الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 12 - 14].
ثالثًا: تفسير مفردات هذا الموضع من الآيات
كتب على نفسه الرحمة، أي: أوجبها على نفسه.
وله ما سكن في الليل والنهار: السكون ثبوت الشيء واستقراره بعد تحركه.
فاطر السموات والأرض: خالقهما ومبدعهما على غير مثالٍ سابقٍ.
رابعًا: شرح آيات هذا الموضع
عرَّف الله تعالى عباده بنفسه في هذه الآيات الكريمات عبر النقاط التالية:
1 -
الله - تعالى - له ما في السموات والأرض:
أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوجِّه السؤال إلى المشركين الذين يعبدون الأوثان والأصنام قائلًا لهم: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 12] ثم أجاب سبحانه نفسَه بنفسِه قائلًا: {قُلْ لِلَّهِ} [الأنعام: 12].
والعرب الذين كانوا يعبدون الأوثان كانوا يقرون بأنَّ الله تعالى هو وحده الخالق للسموات والأرض دون غيره، قال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 84 - 89] والكفار عندما يقرُّون بأن الله هو الخالق للسموات والأرض ومالكهما يتناقضون عندما يعبدون غيره، ولا يفردونه بالعبادة.
2 -
الله - تعالى - كتب على نفسِهِ الرحمة:
أخبرنا ربُّنا تبارك وتعالى أنه كتب على نفسه الرحمة، فقال:{كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 12] أي: أوجب وفرض على نفسِهِ - سبحانه - الرحمة، روي أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمَّا قضى الله الخلق كتب كتابه، فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي غلبت غضبي» [البخاري: 3194. ومسلم: 2751]. وعن أبي هريرة أيضًا، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «جعل الله الرحمة مائة جزءٍ، فأمسك عند تسعةً وتسعين جزءًا، وأنزل في الأرض جزءاً واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها، خشية أن تصيبه» [البخاري: 6000. ومسلم: 2752].
3 -
سيجمع الله - تعالى - عباده يوم القيامة:
أقسم ربُّ العزَّة تبارك وتعالى بنفسه الكريمة أنَّه سيجمع عباده يوم القيامة، لا يتخلَّف منهم أحد، ولا يُفلت منهم أحد {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنعام: 12] وهذا اليوم أمرٌ مستيقنٌ لا ريب فيه، ولا شكَّ فيه، والمؤمنون يصدِّقون بذلك من غير شكٍّ، ولذلك فإنَّ رب العزَّة قال:{لَا رَيْبَ فِيهِ} [الأنعام: 12] أما الذين يخسرون أنفسهم في ذلك اليوم بإدخال الله لهم
النار فهؤلاء لا يؤمنون {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 12] وهذا الخسران هو الخسران الأعظم.
4 -
الله - تعالى - له ما سكن في الليل والنهار:
أخبرنا ربُّنا سبحانه وتعالى أنَّ {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَار} [الأنعام: 13]. أي: ما استقرَّ في الليل والنهار، وأصل السكون: ثبوت الشيء بعد تحركه.
وختم سبحانه وتعالى الآية بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 13] فالله تبارك وتعالى سميعٌ لأقوال عباده، لا يخفى عليه منها خافيةٌ، وعليم بأعمالهم وحركاتهم وما انطوت عليه قلوبهم.
5 -
الله - تعالى - وحده المعبود الذي يستحق العبادة:
أمر ربُّ العزَّة تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوجِّه للمشركين سؤال إنكار، فيقول لهم: أغير الله أتخذ إلهًا ومعبودًا، وهو فاطر السموات والأرض، أي: خالقهما على غير مثالٍ سابقٍ، وهو سبحانه الذي يُطعِم ولا يُطعَم، {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14].
والمراد بقوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} أي: هو الذي يرزق عباده، ولا يحتاج إلى من يرزقه ويطعمه، وهذه الآية كقوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ