الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَائِفٍ، وَمَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا، فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَا يَمْنَعُهُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ. لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَاجِزًا ثُمَّ قَدَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوِ انْتَهَى السَّيْلُ أَوِ الْحَرِيقُ إِلَيْهِ؛ وَهُوَ يُصَلِّي أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ خَائِفٍ، وَكَذَا مَنْ خَافَ كَمِينًا أَوْ مَكِيدَةً أَوْ مَكْرُوهًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَدُوُّ بِإِزَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ عَلَى الْأَشْهَرِ (وَمَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا، فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَا يَمْنَعُهُ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) كَذَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ الْمُبِيحُ، أَشْبَهَ مَنْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ، ثُمَّ عَلِمَ بِحَدَثِهِ.
وَسَوَاءٌ اسْتَنَدَ ظَنُّهُ إِلَى خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا إِعَادَةَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ رِوَايَةً، وَكَذَا إِنْ كَانَ، وَثَمَّ مَانِعٌ، وَقِيلَ: إِنْ خَفِيَ الْمَانِعُ، وَإِلَّا أَعَادَ، فَإِنْ بَانَ عَدُوًّا يَقْصِدُ غَيْرَهُ، لَمْ يُعِدْ فِي الْأَصَحِّ، لِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ بِوُجُودِ عَدُوٍّ يَخَافُ هَجْمَهُ، كَمَا لَا يُعِيدُ مَنْ خَافَ عَدُوًّا فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ بَانَ أَمْنُ الطَّرِيقِ.
وَقَالَ فِي " التَّبْصِرَةِ ": إِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ خَنْدَقٌ أَوْ سُورٌ، فَخَافُوا طَمَّهُ أَوْ هَدْمَهُ إِنِ اشْتَغَلُوا، صَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَقَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، صَلَّوْا صَلَاةَ آمِنٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
[حُكْمُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهِيَ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ، حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَالْأَصْلُ الضَّمُّ، وَاشْتِقَاقُهَا مِنِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ، وَقِيلَ: لِجَمْعِهَا الْجَمَاعَاتِ، وَقِيلَ: لِجَمْعِ طِينِ آدَمَ فِيهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ آدَمَ جُمِعَ فِيهَا خَلْقُهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جُمِعَ مَعَ حَوَّاءَ فِي الْأَرْضِ فِيهَا، وَفِيهِ خَبَرٌ مَرْفُوعٌ، وَقِيلَ: لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ. قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَاسْمُهُ الْقَدِيمُ يَوْمُ الْعُرُوبَةِ؛ وَهُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ.
(وَهِيَ وَاجِبَةٌ) بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] وَالسَّعْيُ الْوَاجِبُ لَا يَجِبُ إِلَّا إِلَى وَاجِبٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ: الذَّهَابُ إِلَيْهَا لَا الْإِسْرَاعُ، وَبِالسُّنَّةِ: فَمِنْهَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقُ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ» ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ؛ وَهِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِنِيَّةِ الظُّهْرِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلِجَوَازِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ لَا أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ: وَلَا تُجْمَعُ فِي مَحَلٍّ يُبِيحُ الْجَمْعَ، وَعَنْهُ: ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، وَفِي " الِانْتِصَارِ "، " وَالْوَاضِحِ " هِيَ الْأَصْلُ، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ، زَادَ بَعْضُهُمْ: رُخْصَةٌ فِي حَقِّ مَنْ فَاتَتْهُ؛ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنَ الظُّهْرِ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْعَقْلَ شَرْطَانِ لِلتَّكْلِيفِ وَصِحَّةِ الْعِبَادَةِ، فَلَا تَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ إِجْمَاعًا، وَلَا عَلَى صَبِيٍّ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، لِمَا رَوَى طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ مَرْفُوعًا:«الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ. رَوَاهُ» أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: طَارِقٌ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَلِأَنَّ الْبُلُوغَ مِنْ شَرَائِطِ التَّكْلِيفِ بِالْفُرُوعِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ عَلَى مُمَيِّزٍ، ذَكَرَهَا فِي " الْمُذْهَبِ "، وَ " الشَّرْحِ "، وَزَادَ: بِنَاءً عَلَى تَكْلِيفِهِ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ: إِنْ لَزِمَتِ الْمَكْتُوبَةُ صَبِيًّا لَزِمَتْهُ، وَقِيلَ: لَا، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَقَالَ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ لِلْخَبَرِ (ذَكَرٍ) ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْحُضُورِ فِي مَجَامِعِ الرِّجَالِ، وَفِي " نِهَايَةِ " الْأَزَجِّيِّ
مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ.
وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رِوَايَةٌ أَنَّهَا تَلْزَمُهَا (حُرٍّ) هُوَ الْمَشْهُورُ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكُ الْمَنْفَعَةِ مَحْبُوسٌ عَلَى سَيِّدِهِ، أَشْبَهَ الْمَحْبُوسَ بِالدَّيْنِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَقِيَاسًا عَلَى الظُّهْرِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ سَيِّدَهُ، وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ وَمُخَالَفَتُهُ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَا يَذْهَبُ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُمْ بِإِذْنِ سَيِّدٍ، وَمُقْتَضَاهُ: لَا تَجِبُ عَلَى الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي نَوْبَتِهِ؛ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، كَالْقِنِّ، لِبَقَاءِ الرِّقِّ، وَتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ (مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ) مُعْتَادٍ، وَلَوْ كَانَ فَرَاسِخَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. مِنْ حَجَرٍ أَوْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ، مُتَّصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، يَشْمَلُهُ اسْمٌ وَاحِدٌ، لَا يَرْتَحِلُ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا (لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ) إِذَا كَانَ خَارِجًا عَنِ الْمِصْرِ (أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ) نَصَّ عَلَيْهِ (تَقْرِيبًا) عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ: عَنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: الِاعْتِبَارُ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَسْنَدَهُ قَبِيصَةُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": الْأَشْبَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلَفْظُهُ:«إِنَّمَا الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» ، وَالْعِبْرَةُ بِسَمَاعِهِ مِنَ الْمَنَارَةِ لَا بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، نَصَّ عَلَيْهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: غَالِبًا مِنْ مَكَانِهَا، أَوْ مِنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ عَلَى مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ إِلَيْهَا، وَالْعَوْدِ إِلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ، رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ كَالْمِصْرِ، وَاعْتِبَارُ سَمَاعِ النِّدَاءِ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمُ الْأَصَمُّ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، فَيَخْتَصُّ بِسَمَاعِهِ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَاعْتُبِرَ بِمَظِنَّتِهِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ النِّدَاءَ غَالِبًا إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا، وَالرِّيَاحُ سَاكِنَةً، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةً، وَالْعَوَارِضُ مُنْتَفِيَةً، هُوَ فَرْسَخٌ، فَلَوْ سَمِعَتْهُ قَرْيَةٌ مِنْ فَوْقِ فَرْسَخٍ لِعُلُوِّ مَكَانِهَا، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ دُونَهُ لِجَبَلٍ حَائِلٍ أَوِ انْخِفَاضِهَا، فَعَلَى الْخِلَافِ، وَحَيْثُ لَزِمَهُمْ، لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ لِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ أَصْلًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إِلَيْهَا، قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ؛