الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: تفسير المفردات في هذا الموضع من الآيات
اختلاف الليل والنهار: تعاقب الليل والنهار.
الآيات: العلامات الدالاّت على الله.
أولي الألباب: أصحاب العقول.
رابعًا: شرح آيات هذا الموضع
عرَّفنا ربُّنا تبارك وتعالى في هذه الآيات بنفسه، وعرَّفنا - سبحانه - بأنَّ له وحده ملك السموات ولأرض لا يشركه في ذلك أحد {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وأعلمنا ربُّنا أنه سبحانه على كل شيء قدير {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} .
وأخبرنا ربُّنا العزيزُ العليمُ سبحانه وتعالى أنَّه أبدع السموات والأرض على غير مثال سابق، وأحكم خلقهما، وخلق ما فيهما على نحو بديع لا مثيل له، انظر إلى ما حدَّثنا الله به عن السموات في قوتها وارتفاعها واتساعها، وجعلها سبعًا طباقًا، وزينها بالنجوم النيرات، وانظر إلى ما حدَّثنا به عن الأرض، وسهولها وجبالها، وبحارها وأنهارها، وحيواناتها وأشجارها ونباتها، وانظر كيف يتعاور عليها الليل والنهار، وكيف يأخذ كلُّ واحد منهما من الآخر، فهما يتعاقبان، ويتقارضان، وقال في هذا الموضع:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190].
وما من شيءٍ تقعُ عليه العينُ في هذا الوجود إلا وفيه آيةٌ تشهد لخالقه بالإبداع.
وفي كلِّ شيءٍ لَهُ آيةٌ. . . تدلُّ على أنَّه واحدُ
وقد أخبرنا أنَّ الذي يدركُ هذه الآياتِ الدالةِ على بديعِ صنع الله هم أولو الألباب، أي: أصحابُ العقول الزاكية الوافية، أمَّا الكفرة الفجرة فإنهم يمرون على هذه الآيات، ولا يعتبرون بها، ولا يتعظون {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف: 105].
وأخبرنا ربُّنا - سبحانه - أنَّ أولي الألباب هم {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ويقولون: {ربُّنا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} [آل عمران: 191].
فأصحاب العقول الزاكية الوافية يدركون آيات الله التي بثَّها في الكون، ويشغلون ألسنتهم بذكر الله من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير في كل أحوالهم، فالإنسان في دنياه إمَّا أن يكون قائمًا أو قاعدًا أو مضطجعًا، وهم يذكرون الله في هذه الأحوال الثلاث، كما قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103].
ومع إدراك أولي الألباب لآيات الكون، وذكرهم لله بألسنتهم، يتفكرون في خلق السموات والأرض فينظرونَ {إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20]. وانظر إلى ما أمرنا الله سبحانه بالنظر إلى السموات والأرض لنتعرف على آياته في قوله: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا