الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا، أَوْ يَرَى فُرْجَةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجُمُعَةِ سَاعَةً، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاخْتُلِفَ فِيهَا.
فَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ الْحَدِيثِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَتُرْجَى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَفِي " الدَّعَوَاتِ " لِلْمُسْتَغْفِرِينَ: عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ فِي الْبَابِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ، وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ، وَانْتَشَرْتُ لِمَا أَمَرْتَنِي، فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (وَ) يُكْثِرُ (الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَيْ: فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَيْلَتَهَا؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَقَدْ رُوِيَ الْحَثُّ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ:«أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ.
فَائِدَةٌ: رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَرَأَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَأُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» .
[حُكْمُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
(وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ
فَيَتَخَطَّى إِلَيْهَا، وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَلَا يُقِيمُ غَيْرَهُ فَيَجْلِسُ مَكَانَهُ، إِلَّا مَنْ قَدَّمَ صَاحِبًا لَهُ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لَهُ. وَإِذَا وَجَدَ مُصَلًّى مَفْرُوشًا فَهَلْ لَهُ رَفْعُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْأَذَى، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِتَحْرِيمِهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا) فَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ لِتَعْيِينِ مَكَانِهِ، وَأُلْحِقَ بِهِ فِي " الْغُنْيَةِ " الْمُؤَذِّنُ (أَوْ يَرَى) الْمُصَلِّي (فُرْجَةً فَيَتَخَطَّى إِلَيْهَا) لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حَقَّ أَنْفُسِهِمْ بِتَأَخُّرِهِمْ، وَعَنْهُ: إِنْ وَصَلَهَا بِدُونِهِ كُرِهَ، وَإِلَّا فَلَا، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ تَخَطِّيهِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْفُرْجَةُ أَمَامَهُ، (وَعَنْهُ: يُكْرَهُ) مُطْلَقًا؛ لِمَا رَوَى سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا «مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخَذَ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (وَلَا يُقِيمُ غَيْرَهُ فَيَجْلِسُ مَكَانَهُ) وَذَلِكَ حَرَامٌ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ نَهَى أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ، وَيَجْلِسَ فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ: افْسَحُوا، قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا يُقِيمُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يُخَالِفُ إِلَى مَقْعَدِهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلِ: افْسَحُوا» ، وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ بَيْتُ اللَّهِ، وَالنَّاسَ فِيهِ سَوَاءٌ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ إِلَّا الصَّغِيرَ، وَسَوَاءً كَانَ رَاتِبًا لَهُ يَجْلِسُ فِيهِ أَوْ لَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يُكْرَهُ (إِلَّا مَنْ قَدَّمَ صَاحِبًا لَهُ، فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لَهُ) لِأَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَعَدَ فِيهِ لِحِفْظِهِ لَهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِإِقَامَتِهِ، وَعَلَّلَهُ فِي " الشَّرْحِ " بِأَنَّ النَّائِبَ يَقُومُ بِاخْتِيَارِهِ، وَفِي " الْفُرُوعِ ".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ أَصْحَابُنَا: إِلَّا مَنْ جَلَسَ بِمَكَانٍ يَحْفَظُهُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ دُونَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ:" أَوْ دُونَهُ "؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي اخْتِصَاصٍ مُبَاحٍ، كَتَوْكِيلِهِ فِي تَمْلِيكِ الْمُبَاحِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، لَكِنْ إِنْ جَلَسَ فِي مَكَانِ الْإِمَامِ، أَوْ طَرِيقِ الْمَارَّةِ، أَوِ اسْتَقْبَلَ الْمُصَلِّينَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ أُقِيمَ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ، فَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا لَوْ جَلَسَ، وَقِيلَ: إِنْ آثَرَ عَالِمًا أَوْ دَيِّنًا جَازَ، وَلَا يُكْرَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي " الْفُصُولِ " لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ، وَكَذَا الْخِلَافُ إِنْ آثَرَ بِمَكَانِهِ فَسَبَقَ إِلَيْهِ آخَرُ، وَصَحَّحَ فِي " الشَّرْحِ " وَابْنُ حَمْدَانَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا، ثُمَّ آثَرَ بِهِ غَيْرَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَسَّعَ لِرَجُلٍ فِي طَرِيقٍ فَمَرَّ غَيْرُهُ، لِأَنَّهَا جُعِلَتْ لِلْمُرُورِ فِيهَا، وَالْمَسْجِدُ جُعِلَ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ.
(وَإِذَا وَجَدَ مُصَلًّى مَفْرُوشًا فَهَلْ لَهُ رَفْعُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ، وَعَنْهُ: وَلِمَا فِيهِ مِنَ الِافْتِئَاتِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَالْإِفْضَاءِ إِلَى الْخُصُومَةِ، وَقَاسَهُ فِي " الشَّرْحِ " عَلَى السَّابِقِ إِلَى رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ، وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ.
فَعَلَى هَذَا لَهُ رَفْعُهُ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، قَالَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالثَّانِي: لَهُ رَفْعُهُ، وَالصَّلَاةُ مَكَانَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ بِنَفْسِهِ، وَالْفَضِيلَةُ بِالسَّبْقِ بِالْبَدَنِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ صَاحِبُهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَخَطِّي النَّاسِ رَفَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ بِتَحْرِيمِهِ، وَقَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ إِنْ حَرُمَ رَفْعُهُ فَلَهُ فَرْشُهُ، وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا: لَيْسَ لَهُ