الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النكرة والمعرفة:
وَالاِسْمُ ضَرْبَانِ فَضَرْبٌ نَكِرَهْ
…
وَالآخَرُ اَلْمَعْرِفَةُ الْمُشْتَهِرهْ
[6/أ] النَّكرة هو1 الأصل2، والمعرفة فرع عليه.
والنَّكرة هو3: الاسم الشّائع في جنسه، وهو كلّ اسمٍ يقبل دخول الألِف واللاّم عليه4، أو يقع5 موقع ما يقبل الألِف واللاّم6.
1 في أ: هي.
2 إنَّما كانت النّكرة هي الأصل؛ لاندراج كلّ معرفة تحتها من غير عكس؛ ولأنّها لا تحتاج في دلالتها إلى قرينة بخلاف المعرفة؛ وما يحتاج فرعٌ عمّا لا يحتاج؛ ولأنّه لا يوجد معرفة إلاّ وله اسم نكرة، ويوجد كثيرٌ من النّكرات لا معرفة له، والمستقلّ أولى بالأصالة؛ ومنها: أنّ مسمّاها أسبق في الذّهن.
يُنظر: ابن النّاظم 55، والتّصريح 1/91، والأشمونيّ 1/105، وحاشية ابن حمدون على المكوديّ 76.
3 في أ: هي.
4 قال ابن مالك: "وتمييز النّكرة بعد عَدِّ المعارف بأن يُقال: وما سوى ذلك نكرة، أجود من تمييزها بدخول (رُبّ) و (الألف واللاّم) ؛ لأنَّ من المعارف ما تدخل عليه (الألف واللاّم) كفضل وعبّاس، ومن النّكرات ما لا تدخل عليه (رُبَّ) ولا (الألف واللاّم) كـ (أين) و (كيف) و (عَريب) و (دَيّار) ". شرح التّسهيل 1/117.
5 في أ: أو وقع.
6 للنّكرة علامات كثيرة غير ما ذكر الشّارح؛ منها: أن يقبل دخول (من) للاستغراق، نحو:(ما جاءني من رجل) ، أو (كلّ) للاستغراق، نحو:(كلّ رجل يأتيني فله درْهم) ، أو (كم)، نحو:(كم رجل جاءني) . أو يكون حالاً، أو تمييزًا، أو اسم (لا) أو خبرها، أو مضافًا إضافة لا ترفع إبهامًا.
يُنظر: الفصول الخمسون 225، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/629، والأشباه والنّظائر 3/73.
والمعرفة1 هو: المقول2 على واحدٍ بعينه.
وأعمُّ النّكرات: شيء3.
فَكُلُّ مَا رُبَّ عَلَيْهِ تَدْخُلُ
…
فَإِنَّهُ مُنَكَّرٌ يَا رَجُلُ
نَحْوُ: غُلَامٍ وَكِتَابٍ4 وَطَبَقْ
…
كَقَوْلِهِمْ: رُبَّ غُلَامٍ لِي أَبَقْ
كلّ اسمٍ حَسُنَ عليه دخولُ (رُبَّ) فهو نكرة5؛ وبهذا عُلِمَ أنَّ (مثلك) و (غيرك) نكرتان؛ لدخول (رُبَّ) عليهما6، قال7 الشّاعر:
1 قال ابن مالك: "من تعرّض لحدِّ المعرفة عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه؛ لأنّ من الأسماء ما هو معرفة معنىً نكرة لفظًا وعكسه
…
؛ فإذا ثبت كونُ الاسم بهذه المثابة، فأحسنُ ما يبيّن به ذكر أقسامه مستقصاة، ثم يقال: وما سوى ذلك فهو نكرة".
شرح التّسهيل 1/115، 116.
2 في ب: القول.
3 أعمّ النّكرات (شيء) ؛ لأنّه مبهم في الأشياء كلّها. المقتضب 3/186.
وقال أبو البقاء في الكلّيّات 896: "والنّكرات بعضها أنكر من بعض كالمعارف؛ فأنكر النّكرات: (شيء) ، ثمّ (متحيّز) ، ثمّ (جسم) ، ثمّ (نام) ، ثمّ (حيوان) ، ثمّ (ماش) ، ثمّ (ذو رجلين) ، ثمّ (إنسان) ، ثمّ (رَجُل) . والضّابط: أنّ النّكرة إذا دخل غيرها تحتها ولم تدخل هي تحت غيرها فهي أنكر النّكرات".
4 في متن الملحة 7: نَحْوُ: كِتَابٍ وَغُلَامٍ.
5 هذه من علامات النّكرة الّتي نصَّ عليها الشّارح رحمه الله.
6 في أ: عليها.
7 في ب: لقول
يَا رُبَّ غَيْرِكِ فِي النِّسَاءِ عَزِيزَةٍ
…
بَيْضَاءَ قَدْ مَتَّعْتُهَا بِطَلَاقِ1
وكقول امرئ القيس2 بإضمار (رُبَّ) بعد الفاء:
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ
…
فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ3
1 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي مِحْجَن الثّقفيّ.
و (عزيزة) : من العزّة والامتناع؛ فالمرأة تسمّى عزيزة لامتناعها عن وصول الرّجال إليها.
و (متّعتها بطلاق) : أعطيتها شيئًا تستمتع به عند طلاقها؛ والمتعة: ما وُصلت به المرأة بعد الطّلاق من ثوب أو خادم أو دراهم أو طعام. وقال ابن يعيش 2/126: ((كأنّه يهدِّد زوجته بالطّلاق)) .
والشّاهد فيه: (يَا رُبَّ غَيْرِكِ) على أنّ (غير) وإن كانت مضافة إلى (الكاف) إلَاّ أنّها نكرة لدخول رُبَّ عليها.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/427، 2/286، والمقتضب 4/289، وسرّ صناعة الإعراب 2/457، والتّبصرة 1/175، وشرح ملحة الإعراب 52، وشرح المفصّل 2/126، ورصف المباني 267، وجواهر الأدب 237.
والبيت ليس في ديوان أبي محجن المطبوع.
2 هو: امرؤ القيس بن حُجْر بن عمرو الكِنْديّ، من أهل نجد، من شعراء الطّبقة الأولى، ومن أشهر شعراء العربيّة؛ توفّي سنة (80هـ) تقريبًا.
يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 1/51، والشّعر والشّعراء 49، والأغاني 9/93.
3 هذا بيتٌ من الطّويل.
و (طرقتُ) : أتيت ليلاً؛ وسُمّي الآتي باللّيل طارقًا لحاجته إلى دقّ الباب.
و (تمائم) : واحدتها تميمة؛ وهي: خرزات كان الأعراب يعلِّقونها على أولادهم يتّقون بها النّفس والعين ـ بزعمهم ـ، فأبطلها الإسلام. و (محول) : من أحْوَل الصّبيّ فهو مُحْوِل: أتى عليه حَوْلٌ من مولده.
والشّاهد فيه: (فمثلك حُبلى) على أنّ كلّ اسم حَسُنَ دخول (رُبَّ) عليه فهو نكرة؛ وهنا دخلت على (مثلك) ؛ فهذا يدلّ على أنَّها نكرة، سواءً كانت (رُبَّ) ظاهرة أم مُضمرة.
يُنظر هذا البيت في الكتاب 2/163، والتّبصرة 2/626، وشرح الكافية الشّافية 2/821، وابن النّاظم 376، واللّسان (حول) 11/184، (غيل) 11/511، وأوضح المسالك 2/162، وابن عقيل 2/264، والتّصريح 2/22، والهمع 4/222، والدّيوان 12.
وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهْوَ مَعْرِفَهْ
…
لَا يَمْتَرِيْ فِيهِ الصَّحِيْحُ الْمَعْرِفَهْ
مِثَالُهُ: الدَّارُ وَزَيْدٌ وَأَنَا
…
وَذَا وَتِلْكَ وَالَّذِيْ وَذُو الْغِنَى
المعرفة: ما خصَّ واحدًا بعينه؛ وهو أقسام:
منها المضمر1 وهو: مَا دَلَّ على مسمًّى [6/ب] مُشْعِرًا بحضوره أو غيبته2.
وهو متَّصلٌ ومُنْفَصِلٌ.
فالمتّصل: الضّمائر المتّصلة بالأفعال؛ وهي: (التّاء) و (الألِف) و (الواو) على ما يقتضي حُكمها لاختلاف الفاعلين.
ومنها (كاف المخاطب) ، و (هاء الغائب) ، و (ياء المتكلّم) ، و (النّون والألف) الدّالاّن على الجمع3؛ فهذه إذا اتّصلت بالاسم كانت
1 إنّما كان المضمر معرفة لأنّه لا يُضمر إلاّ بعد أن يُعرف. التّبصرة 1/95.
2 فالمشعِر بالحضور: ما لمتكلّم وما لمخاطب، والمشعِر بالغيبة: ما سواهما؛ والثّلاثة على ضربين: متّصل ومنفصل. شرح عمدة الحافظ 1/142.
3 مراده بـ (النّون والألف) الدّالاّن على الجمع هو (نا) الضّمير الدّال على جماعة المتكلّمين؛ في نحو قولك: (ضربنا) و (كتابنا) و (مرّ بنا) .
وهو المعنيّ في قول ابن مالكٍ:
لِلرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَجَرٍّنَا صَلَحْ
…
كَاعْرِفْ بِنَا فَإِنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
مُضافًا1 [إليها] 2، وإذا اتّصلت بالحرف [كانت] 3 مجرورةً4، كقولك:(عملك لك) ، و (عمله له) ، و (عملي لي) ، و (عملنا لنا) .
وإذا اتّصلت بالفعل كانت مفعولةً إلَاّ ضمير الجمع فإنّه يكون تارةً فاعلاً، وتارةً مفعولاً5، لقولك:(الله خلقني وَخَلَقَكَ، وخَلَقَهُ، وهدانا فاتّبعنا الحقَّ) ، وما يتصرّف6 من ذلك.
والمنفصل؛ مثل: (أنا) ، و (أنت) ، و (نحن) ، و (هو) ، و (هي) ، و (هم) ، و (هُنَّ) ، و (إيّاكَ) ، و (إيّايَ) ؛ وما تصرّف منه؛ وهذه أعرف المعارف عند الأكثر7.
1 في كلتا النّسختين: كانت مضاعفةً، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبت.
2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.
3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
4 يريد في محلّ جرّ؛ لأنّ الضّمائر مبنيّة.
5 وهُناك حالة ثالثة يكون فيها مجرورًا؛ وذلك إذا اتّصل بالاسم، أو بالحرف، نحو:(كتابنا) و (مرّ بنا)
6 في ب: ما تصرّف.
7 كسيبويه والجمهور فقد ذهبوا إلى أنَّ أعرف المعارف الاسم المضمَر؛ لأنَّه لا يُضمر إلَاّ وقد عُرف؛ ولهذا لا يفتقر إلى أنْ يوصف كغيره من المعارف.
وأعرف الضّمائر ضمير المتكلّم؛ لأنّه لا يشاركه فيه أحدٌ غيره، فلا يقع فيه التباس، بخلاف غيره من سائر المعارف؛ ثم ضمير المخاطب، ثم ضمير الغائب.
يُنظر: الكتاب 2/6، 11، والمقتضب 4/281، والإنصاف، المسألة الواحدة بعد المائة، 2/707، وأسرار العربيّة 345، واللّباب 1/494، وشرح المفصّل 3/56، 5/87، والهمع 1/191.
والعلم هو: ما عُلِّقَ على شيءٍ بعينه، غير مُتَناولٍ1 مَا أشبهه.
وهو لا يخلو من2 أنْ يكون مفردًا كـ (زيد) ، أو مضافًا كـ (عبد الله) ، أو كنيةً كـ (أبي الحسن) ، أو لقبًا كـ (تأبّط شرًّا) ؛ وهذا عند بعض3 النّحويّين أعرف المعارف4.
وأسماء الإشارة وهي المبهمة، نحو:(هذا) ، و (ذاك) ، و (هذه) ، و (تلك) ، و (ذان) ، و (تان) ، و (أولى) ؛ وهذه [7/أ] عند ابن السّرَّاج5
1 في ب: مشاركٍ.
2 في ب: عن.
(بعض) ساقطة من ب.
4 كأبي سعيد السّيرافيّ.
وإنّما كان العلم أعرف المعارف لأنّه في أوّل وضعه لا يكون له مشارك إذ كان علامة توضَع على المسمّى يُعرف بها دون غيره ويميّز من سائر الأشخاص.
يُنظر: الإنصاف، المسألة الواحدة بعد المائة، 2/707، وأسرار العربيّة 346، واللّباب 1/494، وشرح المفصّل 3/56، 5/87، والهمع 1/191.
5 ابن السّرّاج هو: أبو بكر محمَّد بن السّريّ البغداديّ النّحويّ، من العلماء المشهورين باللّغة والنّحو والأدب، أخذ عن المبرّد، وأخذ عنه الزّجّاجيّ، والسّيرافيّ، والفارسيّ، والرّمّانيّ؛ ومن مصنّفاته: الأصول في النّحو، والموجز، وشرح سيبويه؛ مات شابًّا سنة (316هـ) .
يُنظر: إنباه الرُّواة 3/140، وإشارة التّعيين 313، وبُغية الوُعاة 1/109.
وينظر رأي ابن السرّاج في: شرح المقدّمة المحسبة 1/169، 170، وشرح الجمل لابن بابشاذ 1/293، والإنصاف، المسألة الواحدة بعد المائة، 2/708، وأسرار العربيّة 345، واللّباب 1/494، وشرح المفصّل 3/56، 5/87، والهمع 1/191. ولكن في الأصول 2/313 ما يخالف هذا النّقل؛ فنجده يصرّح بأنّ الضمير أعرف المعارف؛ فهو موافق للجمهور.
وذهب الكوفيّون إلى أنّ الاسم المبهمَ نحو: هذا وذاك أعرف من الاسم العلم، نحو: زيد، وعمرو؛ وإلى هذا أشار الزجّاجيّ في الجمل، ونسبه إلى الفرّاء. ينظر: الجمل 178، والإنصاف 2/707.
أعرف المعارف 1.
و (الَّذي) وفروعه في أسماء الإشارة 2.
والمعرّف بالألف واللاّم، نحو:(الرّجل) ؛ وهذه تكون تارةً للعهد، كقوله تعالى:{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُوْلاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُوْلَ} 3؛ وتكون تارةً للجنس، كقولك:(الرّجل خيرٌ من المرأة) .
1 لأنّها تتعرّف بالقلب والعين، وغيره يتعرّف بالقلب لا غير؛ فكان ما يتعرّف بشيئين أعرف ممّا يتعرّف بشيء واحد. ينظر الإنصاف 2/708.
2 يلاحظ أنّ الشّارح رحمه الله ذكر لفظ (الّذي) وفروعه من أسماء الإشارة، ولم يُشِرْ في أنواع المعارف الّتي ذكرها إلى الأسماء الموصولة؛ وهو في فعله هذا متابِع للحريريّ في شرحه على الملحة حيث جعل الأسماء الموصولة داخلةً في باب أسماء الإشارة؛ وهذا مبنيّ على أساس كوفيّ؛ لأنّ الكوفيّين يذهبون إلى أنّ أسماء الإشارة تكون بمعنى الأسماء الموصولة.
يُنظر: الإنصاف، المسألة الثّالثة بعد المائة، 2/717، وشرح الملحة 54، وشرح المفصّل 4/24، وشرح الرّضيّ 2/42، والتّصريح 1/139.
3 سورة المزّمّل، الآية: 15، 16.
وتكون بمعنى (الّذي)، كقولك:(مررت بالضّارب زيد) أي: بالّذي ضربه.
وتكون للتّفخيم، وهي لا تفارِق اسم1 الله تعالى2.
والمضاف إلى أحد هؤلاء [الأربعة] 3 المتقدّم4 ذكرها، كقولك:(غُلَامي) ، و (غُلامُ زَيْدٍ) ، و (غلام هذا) ، و (غُلام الأمير) .
والمنادى5 كقولك: (يا رجل) فهو6 معرفة لِمَا عرض له
1 في أ: كاسم الله.
2 اختلف العلماء في الألف واللاّم الّتي في اسم الله تعالى على قولين:
القول الأوّل: أنّها عِوَضٌ من الهمزة، والأصل فيه (إلاه) ، فحُذفت الهمزة حذفًا على غير قياس، وعوّض منها (أل) ؛ وهذا قول سيبويه 2/195.
القولُ الثّاني: أنّ الأصل (لاه) ثم دخلت (أل) للتّعظيم والتّفخيم، واستدلّ على ذلك بقول بعضهم (لاه أبوك) .
وذهب الكوفيّون إلى أنَّ الألف واللاّم في اسم الله للتّفخيم والتّعظيم.
تُنظر هذه المسألة معاني الحروف 65، 66، وشرح المفصّل 1/3، وشرح الرّضيّ 1/131، والجنى الدّاني 200.
3 ما بين المعقوفين غير واضح في أ.
4 في أ: المقدَّم.
5 أغفل أكثرُ العلماء ذكر المنادى؛ والمراد به: النّكرة المقصودة، نحو (يا رجل) فتعريفه بالقصد والمواجهة، كما ذكر ذلك ابن مالك.
وذهب قومٌ إلى أنّ تعريفه بـ (أل) محذوفة وناب حرف النِّداء منابها؛ قال أبو حيّان "وهو الّذي صحّحه أصحابنا".
يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/155، والارتشاف 1/460، والهمع 1/190.
6 في ب: هو.
من تخصيص النّداء، كقول كُثَيِّر1:
حَيَّتْكَ عَزَّةُ يَوْمَ النَّفْرِ2 وَانْصَرَفَتْ
…
فَحَيِّ وَيْحَكَ مَنْ حَيَّاكَ يَا جَمَلُ
مَا ضَرَّهَا لَوْ أَشَارَتْ في تَحَيَّتِهَا
…
مَكَانَ يَا جَمَلٌ حُيِّيتَ يَا رَجُلُ3
وَآلَةُ التَّعْرِيْفِ [أَلْ] 4 فَمَنْ يُرِدْ
…
تَعْرِيفَ كَبْدٍ مُبْهَمٍ قَالَ: الكَبِدْ
[7/ب] إذا أردتّ تعريف الاسم النّكرة أدخلت عليه الألف واللاّم/ فيصير معرفة، ويكون على ما يراد به من اختلاف المعنى - كما تقدّم فيه الكلام -.
وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهَا اللَاّمُ فَقَطْ
…
إِذْ أَلِفُ الوَصْلِ مَتَى يُدْرَجْ سَقَطْ
1 هو: كُثَيِّر بن عبد الرّحمن بن الأسود بن عامر الخُزاعيّ القحطانيّ، أبو صخر، شاعر إسلاميّ، متيّم، مشهور، من أهل المدينة، وأكثر إقامته بمصر، أخباره مع عَزّة بنت جميل كثيرة؛ توفّي بالمدينة سنة (105هـ) .
يُنظر: طبقات فحول الشّعراء 2/540، والشّعر والشّعراء 334، والأغاني 9/5، ومعجم الشّعراء 242، والخزانة 5/221.
2 في ب: يوم الفقر، وهو تحريف.
3 هذان بيتان من البسيط.
والشّاهد فيهما: (يا جَمَلُ) و (يا رَجَلُ) حيث استشهد بهما على أنّ النِّداء من أنواع المعارف؛ والمقصود بالنِّداء أن يكون نكرة مقصودة؛ لأنّ تعريفه بالقصد والمواجهة.
يُنظر هذان البيتان في: الجُمل 153، والأغاني 9/43، والمقاصد النّحويّة 4/214، والدّيوان 453.
ويوجد البيت الثّاني فقط في: شرح التّسهيل 3/397، وشرح الكافية الشّافية 3/1305، وابن النّاظم 570، والهمع 3/42، والأشمونيّ 3/144.
4 ما بين المعقوفين غير واضحٍ في أ.
ذهب الخليل1 إلى أنّ الألف واللاّم آلة التَّعْريف، وقال:(إنّ (أَل) حَرْفٌ كهل) .
وقال غيره2: "إنّ (اللاّم) آلة التَّعْريف لخلوّ اللّفظ من همزة الوصل عند إدراج الكلام".
وقال: "التّعريف نقيض التّنكير، والتّنكير يدخله التّنوين؛ وهو حرْفٌ واحد؛ فلزم أن يكون التّعريف شيئًا3 واحدًا؛ لأنّ الشّيء يُحْمَلُ على نقيضه كما يُحمل على نظيره"4.
1 يُنظر: الكتاب 3/324، 325.
والخليل هو: أبو عبد الرّحمن الخليل بن أحمد الفراهيديّ البصريّ، كان الغاية في استخراج مسائل النّحو، وأوّل من استخرج العروض، وهو أستاذ سيبويه؛ ومن مصنّفاته: كتاب العَيْن، والعروض، والنّقط والشّكل؛ توفّي سنة (175هـ) .
يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 43، ونزهة الألبّاء 45، وإنباه الرُّواة 1/376، وإشارة التّعيين 114، وبغية الوُعاة 1/557.
2 المقصود بغيره: سيبويه رحمه الله. الكتاب 4/147، 148. ومعه أكثرُ البصريِّين.
قال ابن يعيش 9/17: "واللاّم هي حرف التّعريف وحدها، والهمزة وصلة إلى النّطق بها ساكنة؛ هذا مذهب سيبويه، وعليه أكثر البصريّين والكوفيّين ما عدا الخليل".
3 في ب: بشيءٍ.
4 اختلف العلماء في آلة التّعريف على أقوال:
القول الأوّل: أنها (أل) والألف أصل؛ وهو مذهب الخليل؛ وهي حرف ثنائي الوضع بمنزلة (قد) و (هل) .
واحتَجَّ على ذلك: بأنّ الهمزة همزة قطع أصليّة لكثرة الاستعمال، والهمزة مفتوحة، وهمزة الوصل مكسورة، وإنْ فُتحت فلعارِضٍ كهمزة (ايمن الله) فإنّها إنما فتحت =
...........................................................................
= لئلاّ ينتقل من كسر إلى ضمّ دون حاجز حصين. وبأنّ العرب تقف عليها، تقول (أَلي) ثم تتذكّر فتقول (الرجل) ، كما تقول (قدي) ثم تقول (قد فعل) ؛ ولا يوقف إلَاّ ما كان على حرفين.
القول الثّاني: أنّها (أل) والألف زائدة؛ وإلى ذلك ذهب سيبويه، وجعلها من الحروف الثنائيّة الوضع.
وحجّته: سقوطها في الدّرج؛ وأمّا فتحها فلمخالفتها القياس بدخولها على الحرف، وأمّا ثبوتها مع الحركة فالحركة عارضة فلا يعتدّ بها.
القول الثّالث: أنّها (اللاّم) وحدها، والهمزة قبلها همزة وصلٍ زائدة؛ وإليه ذهب بعض النّحويّين، ونقله ابن مالك في شرح الكافية عن سيبويه.
القول الرابع: أنّها (الهمزة) وحدها، واللاّم زائدة للفرق بينها وبين همزة الاستفهام؛ ونسبه الرّضيّ إلى المبرّد، فقال "وذكر المبرّد في كتاب الشّافي أنّ حرف التّعريف الهمزة المفتوحة وحدها، وإنما ضمّ اللاّم إليها لئلاّ يشتبه التّعريف بالاستفهام"، ونسبه إلى المبرّد - أيضًا - الأزهريّ في التّصريح، لكنّ محقّق المقتضب يرى أنّ حديث المبرّد عن (أل) إنما هو ترديدٌ لِمَا ذكره سيبويه.
وحُجّته: أنّها جاءتْ لمعنى، وأولى الحروف بذلك حرف العلّة؛ وحُرِّكت لتعذُّر الابتداء بالسّاكن، فصارت همزة كهمزة التكلّم والاستفهام، وأنّ اللاّم تُغَيَّر عن صورتها في لغة حمير فتقلب ميمًا.
تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 4/147، 148، 226، 3/325، والمقتضب 1/83، واللاّمات للزّجّاجيّ 17، 18، وشرح المفصّل 9/17، وشرح الكافية الشّافية 1/319، وشرح التّسهيل 1/253، وشرح الرّضيّ 2/130، 131، والمساعِد 1/195، 196، والتّصريح 1/148، والهمع 1/271.