الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الأَسْمَاءِ المُعْتلَّةِ المُضَافَةِ:
وَسِتَّةٌ تَرْفَعُهَا بِالْوَاوِ
…
فِي قَوْلِ كُلِّ عَالِمٍ وَرَاوِي
وَالنَّصْبُ فِيهَا يَا أُخَيَّ بِالأَلِفْ
…
وَجَرُّهَا بِالْيَاءِ فَاعْرِفْ وَاعْتَرِف
[16/أ] هذه الأَسماء أَمْكَنُ 1 ممّا يُشَاركُها في الإعراب بالحروف2، وأُعْرِبَ كلّ منها بالحرف مُضافًا إلى غير ياء المتكلّم؛ لأنَّ مَدْلُوْلَه زائدٌ على مدلول المفرد؛ لأنَّهُ فَرْعٌ عليه، والحرفُ زائدٌ على الحركة كونُهُ فرعًا لها؛ فكان ذلك تعديلاً في النِّسْبَةِ.
فالواو: في هذا الباب علامة الرّفع نِيَابةً عن الضَّمّة، وفي جمع المذكّر السّالم.
1 يقصد الشارح بـ (أمكن) أنّ هذه الأسماء مفردات، فهي قبل التثنية والجمع المذكر السالم؛ فلذا نابت فيها حروف ثلاثة عن الحركات الثلاثة.
2 ذكر النُّحاةُ في إعراب الأسماء السّتّة أقوالاً كثيرة، أوصلها السّيوطيّ إلى اثني عشر قولاً؛ من أشهر تلك الأقوال:
أنّها معربة بالحروف نيابة عن الحركات.
وقيل: إنّها معربة بحركات مقدّرة في الحروف، وأنّها أتبع فيها ما قبل الآخر للآخر.
وقيل: إنّها معربة من مكانين بالحركات والحروف معًا.
تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/359، 360، 412، والمقتضب 2/154، 155، والمرتجل 54، والإنصاف، المسألة الثّانية، 1/17، والتّبيين، المسألة العشرون، 193، وشرح المفصّل 1/51، 52، وشرح الرّضيّ 1/27، وشرح التّسهيل 1/43، وتوضيح المقاصد 1/68 - 70، وائتلاف النُّصرة، فصل الاسم، المسألة الثّانية، 28، والهمع 1/123- 127.
والألِفُ: تنوبُ عن الفتحة فتكون علامةُ النّصب في هذه الأَسماء لا غير.
والياءُ: نائبةٌ عن الكسرة1 فتكونُ2 علامة الجرِّ في هذه الأَسماء، وفي باب التّثنية، وفي جمع الصِّحَّةِ3.
وَهِيَ أَخُوكَ وَأَبُو عِمْرَانَا
…
وَذُو وَفُوكَ وَحَمُو عُثْمَانَا
ثُمَّ هَنُوكَ سَادِسُ الأَسْمَاءِ
…
فَاحْفَظْ مَقَالِي حِفْظَ ذِي الذَّكَاءِ
هذه الأسماء إذا كانت مضافةً إلى غير ياء مُتكلِّمٍ تُعْرَبُ جميعها بالحروف4 -كما تقدّم -؛ فتقول: جاءني أَبُوهُ ورأيتُ أَبَاهُ ومررتُ بأبيهِ؛ وكذلك الجميع.
وقيل: إنّ ذو أصل الباب لملازمته الإعراب بالحرف، وهو لا يُنطقُ به إلَاّ مُضافًا، ولا يضافُ إلى مضمرٍ بل إلى أسماء الأجناس5، [16/ب] وجميعها تنفصل عن الإضافة فتعربُ بالحركات إلَاّ ذو.
1 في أ: الكسر.
2 في أ: تكون، وما أثبته هو الأولى.
3 يقصد بجمع الصحة: جمع المذكر السالم.
4 ويُشترط لإعراب هذه الأسماء غير ما ذُكر: ألَاّ تصغّر، ولا تثنَّى، ولا تُجمع.
يُنظر: الارتشاف 1/418، وتوضيح المقاصد 1/81، وابن عقيل 1/55، والهمع 1/122، والأشمونيّ 1/73.
5 ويُشترط في (ذو) أن تكون بمعنى صاحب، نحو:(جاءني ذُو مالٍ) أي: صاحبُ مالٍ، احترازًا من (ذو) الموصولة في لغة طيء، فإنّها مبنيّة على الأعرف.
يُنظر: توضيح المقاصِد 1/71، وابن عقيل 1/48، والهمع 1/123.
وفُوهُ1يعوّض عن الواو ميمًا بحال انفصاله، فتقول: هذا فَمٌ ورأيتُ فَمًا، ونظرتُ إلى فَمٍ.
وهَنُ 2 يُعَبَّرُ به عمَّا يُسْتَقْبَحُ ذِكره؛ وله إعرابٌ آخر في استعماله منقوصًا3 فتقول: هذا هَنُهُ وسَتَرْتُ هَنَهُ و "أَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ"4.
1 يُشترط في إعراب الفم بهذه الأحرف زَوَالُ الميم منه، نحو (هذا فُوهُ) و (رأيتُ فاهُ) و (نظرتُ إلى فِيهِ) .
يُنظر: ابن عقيل 1/50، والهمع 1/123.
وفي (فم) عشر لغات ذكرها العلماء.
يُنظر: شرح التّسهيل 1/47، 48، وتوضيح المقاصد 1/71، والهمع 1/129، والأشمونيّ 1/69.
2 الهَنُ: كلمةٌ يكنّى بها عن أسماء الأجناس، كرجل وفرس وغيرهما.
وقيل: يُطلق على الشّيء المستهجن الذّكر من العورة، والفعل القبيح.
وقيل: عن الفرج خاصّة.
يُنظر: اللّسان (هنا) 15/365 - 369، وشرح قطر النّدى 54، والتّصريح 1/64، والأشمونيّ 1/69.
3 النّقص: أن تحذف لامه، ويعرب بالحركات الظّاهرة على العين، وهي النّون.
ولقلّة الإتمام في (هن) أنكر الفرّاء جوازه؛ وهو محجوج بحكاية سيبويه عن العرب، ومَن حَفِظَ حُجّةٌ على من لم يحفظ.
وقد جرت عادة أكثر النّحويّين أن يذكروا (الهن) مع هذه الأسماء؛ فيوهم ذلك مساواته لهنّ في الاستعمال، وليس كذلك، فقد قال ابن مالك في شرح التّسهيل 1/44:"ومن العرب من يقول: (هذا هَنُوك) و (رأيت هَنَاك) و (مررت بهنيك) ، وهو قليل؛ فمن لم ينبّه على قلّته فليس بمصيب، وإنْ حظي من الفضائل بأوفر نصيب".
ويُنظر: توضيح المقاصد 1/72، 73، وشرح قطر النّدى 54، وابن عقيل 1/51، والهمع 1/123، والأشمونيّ 1/69.
4 هذا جُزْءٌ من حديث نصّه: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجَاهِليّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ؛ وَلَا تَكْنُوا". =
وفي إعراب حَمِيهِ1 وُجوهٌ:
أحدُها: ما تقدَّم من الإعراب بالحرف.
والثّاني: أن يكون مقصورًا؛ فتقول: جاءني حَمَاهُ.
وأن يكون مهموزًا، ويعرب بالحركات الثّلاث؛ فتقول:[جاء] 2 حَمْؤُهُ ورأيتُ حَمَأَهُ ومررت بِحَمئِهِ.
= أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد 324، والنّسائيّ في السّنن الكبرى، كتاب السِّيَر، باب إعضاض من تعزّى بعزاء الجاهليّة، 5/272، وأحمد في مسنده 5/136، والبغويّ في شرح السّنّة، كتاب الاستئذان، باب التّعزّي بعزاء الجاهليّة، 13/120، والألبانيّ في صحيح الجامع الصّغير وزيادته 1/159، وصحّحه، وذكره في سلسلة الأحاديث الصّحيحة 1/477.
قوله: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجَاهِلِيّة" أي: انتسب وانتمى، ويقصد به من يقول:(يا لفلان) ليحرِّك النّاس إلى القتال في الباطل.
"فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ" أي: قولوا له: اعضض بأيْر أبيك؛ ولا تكنوا عن الأير بالهَنِ؛ تنْكيلاً له وتأديبًا.
1 حمو المرأة: أبو زوجها، وأخو زوجها، وكلّ من ولي الزّوج من قرابته فهم أحماء المرأة.
وحمو الرّجل: أبو امرأته، أو أخوها، أو عمّها.
يُنظر: شرح التّسهيل 1/44، واللّسان (حما) 14/197، وتوضيح المقاصد 1/72، وشرح قطر النّدى 54.
وفي (الحمو) ستّ لغات ذكرها العلماء.
يُنظر: التّوطئة 124، وشرح التّسهيل 1/44، 45، والبسيط 1/196، واللّسان (حما) 14/197، وتوضيح المقاصد 1/77، والأشمونيّ 1/71.
2 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.
وقد ندر في بعض اللّغات نقص أبٍ وأخٍ كحمٍ؛ فمن ذلك قولُ الشّاعر:
بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيُّ فِي الْكَرَمْ
…
وَمَنْ يُشَابِهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمَ1
وفيها لغة ثالثة: القَصْرُ2؛ وهي أشهر من لغة النّقص، كقول الرّاجز:
إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا
…
قَدْ بَلَغَا فِي المَجْدِ غَايَتَاهَا3
1 هذان بيتان من الرّجز، ويُنسبان لرُؤْبة بن العجّاج.
والشّاهد فيهما: (بأبه، ومن يشابِه أَبَهُ) حيث أعرب الشّاعر هاتين الكلمتين بالحركات الظّاهرة؛ فجرَّ الأولى بالكسرة الظّاهرة، ونصب الثّانية بالفتحة الظّاهرة؛ وهذا يجري على لغة النّقص.
يُنظر هذا البيت في: شرح الكافية الشّافية 1/184، وابن النّاظم 38، وتوضيح المقاصد 1/74، وأوضح المسالك 1/32، وابن عقيل 1/52، والمقاصد النّحويّة 1/129، والتّصريح 1/64، والهمع 1/128، وملحقات الدّيوان 182.
2 القصر: هو التزام الألف مطلَقًا، وجعل الإعراب بالحركات المقدّرة على الألف؛ نحو (هذا أَبَاهُ) و (رأيت أباهُ) و (مررتُ بأباهُ) .
يُنظر: توضيح المقاصد 1/75، وابن عقيل 1/52، والتّصريح 1/65، والأشمونيّ 1/70.
3 هذان بيتان من الرّجز المشطور، ويُنسبان لرُؤْبَة، وهما في ملحقات ديوانه 168، كما ينسبان إلى أبي النّجم العجليّ، وهما في ديوانه 227، كما يُنسبان إلى رجل من بني الحارث، أو لرجل من اليمن.
والشّاهد فيهما: (أباها) الثّانية؛ لأنّها في موضع الجرّ بإضافة ما قبلها إليها، ومع ذلك فقد جاء بها بالألف على لغة القصر.
يُنظر هذان البيتان في: سرّ صناعة الإعراب 2/705، والإنصاف 1/18، وشرح المفصّل 1/53، وشرح الجمل 1/151، وتوضيح المقاصد 1/75، وأوضح المسالك 1/33، والمقاصد النّحويّة 1/133، والتّصريح 1/65، والخزانة 7/455.
فتقول مِن هذا: جاءني أَبَاهُ ومَرَرْتُ بأبَاهُ.
وإنْ جاءَتْ ذُوْ بمعنى الّذي فالأَعْرَفُ فيها البناءُ، كقول الشّاعِرِ:
وَإِمَّا كِرَامٌ مُوْسِرُونَ أَتَيْتُهُمْ
…
فَحَسْبِيَ مِنْ ذُوْ عِنْدَهُمْ مَا كَفَانِيَا1
[17/أ]
وَقَدْ روى ابن جنِّي2هذا البيت: "من ذي عِنْدَهُمْ"، يُشِيْرُ إلى إعرابه3.
1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لمنظور بن سحيم الفَقْعَسيّ، وبعده:
وَإِمَّا كِرَامٌ مُعْسِرُونَ عَذَرْتُهُمْ
…
وَإِمَّا لِئَامٌ فَادّخَرْتُ حَيَائِيَا
والمعنى: التّمدُّح بالقناعة، والكَفُّ عن أعراض النّاس؛ يقول: النّاس ثلاثة أنواع: موسِرون كرام فأكتفي منهم بمقدار كفايتي، ومعسرون كرام فأعذرهم، وموسرون لئام فأكفّ عن ذمّهم حياء.
والشّاهد فيه: (من ذو) فإنّها هُنا اسم موصول بمعنى (الّذي) ، مبنيّة على سكون الواو في محلّ جرٍّ بـ (مِن) .
وقد روي البيت بإعرابها (من ذي) حملاً على ذي بمعنى (صاحب) .
يُنظر هذا البيت في: ديوان الحماسة 1/584، وشرح المفصّل 3/148، والمقرّب 1/59، وشرح الكافية الشّافية 1/274، وابن النّاظم 36، وأوضح المسالك 1/30، والتّصريح 1/63، والهمع 1/289.
2 هو: عثمان بن جِنِّي، أبو الفتح، النّحويّ، من أحذق العلماء بالنّحو والتّصريف؛ لزم أبا عليّ الفارسيّ، ولَمّا مات تصدّر ابن جِنّي مكانه ببغداد؛ ومن مصنّفاتة: الخصائص، وسرّ صناعة الإعراب، والمنصف في شرح تصريف المازنيّ، والمحتسب؛ توفّي سنة (392هـ) .
يُنظر: نزهة الألبّاء 244، وإنباه الرّواة 2/335، وإشارة التّعيين 200، وبُغية الوُعاة 2/132.
3 "ذكر ابن جنّي أن بعضهم يعربها". قاله ابن مالك في شرح الكافية الشافية1/274؛ ونسب رواية البيت له بالياء معرباً في شرح عمدة الحافظ1/122؛ حيث قال: "هكذا رواه ابن جنّي بالياء معرباً، ورواه غيره بالبناء". وينظر: ابن الناظم 88، وتخليص الشواهد 54، وتعليق الفرائد2/206، والتصريح1/63.
وتكونُ جاريةً بلفظِ المفردِ مع المذكّر، والمؤنّث، والمثنّى، والمجموع، ولم تتغيّر واوها على اختلاف استعمالها1؛ فتقول: أنا ذو عَرَفْتُ ورأيْتُ الرّجلين ذو عَرَفْتُهُمَا ومررتُ بالرِّجال ذو عَرَفْتُهُمْ.
قال الشّاعر:
فَإِنَّ المَاءَ مَاءُ أَبِي وَجَدِّي
…
وَبِئْرِي ذُوْ حَفَرْتُ وَذُوْ طَوَيْتُ2
فقال: ذو حَفَرْتُ، والبئر مُؤَنَّثةٌ.
1 المشهور في (ذو) عدم تصرفها مع بنائها؛ والعلّة في ذلك - كما قال الصيمريّ -: "وإنّما لم يُثنّ، ولم يجمع، ولم يغيّر لفظه عن الواو؛ لأنّه منقول عن (ذو) بمعنى (صاحب) في قولك: (ذو مالٍ) فضعف عن التّصرّف، وألزم وجهًا واحدًا". التّبصرة 1/520.
ويُنظر استعمالاتها الأخرى في: شرح المفصّل 3/147، وشرح الرّضيّ 2/41، وأوضح المسالك 1/110، والتّصريح 1/137، 138، والهمع 1/289.
2 هذا بيتٌ من الوافر، من جملة أبياتٍ قالها سنان بن الفحل الطّائيّ، يخاطِب بها عبد الرّحمن ابن الضّحّاك والي المدينة في بئر وقع فيها نزاع بين حيّين من العرب.
و (ذو حفرت) أي: الّتي حفرتها. و (ذو طويت) أي: الّتي طويتها؛ و (طيّ البئر) : بناؤها بالحجارة.
والمعنى: إنّ هذا الماء من عهد أبي وجدّي، وأنا الّذي حفرت هذه البئر وبنيتها.
والشّاهد فيه: (ذو حفرت) و (ذو طويت) حيث استعمل (ذو) في الجملتين اسمًا موصولاً بمعنى (الّتي) ، وأجراه على غير العاقل؛ لأنّ المقصود بها البئر، وهي مُؤنّثة.
يُنظر هذا البيت في: ديوان الحماسة 1/302، وأمالي ابن الشّجريّ 3/55، والإنصاف 1/384، وشرح المفصّل 3/147، وشرح الجمل 1/177، وشرح التّسهيل 1/199، وابن النّاظم 88، والبسيط 1/291، وتوضيح المقاصد 1/228، والخزانة 6/34.