الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجُمُعَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: الْوَقْتُ، وَأَوَّلُهُ أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ. . . وَقَالَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: «مَنْ سَافَرَ مِنْ دَارِ إِقَامَةٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَنْ لَا يُصْحَبَ فِي سَفَرِهِ، وَأَنْ لَا يُعَانَ عَلَى حَاجَتِهِ» وَلِأَنَّ هَذَا وَقْتٌ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ عَلَى فَرْسَخٍ السَّعْيُ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَجُزْ لِمَنْ فِي الْبَلَدِ السَّفَرُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَبِدَلِيلِ الِاعْتِدَادِ بِالْغُسْلِ، وَإِنَّهُ يُسَنُّ التَّبْكِيرُ إِلَيْهَا، فَمَنَعَ مِنَ السَّبَبِ إِلَى تَفْوِيتِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ سَافَرَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، قَلَّ مَنْ يَفْعَلُهُ إِلَّا رَأَى مَا يَكْرَهُ. وَعَلَيْهَا لَهُ السَّفَرُ إِنْ أَتَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ، وَإِلَّا كُرِهَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً (وَعَنْهُ: يَجُوزُ لِلْجِهَادِ خَاصَّةً) وَأَنَّهُ أَفْضَلُ، نَقْلَهَا أَبُو طَالِبٍ؛ «لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ جَهَّزَ جَيْشَ مُؤْتَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَوَى أَحْمَدُ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ جَهَّزَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَعَلِيًّا، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَتَخَلَّفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَرَاحَ مُنْطَلِقًا» وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الرِّوَايَاتِ: إِنْ دَخَلَ وَقْتُهَا، وَإِلَّا جَازَ، وَعَلَى الْمَنْعِ لَهُ السَّفَرُ إِنْ أَتَى بِهَا فِي قَرْيَةٍ بِطَرِيقِهِ، وَإِلَّا كُرِهَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يُكْرَهُ.
[فَصْلُ شُرُوطٍ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ]
[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: الْوَقْتُ]
فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: الْوَقْتُ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ، فَاشْتُرِطَ لَهَا كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، فَلَا تَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ إِجْمَاعًا (وَأَوَّلُهُ أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ) نَصَّ عَلَيْهِ، قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ: شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُمَرَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: زَالَ النَّهَارُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَهُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،
الْخِرَقِيُّ: يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، وَآخِرُهُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ. . . فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا، صَلَّوْا ظُهْرًا، وَإِنْ خَرَجَ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، أَتَمُّوهَا جُمُعَةً، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجَابِرٍ، وَسَعِيدٍ، وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يُنْكِرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ أَشْبَهَتِ الْعِيدَيْنِ، فَعَلَى هَذَا: هَلْ هُوَ وَقْتٌ لِوُجُوبِهَا، كَمَا اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصِ بْنُ بَدْرَانَ وَغَيْرُهُ، أَوْ وَقْتُ جَوَازِهَا، نَقَلَهُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَنَّ الْمَذْهَبَ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
(وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ) حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ شَاقْلَا، وَالْمُؤَلِّفُ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَذْهَبُ إِلَى جِمَالِنَا فَنُزِيحُهَا حِينَ تَزُولَ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي نُسْخَةٍ " لِلْخِرَقِيِّ " الْخَامِسَةُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَغْرَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: أَنَّ مَذْهَبَ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي وَقْتِ الْفَجْرِ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُ بِالزَّوَالِ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِمَا «رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِعْلُهَا بَعْدَهُ أَفْضَلُ، وَأَنَّهَا لَا تُفْعَلُ أَوَّلَ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَلِلْخُرُوجِ مِنِ الْخِلَافِ. وَتَعْجِيلُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَفْضَلُ صَيْفًا وَشِتَاءً؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ لِاجْتِمَاعِهِمْ أَوَّلَهُ بِخِلَافِ الظُّهْرِ (وَآخِرُهُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْهَا، أَوْ وَاقِعَةٌ مَوْقِعُهَا، فَوَجَبَ الْإِلْحَاقُ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَابَهَةِ (فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا، صَلَّوْا ظُهْرًا) لِفَوَاتِ الشَّرْطِ.