الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
105 - (10) باب: أن من أشرك بالله وعبد الأوثان من أهل الفترة يدخل النار مخلدًا فيها لا تنفعه شفاعة شافع ولا قرابة مُقرب
ــ
105 -
(10) باب: أن من أشرك بالله وعبد الأوثان من أهل الفترة يدخل النار مخلدًا فيها لا تنفعه شفاعة شافع ولا قرابة مُقرب
فأهل الفترة هم الأمم الكائنة في الأزمنة التي بين الرسولين الأول الذي لم يُرسل إليهم والثاني الذي لم يدركوا زمنه كالأعراب الذين لم يُرسل إليهم عيسى عليه السلام ولا أدركوا زمن النبي صلى الله عليه وسلم والفترة على هذا التفسير تشمل ما بين كل رسولين كالفترة التي بين إدريس ونوح عليهما السلام وبين نوح وهود عليهما السلام وكانت ثمانمائة سنة والتي بين صالح وإبراهيم عليهما السلام وكانت ستمائة وثلاثين سنة، ولكن الفقهاء إذا تكلموا في الفترة فإنما يعنون التي بين عيسى عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم وذكر البخاري عن سلمان أنها كانت ستمائة سنة.
واعلم أن أهل الفترة على ثلاثة أقسام: .
الأول: من أدرك التوحيد ببصيرته ثم من هؤلاء من لم يدخل في شريعةِ قائمة قبلهم كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل وعبيد الله بن جحش بن رئاب ومنهم من دخل في شريعة قائمةِ الرسْمِ كورقة بن نوفل وتبَع وقومه من حِمْيَر وأهل نجران.
القسم الثاني من بدل وغيَّر فأشرك ولم يُوحد وشرع لنفسه شريعة فحلل وحرم وهم الأكثر كعمرو بن لحي أول من سَنَّ للعَرَب عبادةَ الأصنام وشرع الأحكام فبحّر البحيرة وسيّب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي وتبعته العرب على ذلك حتى كانت لقبائلهم حول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا سوى ما لهم في موضع استقرارهم ثم لم تكتف العرب بعبادة الأصنام حتى عبدوا الجن والملائكة وخرقوا البنين والبنات إلى غير ذلك من ضلالتهم.
القسم الثالث مَن لم يشرك بالله ولم يُوحد ولا دخل في شريعة نبي ولا ابتكر لنفسه بشريعة ولا اختراع دين بل بقي عمره على حين غفلة من هذا كله وفي الجاهلية من كان كذلك، فإذا انقسم أهل الفترة إلى هذه الثلاثة الأقسام فيُحمل مَن صح تعذيبه كما في
397 -
(180)(6 1) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا عَفانُ، حَدَّثَنَا حَمادُ بْنُ سَلَمَةَ عَن ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ "أن رَجُلًا قَال: يَا رَسُولَ الله، أَينَ أَبِي؟ قَال: فِي النَّارِ فَلَما قَفَّى دَعَاهُ فَقَال: إِن أبِي وَأَبَاكَ فِي النارِ"
ــ
حديث الباب على أهل القسم الثاني أعني من أشرك وعبد الأصنام وشرّع الشرائع لنفسه كعمرو بن لُحي وأتباعه من العرب، وأما القسم الثالث فهم أهل الفترة حقيقة وهم غير معذبين وعليهم يُحمل قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ، وأما القسم الأول كورقة بن نوفل وتُبع وقومه وأهل نجران فحكمهم حكم أهل الدين الذي دخلوا فيه ما لم يلحق أحدًا منهم الإسلام الناسخ لكل دين وأما قس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل فقد صح في كل منهما أنه يُبعث أمة واحدة فتحصل من هذا أن حديث الباب محمول على أهل القسم الثاني فلا تعارض بين حديث الباب وبين قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} .
(397)
- (180)(16)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) العبسي مولاهم الكوفي من العاشرة، قال (حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الأنصاري أبو عثمان البصري ثقة ثبت من كبار العاشرة مات سنة (220) عشرين ومائتين، روى عنه في (9) أبواب قال (حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الزبعي مولاهم أبو سلمة البصري ثقة عابد من كبار الثامنة مات سنة (167) روى عنه في (16) بابا، وهو من أثبت الناس في ثابت (عن ثابت) بن أسلم البناني مولاهم أبي محمد البصري ثقة عابد من الرابعة مات سنة (123) بضع وعشرين ومائة (عن أنس) بن مالك الأنصاري أبي حمزة البصري، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم بصريون إلا أبا بكر فإنه كوفي (أن رجلًا) من الحاضرين (قال يا رسول الله أين أبي؟ ) هل في النار أم في الجنة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل السائل أبوك (في النار) لأنه مات على الشرك الجاهلي (فلما قَفَّى) الرجل السائل بعد جواب النبي صلى الله عليه وسلم أي ذهب وأدبر وجعل قفاه واليًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي أعطاه قفاه وظهره في حالة ذهابه (دعاه) أي دعا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل وناداه وأمره بالرجوع إليه (فـ) لما رجع الرجل إليه (قال) له تطييبًا لخاطره (إن أبي) ووالدي (وأباك) أي والدك (في النار) الأخروي لموتهما على الشرك الجاهلي فهما من القسم الثاني من أقسام أهل الفترة الثلاثة، قال النواوي: ففي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحديث أن من مات على الشرك فهو في النار ولا تنفعه قرابة المُقربين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه الجاهلية من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وقوله إن أبي وأباك في النار هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة لأنها إذا عَمَّت هانت وإذا خصت ثقُلت ولا عبرة بقول من قال إن المراد باب النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبو لهب أو أبو طالب لمخالفته ظاهر لفظ الحديث والنص القاطع. والله أعلم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [3/ 119 و 117 و 268] وأبو داود [4718].
***