الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صَخْرَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَنَصَّ على استحبابه، واختلف عنه في اللوح، والأشبه أنه لا بأس به بلا كتابة، قاله ابْنُ تَمِيمٍ
[أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِالْقَبْرِ]
(وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ عَنِ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ) لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ رُفِعَ قَبْرُهُ عَنِ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ، رَوَاهُ السَّاجِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَلِأَنَّهُ يُعْلَمُ أنه قبر فَيُتَّوَقَّى وَيُتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، وَيُكْرَهُ فَوْقَ شِبْرٍ؛ لِأَنَّ «فَضَالَةَ أَمَرَ بِقَبْرٍ فَسُوِّيَ، وَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَأْمُرُ بِذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ عَلَى تَقْرِيبِهِ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْمَنْعِ عَنْ عُلُوِّهَا الْفَاحِشِ (مُسَنَّمًا) لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مُسَنَّمًا، وَلِأَنَّ التَّسْطِيحَ يُشْبِهُ أَبْنِيَةَ أَهْلِ الدُّنْيَا؛ وَهُوَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَكَانَ مَكْرُوهًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: التَّسْطِيحُ أَفْضَلُ، وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ: وَبَلَغَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ» ؛ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَطَّحَ جَوَانِبَهَا وَسَنَّمَ سَطْحَهَا، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا إِذَا دُفِنَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ تَعَذُّرِ نَقْلِهِ، فَالْأَوْلَى تَسْوِيَتُهُ بِالْأَرْضِ وَإِخْفَاؤُهُ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ (وَيُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ)«لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ رَشَّ عَلَى قَبْرِ سَعِيدٍ مَاءً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ أَنَّهُ رَشَّ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الْمَاءَ، وَلِأَنَّ الْمَاءَ يُلَبِّدُهُ، وَهُوَ آثَارُ الرَّحْمَةِ، وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصًى صِغَارٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَعُمُّهُ بِهَا لِيَحْفَظَ تُرَابَهُ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ مَاءً، وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصًى» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (وَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهِ) قَالَهُ
وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالْبِنَاءُ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ. وَالْجُلُوسُ، وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، وَالِاتِّكَاءُ إِلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ طُيِّنَ قَبْرُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ صِيَانَةً عَنِ الدَّرْسِ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى طِينٍ فِيهِ تَحْسِينٌ لِلْقَبْرِ وَزِينَةٌ (وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ) وَتَزْوِيقُهُ وَتَحْلِيقُهُ؛ وَهُوَ بِدْعَةٌ (وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ، أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ. لَاصِقَةً أَوْ لَا، لِقَوْلِ جَابِرٍ «نَهَى النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْقُبَّةِ وَالْبَيْتِ وَالْحَظِيرَةِ فِي مِلْكِهِ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَيُكْرَهُ فِي صَحْرَاءٍ لِلضِّيقِ وَالتَّشَبُّهِ بِأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا، وَكَرِهَ فِي " الْوَسِيلَةِ " الْبِنَاءَ الْفَاخِرَ كَالْقُبَّةِ، وَظَاهِرُهُ لَا بَأْسَ بِبِنَاءٍ مُلَاصِقٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْلِيمِهِ وَحِفْظِهِ دَائِمًا، فَهُوَ كَالْحَصْبَاءِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ، أَوْ يَخُصُّ مِنْهُ، وَعَنْهُ: مَنْعُ الْبِنَاءِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: رَأَيْتُ الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا تَبَقَّى، وَالْمَنْقُولُ هُنَا الْمَنْعُ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ، يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ عَمَّنِ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَقْبَرَةِ لِغَيْرِهِ، قَالَ: لَا يُدْفَنُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ، وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حفر قَبْرٌ فِي مُسْبَلَةٍ قَبْلَ الْحَاجَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَتُكْرَهُ الْخَيْمَةُ وَالْفُسْطَاطُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَمْرِ ابْنِ عُمَرَ بِإِزَالَتِهِ.
وَقَالَ: إِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ الصَّحْرَاءَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ كَانَ يَدْفِنُ أَصْحَابَهُ بِالْبَقِيعِ؛ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَسَاكِنِ الْآخِرَةِ، وَأَكْثَرُ لِلدُّعَاءِ لَهُ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ، سِوَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاخْتَارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْخَرْقَ يُتَّبَعُ، وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ، وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ، ذَكَرَهَا الْمَجْدُ. (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «نَهَى أَنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ» (وَالْجُلُوسُ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لِأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ من أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» .
فصل
وَلَا يُدْفَنُ فِيهِ اثْنَانِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ إِلَى الْقِبْلَةِ. وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْخَلَّالُ مَرْفُوعًا «لِأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ أَحَبُّ إِلَيَّ [مِنْ] أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ» ، وَفِي " الْكَافِي " إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى قَبْرِ مَنْ يَزُورُهُ إِلَّا بِالْوَطْءِ جَازَ لِلْحَاجَةِ (وَالِاتِّكَاءُ إِلَيْهِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رَأَى عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ مُتَّكِئًا عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تُؤْذِهِ» .
مَسْأَلَةٌ: لَا يَجُوزُ الْإِسْرَاجُ عَلَى الْقُبُورِ، وَلَا اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهَا، وَلَا بَيْنَهَا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيَتَعَيَّنُ إِزَالَتُهَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. فَلَوْ وُضِعَ الْمَسْجِدُ وَالْقَبْرُ مَعًا لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَلَا الصَّلَاةُ، قَالَهُ فِي " الْهَدْيِ " وَفِي " الْوَسِيلَةِ ": يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ عِنْدَهَا، وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ عِنْدَهَا، وَالْمَشْيُ بِالنَّعْلِ فِيهَا، وَيُسَنُّ خَلْعُهُ إِلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ، نَصَّ عَلَيْهِ.
1 -
فَصْلٌ يَسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ دَفْنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَعَلَهُ أَحْمَدُ جَالِسًا، وَاسْتَحَبَّ الْأَصْحَابُ وُقُوفَهُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَالْأَحْنَفُ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: هُوَ بِدْعَةٌ، وَاسْتَحَبَّ الْأَكْثَرُ تَلْقِينَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ، لِقَوْلِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَحَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ قَبْرِهِ: يَا فُلَانُ قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَا فُلَانُ قُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ. رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ وَالطَّبَرَانِيُّ. فَيَجْلِسُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ إِلَّا أَهْلُ الشَّامِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَلْقِينُهُ مُبَاحٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَلَا يُكْرَهُ. وَفِي
اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنَ التُّرَابِ. وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ، نُبِشَ وَأُخِذَ.
وَإِنْ كُفِّنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَلْقِينِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ، وَسُؤَالِهِ، وَانْتِخَابُهُ النَّقِيَّ قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْإِثْبَاتُ قَوْلُ أَبِي حَكِيمٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسَ عَنِ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَلَا يُدْفَنُ فِيهِ اثْنَانِ) أَيْ: يَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ؛ لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ كَانَ يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ، وَعَلَى هَذَا اسْتَمَرَّ فِعْلُ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عقيل والشيخ تَقِيِّ الدِّينِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهِيَ أَظْهَرُ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْمَحَارِمِ، وَقِيلَ: فِيمَنْ لَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُدْفَنَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يُبْلَ لَمْ يَجُزْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَلِيَ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ، وَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ عِظَامَ الْمَيِّتِ دَفَنَهَا، وَحَفَرَ فِي مَكَانٍ آخَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ (إِلَّا لِضَرُورَةٍ) وَكَكَثْرَةِ الْمَوْتَى، وَقِلَّةِ مَنْ يَدْفِنُهُمْ، وَخَوْفِ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ يَوْمَ أُحُدٍ:«ادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ إِلَى الْقِبْلَةِ) لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» حِينَ سَأَلُوهُ مَنْ يُقَدَّمُ فِيهِ؛ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَكَمَا يُقَدَّمُ إِلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ (وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنَ التُّرَابِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِيَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ كَأَنَّهُ فِي قَبْرٍ مُنْفَرِدٍ.
وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: إِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَا بَأْسَ بِالذَّهَابِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ أَهْلِ الْمَيِّتِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَذْنِيبٌ: كَرِهَ أَحْمَدُ الدَّفْنَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَقِيَامِهَا، وَفِي " الْمُغْنِي " لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ لَيْلًا، ذَكَرَهُ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، حَكَاه ابْنُ هُبَيْرَةَ اتِّفَاقَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ حَكَى فِي " الْإِفْصَاحِ " الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَأَنَّهُ بِالنَّهَارِ أَمْكَنُ، وَعَنْهُ: لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ.
مَسْأَلَةٌ: يُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ فِي بُقْعَةٍ لِتَسْهُلَ زِيَارَتُهُمْ، قَرِيبًا مِنَ الشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، لِيَنْتَفِعَ بِمُجَاوَرَتِهِمْ مِنَ الْبِقَاعِ الشَّرِيفَةِ، فَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَهُ أَحْمَدُ، كَمَا إِذَا اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ، وَحَمَلَ الْمَجْدُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إِذَا نَقَصَهَا نَقْصًا لَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَوْضِعِ قَبْرِهِ، وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ، فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: بِشَرْطِ خُرُوجِهِ مِنَ الثُّلُثِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا دُفِنَ فِيهِ مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ أَوْ يَصِرْ مَقْبَرَةً، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَوْضِعِ الْقَبْرِ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ، وَإِنْ ثَقُلَتْ وَجَبَ رَدُّهَا لِتَعْيِينِهِ لَهَا.
قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَهُ حَرْثُهَا إِذَا بَلِيَ الْعَظْمُ، وَمَنْ سَبَقَ إِلَى مُسْبَلَةٍ، قُدِّمَ ثُمَّ يُقْرَعُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ نَحْوَ كَوْنِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ.
(وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ) عَادَةً وَعُرْفًا وَإِنْ قَلَّ خَطَرُهُ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا، أَوْ رَمَاهُ رَبُّهُ فِيهِ (نُبِشَ وَأُخِذَ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي مِسْحَاةِ الْحَفَّارِ، دَلِيلُهُ مَا رُوِيَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّهُ وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقَالَ: خَاتَمِي، فَدَخَلَ وَأَخَذَهُ. وَلِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ، وَلَا