الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْخُذُونَ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا، فَلَا يَرُدُّونَ شَيْئًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا.
وَ
إِذَا ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى
، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ أَوْ غَارِمٌ أَوِ ابْنُ سَبِيلٍ، لَمْ يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ صَدَّقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ، أَوِ الْغَارِمَ غَرِيمُهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْغِنَى قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنْ تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمْ، وَعَنْهُ: لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُمْ، وَتَبْقَى لَهُمْ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ وَقْتَ الْأَخْذِ، فَمَلَكُوهَا كَالْبَوَاقِي، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": إِلَّا فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ لِسَيِّدِهِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي (وَالْبَاقُونَ يَأْخُذُونَ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا فَلَا يَرُدُّونَ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا مِلْكًا مُسْتَقِرًّا، وَالْفَرْقُ أَنَّ هَؤُلَاءِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِأَخْذِهِمْ؛ وَهُوَ غِنَى الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، (وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا) أَيْ: فَلَا يَرُدُّ مَا فَضَلَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ، فَمَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ عِنْدَ أَخْذِهَا، فَلَمْ يَجِبْ رَدُّهَا كَمَا لَوِ اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ، وَعَنْهُ: يَرُدُّهُ فِي الْمُكَاتَبِينَ، وَقِيلَ: لِلْمُعْطِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: وَلَوْ كَانَ دَفَعَهَا إِلَى سَيِّدِهِ اسْتَرْجَعَهُ الْمُعْطِي، وَقِيلَ: لَا، كَمَا لَوْ قَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ.
[إِذَا ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى]
(وَإِذَا ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى) لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي خَبَرِ قَبِيصَةَ قَالَ: «لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فَلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْغِنَى، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ".
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يُقْبَلُ اثْنَانِ لِدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ عَنْ خَبَرِ قَبِيصَةَ أَنَّهُ فِي حِلِّ الْمَسْأَلَةِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (أَوْ ادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ مُكَاتَبٌ أَوْ غَارِمٌ أَوِ ابْنُ سَبِيلٍ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَفِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ وَجْهٌ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَإِنْ صَدَّقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ أَوِ الْغَارِمَ غَرِيمُهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا يُقْبَلُ؛
رَآهُ جَلْدًا، وَذَكَرَ أَنْ لَا كَسْبَ لَهُ، أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ بَعْدِ أَنْ يُخْبِرَهُ أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ، وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا قُبِلَ وَأُعْطِيَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَمَنْ غَرِمَ، أَوْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَابَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ، فَإِذَا أَقَرَّ بِانْتِقَالِ حَقِّهِ عَنْهُ قُبِلَ، وَالْغَرِيمُ فِي مَعْنَاهُ، وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِجَوَازِ تَوَاطُئِهِمَا عَلَى أَخْذِ الْمَالِ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ وَهُوَ غَرِيبٌ (وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْغِنَى قُبِلَ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ السَّابِقَةِ، وَالظَّاهِرُ صِدْقُهُ، وَلَوْ كَانَ مُتَجَمِّلًا. ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَيُخْبِرُهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ (وَإِنْ رَآهُ جَلْدًا) أَيْ: شَدِيدًا قَوِيًّا (وَذَكَرَ أَنْ لَا كَسْبَ لَهُ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) وِفَاقًا؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُحَلِّفْ عَلَى ذَلِكَ (بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَهُ) عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ (أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ) لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَاهُ شَيْئًا، " فَصَعَّدَ فِيهِمَا النَّظَرَ فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيِّ مُكْتَسِبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، لَكِنْ إِذَا تَفَرَّغَ لِلْعِلْمِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ، لَا إِنْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ. فَإِنْ رَآهُ ظَاهِرَ الْمَسْكَنَةِ أَعْطَاهُ مِنْهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ.
فَرْعٌ: إِذَا سَأَلَهُ مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا، فَأَعْطَاهُ، قِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ فِي كَوْنِهَا فَرْضًا لِسُؤَالِهِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ لِقَوْلِهِ شَيْئًا أَنِّي فَقِيرٌ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي (وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا قُلِّدَ وَأُعْطِيَ) قَالَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ، وَيُسَنُّ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْغَرِيبِ، وَكَمَا يُقَلَّدُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِيَالِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ لَا كَسْبَ لَهُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ، (وَمَنْ غَرِمَ) أَيْ: فِي مَعْصِيَةٍ كَشِرَاءِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ) كَقَطْعِ طَرِيقٍ (لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ) أَيْ: قَبْلَ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (فَإِنْ تَابَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ)