الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَالْإِمْسَاكُ فِي الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ، وَالْغُسْلُ وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مَاشِيًا عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ، إِلَّا الْمُعْتَكِفَ يَخْرُجُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[سُنَنُ الْعِيدَيْنِ]
(وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْأَضْحَى وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ عَجِّلِ الْأَضْحَى، وَأَخِّرِ الْفِطْرَ، وَذَكِّرِ النَّاسُ» وَلِأَنَّهُ يَتَّسِعُ بِذَلِكَ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ، وَوَقْتُ إِخْرَاجِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَيَكُونُ تَعْجِيلُ الْأُضْحِيَّةِ بِحَيْثُ يُوَافِقُ مَنْ بِمِنًى فِي ذَبْحِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَالْأَكْلُ فِي الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) لِقَوْلِ بُرَيْدَةَ «كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ مُنْقَطِعَةٍ «وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا» وَفِي " شَرْحِ الْهِدَايَةِ " أَنَّ الْأَكْلَ فِيهِ آكَدُ مِنَ الْإِمْسَاكِ فِي الْأَضْحَى، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالصَّدَقَةُ (وَالْإِمْسَاكُ فِي الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ) لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ كَبِدِهَا؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ تَنَاوُلًا وَهَضْمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنْ شَاءَ أَكْلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَالْغُسْلُ) وَقَدْ سَبَقَ (وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا) لِلْمَأْمُومِ، لِيَحْصُلَ لَهُ الدُّنُوُّ مِنَ الْإِمَامِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ فَيَكْثُرُ ثَوَابُهُ (بَعْدَ الصُّبْحِ) أَيْ: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَهَبَ آخَرُونَ أَنَّهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَعَلَهُ رَافِعٌ، وَيَنْوِيهِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (مَاشِيًا) لِمَا رَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إِنْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا اسْتُحِبَّ الرُّكُوبُ وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ لَهُ ضَرُورَةٌ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ رَاكِبًا كَالْعَوْدِ؛ لِقَوْلِ عَلِيٍّ:
إِمَامًا يَتَأَخَّرُ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَإِذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ، رَجَعَ فِي أُخْرَى، وَهَلْ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ثُمَّ تَرْكَبُ إِذَا رَجَعْتَ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَ يَعْتَمُّ، وَيَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ، وَالْجُمُعَةِ» رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَيَكُونُ مُظْهِرًا لِلتَّكْبِيرِ، وَعَنْهُ: يُظْهَرُ فِي الْفِطْرِ فَقَطْ لَا عَكْسِهِ (إِلَّا الْمُعْتَكِفَ) فِي الْعَشْرِ الْأُخَرِ أَوْ عَشْرِ ذِيِ الْحِجَّةِ (يَخْرُجُ مِنْ) مُعْتَكَفِهِ إِلَى الْمُصَلَّى (فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوْبَانِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ " لَجُمُعَتِهِ وَعِيدِهِ إِلَّا الْمُعْتَكِفَ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ» وَاسْتَحَبَّهُ السَّلَفُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَلِأَنَّهُ أَثَرُ الْعِبَادَةِ، فَاسْتُحِبَّ بَقَاؤُهُ كَالْخَلُوقِ، وَعَنْهُ: ثِيَابٌ جَيِّدَةٌ وَرَثَّةٌ سَوَاءٌ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: مُعْتَكِفٌ كَغَيْرِهِ فِي زِينَةٍ وَطِيبٍ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ إِمَامًا يَتَأَخَّرُ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ) لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ يَنْتَظِرُ وَلَا يُنْتَظَرُ، لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْظُورٌ إِلَيْهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ مُعْتَكِفًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ خُرُوجُهُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: يُسَنُّ لِلْإِمَامِ التَّجَمُّلُ وَالتَّنَظُّفُ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَكِفًا.
فَرْعٌ: لَا بَأْسَ بِخُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدِ لَكِنْ لَا يَتَطَيَّبْنَ، وَلَا يَلْبَسْنَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَوْ زِينَةٍ، وَلَا يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» وَعَنْهُ:
شَرْطِهَا الِاسْتِيطَانُ، وَإِذْنُ الْإِمَامِ، وَالْعَدَدُ الْمُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَتُسَنُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْمَجْدُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ فِي غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَالْمُسْتَحْسَنَاتِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: لِلشَّابَّةِ، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي خُرُوجُهُنَّ فِي وَقْتِنَا، لِقَوْلِ عَائِشَةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. .
(وَإِذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ رَجَعَ فِي أُخْرَى) لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِلَّتُهُ: لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، أَوْ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي التَّبَرُّكِ بِمُرُورِهِ بِهِمْ، وَسُرُورِهِمْ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ لِيَتَبَرَّكَ الطَّرِيقَانِ بِوَطْئِهِ عَلَيْهِمَا، أَوْ لِزِيَادَةِ الْأَجْرِ بِالسَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ الْآخَرِ، أَوْ لِتَحْصُلَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ، فَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي غَيْرِهَا، قُلْنَا: وَيَلْزَمُهُ فِي الْجُمُعَةِ، نَقَلَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَفِي " شَرْحِ الْهِدَايَةِ " أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ شُرِعَتْ لِمَعْنًى خَاصٍّ، فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ غَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: الْأَوْلَى سُلُوكُ الْأَبْعَدِ فِي الْخُرُوجِ، وَالْأَقْرَبِ فِي الْعَوْدِ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ (وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا) أَيْ: صِحَّتِهَا إِذًا (الِاسْتِيطَانُ، وَإِذْنُ الْإِمَامِ، وَالْعَدَدُ الْمُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَكَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَأُسْقِطَ الْإِذْنُ " كَالْفُرُوعِ " إِحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، فَلَا تُقَامُ إِلَّا حَيْثُ تُقَامُ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَهَا خُطْبَةٌ رَاتِبَةٌ، أَشْبَهَتِ الْجُمُعَةَ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَافَقَ الْعِيدَ فِي حَجَّتِهِ، وَلَمْ يُصَلِّ، لَكِنْ إِنْ فَاتَتْ قُضِيَتْ تَطَوُّعًا مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَالثَّانِيَةُ: لَا، قَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " فَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ، وَالْعَبْدُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْمُنْفَرِدُ؛ لِأَنَّ أَنَسًا كَانَ إِذَا لَمْ يَشْهَدِ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَ أَهْلَهُ، وَمَوَالِيَهُمْ، وَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَاهُ فَصَلَّى بِهِمْ
فِي الصَّحْرَاءِ. وَتُكْرَهُ فِي الْجَامِعِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ.
وَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقِمْهَا النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لِاشْتِغَالِهِ عَنْهَا بِالْمَنَاسِكِ، لِأَنَّهَا أَهَمُّ، لِكَوْنِهِمَا فَرْضَ عَيْنٍ، وَصَلَاةُ الْعِيدِ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، وَعَلَى الْأَوْلَى يَفْعَلُونَهَا تَبَعًا.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ: إِنْ صَلَّوْا بَعْدَ خُطْبَةِ الْإِمَامِ صَلَّوْا بِغَيْرِ خُطْبَةٍ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى تَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ، وَصَحَّحَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الِاسْتِيطَانُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَ: وَيُكْتَفَى بِاسْتِيطَانِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِذَا لَمْ يُعْتَبَرِ الْعَدَدُ، وَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِهِ، وَكَانَ فِي الْقَرْيَةِ أَقَلُّ مِنْهُمْ، وَإِلَى جَنْبِهِمْ مِصْرٌ أَوْ قَرْيَةٌ تُقَامُ فِيهِ الْعِيدُ لَزِمَهُمُ السَّعْيُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعِيدَ لَا يَتَكَرَّرُ، فَلَا يَشُقُّ إِتْيَانُهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ الْإِمَامِ كَالْجُمُعَةِ.
(وَتُسَنُّ فِي الصَّحْرَاءِ) الْقَرْيَةِ عُرْفًا، نَقَلَ حَنْبَلٌ: الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى أَفْضَلُ إِلَّا ضَعِيفًا أَوْ مَرِيضًا؛ لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ «كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْرُجُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَلِأَنَّهُ أَوْقَعُ لِهَيْبَةِ الْإِسْلَامِ، وَأَظْهَرُ لِشِعَارِ الدِّينِ، وَلَا مَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا فِي مُعْظَمِ الْأَمْصَارِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ الْجَامِعُ وَاسِعًا فَهُوَ أَفْضَلُ، كَأَهْلِ مَكَّةَ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُمْ يُحَصِّلُونَ بِذَلِكَ مُعَايَنَةَ الْكَعْبَةِ، وَذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ شِعَارِ الدِّينِ (وَتُكْرَهُ فِي الْجَامِعِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ ـ عليه السلام ـ، وَمَعَ الْعُذْرِ لَا يُكْرَهُ، رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:«أَصَابَنَا مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ لِينٌ، وَلِلْمَعْنَى: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِفِعْلِ عَلِيٍّ، وَيَخْطُبُ لَهُمْ، لِتَكْمِيلِ حُصُولِ مَقْصُودِهِمْ، وَإِنْ تَرَكُوا فَلَا بَأْسَ،