المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌115 - (20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته) - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌96 - (1) باب: آخر أهل النار خروجًا منها

- ‌97 - (2) باب آخر أهل الجنة دخولًا الجنة

- ‌98 - (3) باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها

- ‌99 - (4) باب عرض صغار الذنوب على العبد وإقراره بها وتبديل كل سيئة منها بحسنة

- ‌100 - (5) باب انطفاء نور المنافقين على الصراط ونجاة المؤمنين على اختلاف أحوالهم والإذن في الشفاعة وإخراج من قال لا إله إلا الله من النار

- ‌101 - (6) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر (المسماة بالشفاعة العظمى)

- ‌102 - (7) باب: كون النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم شفاعة وكونه أول من تفتح له الجنة منهم

- ‌103 - (8) باب: اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوته شفاعة لأمته

- ‌104 - (9) باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقة عليهم

- ‌105 - (10) باب: أن من أشرك بالله وعبد الأوثان من أهل الفترة يدخل النار مخلدًا فيها لا تنفعه شفاعة شافع ولا قرابة مُقرب

- ‌106 - (11) باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار عشيرته الأقربين وأنه لا ينفعهم إذا ماتوا على الشرك

- ‌107 - (12) باب: صعود النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا وقوله لعشيرته الأقربين: سلوني من مالي ما شئتم ولا أملك لكم من اللَّه شيئًا

- ‌108 - (13) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في التخفيف عنه

- ‌109 - (14) باب أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة

- ‌110 - (15) باب من لم يؤمن لن ينفعه عمل صالح في الآخرة

- ‌111 - (16) باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم

- ‌112 - (17) باب كم يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بغير حساب ولا عذاب

- ‌(تتمة في مباحث تتعلق بهذا الحديث)

- ‌113 - (18) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم نصف أهل الجنة

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌114 - (19) (1) باب فضل الوضوء

- ‌115 - (20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته)

- ‌116 - (21) (3) باب فضل الوضوء والصلاة عقبه

- ‌117 - (22) (4) باب إذا أحسن الرجل وضوءه وصلاته بخشوعها وركوعها وسائر أركانها تكون كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يرتكب كبيرة

- ‌118 - (23) (5) باب كون صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة

- ‌119 - (24) (6) باب حجة من قال يثلث مسح الرأس كما يثلث كسل سائر الأعضاء

- ‌120 - (25) (7) باب من أتم وضوءه كما أمره الله تعالى فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن

- ‌121 - (26) (8) باب من أحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد فصلى مع الجماعة غُفر له

- ‌122 - (27) (9) بابٌ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر

- ‌123 - (28) (10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

- ‌124 - (29) (11) باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌125 - (30) (12) باب الإيتار في الاستجمار والاستنثار

- ‌126 - (31) (13) باب وعيد من لم يسبغ الوضوء

- ‌127 - (32) (14) باب وجوب استيعاب محل الفرض بالطهارة

- ‌128 - (33) (15) باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء

- ‌129 - (34) (16) باب استحباب إطالة الغُرَّة والتحجيل في الوضوء

- ‌130 - (35) (17) باب بيان سيما أمته صلى الله عليه وسلم حين ورودهم عليه على الحوض وبيان قدر الحوض وصفته وبيان ذود رجال من أمته عنه

- ‌131 - (36) (18) باب بلوغ حلية المؤمن حيث يبلغ الوضوء

- ‌132 - (37) (19) باب فضل إسباغ الوضوء مع المكاره

- ‌133 - (38) (20) باب السواك

- ‌[تتمة]

- ‌134 - (39) (21) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(فصل في مباحث خصال الفطرة العشرة)

- ‌135 - (40) (22) باب الاستنجاء والنهي عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط وعن الاستنجاء بروث أو عظم وعن الاستنجاء باليمين

- ‌136 - (41) (23) باب ما جاء من الرخصة في ذلك

- ‌137 - (42) (24) باب النهي عن التمسح باليمين من الخلاء وعن التنفس في الإناء عند الشرب

- ‌138 - (43) (25) باب التيمن في الطهور وغيره

- ‌139 - (44) (26) باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌140 - (45) (27) باب حمل الإداوة والعَنَزَة مع الإمام والأمراء ليستنجي بمائها

- ‌141 - (45) (28) باب المسح على الخفين

الفصل: ‌115 - (20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته)

‌115 - (20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته)

435 -

(203)(39)(4) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ أَحمَدُ بْنُ عَمرِو بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَمرِو بْنِ سَرْحٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ؛ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيثِيَّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ

ــ

115 -

(20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته)

435 -

(203)(39)(4)(حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح) الأموي مولاهم الفقيه المصري ثقة من (10) مات سنة (255) روى عنه عن ابن وهب في مواضع كثيرة (وحرملة بن يحيى) بن عبد الله (التجيبي) أبو حفص المصري صدوق من (11) مات سنة (244) روى عنه عن ابن وهب في مواضع كثيرة أيضًا (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري ثقة من (9) مات سنة (197) روى عنه في (13) بابا (عن يونس) بن يزيد الأيلي أبي يزيد الأموي ثقة من (7) مات سنة (159) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (عن) محمد (بن شهاب) الزهريّ المدني ثقة متقن من (4) مات سنة (125) روى عنه في (23) بابا (أن عطاء بن يزيد الليثي) من أنفسهم أبا يزيد المدني، ويقال الشامي ثقة من (3) مات سنة (107) روى عنه في (5) أبواب تقريبًا (أخبره) أي أخبر لابن شهاب (أن حُمْران) بضم الحاء وسكون الميم بن أبان (مولى عثمان) بن عفان القرشي الأموي المدني ثقة من الثانية مات سنة (75) روى عنه في الإيمان والوضوء (أخبره) أي أخبر لعطاء (أن) أمير المؤمنين (عثمان بن عفان) بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس رضي الله عنه القرشي الأموي أبا عبد الله المدني الصحابي الجليل جامع القرآن كان يُحْييِ الليل كله بركعة قُتل في سابع ذي الحجة يوم الجمعة سنة (35) روى عنه في (4) أبواب تقريبًا، وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان منهم مصريان وواحد أيلي، ومن لطائفه أن فيه ثلاثة أتباع روى بعضهم عن بعض (دعا) وطلب (بوَضوء) بفتح الواو أي بماء يتوضأ به (فتوضأ) أي فأراد الوضوء به (فغسل كفيه) أي دلكهما (ثلاث مرات) وثلاث منصوب على المصدرية لإضافته إلى المصدر فكأنه قال فغسل كفيه غسلات ثلاثًا، وهذا دليل على أن غسلهما في أول الوضوء سنة، وهو كذلك باتفاق العلماء (ثم) بعد غسل الكفين

ص: 179

مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَر،

ــ

(مضمض) أي أدخل الماء في فمه وأداره فيه ثم مجه لأن الأكمل في المضمضة أن يجعل الماء في فمه ثم يديره فيه ثم يمجه وأما أقلها فأن يجعل الماء في فيه ولا يشترط إدارته على المشهور الذي قاله الجمهور، وقال جماعة من الشافعية: يشترط وهو مثل الخلاف في مسح الرأس أنه لو وضع يده المبتلة على رأسه ولم يُمِرَّها هل يحصل المسح أو لا؟ والأصح الحصول كما يكفي إيصال الماء إلى باقي الأعضاء من غير ذلك (و) استنشق أي أدخل الماء في خياشيمه ثم (استنثر) أي أخرج الماء من الأنف، والاسنتثار إنما يكون بعد الاستنشاق، واقتصر على الاستنثار لدلالته على الاستنشاق دلالة اللازم على ملزومه، والاستنشاق هو إيصال الماء إلى داخل الأنف وجذبه بالنفس إلى أقصاه والاستنثار إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق، وفي المفهم: والاستنثار إيصال الماء إلى الأنف ونثره منه بنفس أو بإصبعه وسمي استنثارًا نظرًا بآخر الفعل وقد يسمى استنشاقًا نظرًا بأوله وهو استدعاء الماء بنفس الأنف مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف يقال نثر الرجل واستنثر إذا حرك النثرة في الطهارة، وفي نسخة (واستنشق) أي جذب الماء بريح أنفه حتى بلغ الماء خياشيمه ثم استنثره والواو بمعنى ثم أي ثم استنثر بعد المضمضة، قال النواوي: وعلى أي صفة وصل الماء إلى الفم والأنف حصلت المضمضة والاستنشاق، وفي الأفضل في كيفيتهما خمسة أوجه: الأول يتمضمض ويستنشق بثلاث غرفات يتمضمض من كل واحدة ثم يستنشق بباقيها، والثاني يجمع بينهما بغرفة واحدة يتمضمض منها ثلاثًا ثم يستنشق منها ثلاثًا، والثالث يجمع أيضًا بغرفة ولكن يتمضمض منها ثم يستنشق ثم يتمضمض منها ثم يستنشق ثم يتمضمض منها ثم يستنشق، والرابع يفصل بينهما بغرفتين فيتمضمض من إحداهما ثلاثًا ثم يستنشق من الأخرى ثلاثًا، والخامس يفصل بست غرفات يتمضمض بثلاث غرفات ثم يستنشق بثلاث غرفات، والصحيح الوجه الأول وبه جاءت الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما، وأما حديث الفصل فضعيف فيتعين المصير إلى الجمع بثلاث غرفات كما ذكرنا لحديث عبد الله بن زيد المذكور في الكتاب واتفقوا على أن المضمضة على كل قول مقدمة على الاستنشاق وعلى كل صفة، وهل هو تقديم استحباب أو اشتراط؟ فيه وجهان: أظهرهما تقديم اشتراط لاختلاف العضوين، والثاني تقديم استحباب كتقديم يده اليمنى على اليسرى والله أعلم. اهـ نووي واختلف العلماء في المضمضة

ص: 180

ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُم غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. ثُم مَسَحَ رَأْسَهُ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَينِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَال: رَأَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذَا

ــ

والاستنشاق فعند الأئمة الثلاثة سُنة وعن أحمد ثلاث روايات:

الأول مثل الجمهور، والثانية وجوبهما وهو المشهور عندهم، والثالثة وجوب الاستنشاق وسنية المضمضة كما في الأوجز اهـ بذل المجهود (ثم) بعد الفراغ من المضمضة والاستنشاق (غسل وجهه ثلاث مرات) أي غسلات ثلاثًا كما مر آنفًا (ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات) أي ثلاث غسلات (ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك) أي مثل غسله اليمين أي ثلاث مرات، والسنة تقديم اليمنى، وقال الشافعي في القديم: بوجوبه لما سيأتي من قوله صلى الله عليه وسلم "ابدؤوا بميامنكم" قاله ابن رسلان، وقال ابن العربي: سنة، ثم قال ابن رسلان: لا يجب الترتيب بين اليمنى واليسرى لأن مخرجهما في الكتاب واحد قال تعالى: {وَأَيدِيَكُمْ} {وَأَرْجُلَكُمْ} والفقهاء يَعُدُّون اليدين والرجلين عضوًا واحدًا (ثم مسح رأسه) وليس فيه ذكر عدد للمسح وبه قال أكثر العلماء، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: يستحب التثليث في المسح كما في الغسل واستدل له بظاهر روايةٍ لمسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا) وأجيب: بأنه مجمل تَبَيَّنَ في الروايات الصحيحة أن المسح لم يتكرر فيحمل على الغالب أو يختص بالمغسول، قال ابن المنذر: إن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح مرة واحدة، وبأن المسح مبني على التخفيف فلا يقاس على الغسل المراد منه المبالغة في الإسباغ وبأن العدد لو اعتبر في المسح لصار في صورة الغسل إذ حقيقة الغسل جريان الماء. اهـ بذل (ثم غسل رجله) أي قدمه كما في رواية أبي داود (اليمنى إلى الكعبين) أي مع الكعبين (ثلاث مرات) أي غسلات ثلاثًا، قال ابن دقيق العيد: بعض الفقهاء لا يرى العدد في غسل الرجلين لقربهما من القذر، ولرواية "حتى أنقاهما" ومثبت العدد أولى (ثم غسل اليسرى مثل ذلك) أي ثلاث مرات، والحديث يدل على أن فرض الوضوء غسل الرجلين لا المسح (ثم قال) عثمان رضي الله عنه (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا) وفي رواية مثل وضوئي هذا، والمراد التشبيه والمماثلة، والتشبيه

ص: 181

ثُمَّ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَينِ، لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

قَال ابْنُ شِهاب: وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ: هذا الْوُضوءُ أَسْبَغُ مَا يَتَوَضأُ بِهِ أحَدٌ لِلصَّلاةِ

ــ

لا عموم له. اهـ بذل (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين) فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء وهي من السنن المؤكدة عند الشافعية خلافًا للمالكية صرّح به ابن رسلان، حالة كونه (لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه) بشيء من أمور الدنيا أو بما لا يتعلق بالصلاة من أمور الآخرة ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى لأن هذا ليس من فعله وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر. اهـ نواوي.

وعبارة البذل هنا: والمراد بحديث النفس هنا ما يمكن المرء قطعُهُ لأن قوله يُحدِّث يقتضي تَكَسُّبًا واختيارًا منه، فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس ويتعذر دفعه فذلك معفو عنه وبه جزم النواوي، نعم من اتفق أن يحصل له عدم حديث النفس أصلًا أعلى درجة بلا ريب ثم إن تلك الخواطر منها ما يتعلق بالدنيا والمراد دفعه مطلقًا، ومنها ما يتعلق بالآخرة كالفكر في معاني المَتْلُوِّ من القرآن والمذكور من الدعوات والأذكار أو في أمر محمود أو مندوب إليه لا يضر ذلك وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إني لأجهِّز جيشي وأنا في الصلاة اهـ.

(غفر له ما تقدم من ذنبه) يعني الصغائر دون الكبائر لأنه قَيَّدَ في بعض تلك الروايات بقوله (ما لم يُؤتِ كبيرة) وأيضًا ورد في النص القرآني ارتفاع الكبيرة بالتوبة بطريق الحصر، وظاهر هذا الحديث يعمُّ الكبائر والصغائر لكنه خُصَّ بالصغائر، والكبائر إنما تُكَفَّرُ بالتوبة وكذلك مظالم العباد، وهذا الحديث أصل عظيم في صفة الوضوء، والأصل في الواجب غسل الأعضاء مرة مرة والزيادة عليها سنة لأن الأحاديث الصحيحة وردت بالغسل ثلاثًا ثلاثًا ومرة مرة ومرتين مرتين وبعض الأعضاء ثلاثًا ثلاثًا وبعضها مرتين مرتين وبعضها مرة مرة فالاختلاف على هذه الصفة دليل الجواز في الكلِّ فإن الثلاث هي الأكمل والمرتان أدنى الكمال والواحدة هي الأقل المجزئ (قال ابن شهاب) بالسند السابق (وكان علماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ) أي أكمل إما يتوضأ به أحد للصلاة) ومعنى أسبغ أكمل، يقال الدرع السابغ الكامل وقد يقال على هذا، فكيف يكون

ص: 182

436 -

(00)(00)(00) وحدّثني زُهيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ؛ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِإِنَاءٍ. فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيهِ ثَلاثَ مِرَارٍ. فَغَسَلَهُمَا

ــ

هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد ولم يذكر فيه مسح الأذنين؟ والجواب: أن اسم الرأس يعمهما والله أعلم، والمعنى هذا أتم الوضوء وبمسح الأذنين يكون أكمل، وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [2/ 59] والبخاري [164] وأبو داود [106 - 110] والنساني [1/ 64 - 65].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عثمان رضي الله عنه فقال:

436 -

(00)(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي قال (حدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزهريّ أبو يوسف المدني ثقة من (9) مات سنة (208) روى عنه في (4) أبواب، قال (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ أبو إسحاق المدني ثقة حجة من (8) مات سنة (183) روى عنه في (14) بابا (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهريّ أبي بكر المدني من (4) مات سنة (125) روى عنه في (23) بابًا تقريبًا (عن عطاء بن يزيد الليثي) الجندعيِّ المدني نزيل الشام ثقة من (3) مات سنة (107) روى عنه في (5) أبواب (عن حمران) بن أبان (مولى عثمان) بن عفان رضي الله عنه المدني (أنه رأى عثمان) بن عفان، وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلا زهير بن حرب فإنه نسائي، وفيه رواية ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض وفيه رواية الولد عن والده ورواية المولى عن مولاه، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة إبراهيم بن سعد ليونس بن يزيد في رواية هذا الحديث عن الزهريّ، وفائدتها تقوية السند الأول لأن يونس بن يزيد له أوهام قليلة في روايته عن الزهري، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في سَوْقِ الحديث وبعض كلماته (دعا) أي طلب (بإناء) فيه ماء ليتوضأ به فأتي به (فأفرغ) أي صب الماء من الإناء (على كفيه ثلاث مرار) أي مرات ثلاثًا، وهذا زيادة على الرواية الأولى من أفرغت الإناء إفراغًا إذا قلبت ما فيه، والمعنى هاهنا صَبَّ على كفيه يعني أول ما فعل أنه أفرغ الماء على كفيه (فغسلهما) أي غسل الكفين إلى الكوعين ودلكهما ثلاثًا، وهل يحتاج في غسلهما إلى النية؟ قال الباجي: من

ص: 183

ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ. فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ويَدَيهِ إِلَى الْمِرفَقَينِ ثَلاث مَرَّاتٍ. ثُمَّ مَسَحَ بِرَأسِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذَا، ثَمَ صَلَّى رَكْعَتَينِ، لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبِهِ"

ــ

جعل غسلهما من سنن الوضوء كابن القاسم شَرَطَ النيةَ، ومن رأى النظافة كأشهب لم يشترطها. اهـ ابن رسلان، والحكمة في تقديم غسلهما تطهيرهما أو تنظيفهما لأنه يغسل بهما سائر الأعضاء (ثم أدخل يمينه) أي كفه اليمنى (في الإناء) فاغترف الماء بها (فمضمض واستنثر) أي أدخل الماء الذي اغترفه من الإناء في فمه وأنفه ولم يذكر الاستنشاق فإن ذكر الاستنثار دليل عليه لأنه لا يكون إلا بعده (ثم) بعد المضمضة والاستنشاق (غسل وجهه ثلاث مرات) أي مرات ثلاثًا، والحكمة في تأخير الوجه عن المضمضة والاستنشاق معرفة أوصاف الماء قبل استعماله في أول مفروض لأن اللون يُدرك بالبصر، والطعم يدرك بالفم، والريح يدرك بالأنف فقدّم الأقوى منها وهو الطعم ثم الريح ثم اللون، وسمي وجهًا لأنه تحصل به المواجهة عند التخاطب، وحدُّه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن طولًا ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضًا (ويديه) أي ذراعيه أي ثم غسل يديه لأن الواو بمعنى ثم (إلى المرفقين) أي مع المرفقين لأن إلى هنا بمعنى مع (ثلاث مرات) وسُنَّ تقديم اليمنى على اليسرى (ثم مسح رأسه) وليس فيه ذكر عدد للمسح كما مر (ثم غسل رجليه) أي قدميه مع الكعبين (ثلاث مرات) وسن تقديم اليمنى على اليسرى منهما، ودل الحديث على أن فرض الوضوء غسل الرجلين لا المسح (ثم قال) عثمان (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه") من الصغائر كما مر البحث عنه ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثًا واحدًا حديث عثمان بن عفان وذكر فيه متابعة واحدة، والله أعلم.

ص: 184