الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ حَرْفًا لَا يُدْغَمُ، أَوْ يُبَدِّلُ حَرْفًا، أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْنًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالْقَوْمِ أَعَادَ صَلَاتَهُ، وَتَمَّتْ لِلْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ» رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرَّانِيُّ؛ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ وَهُوَ مَحَلُّ الشُّهْرَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الْحَدَثَ مِمَّا يَخْفَى، وَلَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، فَكَانَ الْمَأْمُومُ مَعْذُورًا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَ بِالْإِمَامِ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُحْدِثًا فِيهَا، وَعَنْهُ: يُعِيدُ كَالْإِمَامِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مُحْدِثًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ، وَحُكْمُ النَّجَاسَةِ كَالْحَدَثِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةٌ لَهَا، وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِالْحَدَثِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ، وَخَفَاؤُهَا أَكْثَرُ، فَلِذَلِكَ صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ مَعَ نِسْيَانِهَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ هُوَ وَالْمَأْمُومُ فِيهَا، اسْتَأْنَفَ الْمَأْمُومُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَّ بِمَنْ صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، أَشْبَهَ مَا لَوِ ائْتَمَّ بِامْرَأَةٍ، وَعَنْهُ: يَبْنِي، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِمْ صَحِيحٌ، فَكَانَ لَهُمُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، فَإِنْ عَلِمَ مَعَهُ وَاحِدٌ أَعَادَ الْكُلُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْمُؤَلِّفُ: يُعِيدُ مَنْ عَلِمَ، وَإِنْ عَلِمَهُ اثْنَانِ، فَأَنْكَرَهُ هُوَ، أَعَادُوا، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ: بَلْ هُمَا فَقَطْ.
فَائِدَةٌ: إِذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَى إِمَامِهِ فَائِتَةً، وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي وَجْهٍ، فَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَجْهَانِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِيهَا سَهْوًا، أَوْ شَكَّ فِي إِخْلَالِ إِمَامِهِ بِشَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ السِّتَارَةَ أَوِ الِاسْتِقْبَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى غَالِبًا.
[إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ]
(وَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ) مَنْسُوبٌ إِلَى الْأُمِّ، وَقِيلَ: أُمَّةِ الْعَرَبِ (وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ: لَا يَحْفَظُهَا، أَيْ: لَا تَصِحُّ إِمَامَتُهُ بِمَنْ يُحْسِنُهَا، مَضَتِ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَهُ الزُّهْرِيُّ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ شَرْطٌ مَقْصُودٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَادِرِ عَلَيْهِ بِالْعَاجِزِ
يُحِيلُ الْمَعْنَى إِلَّا بِمِثْلِهِ. وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إِصْلَاحِ ذَلِكَ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.
وَتُكْرَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَنْهُ، كَالطَّهَارَةِ وَالسُّتْرَةِ؛ وَهُوَ يَتَحَمَّلُهَا عَنِ الْمَأْمُومِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ (أَوْ يُدْغِمُ) فِي الْفَاتِحَةِ (حَرْفًا لَا يُدْغَمُ) أَيْ: فِي غَيْرِ مِثْلِهِ، وَغَيْرِ مَا يُقَارِبُهُ فِي الْمَخْرَجِ؛ وَهُوَ الْأَرَتُّ، وَفِي " الْمُذْهَبِ ": هُوَ الَّذِي فِي لِسَانِهِ عَجَلَةٌ تُسْقِطُ بَعْضَ الْحُرُوفِ (أَوْ يُبَدِّلُ حَرْفًا) بِغَيْرِهِ؛ وَهُوَ الْأَلْثَغُ، كَمَنْ يُبَدِّلُ الرَّاءَ غَيْنًا (أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى) كَكَسْرِ كَافِ (إِيَّاكَ) وَضَمِّ تَاءِ (أَنْعَمْتَ) وَفَتْحِ هَمْزَةِ (اهْدِنَا) فِي الْأَصَحِّ فِيهَا.
وَظَاهِرُهُ: إِذَا لَمْ يُحِلِ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ (نَعْبُدُ) وَنُونِ (نَسْتَعِينُ) لَا يَكُونُ أُمِّيًّا، وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، حَكَاهَا الْآمِدِيُّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَكْثُرْ، وَقِيلَ: فِي نَفْلٍ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَأْمُومُونَ بِحَالِهِ أَوْ جَهِلُوهُ، فَإِنْ عَلِمُوا كَوْنَهُ أُمِّيًّا لَمَّا سَلَّمَ، فَوَجْهَانِ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ قَارِئٍ خَلْفَ أُمِّيٍّ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. ثُمَّ هَلْ تَبْقَى نَفْلًا فَتَصِحُّ صَلَاةُ الْكُلِّ، أَوْ لَا تَبْقَى فَتَبْطُلُ، أَوِ الْإِمَامُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ (إِلَّا بِمِثْلِهِ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِيهِ، فَصَحَّتْ إِمَامَتُهُ كَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ عَنْ نِصْفِ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ بِعَاجِزٍ عَنْ نِصْفِهَا الْأَخِيرِ، وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا اقْتِدَاءُ قَادِرٍ عَلَى الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ بِالْعَاجِزِ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا وَأَحْسَنَ بِقَدْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَجَوَّزَهُ الْمُؤَلِّفُ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يُحْسِنُ دُونَ السَّبْعِ فَوَجْهَانِ.
فَائِدَةٌ: إِذَا شَكَّ قَارِئٌ فِي صَلَاةِ سِرٍّ هَلْ إِمَامُهُ أُمِّيٌّ صَحَّتْ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، فَإِنْ أَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ فَوَجْهَانِ، فَإِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَرَأَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ، وَتُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".