المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌123 - (28) (10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌96 - (1) باب: آخر أهل النار خروجًا منها

- ‌97 - (2) باب آخر أهل الجنة دخولًا الجنة

- ‌98 - (3) باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها

- ‌99 - (4) باب عرض صغار الذنوب على العبد وإقراره بها وتبديل كل سيئة منها بحسنة

- ‌100 - (5) باب انطفاء نور المنافقين على الصراط ونجاة المؤمنين على اختلاف أحوالهم والإذن في الشفاعة وإخراج من قال لا إله إلا الله من النار

- ‌101 - (6) باب ما خُصَّ به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشفاعة العامة لأهل المحشر (المسماة بالشفاعة العظمى)

- ‌102 - (7) باب: كون النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعًا وأولهم شفاعة وكونه أول من تفتح له الجنة منهم

- ‌103 - (8) باب: اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوته شفاعة لأمته

- ‌104 - (9) باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقة عليهم

- ‌105 - (10) باب: أن من أشرك بالله وعبد الأوثان من أهل الفترة يدخل النار مخلدًا فيها لا تنفعه شفاعة شافع ولا قرابة مُقرب

- ‌106 - (11) باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار عشيرته الأقربين وأنه لا ينفعهم إذا ماتوا على الشرك

- ‌107 - (12) باب: صعود النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا وقوله لعشيرته الأقربين: سلوني من مالي ما شئتم ولا أملك لكم من اللَّه شيئًا

- ‌108 - (13) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في التخفيف عنه

- ‌109 - (14) باب أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة

- ‌110 - (15) باب من لم يؤمن لن ينفعه عمل صالح في الآخرة

- ‌111 - (16) باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم

- ‌112 - (17) باب كم يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بغير حساب ولا عذاب

- ‌(تتمة في مباحث تتعلق بهذا الحديث)

- ‌113 - (18) باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم نصف أهل الجنة

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌114 - (19) (1) باب فضل الوضوء

- ‌115 - (20) - (2) باب في بيان صفة الوضوء الكامل (أي كيفيته)

- ‌116 - (21) (3) باب فضل الوضوء والصلاة عقبه

- ‌117 - (22) (4) باب إذا أحسن الرجل وضوءه وصلاته بخشوعها وركوعها وسائر أركانها تكون كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يرتكب كبيرة

- ‌118 - (23) (5) باب كون صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة

- ‌119 - (24) (6) باب حجة من قال يثلث مسح الرأس كما يثلث كسل سائر الأعضاء

- ‌120 - (25) (7) باب من أتم وضوءه كما أمره الله تعالى فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن

- ‌121 - (26) (8) باب من أحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد فصلى مع الجماعة غُفر له

- ‌122 - (27) (9) بابٌ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر

- ‌123 - (28) (10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

- ‌124 - (29) (11) باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌125 - (30) (12) باب الإيتار في الاستجمار والاستنثار

- ‌126 - (31) (13) باب وعيد من لم يسبغ الوضوء

- ‌127 - (32) (14) باب وجوب استيعاب محل الفرض بالطهارة

- ‌128 - (33) (15) باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء

- ‌129 - (34) (16) باب استحباب إطالة الغُرَّة والتحجيل في الوضوء

- ‌130 - (35) (17) باب بيان سيما أمته صلى الله عليه وسلم حين ورودهم عليه على الحوض وبيان قدر الحوض وصفته وبيان ذود رجال من أمته عنه

- ‌131 - (36) (18) باب بلوغ حلية المؤمن حيث يبلغ الوضوء

- ‌132 - (37) (19) باب فضل إسباغ الوضوء مع المكاره

- ‌133 - (38) (20) باب السواك

- ‌[تتمة]

- ‌134 - (39) (21) باب خصال الفطرة والتوقيت فيها

- ‌(فصل في مباحث خصال الفطرة العشرة)

- ‌135 - (40) (22) باب الاستنجاء والنهي عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط وعن الاستنجاء بروث أو عظم وعن الاستنجاء باليمين

- ‌136 - (41) (23) باب ما جاء من الرخصة في ذلك

- ‌137 - (42) (24) باب النهي عن التمسح باليمين من الخلاء وعن التنفس في الإناء عند الشرب

- ‌138 - (43) (25) باب التيمن في الطهور وغيره

- ‌139 - (44) (26) باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال

- ‌140 - (45) (27) باب حمل الإداوة والعَنَزَة مع الإمام والأمراء ليستنجي بمائها

- ‌141 - (45) (28) باب المسح على الخفين

الفصل: ‌123 - (28) (10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

‌123 - (28)(10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

449 -

(211)(47)(11) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاويةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ،

ــ

123 -

(28)(10) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

449 -

(211)(47)(11)(حدثني محمد بن حاتم بن ميمون) المروزي ثم البغدادي أبو عبد الله المؤدب السمين صدوق ربما وَهِمَ من (10) مات سنة (235) روى عنه في (11) بابا، قال (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث من (9) مات سنة (198) روى عنه في (14) بابا، قال (حدثنا معاوية بن صالح) بن حُدَيرٍ بمهملتين مصغرًا الحضرمي أبو عبد الرحمن الحمصي قاضي الأندلس قدم مكة فكتبوا عنه، روى عن ربيعة بن يزيد في الوضوء والصلاة والزكاة، وعبد الله بن أبي قيس في الصلاة، ويحيى الأنصاري في الجنائز والجهاد وغيرها، وعلي بن أبي طلحة في النكاح، والعلاء بن الحارث في الجهاد، وأبي الزاهرية في الصيد والضحايا، ويروي عنه (م عم) وعبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب والليث بن سعد وابن وهب وحماد بن خالد ومعن بن عيسى، وقال في الجهاد: وروى معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد، وثقه أحمد وابن معين والنسائي والعجلي وأبو زرعة، وقال في التقريب: صدوق له أوهام من السابعة مات سنة (158) ثمان وخمسين ومائة، روى عنه في ثمانية أبواب (عن ربيعة) بن يزيد القصير الدمشقي أبي شعيب الإيادي أحد الأئمة الأعلام فقيه أهل دمشق مع مكحول، روى عن أبي إدريس الخولاني في الوضوء والصلاة والزكاة والصيد والظلم والدعاء وقزعة في الصلاة، وعبد الله بن عامر اليحصبي في الزكاة، ومسلم بن قرظة في الجهاد، وجبير بن نفير والصنابحي، ويروي عنه (ع) ومعاوية بن صالح وسعيد بن عبد العزيز وحيوة بن شريح والأوزاعي وغيرهم، وقال في التقريب: ثقة عابد من الرابعة مات سنة (123) ثلاث وعشرين ومائة، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن يزيد) إشعارًا بأن هذه النسبة من زياداته لا مما سمعه من شيخه (عن أبي إدريس الخولاني) نسبة إلى خولان بن مالك عائذ الله بن عبد الله بن عمرو العوذي بفتح المهملة آخره معجمة الشامي الدمشقي قاضي

ص: 213

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. ح. وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثمَانَ،

ــ

عبد الملك بن مروان أحد الأئمة الأعلام ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين وسمع من كبار الصحابة، روى عن عقبة بن عامر في الوضوء، وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي الدرداء في الصلاة، وواثلة بن الأسقع في الجنائز وعبادة بن الصامت في الحدود، وحذيفة في الجهاد والفتن، وأبي ثعلبة الخشني في الصيد، وأبي ذر في الظلم، ويروي عنه (ع) وربيعة بن يزيد والزهري وبشر بن عبيد الله ومكحول، قال مكحول: ما رأيت أعلم منه، وقال العجلي: دمشقي تابعي ثقة، وقال أبو حاتم: ثقة، وقال النسائي وابن سعد: ثقة مات سنة ثمانين (80) وقال سعيد بن عبد العزيز: كان عالما بالشام بعد أبي الدرداء (عن عقبة بن عامر) بن عبس الجهني من جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحاف بن قضاعة صحابي مشهور المدني ولي مصر لمعاوية ثلاث سنين، اختلف في كنيته على سبعة أقوال قيل أبو أسد وقيل أبو عمرو وقيل أبو عامر وقيل أبو سعاد وقيل أبو حماد وهذا أشهرها له خمسة وخمسون حديثًا (55) اتفقا على سبعة وانفرد (خ) بحديث، ومسلم بتسعة (9) روى عن عمر في الوضوء، ويروي عنه (ع) وأبو إدريس الخولاني وجبير بن نفير في الوضوء، وعلي بن رباح في الصلاة، وقيس بن أبي حازم في الصلاة، وعبد الرحمن بن شُماسة ومرثد بن عبد الله اليزني وربعي بن حراش في البيوع، وأبو علي الهمداني ثمامة بن شُفَيٍّ وبعجة الجهني وجابر وابن عباس وخلق، وكان فصيحًا شاعرًا مفوهًا كاتبًا قارئًا لكتاب الله عالما، وقال خليفة: مات سنة (58) ثمان وخمسين، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم شاميون وواحد مدني وواحد بصري وواحد بغدادي.

قوله (ح وحدثني أبو عثمان) معطوف في المعنى على ربيعة بن يزيد لأن أبا عثمان شيخ لمعاوية بن صالح كربيعة بن يزيد، فمعاوية بن صالح له طريقان: طريق عن ربيعة عن أبي إدريس الخولاني عن عقبة بن عامر، وطريق عن أبي عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال أبو علي الغساني: وهذا الذي ذكرناه هو الصواب والتقدير (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال: قال لنا معاوية بن صالح بالسند السابق: حدثني أبو عثمان أي قال معاوية بن صالح حدثنا ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن عقبة بن عامر وحدثني أيضًا أبو عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر، أي قال معاوية بن صالح (حدثني) أيضًا (أبو عثمان) قال أبو بكر بن منجويه: يشبه أن يكون سعيد بن هانئ

ص: 214

عَنْ جُبَيرِ بْنِ نُفَير، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ قَال: كَانَتْ عَلَينَا رِعَايَةُ الإِبِلِ، فَجَاءَتْ نَوْبَتِي، فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ

ــ

الخولاني المصري، وقال ابن حبان: يشبه أن يكون حريز بن عثمان الرحبي وإلا فمجهول من الثالثة فلا يقدح على مسلم ذكره لأنه إنما ذكره على سبيل المتابعة، وأطال النواوي الكلام هنا فراجعه، قال المازري قال الجيَّاني: قائلُ وحدثني أبو عثمان هو معاوية بن صالح، فروى الحديث عن ربيعة بطريقِ وعن أبي عثمان بطريقٍ وكذا وقع مبيَّنًا في غير مسلم، وفي نسخة أبي عبد الله بن الحذاء قال ربيعة: وحدثني أبو عثمان عن جبير وهو وهم. اهـ.

(عن جبير بن نفير) مصغرًا بن مالك بن عامر الحضرمي أبي عبد الرحمن الحمصي أدرك الجاهلية أسلم في زمن أبي بكر، ولأبيه صحبة فكأنه هو ما وفد إلا في عهد عمر، روى عن عقبة بن عامر في الوضوء، وشرحبيل بن السميط في الصلاة، والنواس بن سمعان في البر والصلاة، وعوف بن مالك في الجنائز والجهاد والطب، وأبي الدرداء في النكاح، وأبي ثعلبة الخشني في الصيد، وثوبان في الضحايا، وعبد الله بن عمرو في اللباس، وعبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل وخالد بن الوليد وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وأبو عثمان وحبيب بن عبيد والوليد بن عبد الرحمن وابنه عبد الرحمن بن جبير وخالد بن معدان وأبو الزاهرية وطائفة وثقه أبو حاتم، وقال في التقريب: ثقة مخضرم من الثانية مات سنة (80) ثمانين وقيل بعدها (عن عقبة بن عامر) الجهني المدني (قال) عقبة (كانت علينا) أي على رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (رعاية الابل) أي رَعْيُ إبل الصدقة المنتظر بها التفرقة أو المُعدَّة لمصالح المسلمين أو رَعْي إبلهم والمعنى عليه كانوا يجمعون إبلهم ويتناوبون في رعيها فيرعاها كل يوم واحد منهم ليكون أرفق بهم وينصرف الباقون إلى مصالحهم (فجاءت نوبتي) أي نوبة رعيي ورجعتها أي جاء يوم نوبتي فرعيتها (فروحتها بعشي) أي رددتها ورجعتها إلى مراحها ومأواها ليلا في آخر النهار وتفرغتُ من أمرها ثم ذهبت إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبين معنى هذا الحديث ما في رواية أبي داود مع شرحه بذل المجهود (قال) عقبة بن عامر (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خدام أنفسنا) ما كان لنا عبيد ولا غلمان يخدموننا بل كنا نتولى أمورنا بأنفسنا (نتناوب الرعاية) يعني قَسَمْنَا رعاية إبلنا بيننا يرعى جمال الرفقة هذا يوما وذلك يوما آخر، والرعاية بكسر الراء هي الرمي (رعاية إبلنا) أي أهل رفقته الذين قدم معهم على رسول الله صلى الله

ص: 215

فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ. فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَينِ، مُقْبِلٌ عَلَيهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" قَال: فَقُلْت: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ، فَإِذَا قَائِلٌ بَينَ يَدَيَّ

ــ

عليه وسلم وهم اثنا عشر راكبا كما في أوسط الطبراني (فكانت علي رعاية الإبل) أي جاءت نوبتي يوما وكان رعي إبل القوم في ذلك اليوم علي (فرَوَّحْتُها بالعشي) أي رددت الإبل إلى مراحها ومأواها بالعشي أي فيما بعد الزوال بعدما فرغت من رعيها ثم جئت إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يخطب الناس فسمعته يقول

) إلخ.

(فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي وصلت إليه وجئته حالة كونه (قائمًا يحدث الناس) أي يخبرهم ويعلمهم مصالح دينهم (فأدركت) أي سمعت (من قوله ما من مسلم يتوضأ) أي ما مسلم يتوضأ (فيحسن وضوءه) بفرائضه وآدابه (ثم يقوم) مستقبل القبلة (فيصلي ركعتين) نافلة أو فريضة (مقبل عليهما) أي على الركعتين (بقلبه) خاشعًا لله سبحانه وتعالى (و) بـ (وجهه) أي بأعضائه وجسده خاضعا له تعالى متذللا، قال العلماء: والفرق بين الخشوع والخضوع أن الخشوع في القلب والخضوع في الأعضاء وهو ناشئ عن خشوع القلب، قال النواوي:(مقبل بقلبه ووجهه) أي وهو مقبل بهما إلى الصلاة أي مقبل بقلبه إلى الصلاة لا يتحدث به في الشواغل وبأعضائه لا يعبث بها، وفي بعض النسخ (مقبلا) بالنصب، وقد جمع صلى الله عليه وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع بالقلب على ما قاله جماعة من العلماء، وقوله (إلا وجبت له الجنة) استثناء من أعم الأحوال كما مر نظيره أي ليس شخص من أهل الإسلام متوضأ فمحسنًا وضوءه ثم قائما فمصليا ركعتين حال كونه مقبلا بقلبه ووجهه عليهما في حال من الأحوال إلا حالة كونه وجبت له الجنة (قال) عقبة بن عامر (فـ) لما سمعت هذه المقالة (قلت ما أجود هذه) المقالة وما أحسنها تعجبًا منها أي شيء عظيم جعلها جيدة، قال النواوي:(ما أجود هذه) يعني هذه الكلمة أو الفائدة أو البشارة أو العبادة وجودتها من جهات، منها: أنها سهلة متيسرة يَقْدِرُ عليها كل أحد بلا مشقة ومنها أن أجرها عظيم والله أعلم. اهـ.

قال عقبة (فإذا قائل) حاضر (بين يدي) أي قدامي وإذا فجائية وقائل مبتدأ سوغ

ص: 216

يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ. قَال: إِنِّي قَدْ رَأَيتُك جِئْتَ آنِفًا. قَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ"

ــ

الابتداء بالنكرة وقوعه بعد إذا الفجائية ووصفه بالظرف، وجملة (يقول) خبر المبتدأ أي ففاجأني قول قائل بين يدي المقالة (التي قبلها) أي قبل المقالة التي سمعتها (أجود) وأحسن من المقالة التي سمعتها (فنظرتُ) إلى ذلك القائل (فإذا) هو (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (قال) عمر (إني قد رأيتك جئت آنفًا) أي قريبًا، وهو بالمد على اللغة المشهورة وبالقصر على لغة صحيحة قرئ بها في السبع أي وإنما قلت لك ما قلت لأني قد رأيتك جئت في الزمن القريب ولم تدرك المقالة التي قبل هذه لأنه صلى الله عليه وسلم (قال) قبل هذه الكلمة التي سمعتها (ما منكم من أحد) أي ما أحد منكم أيها المسلمون (يتوضأ فيبلغ أو) قال الراوي (فيسبغ الوضوء) الشك من الراوي أو ممن دونه وهما بمعنى واحد أي فيتمه ويُكْمِلُه فيُوصِلُه مواضعه على الوجه المسنون قال ملا علي: وأو هنا للشك والوضوء بفتح الواو وقيل بالضم. اهـ. وعبارة المشارق (فيبلغ الوضوء أو فيسبغ الوضوء) والشك من الراوي ومعنى الأول فيوصل الوضوء إلى مواضعه فالوضوء فيه مفتوح الواو، ومعنى الثاني فيكمل الوضوء على الوجه المسنون فالوضوء فيه مضموم الواو كما في المبارق. اهـ من هامش بعض المتون.

(ثم يقول) ذلك الأحد (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فتحت له) ضبطه ملا علي بالتخفيف وبالتشديد على أنّ فَعَّلَ المضعَّفَ بمعنى الثلاثي (أبواب الجنة الثمانية فـ) يُخَيَّرُ بينها و (يدخل من أيها) أي من أي تلك الأبواب الثمانية (شاء) بها قال الأبي: وكانت أجود من الأولى ليُسْرِ الفعل فيها مع مزية التخيير في الدخول فإنه مزية على أنه يخير ابتداء لا بعد الجزاء كما يحتمله الآخر، وهذا الحديث لا يعارض حديث "إن في الجنة بابا لا يدخله إلا الصائمون" لاحتمال أن يدخله الصائمون أوَّلًا ثم يقع التخيير بعد، وزاد في الترمذي متصلًا بالحديث "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" قال ابن العربي: والمخيرون في الدخول أربعة الأول هذا والثاني المنفق زوجين في سبيل الله والثالث القائل "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن محمدًا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم" والرابع من مات يؤمن بالله واليوم الآخر، قال القرطبي: وفي هذا الحديث ما يدل على أن الذكر بعد الوضوء فضيلة من فضائله، وعلى أن أبواب الجنة ثمانية لا غير، وعلى أن داخل الجنة يخير في أي الأبواب شاء، وقد تقدم بسط هذا المعنى. اهـ.

وهذا الحديث سنده بالنسبة إلى ما سمعه عقبة من النبي صلى الله عليه وسلم من السداسيات كما مر آنفًا، وبالنسبة إلى ما سمعه من عمر من السباعيات وفيه رواية صحابي عن صحابي رضي الله عنهما.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 146 و 153] وأبو داود [169 و 170] والترمذي [55] والنسائي [1/ 92 - 93].

قال النواوي: أما أحكام الحديث ففيه أنه يستحب للمتوضئ أن يقول عقب وضوئه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وهذا متفق عليه. وينبغي أن يضم إليه ما جاء في رواية الترمذي متصلًا بهذا الحديث (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) ويستحب أن يضم إليه ما رواه النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة مرفوعًا (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك) قال أصحابنا وتستحب هذه الأذكار للمغتسل أيضًا والله سبحانه وتعالى أعلم.

وفي تحفة الأحوذي: واعلم أنه لم يصح في هذا الباب غير حديث عمر الذي رواه مسلم وقد جاء في هذا الباب أحاديث ضعاف؛ منها: حديث أبي سعيد بلفظ من توضأ فقال: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كُتب في رَق ثم طُبع بطابع فلم يُكسر إلى يوم القيامة) واختُلف في رفعه ووقفه والمرفوع ضعيف وأما الموقوف فهو صحيح كما حقق ذلك الحافظ في التلخيص، ثم اعلم: أن ما ذكره الحنفية والشافعية وغيرهم في كتبهم من الدعاء عند كل عضو كقولهم يُقال عند غسل الوجه اللهم بيض وجهي يوم تَبْيَضُّ وجوه وتسود وجوه، وعند غسل اليد اليمنى اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابًا يسيرًا .. الخ فلم يثبت فيه حديث، قال الحافظ في التلخيص قال الرافعي: ورد بها الأثر عن الصالحين قال النواوي في الروضة: هذا الدعاء لا أصل له، وقال ابن الصلاح: لم يصح فيه حديث، قال

ص: 218

450 -

(00)(00)(12) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا زَيدُ بْنُ الْحُبَابِ. حَدَّثَنَا مُعَاويةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ،

ــ

الحافظ: رُوي فيه عن علي من طرق ضعيفة جدًّا أوردها المستغفري في الدعوات وابن عساكر في أماليه. اهـ. قال ابن القيم في الهدي: ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول على وضوئه شيئًا غير التسمية وكل حديث في أذكار الوضوء التي تُقال عليه فكذب مختلق لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا منه ولا علَّمه لأمته ولم يثبت عنه غير التسمية في أوله، وقوله (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) في آخره، اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه فقال:

450 -

(00)(00)(12)(وحدثناه) أي وحدثنا الحديث المذكور أعني حديث عقبة بن عامر (أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، قال أبو بكر (حدثنا زيد بن الخباب) بضم أوله المهمل وبموحدتين أبي الحسين العُكلي بضم المهملة وسكون الكاف نسبة إلى عُكْلٍ بطن من تميم الحافظ الكوفي روى عن معاوية بن صالح في الوضوء والزكاة وغيرهما، والضحاك بن عثمان في الوضوء والصلاة وغيرهما، وقُرة بن خالد في الزكاة، وإبراهيم بن نافع في الحج واللباس، ويحيى بن أيوب في الفرائض، وسيف بن سليمان في الأحكام، وحسين بن واقد في الجهاد، وعكرمة بن عمار في الأطعمة، وعبد العزيز بن أبي سلمة في الفضائل، وأفلح بن سعيد في صفة النار وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وابن أبي شيبة ومحمد بن حاتم والحسن الحلواني وأحمد بن المنذر وأبو كريب ومحمد بن رافع وزهير بن حرب وخلق، وثقه ابن المديني والعجلي، وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث، وقال في التقريب: صدوق يخطئ في حديث الثوري من التاسعة مات سنة (253) ثلاث ومائتين، قال (حدثنا معاوية بن صالح) بن حدير الحضرمي أبو عبد الرحمن الحمصي (عن ربيعة بن يزيد) القصير أبي شعيب الدمشقي (عن أبي إدريس) عائذ الله بن عبد الله (الخولاني) نسبة إلى خولان بن مالك الدمشقي، وقوله (وأبي عثمان) معطوف على ربيعة لأنه من

ص: 219

عَنْ جُبَيرِ بْنِ نُفَيرِ بْنِ مَالِكٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال فَذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيرَ أَنَّهُ قَال:"مَنْ تَوَضَّأَ فَقَال: "أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"

ــ

شيوخ معاوية أي حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا أيضًا معاوية بن صالح عن (أبي عثمان) سعيد بن هانئ الخولاني المصري، وقيل: حريز بن عثمان الرحبي، وقال الحافظ في التقريب بعد ذكر القولين: وإلا فمجهول (عن جبير بن نفير) بالتصغير فيهما (ابن مالك الحضرمي) أبي عبد الرحمن الحمصي (عن عقبة بن عامر) بن عبس (الجهني) الصحابي المشهور كان قارئًا فقيهًا مقرضًا شاعرًا قديم الهجرة والسابقة والصحبة وهو أحد من جمع القرآن ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه على غير التأليف الذي في مصحف عثمان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم شاميون واثنان كوفيان وواحد مدني، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة زيد بن الحباب لعبد الرحمن بن مهدي في رواية هذا الحديث عن معاوية بن صالح، وفائدتها بيان كثرة طرقه (فذكر) زيد بن الحباب (مثله) أي مثل ما روى عبد الرحمن بن مهدي لفظًا ومعنىً (غير أنه) أي لكن زيد بن الحباب (قال) في روايته (من توضأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) وهذا استثناء من المماثلة ببيان محل المخالفة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 220