الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأنعام: 141 - 142].
ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات
الجنات: البساتين التي يحفها الشجر، مأخوذةٌ من جنَّ إذا ستر، لأنَّها تستر بأشجارها من يكون تحتها.
معروشات: بساتين الأعناب القائمة على العروش، وهي الأعمدة.
غير معروشاتٍ، أي: الملقاة على الأرض.
مختلفاً أُكلُه: مختلفاً طعمه، فقد يكون حلواً أو مُراً أو حامضاً.
متشابهاً وغير متشابه: في المنظر أو الطعم، وقد تختلف فيهما.
ولا تسرفوا، أي: لا تبالغوا في الإنفاق حتى يضرَّ بكم.
حمولة وفرشاً: الحمولة الكبار من الإبل التي تحمل الأحمال، وقد يستعمل في الفرس والبغل والحمار، وفرشاً الصغار من الإبل، والبقر والغنم.
خطوات الشيطان: خطوات جمع خطوة، وهي طرقه المضلَّة.
رابعًا: شرح آيات هذا الموضع
عرَّفنا ربُّنا سبحانه وتعالى بنفسه تبارك وتعالى ببيان ما يأتي:
1 -
الله - تعالى - هو الذي أبدع لنا ما في الأرض من جناتٍ:
أعلمنا ربُّنا - العليُّ العظيم - أنه {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا
وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 141] أي: هو سبحانه الذي أنشأ لنا جنَّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ، والمراد بالمعروشات بساتين الأعناب المرفوعة على الأعمدة والعروش، وغير المعروشات ما لم يرفع، بل هو ملقى على الأرض.
والجنَّات: البساتين التي يحفُّها الشجر، مأخوذةٌ من جنَّ إذا ستر، لأنها تستر بأشجارها من يكون تحتها.
وقد تكون هذه الجنات من أشجار النخيل أو الزيتون أو الرمَّان، وقد يزرع بين الأشجار الحبوب من القمح والشعير والذُّرة، وقد يزرع فيها الرَّياحين وغيرها، وقوله:{مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ} أي: مختلفاً طعمه، فقد يكون حلواً، وقد يكون حامضاً، وقد يكون بين ذلك.
والزيتون أنواعٌ كثيرةٌ، متشابهةٌ فيما بينها، في منظرها وطعمها، وقد تختلف فيما بينها، ومثل ذلك يقال في الرُّمان، تتشابه في المنظر، وقد تختلف، وقد يكون من الرُّمان الحلو والحامض.
وقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} [الأنعام: 141].
هذا الأمر الذي أمرنا به في الآية، وهو الأمر بالأكل من ثمار الأشجار من العنب والنَّخل والزيتون والرُّمان أمر إباحةٍ، وهو يأتي في مقابل ما حرَّمه أهل الجاهلية من الحرث، وأمرنا مع الأكل أن نؤتي حقَّه يوم حصاده، والحقُّ الذي أُمر المؤمنون بإيتائه حقٌّ غير مقدَّرٍ يخرجه صاحبه من ثمار الأعناب
والنخيل والزيتون والرمان، وليس المراد به الزكاة، فهذه الآية مكَّيةٌ، ولم تكن الزكاة قد فرضت بعد، ولو كانت الآية في شأن الزكاة لما أمر فيها بإخراج نصيبٍ من بساتين الرُّمان، فإنَّ الرمَّان لا زكاة فيه، وكذا لا يصحُّ الاحتجاج بالآية على وجوب إخراج الزكاة من الزيتون، ومما يدل على أنَّ الآية ليست في الزكاة أن الزكاة لا تؤدَّى في يوم الحصاد.
وقوله: {وَلَا تُسْرِفُو} نهيٌ عن إخراج ربِّ المال ما يضرُّ به، وبمن يتولَّى الإنفاق عليه من الذُّريَّة والزوجة وغيرهم، وعلَّل النهي عن الإسراف بأنه {لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} .
2 -
امتنانُ الله علينا بما خلقه لنا من الأنعام:
أعلمنا ربُّنا تبارك وتعالى في الآية السابقة أنَّه أنشأ جناتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ، ثم عطف عليها الآية التالية وهي قوله سبحانه:{وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأنعام: 142]. أي: وهو الذي أنشأ جناتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ، وأنشأ حمولةً وفرشاً من الأنعام، فالله - سبحانه - هو الذي رزقنا أنواع الحبوب والأشجار وأنواع الأنعام، والحمولة: الإبل الكبار التي يرُكب عليها، ويُحمل عليها، والفرش الصغار من الإبل، والبقر والضأن والمعز مما لا يُحمل عليه، سمَّى صغار الإبل والغنم والبقر فرشاً لقربها من الأرض، فهي كالفرش، وقيل: الفرش ما يفرش على الأرض حين الذبح، وقال ربُّ العزَّة في الحمولة من الإبل التي يحمل عليها الأثقال: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى