الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ
غُسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَأَوْلَى النَّاسِ بِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَةٌ: لَا يُسْتَحَبُّ النَّعْيُ؛ وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ، بَلْ يُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يُعْجِبُنِي، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ إِعْلَامُ غَيْرِ صَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَوْ جَارٍ، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلِ دَيْنٍ، وَيَتَوَجَّهُ. يُسْتَحَبُّ «لِإِعْلَامِهِ ـ عليه السلام ـ أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ، فَيَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابٌ وَنَفْعٌ لِلْمَيِّتِ، وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ، وَالنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ]
[حُكْمُ غسل الميت وَأَوْلَى النَّاسِ بِهِ]
فَصْلٌ
فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ (غُسْلُ الْمَيِّتِ) الْمُسْلِمِ (وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ، فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ «اغْسِلُوه بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ ـ عليه السلام ـ:«صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَضَعَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ طُرُقَهُ كُلَّهَا، وَالسُّتْرَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِأَنَّ فِي تَرْكِهِ أَذًى لِلنَّاسِ، وَهَتْكًا لِحُرْمَتِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " أَنَّ حَمْلَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَصَرَّحَ فِي الْمَذْهَبِ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا اتِّبَاعُهُ فَسُنَّةٌ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَابْنُ تَمِيمٍ لِحَدِيثِ
وَصِيُّهُ، ثُمَّ أَبُوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَرَاءِ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِرَجُلٍ أَوْ خُنْثَى أَوِ امْرَأَةٍ.
وَيُسَنُّ لَهَا الْجَمَاعَةُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيُشْتَرَطُ لِغُسْلِهِ مَاءٌ طَهُورٌ، وَإِسْلَامُ غَاسِلٍ، وَعَقْلُهُ، وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا، وَفِي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ كَأَذَانِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " يَكْفِي إِنْ عُلِمَ.
تَذْنِيبٌ: كَرِهَ أَحْمَدُ لِلْغَاسِلِ وَالْحَفَّارِ أَخْذَ أُجْرَةٍ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا، فَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُعْطِيَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ.
لَكِنْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ " أَنَّهُ إِذَا أُعْطِيَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَأَحْسَنُهُ كَلَامُهُ فِي الْخِصَالِ إِذَا اخْتَصَّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ إِذَا فَعَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ عَادَ نَفْعُهُ إِلَى غَيْرِهِ كَالْجِهَادِ، وَالْقَضَاءِ، وَالْإِمَامَةِ، جَازَ أَخْذُ الرِّزْقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ نَفْعُهُ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَخْتَصَّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ كَالْبِنَاءِ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فَقَطْ.
(وَأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَصِيُّهُ) الْعَدْلُ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ، وَأَوْصَى أَنَسٌ أَنْ يُغَسِّلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ يُقَدَّمُ فِيهِ وَصِيُّهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَقِيلَ: أَوْ فَاسِقٌ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: بِالصَّلَاةِ فَقَطْ مَعَ وُجُودِ عَصَبَتِهِ الصَّالِحِ لِلْإِمَامَةِ (ثُمَّ أَبَوْهُ) لِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُنُوِّ وَالشَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، فَكَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ (ثُمَّ جَدُّهُ) وَإِنْ عَلَا، فَلِمُشَارَكَةِ الْأَبِ فِي الْمَعْنَى، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْجَدِّ لَا عَلَى الْأَبِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ فِي نِكَاحٍ (ثُمَّ الأقرب فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ)
الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْأَمِيرَ أَحَقُّ بِهَا بَعْدَ وَصِيِّهِ، وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ نِسَائِهَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ غُسْلُ صَاحِبِهِ فِي أَصَحِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَيُقَدَّمُ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، ثُمَّ الْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ الْأَبُ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ أَخٌ وَابْنُهُ عَلَى جَدٍّ، وَعَنْهُ: سَوَاءٌ (ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ) كَالْمِيرَاثِ، ثُمَّ الْأَجَانِبُ، وَهُمْ أَوْلَى مِنْ زَوْجِهِ، وَأَجْنَبِيَّةٌ أَوْلَى مَنْ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ، وَزَوْجٌ أَوْلَى مِنْ سَيِّدٍ، وَزَوْجَةٌ أَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدٍ، ثُمَّ صَدِيقُهُ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْجَارِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْأَمِيرَ) وَهُوَ الْإِمَامُ أَوِ الْحَاكِمُ مِنْ قَبْلِهِ (أَحَقُّ بِهَا بَعْدَ وَصِيِّهِ) لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَأْذِنُ أَحَدًا مِنَ الْعَصَبَاتِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَمِيرِ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ، قَالَهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ: أَوْصَى عُمَرُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، وَأَوْصَتْ أَمُّ سَلَمَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَوْصَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَإِنْ قَدَّمَ الْوَصِيُّ غَيْرَهُ، فَوَجْهَانِ، فَإِنْ وَصَّى إِلَى اثْنَيْنِ قِيلَ: يُصَلِّيَانِ مَعًا، وَقِيلَ: مُنْفَرِدَيْنِ، وَوَصَّيْتُهُ إِلَى فَاسِقٍ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ.
(وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ) وَصِيَّتُهَا، قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " زَادَ فِي " الْوَجِيزِ ": وَغَيْرُ الْفَاسِقَةِ، وَالْمُؤَلِّفُ تَرَكَ ذِكْرَهَا اسْتِغْنَاءً بِمَا سَبَقَ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ نِسَائِهَا) فَتُقَدَّمُ أُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ بِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ، ثُمَّ الْقُرْبَى كَالْمِيرَاثِ، وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا سَوَاءٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْب وَالْمَحْرَمِيَّةُ، وَكَذَا بِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بِنْتُ الْأَخِ ثُمَّ أَقْرَبُ نِسَاءِ مَحَارِمِهَا ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ.
فَرْعٌ: تُسَنُّ الْبَدَاءَةُ بِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بِأَقْرَبَ، ثُمَّ بِأَفْضَلَ ثُمَّ بِأَسَنَّ، ثُمَّ بِقُرْعَةٍ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ غُسْلُ صَاحِبِهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِقَوْلِ
الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ سُرِّيَّتِهِ. وَلِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ غُسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لِعَائِشَةَ: «مَا ضَرُّكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَوِ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا نِسَاؤُهُ. وَقَدْ وَقَعَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَلِأَنَّ آثَارَ النِّكَاحِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْإِرْثِ بَاقِيَةٌ، فَكَذَا الْغُسْلُ، وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تُبَاحُ بِهَا أُخْتُهَا، وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ بِالْمَوْتِ، وَمَا زَالَتْ عِصْمَةُ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَجُزْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، فَيَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَةٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَالْمَذْهَبِ فِيمَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ لَهَا دُونَهُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ رُخْصَةً فِي النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيِّ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ، إِذْ مَحْذُورُ الشَّهْوَةِ فِيهَا أَخَفُّ، وَقَدْ نَفَاهُ الْمُؤَلِّفُ، وَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَعَلَى الْأُولَى يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَنَّهَا تُغَسِّلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ، كَمَا لَوْ وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إِنْ أُبِيحَتْ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا (وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ سُرِّيَّتِهِ) لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لَهُ وَمَمْلُوكَةٌ، وَحُكْمُ الْمَلْكِ فِي إِبَاحَةِ اللَّمْسِ وَالنَّظَرِ حُكْمُ الزَّوْجَةِ فِي الْحَيَاةِ، بَلْ بَقَاءُ الْمَلْكِ أَوْلَى لِبَقَاءِ وُجُوبِ تَكْفِينِهَا، وَمُؤْنَةُ دَفْنِهَا كَالْحَيَاةِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمَلْكَ يَنْتَقِلُ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَعَلَى الْأُولَى: لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي اسْتِبْرَاءٍ فَوَجْهَانِ، وَلَا الْمُعَتَقَ بَعْضُهَا، وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، لِأَنَّهَا عُتِقَتْ بِمَوْتِهِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَقَةٌ مِنْ مِيرَاثٍ وَنَحْوِهِ.
فَائِدَةٌ: السُّرِّيَّةُ: هِيَ الْأَمَةُ الَّتِي بَوَّأَهَا بَيْتًا مَنْسُوبَةٌ إِلَى السِّرِّ؛ وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَضَمُّوا السِّينَ؛ لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ قَدْ تُغَيَّرُ فِي الْأَبْنِيَةِ خَاصَّةً، كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلَى الدَّهْرِ دُهْرِيٌّ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُ يُسِرُّ بِهَا.