الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الاِسْمِ الْمَقْصُورِ:
وَلَيْسَ لِلإِعْرَابِ فِيمَا قَدْ قُصِرْ
…
مِنَ الأَسَامِي أَثَرٌ إِذَا ذُكِرْ
مِثَالُهُ: يَحْيىَ وَمُوسَى وَالْعَصَا
…
أَوْ كَحَيًا أَوْ كَرَحىً أَوْ كَحَصى
الاسم المقصور: ما كان آخِرُهُ ألفًا مُفْرَدَةً.
وقيل: ملساء، أي: لا يَتبعُهَا هَمْزَةٌ. [19/أ]
والقصر في اللّغة: الحبس1؛ فَسُمِّي مقصورًا من ذلك؛ لأنّه يُقَدَّرُ إعرابه في رفعه ونصبه وجرّهِ، فتقول:(هذا يحيى) ؛ فعلى حرف إعرابه ضمّةٌ مقدّرةٌ، و (رأيتُ يحيى) ، فعلى حرف إعرابه فتحةٌ مُقدّرةٌ، و (سلّمتُ على يحيى)، فعلى حرف إعرابه كسرةٌ مُقدَّرةٌ؛ والمانع من ظهور ما قُدِّر فيه: التّعذّر؛ لأنَّ الألِفَ لا تكون مُتَحَرّكةً البتَّةَ.
وفي تسميتهِ مقصورًا ثلاثة أقوال2:
أحدُها: أنّه حُبِسَ عن الحركات.
الثّاني: أنّ الحركات حُبِسَتْ عَنْهُ.
الثّالثُ: أنّها حُبِسَتْ فِيْهِ.
والاسم المقصور ينقسمُ قِسْمين:
أحَدُهُما: ما يدخله التّنوين، نحو (حَيًا) و (رَحَىً)،كقوله تعالى:{يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلىً شَيْئًا} 3؛ فالأوّل مرفوع، والثّاني مجرور.
1 اللّسان (قصر) 5/96.
2 يُنظر: اللُّباب 1/84.
3 من الآية: 41 من سورة الدّخان.
والثّاني: ما لا يدخله التّنوين؛ وذلك إمَّا أن يكون عَلَمًا غيرَ مُنْصَرِفٍ، كـ (موسى) و (سُعدى) ، أو أَنْ يكون مُعَرّفًا باللاّم، كـ (الحَيَا) و (الرّحَى) .
فَهَذِهِ آخِرُهَا لَا يَخْتَلِفْ
…
عَلَى تَصَارِيْفِ الْكَلَامِ المُؤْتَلِفْ
[19/ب]
يُشِيْرُ بهذا الكلام إلى شَيْئين:
أَحَدُهما: أنّه لا يتغيَّرُ آخرها لتغيّرالعامِل الدّاخل عليها لفظًا.
والثّاني: أَنَّهُ لا يوقف عليه إلَاّ بالأَلِفْ، مُنوَّنًا كان، أو غير مُنَوَّنٍ1.
وفي المنوَّن ثلاثةُ مَذَاهِبٍ:
أَحَدُها: مذهب سيبويه2؛ وهو الحكم عليه في الرّفع والجرِّ أَنَّ تنوينه [محذوف] 3 دون عوض، وأنَّ الوقف على الألف الّتي من نفس الاسم، والحكم عليه في النّصب أنّ تنوينه أُبدِل منه في الوقف ألفاً إجراءً له مُجْرَى الصَّحيح4.
1 نحو: (سكرى) و (حُبلى) و (القفا) و (العصا) فأَلِفُه ثابتة، وهي الألف الأصليّة الّتي كانت في الوصل؛ لأنّه لا تنوين فيه فيكون الألف بدلاً منه.
يُنظر: شرح المفصّل 9/77، وشرح الشّافية 2/284.
2 هو: عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، أبو بِشر: إمامُ النُّحاة البصريّين، نشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل، ويونس، والأخفش الأكبر؛ وصنّف الكتاب؛ توفّي سنة (180هـ) .
يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 66، ونزهة الألبّاء 60، وإنباه الرّواة 2/346، وإشارة التّعيين 242، وبُغية الوُعاة 2/229.
3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق.
4 نَسَبَ هذا المذهب إلى سيبويه الزّمخشريّ في المفصّل 477، والعُكبريّ =
والمازنيّ1 يرى: أَنّ الألف الثّابتة2 في الوقف هي بَدَل في ثلاثة أحواله3.
= في التّبيين 186، والخوارزميّ في التّخمير 4/228، وابن يعيش في شرحه على المفصّل 9/76، وابن مالك في شرح الكافية 4/1983.
ويُنظر: الارتشاف 1/393، والمساعد 4/304، والتّصريح 2/338، والأشمونيّ 4/205.
والحقّ: أنّ هذا الرّأي ليس رأي سيبويه؛ وأنّ الرّأي الثّالث الّذي نسب إلى الكسائيّ هو رأيه كما قال ابن يعيش 9/76:"وبعضهم يزعم أن مذهب سيبويه أنّها لام الكلمة في الأحوال كلّها".
وقال بهذا الرّضيّ في شرحه على الشّافية 2/280، ورجّحه السّيرافيّ في شرحه على الكتاب جـ2/ق120/ب، والأعلم الشّنتمريّ في النّكت 2/1112؛ وعزاه ابن الباذش في الإقناع إلى سيبويه والخليل 1/353.
وهذا الرّأي هو الرّأي الثّالث الّذي نُسِبَ إلى الكسائيّ.
أمَّا ما نسب إلى سيبويه فهو أحد قولي أبي عليّ الفارسيّ؛ وقد نصَّ عليه في التّكملة 26؛ وقد رجّحه ابن مالك في التّسهيل 328.
1 هو: أبو عثمان بكر بن محمّد: بصريّ، روى عن أبي عبيدة، والأصمعيّ، وأبي زيد؛ وعنه: المبرّد، واليزيديّ؛ كان إمامًا في العربيّة، متّسعًا في الرّواية، لا يناظِرُ أحدًا إلاّ أفحمه؛ من مصنّفاته: التّصريف، وعلل النّحو؛ توفّي سنة (249هـ) .
يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 85، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 87، ونزهة الألبّاء 140، وإنباه الرُّواة 1/281، وبُغية الوُعاة 1/463.
2 في أ: الثّانية.
3 وهو مذهب أبي الحسن الأخفش، والفرّاء؛ وهو أحدُ قولي أبي عليّ في التّذكرة.
يُنظر: التّكملة 26، والإقناع 1/353، والتّبيين 187، والتّخمير 4/228، وشرح المفصّل 9/77، والإيضاح في شرح المفصّل 2/310، وشرح الكافية الشّافية 4/1983، والارتشاف 1/393، والمساعد 4/304، والتّصريح 2/338، والهمع 6/202، والأشمونيّ 4/204.
والكسائي1: أنَّ الألف الموقوف عليها هي من نفس الكلمة في الثّلاثة2؛ ويُقَوِّي هذا المذهب ثبوت الرِّوَاية بإِمالةِ الألِف3، والاعتداد بها
1 هو: عليّ بن حمزة، أبو الحسن، الكِسائيّ، مولى بني أسد: إمام الكوفيّين في النّحو واللّغة، وأحدُ القُرّاء السّبعة المشهورين؛ من مصنّفاته: معاني القرآن، وما تلحن فيه العامّة؛ توفّي سنة (189هـ) .
يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 127، ونزهة الألبّاء 58، وإنباه الرُّواة 2/256، وإشارة التّعيين 217، وبُغية الوُعاة 2/162.
2 نُسِبَ هذا الرّأي إلى أبي عمرو بن العلاء، والكوفيّين؛ وإليه ذهب ابن كَيْسان والسِّيرافيّ؛ ونقله ابن الباذش في الإقناع عن سيبويه والخليل؛ واختاره ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية.
يُنظر شرح الكتاب للسّيرافيّ جـ2/ ق102/ب، والإقناع 1/353، والتّبيين 186، والتّخمير 4/228، وشرح المفصّل 9/76، وشرح الكافية الشّافية 4/1984، والارتشاف 1/393، والمساعد 4/304، والتّصريح 2/338، 339،والهمع 6/202، والأشمونيّ 4/204.
3 قال الرّضيّ: "وأيضًا فإنّها تمال في حال النّصب، كقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيْمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ؛ وإمالة ألف التّنوين قليلة". شرح الشّافية 2/284.
ويُنظر: النّكت 2/1112، والمرتجل 48، والتّبيين 190، والتّخمير 4/230، وشرح الكافية الشّافية 4/1983، والأشمونيّ 4/204.
رويًّا1؛ وبدل التّنوين لا يكون كذلك2.
1 في قول الشّاعر:
وَرُبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الحَيَّ سُرَى
…
صَادَفَ زَادًا وَحَدِيْثًا مَا اشْتَهَى
فألِف (سُرى) هي الرّوي؛ والألف المبدلة من التّنوين في النّصب إذا وقفت عليها لا تكون رويًّا؛ فلا يقع في القوافي مثل: (نظرت زيدًا) - مثلاً - في آخر البيت، ويقع في آخِرِ (آخَر) و (شكرت عمرًا) ، وهما في قصيدة واحدة.
ويقويّ هذا المذهب أنّ ألف (هدى) في قوله تعالى: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً} [طه: 10] كُتبت في المصحف بالياء، وألف التّنوين تُكتب ألفاً.
يُنظر: المرتجل 48، والتّبيين 189، وشرح المفصّل 9/77، وشرح الشّافية 2/283.
2 قد جاء عن بعض العرب قلب الألِف الموقوف عليها همزة أو ياءً أو واوًا، نحو:(هذه أفعأ) أو (أفعي) أو (أفعو) في: (هذه أفعى) ؛ و (هذه عصأ) أو (عصي) أو (عصو) في (عصا) .
يُنظر: الكتاب 4/176، 177، 181، والتّكملة 26، وشرح الكافية الشّافية 4/1984، والهمع 6/205.