الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضع القرآني [49]
سجود من في السموات والأرض لله تعالى
عرَّفنا ربُّنا عز وجل بنفسه في الآية التالية فقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18].
أعلمنا ربُّنا تبارك وتعالى في الآية السابقة أنَّه يسجد له من السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18].
وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أنَّ المراد بسجود السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب يكون بالانقياد الكامل لله، لا سجود الطاعة الخاصة بالعقلاء، والصواب من القول أنه سجودٌ حقيقيٌّ لا ندري كيفيته، ولا حقيقته، قال تعالى:{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد: 15]، وقال:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ * وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 48 - 49]. وقال: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6].
وإذا أنت نظرت في الآيات نظر معتبرٍ وجدت المخلوقات تسجد لربِّ الكائنات سجوداً حقيقياً، ولكن لا ندري كيف تسجد، كما قال ربُّ العزَّة في تسبيح الكائنات:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] وقد أخبر رسولنا صلى الله عليه وسلم أبا ذر أن الشمس تسجد تحت عرش الرحمن، فعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذرٍّ حين غربت الشمس: «أتدري أين تذهب؟» . قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنَّها تذهب حتَّى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعزَّيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38]» [البخاري: 3199. ومسلم: 159].
وقوله: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} أي: مؤمنون يسجدون لله، وقوله:{وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} أي: كثير من الناس كفار حقَّ عليهم العذاب فهم لا يسجدون لله تعالى.
وقوله: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} يريد ربُّنا أنه من يشقه الله فما له من مسعدٍ، والأمور سبحانه بيده، يوفق من يشاء بطاعته، ويخذل من يشاء، ويشقي من يشاء، ويسعد من أحبَّ.
* * *