الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ، وَعَلَى الثَّانِي زَكَاةُ الْخُلْطَةِ، ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْهَا.
و
إِنْ مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا، ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مُشَاعًا
، أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ، وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيَسْتَأْنِفَانِهِ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
شاة، لَهُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ شَاةً، يَلْزَمُهُ أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا وَنِصْفِ جُزْءٍ مِنْ شَاةٍ، فَيُضَعِّفُهَا لِتَكَوُّنَ ثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْ مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ، كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ (وَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ) بِأَنْ يَمْلُكَ رَجُلَانِ نِصَابَيْنِ، ثُمَّ يَخْلِطَاهُمَا، ثُمَّ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا بَعْدَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَرْبَعِينَ، ثُمَّ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ (فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ) وَهُوَ شَاةٌ لِثُبُوتِ حُكْمِ الِانْفِرَادِ مِنْ حَقِّهِ (وَعَلَى الثَّانِي) إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ (زَكَاةُ الْخُلْطَةِ) وَهُوَ نِصْفُ شَاةٍ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَزَلْ مُخَالِطًا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَ مِنْهُ، لَزِمَهُ أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ (ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ بِشُرُوطِهَا (كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَالَهُ مِنْهَا) أَيْ: يُزَكِّي بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ يُزَكِّي مَا عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ الثَّانِي، وَلَا يَنْتَظِرُ حَوْلَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، وَإِنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ زَكَاتِهِ إِلَى رَأْسِ حَوْلِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا يَجِبُ، وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْهَما نِصْفُ شَاةٍ، فَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ، وَلِلثَّانِي ثَمَانُونَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثُ شَاةٍ، وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثَاهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا.
تَنْبِيهٌ: يَثْبُتُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ - أَيْضًا - فِيمَا إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ، وَلِلْآخَرِ دُونَهُ، ثُمَّ يَخْتَلِطَانِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، وَكَذَا إِذَا أَبْدَلَ نِصَابًا مُنْفَرِدًا بِنِصَابٍ مُخْتَلِطٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَقُلْنَا: لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِهِ، زَكَّيَا زَكَاةَ انْفِرَادٍ، كَمَالٍ وَاحِدٍ حَصَلَ الِانْفِرَادُ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ حَوْلِهِ، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ بِأَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةً أَرْبَعِينَ مُنْفَرِدَةً، وَخَلَطَهَا فِي الْحَالِ، لِوُجُودِ الِانْفِرَادِ مِنْ بَعْضِ الْحَوْلِ، وَقِيلَ: يُزَكِّي زَكَاةَ خُلْطَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ خُلْطَةٍ، وَزَمَنُ الِانْفِرَادِ يَسِيرٌ.
[إِنْ مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مُشَاعًا]
(وإِنْ مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا، ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مُشَاعًا، أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ: عَيَّنَهُ (وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيَسْتَأْنِفَانِهِ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ)
الْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةُ حِصَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهَا مِنَ الْمَالِ انْقَطَعَ حَوْلُ الْمُشْتَرِي، لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَقُلْنَا: الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ، فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ. وَإِنْ أَفْرَدَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ فِي النِّصْفِ الْمَبِيعِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ أَصْلًا، فَلَزِمَ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ في الثَّانِي (وقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ) فِيمَا لم يَبِعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُخَالِطًا لِمَالٍ جَارٍ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ (وَعَلَيْهِ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ شَاةٍ لِكَوْنِهِ مَا خَلَا حَوْلُهُ مِنْ مِلْكِ نِصْفِ نِصَابٍ، فَهُوَ كَالْخَلِيطِ إِذَا تَمَّ مَالُهُ بِمَالِ شَرِيكِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (أَخْرَجَهَا مِنَ الْمَالِ انْقَطَعَ حَوْلُ الْمُشْتَرِي) ذَكَرَهُ الْمَجْدُ إِجْمَاعًا، فَعَلَى هَذَا: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ (لِنُقْصَانِ النِّصَابِ) فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، إِلَّا أَنْ يَسْتَدِيمَ الْفَقِيرُ الْخُلْطَةَ بِنِصْفِهِ، فَلَا يَنْقُصُ النِّصَابَ إِذًا، وَيُخْرِجُ الثَّانِي نِصْفَ شَاةٍ، وَقِيلَ: إِنْ زَكَّى الْبَائِعُ مِنْهُ إِلَى فَقِيرِ زَكَّى الْمُشْتَرِي (وَإِنْ أَخْرَجَهَا) الْبَائِعُ (مِنْ غَيْرِهِ، وَقُلْنَا: الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ، فَكَذَلِكَ) وَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ وَصَحَّحَهُ، وَعَزَاهُ إِلَى أَبِي الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ يُنْقِصُ النِّصَابَ، فَمَنَعَ وُجُوبَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَجَزَمَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الْمُحَرَّرِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفُ شَاةٍ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ، وَالْفَقِيرُ لَا يَمْلِكُ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِهِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِالْجَانِي، فَلَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَهَا، وَضَعَّفَ الْمَجْدُ الْأَوَّلَ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَقَالَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَوْضِعٌ يُخَالِفُهُ، مَعَ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَظَرًا مِنْ حَيْثِيَّةِ أَنَّهُ بَعْدَ إِخْرَاجِهَا كَيْفَ يُتَصَوَّرُ التَّعَلُّقُ؟ لِأَنَّ بَعْدَ الْأَدَاءِ لَا يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا، كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِالرَّهْنِ بَعْدَ أَدَائِهِ، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ بِالْجَانِي بَعْدَ فِدَائِهِ (وَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ فَعَلَيْهِ) أَيِ: الْمُشْتَرِي (عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) لِعَدَمِ نُقْصَانِ النِّصَابِ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا، وَعَكْسُهَا صُورَةُ لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ نِصَابُ خُلْطَةٍ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا خَلِيطَهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خَلِيطُ نَفْسِهِ، ثم صار خليط أجنبي، وهاهنا كان خليط أجنبي،