الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الفَاعِلِ:
وَكُلُّ مَا جَاءَ مِنَ الأَسْمَاءِ
…
عَقِيْبَ1 فِعْلٍ سَالِمِ الْبِنَاءِ
فَارْفَعْهُ إِذْ تُعْرِبُ فَهْوَ الْفَاعِلُ
…
نَحْوُ: جَرَى الْمَاءُ وَجَارَ الْعَامِلُ2
الفَاعِلُ: كُلُّ اسم ذكرته بعد فِعْلٍ، وأسندتّ ذلك الفعل إليه إسنادًا صحيحًا، وجُعِلَ الفِعْلُ حَدِيثًا عنه، وكان في الإيجاب والنَّفي سواء.
فالفاعل مرفوع؛ وفي ذلك أقوالٌ:
قال الخليلُ: "الأصل فيما إعرابه الرّفع3؛ الفاعل، وباقي المرفوعات محمولات عليه، ومشبَّهاتٌ به"4.
وقال سيبويه5: "الأصل هو المبتدأ،
1 في أ: من بعد.
2 في متن الملحة 19، وشرح الملحة 155: وَجَارَ العَاذِلُ.
3 في أ: بالرّفع.
4قال ابن يعيش في شرح المفصّل 1/73: "وعليه حُذّاق أصحابنا"، وذكر الزّمخشريّ في المفصّل الفاعل أوّلاً، وحمل عليه المبتدأ والخبر؛ وذهب إليه - كذلك - ابن الحاجب، واختاره ابن هشام في شرح الشّذور 152.
يُنظر: المفصّل 18، والكافية 68، وشرحها 1/23، 71، والبسيط 1/259، والهمع 2/3
5 قال سيبويه في الكتاب 1/23: "واعلم أنّ الاسم أوّلُ [أحواله] الابتداء" وفسّره ابن يعيش في شرح المفصّل 1/73: "يريد أوّله المبتدأ؛ لأن المبتدأ هو الاسم المرفوع، والابتداء هو العامِل".
وقال سيبويه - أيضًا - 1/24: "فالمبتدأ أوّل جزء، كما كان الواحدُ أوّل العدد، والنّكرة قبل المعرفة" وعزي إلى ابن السّرّاج؛ لأنّه قدّم المبتدأ على الفاعل، ونقل عنه الرّضيّ غير هذا - كما سيأتي -، وابن مالكٍ قدّم المبتدأ على الفاعل أيضًا.
وقال السّيوطيّ - بعد أنْ ذكر هذا الخلاف -: "وقال أبو حيّان: وهذا الخلاف لا يجدي فائدة". الهمع 2/4.
يُنظر: الأصول 1/58، وشرح عمدة الحافظ 1/156، وشرح الرّضيّ 1/23، وحاشية يس على شرح الفاكهيّ لقطر النّدى 1/233، وحاشية يس على التّصريح 1/154، والصّبّان 1/188.
والبواقي1 مشبّهة به".
وقال الأخفش2: "كُلُّ واحِدٍ منهما أَصل بنفسه".
واحتجَّ الخليل عن مَذْهَبِهِ، وقال: "الفاعل بالرّفع أولى؛ لأنّك إذا قُلْت: (ضرب زَيدْ [بَكرْ] 3- بإسكان الكلمتين - لم يُعرف الضّارب من المضروب، وإذا قُلْتَ: (زَيدْ قَائِمْ) - بإسكانهما - عُلِمَ من نفس اللّفظتين4 أيّهما المبتدأ؛ فثبت أنَّ افتقار الفاعل إلى الإعراب أشدُّ؛ فوجب [45/ب]
1 في أ: والباقي مشبّهاتٌ به.
2 واختارُه الرّضيّ، ونقله عن الأخفش وابن السّرّاج، ونقل ابن يعيش عن ابن السّرّاج غير هذا. انظر ما سبق الإشارة إليه من أصول ابن السّرّاج.
يُنظر: شرح المفصّل 1/73، وشرح الرّضيّ 1/23، 71، والهمع 2/4، وحاشية يس على التّصريح 1/154.
(بكر) ساقطٌ من ب.
4 في أ: اللّفظين.
أنْ يكون هو الأصل"1.
واحتجَّ سيبويه أنْ قال: "قد ثبت أنّ الجملة الاسميّة مُقَدَّمَةٌ على [الجملة] 2 الفعليّة؛ فإعراب الجملة الاسميّة يجب أن يكون مُقَدَّمًا على إعراب الجملة الفعليّة"3.
وقوله: (سالمُ البناء) 4 احترازًا من مفعول ما لم يُسَمَّ فَاعِله.
وقيل: أُختير للفاعل الرّفع، وللمفعول النّصب؛ لثقل الضّمّة وخِفّة الفتحة؛ والفعلُ لا يُرْفَعُ به إلَاّ فاعلٌ واحدٌ، ويُنصب به عِدَّةٌ من المفاعيل، كالمصدر، والمفعول به، والظّرفين، والمفعول له، والمفعول مَعَه، والحال؛ فَجُعِل المُسْتَثْقَلُ إعرابًا لَما قَلَّ، والمُسْتَخَفُّ إعرابًا لَما كَثُرَ5.
وَوَحِّدِ الْفِعْلَ مَعَ الْجَمَاعَهْ
كَقَوْلِهِمْ: سَارَ الرِّجَالُ السَّاعَهْ
فِعْلُ الفاعل يُوحَّدُ6 إنْ كان لمفردٍ،7 أو مثنّى، أو مجموع؛ فتقول:(جَاءَ زَيْدُ) و (جاءَ الزّيدان)[و (جاء الزّيدون) ] 8 و (ذهب القوم)
1 يُنظر: شرح المفصّل 1/73.
وهناك حُجج أخرى غير ما ذكر الشّارح. يُنظر: شرح الشّذور 152، والهمع 2/3، وحاشية يس على شرح الفاكهيّ لقطر النّدى 1/233.
2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
3 هُناك حجج أخرى. يُنظر: الهمع 2/3، وحاشية يس على شرح الفاكهيّ لقطر النّدى 1/233.
4 يقصد بالفعل السّالم: الفعل المبنيّ للمعلوم؛ لأنّ المبنيّ للمجهول لم يسلَم من التّغيير.
5 يُنظر: شرح عيون الإعراب 80، وشرح المفصّل 1/75.
6 يُنظر: أوضح المسالك 1/345، والتّصريح 1/275.
7 في ب: لفردٍ.
8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
ولا يقال: (ذَهَبَا الزّيدان) 1 ولا (ذهبوا القوم) 2؛ [46/أ] لامتناع عَوْد الضّمير على غير ذي ضميرٍ، ولا يقع ذلك إلَاّ إذا تَأخَّر الفعل عن الاسم، كقولك:(زَيْدٌ ذَهَبَ) و (الزَّيدان3 ذَهَبَا) و (الرّجال ذهبوا) ؛ فضمير الفاعل مُسْتَتِرٌ في هذه الأفعال؛ لأنَّ الفعل لا يخلو من فَاعلٍ إمَّا ظاهرًا، و4 إمّا مُضْمَرًا.
وَإِنْ تَشَأْ فَزِدْ عَلَيْهِ5التَّاءَ
…
نَحْوُ: اشْتَكَتْ عُرَاتُنَا الشِّتَاءَ
وَُتلْحَقُ التَّاءُ عَلَى التَّحْقِيقِ
…
بِكُلِّ مَا تَأْنِيْثُهُ حَقِيقِي
كَقَوْلِهِمْ: جَاءَتْ سُعَادُ ضَاحِكَهْ
…
وَانْطَلَقَتْ نَاقَةُ هِنْدٍ رَاتِكَهْ6
وَتُكْسَرُ التَّاءُ بِلَا مَحَالَهْ
…
فِي مِثْلِ: قَدْ أَقْبَلَتِ الْغَزَالَهْ
هذه التّاءُ تَلْتَحِقُ بفعلٍ لفاعلٍ7 جُمِعَ جَمْعَ تكسيرٍ؛ فيجوز أن
1 في ب: الرّجلان.
2 هذه اللّغة يسمّيها النّحاة لغة (أكلوني البراغيث) وتُنسب إلى طيّء، وأزد شنوءة، وبلحارث بن كعب.
يُنظر: ابن النّاظم 220، وابن عقيل 1/425 ـ 429، والأشمونيّ 2/47.
3 في ب: الرّجلان.
4 في أ: أو، وهو تحريف.
5 في ب: على.
6 الرّاتِكةُ من النّوق: الّتي تمشي وكأنّ برجليْها قَيْدًا وتضرب بيديها.
ورَتَكانُ البعير: مقاربة خطوِه في رَمَلانِهِ؛ لا يُقال إلاّ للبعير.
ورَتَكَت الإبل تَرْتِك رَتْكًا ورَتَكًا وَرَتَكَانًا: وهي مشية فيها اهتزازٌ؛ وقد يُستعمل في غير الإبل، وهي في الإبل أكثر. اللّسان (رتك) 10/431.
7 في ب: الفاعل.
تقول: (قَالَ الرِّجال) و (قَالتِ الرِّجال) بتأنيث الفعل وتذكيره.
وكذلك إذا كان جَمْعًا لمؤنّثٍ حقيقيًّا1 كان أو غير حقيقيٍّ؛ كقولك: (قال النِّساء) و (قالت النّساء)[46/ب] و (اتّسع الدُّور) و (اتَّسَعَتِ الدُّور) 2، فَيُقدَّر فيها في التَّذكير حَذْفُ مُضافٍ مُذكَّرٍ، كقولك:(قام جَمعُ3 الرِّجال)4.
1 المؤنّث الحقيقيّ هو: ما كان من الحيوان بإزائه ذكر، كـ (امرأة) و (نعجة) و (أتان) ، ومجازيّ التّأنيث هو ما سوى الحقيقي، كـ (دار) و (نار) و (شمس) .
ابن النّاظم 224.
2 يجوز تأنيث الفعل للفاعل في أربع مسائل:
الأولى: أنْ يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا حقيقيّ التّأنيث، مفصولاً عن الفعل بفاصل غير (إلاّ)، نحو:(حضر القاضي اليوم امرأةٌ) . و (حضرت القاضي اليوم امرأةٌ) .
الثّانية: أنْ يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا مجازيّ التّأنيث، نحو:(طلع الشّمس) و (طلعت الشّمس) .
الثّالثة: أنْ يكون الفاعل جمعَ تكسير لمذكّر أو مؤنّث؛ وقد ذكر ذلك الشّارح رحمه الله، أو يكون جمع مؤنّث سالم، نحو:(جاء المسلمات) و (جاءت المسلمات) .
الرّابعة: فاعلُ (نعم) و (بئس) وأخواتهما، إذا كان مؤنّثًا جاز في فعله التّأنيث والتّذكير، نحو:(نعم المرأة هند) و (نعمت المرأة هند) .
يُنظر: شرح ملحة الإعراب 160، 161، وابن النّاظم 224، وأوضح المسالك 1/356، وابن عقيل 1/437، والتّصريح 1/279.
3 في ب: جميع.
4 التّذكير على تأويلهم بالجمع، والتّأنيث على تأويلهم بالجماعة؛ فإذا قلت:(قام الرّجال) أردتّ: قام جميع الرّجال، وإذا قلتَ:(قامتِ الرّجال) أردّت: قامت جماعة الرّجال؛ وكذلك المؤنّث.
يُنظر: التّبصرة 2/623، وابن النّاظم 226، وابن عقيل 1/438.
ويجب إثباتُها في فعل المؤنّث الحقيقيّ1، كقولك:(قامت المرأة) و (بركت النّاقة) ؛ وفي الفعل المتأخّر كَمَا تَقَدَّم ذِكْرُه، كقولك:(الشّجرة حَمَلتْ) و (النّساء قامت) و (الدُّورُ عُمِرَتْ) .
وهذه التّاء إذا وليها أَلِفٌ وَلَامٌ كُسِرَت؛ لالتقاء السّاكنَيْن2.
1 يجب تأنيث الفعل للفاعل في مسألتين:
الأولى: أنْ يكون الفاعل المؤنّث ضميرًا متّصلاً؛ ولا فرق في ذلك بين المؤنّث الحقيقيّ والمجازيّ، نحو:(هند قامت) و (الشّمس طلعت) .
الثّانية: أنْ يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا، حقيقيّ التّأنيث، نحو:(قامت هند) .
يُنظر: ابن النّاظم 224، وشرح شذور الذّهب 163، وابن عقيل 1/432، والتّصريح 1/277.
2 نحو: قَالَتِ النِّساء.