الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هريرة ذكره للاستدلال على بعض خصال الفطرة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال على الجزء الأخير من الترجمة، والثالث حديث ابن عمر ذكره للاستدلال على بعض خصال الفطرة وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر، والخامس حديث عائشة ذكره للاستدلال به على باقي خصال الفطرة، وأخَّرَه لأن في سنده مصعب بن شيبة وهو لين الحديث كما ذكره الحافظ في التقريب.
(فصل في مباحث خصال الفطرة العشرة)
الأول منها في الختان: أما الختان فهو واجب عند الشافعي وكثير من العلماء وسنة عند مالك وأكثر العلماء، وهو عند الشافعي واجب على الرجال والنساء جميعًا ولا يمتنع قرن الواجب بغيره كما في قوله تعالى {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} والإيتاء واجب والأكل ليس بواجب، والله أعلم. ثم إن الواجب في الرجل أن يقطع جميع الجلدة التي تُغطي الحشفة المسماة بالقُلْفَة حتى ينكشف جميع الحشفة، وفي المرأة قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج المسماة بالبظرة، والصحيح الذي عليه جمهور الشافعية أن الختان جائز في حال الصغر ليس بواجب ولهم وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قبل بلوغه، ووجه أنه يحرم ختانه قبل عشر سنين، وإذا قلنا بالصحيح استحب أن يختن في اليوم السابع من ولادته، وهل يحسب يوم الولادة من السبع أم تكون سبعة سواه؟ فيه وجهان: أظهرهما يُحسب، واختلفت الشافعية في الخنثى المشكل فقيل يجب ختانه في فرجيه بعد البلوغ وقيل لا يجوز حتى يتبين وهو الأظهر، وأما من له ذكران فإن كانا عاملين وجب ختانهما ديان كان أحدهما عاملًا دون الآخر خُتن العامل، وفيما يُعتبر العمل به وجهان أحدهما بالبول والآخر بالجماع، ولو مات إنسان غير مختون ففيه ثلاثة أوجه عند الشافعية: الصحيح المشهور أنه لا يختن صغيرًا كان أو كبيرًا، والثاني يختن الكبير دون الصغير، والثالث لا يُختن مطلقًا، وبالجملة فالختان سنة منتشرة في العرب معمول بها من لدن إبراهيم عليه السلام فإنه أول من اختتن، وهو عند مالك وعامة العلماء سنة مؤكدة وشعار من شعائر الإسلام إلا أنه لم يرد من الشرع ذم تاركه ولا توعده بعقاب فلا يكون واجبًا خلافًا للشافعي، واختلف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيمن وُلد مختونًا؛ فقيل تُمَرُّ عليه الموسى وقيل لا، والحكمة في مشروعيته النظافة لأنه أنقى من البول لأنه إذا لم يختتن لم ينقطع أثر البول عنه وقيل ليحصل كمال لذة الوطء لأن الوطء بذكر ملفوف بخرقة أدنى لذة بكثير من الوطء به وهو مكشوف، ولأجل نقص الإحساس مع الساتر اختلف أهل المذهب في مس الذكر من فوق حائل هل ينقض الوضوء أم لا ثالثها إن كان خفيفًا نقض، والله أعلم.
والثاني منها في الاستحداد وهو إزالة العانة وهي الشعر النابت فوق الفرج وحواليه سُمي عانة لما في إزالته من العنت أي المشقة وسُميت إزالته استحدادًا لاستعمال الحديدة وهي الموسى فيها وهو سنة بالإجماع والمراد به نظافة ذلك الموضع والأفضل فيه الحلق ويجوز بالقص والنتف والنورة، والمراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة، ونُقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر فيحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القُبل والدُّبر وحولهما، وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله فإذا طال حلق وكذلك الضبط في قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار وأما حديث أنس المذكور في الكتاب "وقَّتَ لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يُترك أكثر من أربعين ليلة، فمعناه لا يُترك تركًا يتجاوز به أربعين لا أنهم وقت لهم الترك أربعين ليلة، والله أعلم.
والثالث منها في تقليم الأظفار فهو سنة ليس بواجب وهو تفعيل من القَلْم وهو القطع ويُستحب أن يبدأ باليدين قبل الرجلين فيبدأ بمسبحة يده اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام ثم يعود إلى اليسرى فيبدأ بخنصرها ثم ببنصرها إلى آخرها ثم يعود إلى الرجلين اليمنى فيبدأ بخنصرها ويختم بخنصر اليسرى، قال الأبي: وجه هذا الترتيب المحافظة على البدء بالميامن في الأصابع وبالأشرف منها فبدأ بأصابع اليمنى لشرف الأيمن وبدأ بسبابتها لأنها أشرف أصابعها لأنها المسبحة ومُقْمِعَة الشيطان ثم ذهب في التقليم على الترتيب الذي تقتضيه هيئة اليدين عند نصبهما للدعاء الأيمن فالأيمن ثم يختم بإبهام اليمنى ليكون البدأ بها والختم بها هكذا أعرف لغير النواوي، ويحصل تقليمها بإزالة ما طال منها على اللحم والمطلوب منه تحسين الهيئة، وفي حديث أبي أيوب "قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن خبر السماء فقال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تسألني عن خبر السماء وتدع أظفارك كأنها أظفار الطير تجمع الخبائث والتفث" ولأنه أقرب إلى حصول الطهارة على الوجه الأكمل إذ قد يحصل تحتها ما يمنع من وصول الماء إلى البشرة وهذا فيما لم يَطُل منها طولًا غير معتاد فإنه يُعفى عما تعلق به من قليل الوسخ وأما ما زاد طوله على المعتاد فإنه لا يُعفى عما تعلق به قل أو كثر، والله أعلم.
والرابع منها في نتف الإبط أما هو فسنة بالاتفاق والأفضل فيه النتف لمن قوي عليه ويحصل أيضًا بالحلق وبالنورة، وحكي عن يونس بن عبد الأعلى قال: دخلت على الشافعي وعنده المزين يحلق إبطه، فقال الشافعي: علمت أن السنة النتف ولكني لا أقوى على الوجع، ويستحب أن يبدأ بالإبط الأيمن، قال (ط) لو حلقه لأجزأه ولا يظهر لأن الأصل ما دلت عليه السنة فإنها فرقت فعبرت في إزالة العانة بالاستحداد، وفي الإبط بالنتف وذلك مما يدل على مراعاة الأمرين وأيضًا فإن الحلق يثير الشعر ويكثره وكثرة الشعر في محل الوسخ يقوي الرائحة الكريهة بخلاف العانة فإنها ليست في محل وسخ، اللهم إلا أن يكون في نتفه ألم. اهـ أبي.
والخامس منها في قص الشارب وعبر عنه في بعض الأحاديث بالإحفاء، وفي بعضها بالجز وفي بعضها بالنهك والمعنى واحد، وأما قصه فهو سنة أيضًا ويستحب أن يبدأ بالجانب الأيمن وهو مخير بين القص بنفسه وبين أن يولي ذلك غيره لحصول المقصود من غير هتك مروءة ولا حرمةِ بخلاف الإبط والعانة، وأما حد ما يقصه فالمختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يُحْفِه من أصله، وأما رواية أحفوا الشوارب فمعناه أحفوا ما طال على الشفتين والقصد منه تنظيف مدخل الطعام ومخالفة المجوس إذ هم يحلقونه فالأحسن ما عليه العرب اليوم من الأخذ من طوله ومساحته حتى يبدو الإطار.
والسادس منها في إعفاء اللحية وهو الشعر النابت على الذقن فأما إعفاؤها فهو توفيرها وتكثيرها فهو بمعنى ما في الرواية الأخرى من قوله "أوفوا اللحى" وفي الأخرى "أرخوا اللحى" وكان من عادة الفرس قص اللحية فنهى الشرع عن ذلك.
وقد ذكر العلماء في اللحية اثنتي عشرة خصالًا مكروهة بعضها أشد قبحًا من بعض إحداها خضابها بالأسود لا لغرض الجهاد، الثانية خضابها بالصفرة تشبهًا بالصالحين لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لاتباع السنة، الثالثة تبييضها بالكبريت أو غيره استعجالًا للشيخوخة لأجل الرياسة والتعظيم وإيهام أنه من المشايخ، الرابعة نتفها أو حلقها أول طلوعها إيثارًا للمرودة وحُسن الصورة، الخامسة نتف الشيب، السادسة تصفيفها طاقة فوق طاقة تَصَنُّعًا ليستحسنه النساء وغيرهن، السابعة الزيادة فيها والنقص منها بالزيادة في شعر العذار من الصدغين أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس أو نتف جانبي العنفقة وغير ذلك، الثامنة تسريحها تصنعًا لأجل الناس، التاسعة تركها شعثة ملبدة إظهارًا للزهادة وقلة المبالاة، العاشرة النظر إلى سوادها وبياضها إعجابًا وخيلاء وغِرَّة بالشباب وفخرًا بالمشيب وتطاولًا على الشباب، الحادية عشرة عقدها وضفرها، الثانية عشرة حلقها إلا إذا نبت للمرأة لحية فيستحب لها حلقها لأنها مُثلة في حقها، والله تعالى أعلم.
والسابع منها في الاستنشاق فأما معناه فهو جذب الماء بالنَّفَس إلى الأنف لإخراج ما فيه من الوسخ والمخاط فهو سنة في الوضوء وفي غيره وقد تقدم بيان صفته واختلاف العلماء في وجوبه واستحبابه.
والثامن منها في غسل البراجم فأما غسلها فسنة مستقلة ليست مختصة بالوضوء، والبراجم بفتح الباء وبالجيم جمع بُرْجُمَة بضم الباء والجيم وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها كما مر، قال العلماء: ويلحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وهو الصماخ فيزيله بالمسح لأنه ربما أضرت كثرته بالسمع، وكذلك ما يجتمع في داخل الأنف، وكذلك جميع الوسخ المجتمع على أي موضع كان من البدن بالعرق والغبار ونحوهما، والله أعلم.
والتاسع منها في انتقاص الماء بالقاف والصاد وقد فسره وكيع في الكتاب بأنه الاستنجاء بالماء، وقال أبو عبيدة وغيره: معناه انتقاص البول بسبب استعمال الماء في غسل مذاكيره، وقيل هو الانتضاح، وقد جاء في روايةِ الانتضاح بدل انتقاص الماء، قال الجمهور: الانتضاح نضح الفرج ورشه بماء قليل لينفي عنه الوسواس كما مر البسط فيه فهو سنة مستقلة أيضًا.
والعاشر منها في السواك وقد مر البسط فيه بما لا مزيد عليه وهو سنة مستقلة أيضًا بالإجماع.