَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَليُّ بْنُ حُجْرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. قَال ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. أَخْبَرَنِي الْعَلاءُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَال: "السَّلامُ عَلَيكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ،
ــ
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة الأوَّل بحديثه من رواية أخرى رضي الله عنه فقال:
480 -
(224)(60)(24)(حدَّثنا يَحْيَى بن أيوب) المقابري أبو زكرياء البغدادي ثقة من (10) مات سنة (234) روى عنه في (8) أبواب (وشريج بن يونس) بن إبراهيم المروزي الأصل البغدادي ثقة عابد من (10) مات سنة (235) روى عنه في (11) بابا (وقتيبة بن سعيد) بن جميل بن طريف الثَّقفيُّ مولاهم أبو رجاء البغلاني ثقة ثبت من (10) مات سنة (240) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (وعلي بن حجر) بضم المهملة وسكون الجيم بن إياس السعدي أبو الحسن المروزي نزيل بغداد ثقة من (9) مات سنة (244) روى عنه في (11) بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه حالة كونهم (جميعًا) أي مجتمعين في الرِّواية (عن إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزُّرَقِي مولاهم أبي إسحاق المدني ثقة ثبت من (8) مات سنة (180) روى عنه في (12) بابا، وأتى بقوله (قال ابن أيوب: حدَّثنا إسماعيل) تحرزًا من الكذب، قال إسماعيل بن جعفر (أخبرني العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم أبو شبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة المدني صدوق من (5) مات سنة (133) روى عنه في (4) أبواب تقريبًا (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني أبي العلاء المدني ثقة من (3) روى عن أبي هريرة في الإيمان والوضوء وغيرهما (عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بغلاني (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرَة) بتثليث بائها والكسر قليل (فقال: السَّلام عليكم دار قوم مؤمنين) وإتيانه صلى الله عليه وسلم المقبرة يدل على جواز زيارة القبور ولا خلاف في جوازه للرجال وأن النَّهي عنه قد نسخ، واختلف فيه للنساء على ما سيأتي في الجنائز، قال الأبي: والأظهر أنَّه إنما أتاها للزيارة ففيه استحباب الزيارة لا جوازها لأنه صلى الله عليه وسلم إنَّما يفعل الأفضل، واحتمال أن يكون أتاها لدفن أو غيره بعيد اهـ.
وَإِنَّا إِنْ شَاءَ الله، بِكُمْ لاحِقُونَ، وَدِدْتُ أنَّا قَدْ رَأَينَا إِخْوَانَنَا"
ــ
وتسليمه عليهم لبيان مشروعية ذلك وفيه معنى الدعاء لهم ويدل أيضًا على حسن التعاهد وكرم العهد وعلى دوام الحرمة. اهـ ط. وقال (ع) تسليمه صلى الله عليه وسلم يحتمل أن الأجساد أُحْيِيَتْ له ورُدَّت إليها أرواحها فيسمعون كلامه كما سمعه أهل القليب ويردون عليه سلامه، وقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد حديثًا صحيحًا عن أبي هريرة مرفوعًا قال وإما من مسلم يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه في الدُّنيا فيسلم عليه إلَّا رد عليه السلام من قبره" ويحتمل أنَّها لم تُحْيَ، وفعله دليل على الجواز فالسلام على هذا بمعنى الدعاء، قال المازري: وسلامه صلى الله عليه وسلم عليهم حجة لمن يقول الأرواح بقية لا تفنى بفناء الأجساد وجاء في غير مسلم أنَّها تزور القبور اهـ. قال الأبي: القول ببقاء الأرواح لم يختلف فيه أهل السنة وإنَّما يقول بفنائها لا الأجساد المبتدعة، والصحيح ما ذهب إليه بعض علماء المتقدمين من أن الروح جسم لطيف مُشَكَّلٌ بصورة الجسد، وقوله "دار قوم" بالنصب على الاختصاص اللغوي لا الاصطلاحي لفقدان شرط الاصطلاحي وهو تقديم ضمير المتكلم أر المخاطب أو على النداء على تقدير مضاف أي يا أهل دار قوم، والأول أظهر ويجوز خفضه على البدل من الضمير في عليكم، والمراد بالدار على هذين الوجهين الأخيرين الجماعة أو أهل الدار وعلى الأوَّل مثله أو المنزل.
وقوله (وأنا إن شاء الله بكم لاحقون) في إتيانه بالاستثناء مع أن الموت لا شك فيه أقوال للعلماء: أحدها: أنَّه امتثال لقول الله تعالى {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] فكان يكثر من ذلك حتَّى أدخله فيما لا بد منه وهو الموت. وثانيها: أنَّه أراد إنا بكم لاحقون في الإيمان ويكون هذا قبل أن يُعْلَم بمآل أمره كما قال تعالى {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]. وثالثها: أن يكون استثناء في الواجب كما قال تعالى {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وتكون فائدته التفويض المطلق. ورابعها: أن يكون أراد لاحقون بكم في هذه البقعة الخاصة فإنَّه وإن كان قد علم أنَّه يموت بالمدينة ويدفن فيها فإنَّه قد قال للأنصار "المحيا محياكم والممات مماتكم" رواه أحمد ومسلم من حديث أبي هريرة لكن لم تُعَيَّن له البقعة التي يكون فيها إذ ذاك. وهذا الوجه أولى وأظهر من كل ما ذُكر. اهـ من المفهم.
(وددت) أي أحببت وتمنيت (أنا قد رأينا) أي إنا تمنينا رؤية (إخواننا) الذين
قَالُوا: أَوَلَسنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "أَنْتُمْ أَصحَابِي. وإخْوَانُنَا الذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعدُ". فَقَالُوا: كَيفَ تَعْرِفُ مَن لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ الله؟
ــ
سيلحقون بنا من بعدنا (قالوا) أي قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم (أ) تقول ذلك (ولسنا) نحن (إخوانك يا رسول الله) والهمزة للاستفهام التعجبي المضمن للإنكار (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنتم أصحابي) أي أنتم إخواني الذين فازوا بشرف صحبتي (و) أما (إخواننا) الذين تمنيتُ رؤيتهم هم (الذين لم يأتوا بعد) أي لم يوجدوا الآن (فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد) أي من لم يوجد الآن (من أمتك يا رسول الله) والاستفهام فيه للتعجب، قال القرطبي: وقوله (وددت أنا قد رأينا إخواننا) هذا يدل على جواز تمني لقاء الفضلاء والعلماء، وهذه الأخوة هي أخوة الإيمان اليقيني والحب الصَّحيح للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث أنَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إخواني الذين يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقون برسالتي ولم يلقوني، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله" وقد أخذ ابن عبد البر رحمه الله تعالى من هذا الحديث ومن قوله صلى الله عليه وسلم "إن من ورائكم أيامًا الصبرُ فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين منكم" رواه أبو داود [4341] والترمذي [3060] وابن ماجه [4014] من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنَّه يكون فيمن يأتي بعد الصّحابة من يكون أفضل ممن كان في جملة الصّحابة وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا وأن من صحب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ورآه ولو مرَّة من عمره أفضل من كل من يأتي بعد، وأن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل وهو الحق الذي لا ينبغي أن يصار لغيره لأمور:
أولها: مزية الصحبة ومشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: فضيلة السبق للإسلام.
وثالثها: خصوصية الذب عن حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورابعها: فضيلة الهجرة والنصرة.
وخامسها: ضبطهم للشريعة وحفظها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسادسها: تبليغها لمن بعدهم.
وسابعها: السبق في النفقة في أول الإسلام.
فَقَال: "أَرَأَيتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ. بَينَ ظَهرَي خَيلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ،
ــ
وثامنها: أن كل خير وفضل وعلم وجهاد ومعروف فُعِلَ في الشريعة إلى يوم القيامة فحظهم منه أكمل حظ وثوابهم فيه أجزل ثواب لأنهم سَنُّوا سنن الخير وافتتحوا أبوابه وقد قال صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".
رواه أحمد [4/ 357] ومسلم [1017] والنَّسائيُّ [5/ 75 و 76] من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
ولا شك في أنهم الذين سنوا جميع السنن وسابقوا إلى المكارم ولو عُدِّدت مكارمهم وفسرت خواصهم وحصرت لملأت أسفارًا ولكلت الأعين بمطالعتها حيارى، وعن هذه الجملة قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البزار عن جابر بن عبد الله مرفوعًا:"إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من أصحابي أربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا فجعلهم أصحابي" وقال "في أصحابي كلِّهم خير" وكذلك قال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله في أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" رواه البُخاريّ ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وكفى من ذلك كله ثناء الله تعالى عليهم جملة وتفصيلًا وتعيينًا وإبهامًا ولم يحصل شيء من ذلك لمن بعدهم فأمَّا استدلال المخالف بقوله صلى الله عليه وسلم "إخواننا" فلا حجة فيه لأنَّ الصّحابة قد حصل لهم من هذه الأخوة الحظ الأوفر لأنَّها الأخوة اليقينية العامة وانفردت الصّحابة بخصوصية الصحبة، وأمَّا قوله "فللعامل منهم أجر خمسين منكم" فلا حجة فيه لأنَّ ذلك إن صح إنَّما هو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنَّه قد قال صلى الله عليه وسلم في آخره "لأنكم تجدون على الخير أعوانًا ولا يجدون" ولا بُعْد في أن يكون في بعض الأعمال لغيرهم من الأجور أكثر مما لهم فيه ولا تلزم منه الفضيلة المطلقة التي هي المطلوبة بهذا البحث والله أعلم اهـ من المفهم.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرأيت) أي أخبرني أيها المخاطب (لو) ثبت (إن رجلًا له خيل) أي أفراسٌ (غرٌّ) أي بيض الوجوه (محجلة) أي بيض الأيدي والأرجل كائنة تلك الخيل (بين ظهري خيل) أي بين خيل (دُهْمٍ) أي سود (بُهْم) أي
أَلا يَعْرِفُ خَيلَهُ؟ " قَالُوا: بَلَى. يَا رَسُولَ الله، قَال: "فَإِنَّهُمْ يَأتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضوءِ. وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوضِ. أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ
ــ
خالصة السواد صافيته (ألا يعرف) ذلك الرجل (خيله) الغر المحجلة، والهمزة فيه للاستفهام التقريري، وقوله (بين ظهري خيل) قيل الظهر مقحم وفي الحديث "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غِنىً" والمراد نفس الغني والمعنى هنا بين أفراس دُهْم، قال الأصمعي: تقول العرب "نحن بين ظهريهم وظهرانيهم" على لفظ الاثنين أي بينهم، والعرب تضع الاثنين موضع الجمع، وقوله (دهم) جمع أدهم أي سود من الدهمة وهي السواد، وقال الهروي:(البهم) جمع بهيم وهو الذي لا يخالط لونه لون آخر بل لونه لاشية فيه سوادًا كان أو بياضًا أو حمرة يقال: أسود بهيم وأبيض بهيم ونحوه، وقال القرطبي: والدُّهم جمع أدهم وهو الأسود من الخيل الذي يضرب إلى الخضرة، والبهم جمع بهيم وهو الذي لا لون فيه سوى الدهمة أن (قالوا: بلى يا رسول الله) يعرف خيله بالغرة والتحجيل (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنهم) فإن إخواننا الذين لم يأتوا بعد (يأتون) علي (غرًا محجلين من) آثار ماء (الوضوء وأنا فرطهم على الحوض) أي متقدمهم إليه يقال: فرطتُ القوم إذا تقدمت عليهم لترتاد لهم الماء وتهيئ لهم الدلاء والرشا وافترط فلان ابنًا له أي تقدم له ابن، وعلى هنا بمعنى إلى ويحتمل أن يكون متعلقًا بمحذوف دل عليه السياق تقديره فيجدونني على الحوض (ألا) والله (ليذادن) أي يطردن (رجال) من أمتي ويمنعن (عن) ورود (حوضي كما يذاد) ويطرد (البعير الضال) عن صاحبه من حوض النَّاس، قال الإمام: وقع في بعض طرق هذا الحديث "فلا يذادن" على صيغة النَّهي ومعناه على هذا لا يفعلون فعلًا يكون سببًا لذودهم عن حوضي وأكثر الروايات "فليذادن" بلام التأكيد ومعناه فَلَيُبْعَدَنَّ وليُطردن، قال زهير:
ومَن لا يَذُدْ عن حوضه بسلاحه
…
يُهَدَّمْ ومَن لا يَظْلِمِ النَّاس يُظْلَمِ
قال القاضي: ويصحح رواية "فلا يذادن" حديث سهل بن سعد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعناه وفيه "فلا يردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم" وهذا مثل قوله تعالى {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} أي لا تفعلا فعلًا يخرجنكما. اهـ. إكمال المعلم.
أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ. فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَذَلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا"
ــ
(أناديهم ألا) أي انتبهوا واستمعوا لما أقول (هلم) أي تعالوا وأقبلوا إلي وأنا منتظر لكم هنا، قال أهل اللغة: في هلم لغتان أفصحهما هلم للرجل والرجلين والمرأة والمرأتين والجماعة من المصنفين بصيغة واحدة، وبهذه اللفظة جاء القرآن في قوله تعالى:{هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَينَا} واللغة الثَّانية إلحاق العلامة بها تقول: هلم يا رجل وهلما يا رجلان وهلموا يا رجال، وللمرأة هلمي وللمرأتين هلمتا وللنسوة هَلْمُمْنَ (فيقال) لي أي تقول الملائكة لي (إنهم) أي إن هؤلاء المطرودين (قد بدلوا) دينك وغَيَّرُوه (بعدك) أي بعد وفاتك (فأقول سحقًا سحقًا) الثَّاني مؤكد للأول أي بعدًا وهلاكًا، ويروى زيادة "لمن غَيَّرَ بعدي"، وعبارة النواوي: قوله (سحقًا سحقًا) معناه بعدًا بُعدًا والمكان السحيق البعيد، ونصب على تقدير ألزمهم الله سحقًا أوسحقهم سحقًا أن. قال الأبي: وفي الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالإخبار عن المغيبات أربعة: صفة أمته في الآخرة، وتبديلهم بعده، والثالث حالهم في الآخرة وتقرير الحكم فيهم، والرابع أن له صلى الله عليه وسلم حوضًا في الآخرة، ويأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى.
وفي المفهم: اختلف العلماء في تأويله فالذي صار إليه الباجي وغيره وهو الأشبه بمساق الأحاديث أن هؤلاء الذين يقال لهم هذا القول ناس نافقوا وارتدوا من الصّحابة وغيرهم فيحشرون في أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم كما تقدم من قوله "وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها" وعليهم فيما هذه الأمة من الغرة والتحجيل فإذا رآهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عرفهم بالسيما ومن كان من أصحابه بأعيانهم فيناديهم: ألا هَلُمَّ، فإذا انطلقوا نحوه حِيل بينهم وبينه وأُخِذ بهم ذات الشمال، فيقول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا رب أمتي ومن أمتي، وفي لفظ آخر أصحابي فيقال له إذ ذاك: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وإنهم لن يزالوا مرتدين منذ فارقتهم فإذ ذاك تذهب عنهم الغرة والتحجيل ويطفأ نورهم فيبقون في الظلمات فيقطع بهم عن الورود وعن جواز الصراط فحينئذ يقولون للمؤمنين {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13] فيقال لهم {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13] مكرًا وتنكيلًا ليتحققوا مقدار ما فاتهم فيعظم أسفهم وحسرتهم أعاذنا الله من أحوال المنافقين وألحقنا بعباده المخلصين، وقال الداوودي وغيره: يحتمل أن يكون هذا في أهل الكبائر والبدع الذين لم يخرجوا عن الإيمان ببدعتهم وبعد ذلك يتلافاهم الله سبحانه برحمته
481 -
(00)(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبدُ العَزِيزِ، يَعْنِي الدَّرَاوَردِيَّ. ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَعنٌ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ. جَمِيعًا عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى المَقبُرَةِ فَقَال:"السَّلامُ عَلَيكُم دَارَ قَومٍ مُؤْمِنِينَ. وإنَّا إِن شَاءَ الله، بِكُم لاحِقُونَ"
…
بِمِثلِ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعفَرٍ. غَيرَ
ــ
وشفع لهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال القاضي عياض: والأول أظهر. اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 375] ثم ذكر المتابعة فيه فقال:
481 -
(00)(00)(00)(حدَّثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل الثَّقفيُّ أبو رجاء البغلاني ثقة من (10) قال (حدَّثنا عبد العزيز) بن محمَّد بن عبيد الدراوردي أبو محمَّد الجهني المدني صدوق من (8) وأتى بالعناية في قوله (يعني الدراوردي) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثني إسحاق بن موسى) بن عبيد الله بن موسى (الأنصاري) الخطمي أبو موسى المدني ثقة متقن من (10) مات بأرض حمص راجعًا من الحج سنة (244) روى عنه في (5) أبواب تقريبًا، وأتى بحاء التحويل لاختلاف صيغة شيخيه قال (حدَّثنا معن) بن عيسى بن يَحْيَى بن دينار الأشجعي مولاهم أبو يَحْيَى المدني ثقة ثبت من كبار العاشرة مات سنة (198) روى عنه في (10) أبواب، قال (حدَّثنا مالك) بن أنس الأصبحي أبو عبد الله المدني ثقة ثبت فقيه إمام حجة من (7) مات سنة (90) روى عنه في (17) بابا، حالة كون عبد العزيز ومالك (جميعًا) أي مجتمعين في الرِّواية (عن العلاء بن عبد الرحمن) بن يعقوب الجهني الحرقي المدني (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني، وهذان السندان الأوَّل منهما من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد بغلاني، والثاني منهما من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله مدنيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد العزيز ومالك لإسماعيل بن جعفر في رواية هذا الحديث عن العلاء بن عبد الرحمن، وفائدتها بيان كثرة طرقه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: السَّلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنا أن شاء الله بكم لاحقون) وساقا عبد العزيز ومالك (بمثل حديث إسماعيل بن جعفر) واستثنى من المماثلة بالنسبة إلى رواية مالك بقوله (غير
أَن حَدِيثَ مَالِكٍ: "فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوضِي"
ــ
أن حديث مالك) بن أنس (فليذادن رجال عن حوضي) بفاء الاستئناف بدل حرف التنبيه والاستفتاح، وجملة ما ذكر في هذه الترجمة ثلاثة أحاديث: الأوَّل حديث أبي هريرة الأوَّل ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث حذيفة وذكره للاستشهاد، والثالث حديث أبي هريرة الثَّاني وذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة.
***