الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنْهُمَا إِلَى النِّيَّةِ، وَعَنْهُ: يُتِمُّهَا ظُهْرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً كَامِلَةً، أَشْبَهَ الْمَسْبُوقَ بِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ، وَعَنْهُ: يُتِمُّهَا جُمُعَةً، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، كَمُدْرِكِ رَكْعَةٍ، وَعَنْهُ: يُتِمُّ جُمُعَةً مَنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ أَوْ نَسِيَهُ، لِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ كَمَنْ أَتَى بِالسُّجُودِ قَبْلَ سَلَامِ إِمَامِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي جَمَاعَةٍ، وَالْإِدْرَاكُ الْحُكْمِيِّ كَالْحَقِيقِيِّ، كَحَمْلِ الْإِمَامِ السَّهْوَ عَنْهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ بِنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَنَحْوِهِ، لَغَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ فَاتَهُ الرُّكُوعُ فَقَطْ فِي رِوَايَةٍ، فَإِنْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ فَأَكْثَرُ، لَمْ يَقْضِ قَبْلَ سَلَامِ إِمَامِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ، بَلْ يُتَابِعُهُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَضَى مَا فَاتَهُ كَالْمَسْبُوقِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ فَاتَهُ رُكْنٌ، أَتَى بِهِ ثُمَّ لَحِقَ إِمَامَهُ، وَإِنْ كَانَ رُكُوعًا فِي الْأَشْهَرِ، وَإِنْ كَانَ رُكْنَيْنِ لَغَتْ رَكْعَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَأْتِي بِهِمَا كَنَصِّهِ فِي الْمَزْحُومِ، فَإِنْ زُحِمَ عَنِ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، أَتَى بِهِ قَائِمًا، وَأَجْزَأَهُ، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْأَوْلَى انْتِظَارُ زَوَالِ الزِّحَامِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ فَزُحِمَ، وَأُخْرِجَ مِنَ الصَّفِّ فَصَلَّى فَذًّا، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أُخْرِجَ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ أَتَمَّهَا جُمُعَةً فِي قِيَاسِ " الْمُذْهَبِ "، وَإِلَّا، فَرِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يُتِمُّهَا جُمُعَةً كَمَسْبُوقٍ، وَالثَّانِيَةُ: يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ فَذَّ فِي رَكْعَةٍ.
[الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ]
[شُرُوطُ صِحَّةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]
(الرَّابِعُ: أَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَالذِّكْرُ: هُوَ الْخُطْبَةُ، فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ وَاجِبًا، وَلِمُوَاظَبَتِهِ ـ عليه السلام ـ عَلَيْهَا، مَعَ قَوْلِهِ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَعَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ: قُصِرَتِ الصَّلَاةُ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَةِ، وَيُشْتَرَطُ اثْنَتَانِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ:«كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ؛ وَهُوَ قَائِمٌ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُمَا أُقِيمَا مَقَامَ الرَّكْعَتَيْنِ،
صِحَّتِهِمَا حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ. . . . . وَقِرَاءَةُ آيَةٍ، ثم نظر {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] ، وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَالْإِخْلَالُ بِإِحْدَاهُمَا إِخْلَالٌ بِإِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَعَنْهُ: تُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا بَدَلٌ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الصَّلَاةِ، لِفِعْلِهِ ـ عليه السلام ـ وَأَصْحَابِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، لِأَنَّهُمَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ، أَوْ لِاشْتِغَالِ النَّاسِ بِمَعَايِشِهِمْ، فَقُدِّمَا لِأَجْلِ التَّدَارُكِ، وَأَنْ يَكُونَا فِي وَقْتٍ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْ مُكَلَّفٍ مَسْتُورِ الْعَوْرَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي.
(وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِمَا حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مُرْسَلًا، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَيَتَعَيَّنُ هَذَا اللَّفْظُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ) مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ افْتَقَرَتْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى افْتَقَرَتْ إِلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ، كَالْأَذَانِ، وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الصَّلَاةِ، أَوْ يَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَوْجَبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ إِيمَانٌ بِهِ، وَالصَّلَاةُ دُعَاءٌ لَهُ، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ، وَعَمَلًا بِالْأَصْلِ (وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) كَامِلَةٍ لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقْرَأُ آيَاتٍ، وَيُذَكِّرُ النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْخُطْبَةُ فَرْضٌ فَوَجَبَتْ فِيهَا الْقِرَاءَةُ، كَالصَّلَاةِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ. قَالَ أَحْمَدُ: يَقْرَأُ مَا شَاءَ، وَأَنَّهُ
تَعَالَى. . . . وَحُضُورُ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَأَنْ يَتَوَلَّاهُمَا مَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يُجْزِئُ بَعْضُ آيَةٍ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا دُونَهَا بِدَلِيلِ مَنْعِ الْجُنُبِ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أَوْ حُكْمٍ كَقَوْلِهِ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] أَوْ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] لَمْ يَكْفِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي إِحْدَاهُمَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مِنْ قَرَاءَةِ آيَةٍ، وَلَوْ كَانَ جُنُبًا مَعَ تَحْرِيمِهَا. وَعَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ قِرَاءَةُ آيَةٍ فِيهَا، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، فَلَوْ قَرَأَ مَا تَضَمَّنَ الْحَمْدَ وَالْمَوْعِظَةَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَجْزَأَ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِقَوْلِ أَحْمَدَ: لَا بُدَّ مِنْ خُطْبَةٍ، وَكَمَا لَا يُجْزِئُ عَنْهَا قِرَاءَةُ (فَاطِرٍ) أَوِ (الْحَجِّ) نَصَّ عَلَيْهِ.
1 -
(وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ، وَالْمَذْهَبُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ الْمَوْتِ وَذَمُّ الدُّنْيَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يُحَرِّكَ الْقُلُوبَ، وَيَبْعَثَ بِهَا إِلَى الْخَيْرِ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَطِيعُوا اللَّهَ، وَاجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ، فَالْأَظْهَرُ لَا يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ اسْمِ الْخُطْبَةِ عُرْفًا، وَتُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَجْزَائِهِمَا، وَالصَّلَاةُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُمَا مَعَ الصَّلَاةِ كَالْمَجْمُوعَتَيْنِ، فَلَوْ قَرَأَ سَجْدَةً فَنَزَلَ فَسَجَدَ لَمْ يُكْرَهْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " التَّلْخِيصِ "، وَ " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَفْرِيقُ كَثِيرٍ بِدُعَاءٍ لِسُلْطَانٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ كَالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ هَلْ يَجِبُ إِبْدَالُ عَاجِزٍ عَنْ قِرَاءَةٍ بِذِكْرٍ أَمْ لَا لِحُصُولِ مَعْنَاهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَيَبْدَأُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ بِالْمَوْعِظَةِ، ثُمَّ الْقِرَاءَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. (وَ) يُشْتَرَطُ (حُضُورُ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ) لِسَمَاعِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ اشْتُرِطَ لِلصَّلَاةِ، فَاشْتُرِطَ لَهُ الْعَدَدُ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَإِنِ انْفَضُّوا وَعَادُوا قَبْلَ فَوْتِ رُكْنٍ مِنْهَا بَنَوْا، وَإِنْ كَثُرَ التَّفْرِيقُ، أَوْ فَاتَ مِنْهَا رُكْنٌ، أَوْ أَحْدَثَ فَتَطَهَّرَ، فَفِي الْبِنَاءِ وَالِاسْتِئْنَافِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَجْهَانِ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ إِذَا لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِخَفْضِ صَوْتِهِ أَوْ بُعْدٍ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا إِنْ كَانُوا صُمًّا، خِلَافًا لِلْمَجْدِ، فَإِنْ قَرُبَ الْأَصَمُّ وَبَعُدَ مَنْ
يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. . . . .
وَمِنْ سُنَنِهِمَا أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ، أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَسْمَعُ، فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِفَوْتِ الْمَقْصُودِ، وَقِيلَ: بَلَى، كَمَا لَوْ كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ طُرْشًا أَوْ عُجْمًا؛ وَهُوَ عَرَبِيٌّ، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ خُرْسًا صَلَّوْا ظُهْرًا فِي الْأَصَحِّ، وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُنُونِ "، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ يَسِيرًا (وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَأَنْ يَتَوَلَّاهُمَا مَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ، قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ لَمْ يَكُنْ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا، وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ شَرْطًا فِي الْجُمُعَةِ أَشْبَهَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَتَقَدَّمُ الصَّلَاةَ، أَشْبَهَ الْأَذَانَ، وَعَنْهُ: تُشْتَرَطُ الْكُبْرَى، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَصُّهُ: تُجْزِئُ خُطْبَةُ الْجُنُبِ، جَزَمَ بِهِ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ لُبْثِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِوَاجِبِ الْعِبَادَةِ، كَمَنْ صَلَّى وَمَعَهُ دِرْهَمٌ غَصْبٌ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الْقَاضِي فِي " جَامِعِهِ "، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالسَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " فِيهِ، بِأَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ لُبْثَهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ تُنَافِي الْعِبَادَةَ، وَقِيلَ: إِنْ جَازَ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ آيَةٍ أَوْ لَمْ تَجِبِ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ، فَوَجْهَانِ كَالْأَذَانِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ كَطَهَارَةٍ صُغْرَى.
الثَّانِيَةُ: إِحْدَاهُمَا لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَذُكِرَ فِي " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَا الصَّلَاتَيْنِ، لَكِنْ فِي فِعْلِ اثْنَيْنِ لِلْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ، وَالثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ، وَعَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ مَعَ الْعُذْرِ كَالْحَدَثِ، ذُكِرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الصَّلَاةِ لِلْعُذْرِ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَعَلَى الْجَوَازِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النَّائِبِ الْخُطْبَةَ، كَالْمَأْمُومِ، لِتَعَيُّنِهَا عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ جُمُعَةُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا إِلَّا تَبَعًا، كَمُسَافِرٍ. وَإِنْ أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْخُطْبَةَ، صَحَّ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِخْلَافَ، أَتَمُّوا فُرَادَى جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ