الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ زَكَاةُ الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ
تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحُبُوبِ كُلِّهَا، وَفِي كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ، كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِرُبْعِ الشَّاةِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنَ الْعِشْرِينَ رَجَعَ بِهَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا لَا بِقِيمَتِهَا كُلِّهَا، وَلَا يَسْقُطُ زِيَادَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بِأَخْذِ السَّاعِي مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ خُلْطَةً بَيْنِهِمَا ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ عَقِبَ الْحَوْلِ بِأَخْذِ نِصْفِ شَاةٍ، بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقٍ الزَّكَاةِ بِالنِّصَابِ وَالْعَفْوِ، وَجَعْلِ لِلْخُلْطَةِ وَالتَّلَفِ تَأْثِيرًا، لَزِمَهُمَا إِخْرَاجُ نِصْفِ شَاةٍ، ذَكَرَهُمَا فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ ".
[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ]
[حُكْمُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ]
بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وَالزَّكَاةُ تُسَمَّى نَفَقَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] وقَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَقُّهُ الزَّكَاةُ، مَرَّةً الْعُشْرُ وَمَرَّةً نِصْفُ الْعُشْرِ، وَالسُّنَّةُ مُسْتَفِيضَةٌ بِذَلِكَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحُبُوبِ كُلِّهَا، سَوَاءٌ كَانَ قُوتًا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْأُرْزِ وَالدُّخْنِ، أَوْ مِنَ الْقُطْنِيَّاتِ كَالْبَاقِلَاءِ وَالْعَدَسِ وَالْحِمَّصِ، أَوْ مِنَ الْأَبَازِيرِ كَالْكُسْفُرَةِ وَالْكَمُّونِ، وَكَبِزْرِ الْكَتَّانِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ، وَحَبِّ الْبُقُولِ، كَحَبِّ الرَّشَادِ، وَالْفُجْلِ، وَالْقُرْطُمِ؛ لِعُمُومِ النَّصِّ السَّابِقِ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام: " «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَفِي كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ) نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: " «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَدْخُلُهُ التَّوْسِيقُ لَيْسَ مُرَادًا مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَإِلَّا لَكَانَ ذِكْرُ الْأَوْسُقِ لَغْوًا؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُدَّخَرِ لَا تَكْمُلُ فِيهِ النِّعْمَةُ لِعَدَمِ النَّفْعِ فِيهِ مَآلًا (كَالثَّمَرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مَكِيلٌ (وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ) وَالسُّمَّاقُ. نَقَلَ صَالِحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَنْ يُكَالَ وَيُدَّخَرَ، وَيَقَعُ فِيهِ الْقَفِيزُ،
وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ، وَلَا تَجِبُ فِي سَائِرِ الثَّمَرِ، وَلَا فِي الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ وَالزَّهْرِ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ وَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ إِذَا بَلَغَا بِالْوَزْنِ نِصَابًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَمَا كَانَ مِثْلَ الْبَصَلِ، وَالرَّيَاحِينِ، وَالرُّمَّانِ، فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ، إِلَّا أَنْ يُبَاعَ وَيَحُولُ عَلَى ثَمَنِهِ حَوْلٌ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ، (وَلَا تَجِبُ فِي سَائِرِ الثَّمَرِ) كَالْجَوْزِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ مَعْدُودٌ، وَالْخَوْخِ، وَالْآجَاصِ، وَالْكُمَّثْرَى، وَالْمِشْمِشِ، وَالتِّينِ، وَالتُّوتِ، وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَكِيلَةً، وَقَدْ رُوِيَ أَنْ عَامِلَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي كُرُومٍ فِيهَا مِنَ الْفِرْسِكِ وَالرُّمَّانِ مَا هُوَ أَكْثَرُ غَلَّةً مِنَ الْكُرُومِ أَضْعَافًا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: لَيْسَ فِيه عُشْرٌ، هِيَ مِنَ الْعِضَاهِ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَكَذَا الْعُنَّابُ، وَجَزَمَ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْكَافِي " بِالزَّكَاةِ فِيهِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهَذَا أَظْهَرُ، وَالتِّينُ، وَالْمِشْمِشُ، وَالتُّوتُ مِثْلُهُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي التِّينِ؛ لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ كَالتَّمْرِ (وَلَا فِي الْخُضَرِ) كَالْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَاللِّفْتِ، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ» " وَعَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ، (وَالْبُقُولِ وَالزَّهْرِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ، وَنَحْوُهُمَا الْوَرَقُ وَطَلْعُ الْفُحَّالِ، وَالسَّعَفِ وَالْخُوصِ، وَالْحَطَبِ وَالْخَشَبِ، وَأَغْصَانِ الْخِلَافِ، وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ مُطْلَقًا، وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ وَصُوفِهَا، وَكَذَا الْحَرِيرُ وَدُودُ الْقَزِّ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالزَّيْتُونَ} [الأنعام: 99] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ حَبٌّ مَكِيلٌ يُنْتَفَعُ بِدُهْنِهِ الْخَارِجِ مِنْهُ، أَشْبَهَ السِّمْسِمَ وَالْكَتَّانَ، فَيُزَكَّى إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ كَيْلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُخْرِجُ مِنْهُ، وَإِنْ صَفَّاهُ، وَأَخْرَجَ عَصِيرَ زَيْتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَالثَّانِيَةُ لا يجب، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤَلِّفُ: عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الِادِّخَارَ شَرْطٌ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ، فَلَمْ يَجِبْ، وَالْآيَةُ بِمَكَّةَ نَزَلَتْ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَلَا تَكُونُ مُرَادَةً، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الرُّمَّانِ (وَالْقُطْنِ وَالزَّغْفَرَانِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْزُونٌ مُدَّخَرٌ تَامُّ الْمَنْفَعَةِ وَالْوَزْنِ، أُقِيمَ مَقَامَ الْكَيْلِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي عُمُومِ الْمَنْفَعَةِ (إِذَا بَلَغَا بِالْوَزْنِ نِصَابًا) وَهُوَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ؛