الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
فِي الْكَفَنِ
يَجِبُ كَفَنُ الْمَيِّتِ فِي مَالِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]
[الْكَفَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ]
فَصْلٌ
فِي الْكَفَنِ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْغُسْلِ أَتْبَعَهُ الْكَفَنَ فَقَالَ: (يَجِبُ كَفَنُ الْمَيِّتِ) وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْمَيِّتِ (فِي مَالِهِ)«لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ فِي الْمُحْرِمِ: كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» وَلِأَنَّ حَاجَةَ الْمَيِّتِ مُقَدَّمَةٌ فِي مَالِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ بِدَلِيلِ قَضَاءِ دَيْنِهِ (مُقَدَّمًا عَلَى الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّ الْمُفْلِسَ يُقَدَّمُ بِالْكُسْوَةِ عَلَى الدَّيْنِ فَكَذَا الْمَيِّتُ، وَلِأَنَّهُ إِذَا قُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ دَيْنُ الرَّهْنِ، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ أَوْ أَكْثَرُ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَحْسِينِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، فَيَجِبُ مَلْبُوسُ مِثْلِهِ، جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُوصَ بِدُونِهِ، وَفِي " الْفُصُولِ " إِنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ حَالِهِ كَنَفَقَتِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَنُوطُ وَالطِّيبُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِمَا فِي الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: بَلَى؛ لِأَنَّهُ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ، وَلَا بَأْسَ بِالْمِسْكِ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ أَخْذَ ذَلِكَ مِنَ السَّبِيلِ لَمْ يُجَابُوا، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ قَبُولُهُ، لَكِنْ لَيْسَ لِلْبَقِيَّةِ نَقْلُهُ، وَسَلْبُهُ مِنْ كَفَنِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ، بِخِلَافِ مُبَادَرَتِهِ إِلَى دَفْنِهِ فِي مِلْكِ الْمَيِّتِ لِانْتِقَالِهِ إِلَيْهِمْ، لَكِنْ يُكَرَهُ لَهُمْ، وَلَا يُسْتَرُ بِحَشِيشٍ، وَيُقْضَى دَيْنُهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.
فَرْعٌ: الْجَدِيدُ أَفْضَلُ فِي الْمَنْصُوصِ، زَادَ فِي " الشَّرْحِ " إِلَّا أَنْ يُوصِيَ لِغَيْرِهِ،
فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، إِلَّا الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ.
وَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُ الرَّجُلِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَيَتَمَثَّلُ لِقَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْعَتِيقُ غَيْرُ الْبَالِي أَفْضَلُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ حَالَ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِقَدْرِ إِرْثِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَنْفَرِدُ بِهِ الْأَبُ، فَإِنْ عُدِمَ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الْعَالِمِينَ بِحَالِهِ.
قَالَ فِي الْفُنُونِ: قَالَ حَنْبَلٌ: بِثَمَنِهِ كَالْمُضْطَرِّ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ بِهِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا جِبي لَهُ ثَمَنُ كَفَنٍ، فَفَضُلَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ كَفَّنَهُ وَرَثَتُهُ، صُرِفَ فِي كَفَنٍ آخَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، تُصُدِّقَ بِهِ، وَلَا يَأْخُذُهُ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ (إِلَّا الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ وَجَبَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدِ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَانَتْ فِي الْحَيَاةِ، أَشْبَهَتِ الْأَجْنَبِيَّةَ، وَدَلِيلُ الِانْقِطَاعِ إباحته أُخْتُهَا وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا، وَقِيلَ: بَلَى، وَحُكِيَ رِوَايَةً؛ وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَرِكَةٌ فَعَلَيْهِ كَفَنُهَا، وَقِيلَ: يُكَفِّنُ الزَّوْجَةَ الذِّمِّيَّةَ أَقَارِبُهَا، فَإِنْ عُدِمُوا أَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْأَصَحُّ لَا، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَكَفَنُهُ عَلَى مَالِكِهِ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: يُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٍ بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِنَّةَ، وَعَكْسُهُ، الْكَفَنُ وَالْمُؤْنَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: مَاتَ إِنْسَانٌ مَعَ جَمَاعَةٍ فِي سَفَرٍ، كَفَّنُوهُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَّنُوهُ وَرَجَعُوا، فَإِنْ أَبَى الْحَاكِمُ الْإِذْنَ أَوْ تَعَذَّرَ إِذْنُهُ، أَوْ أَمْكَنَ وَلَمْ يَسْتَأْذِنُوهُ، أَوْ لَمْ يَنْوُوا الرُّجُوعَ، فَوَجْهَانِ.