الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّكَاةُ، أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ اقْتَسَمُوا بِالْحِصَصِ.
بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
وَلَا تَجِبُ إِلَّا فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا، وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ. وَهِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الزَّكَاةُ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوصَ بِهَا كَالْعُشْرِ، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ فِي حَجٍّ لَمْ يُوصَ بِهِ، وَزَكَاةٍ، وَكَفَّارَةٍ مِنَ الثُّلُثِ، وَنُقِلَ عَنْهُ - أَيْضًا - مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سِوَى النَّصِّ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) وَلَمْ يَفِ بِالْكُلِّ (اقْتَسَمُوا بِالْحِصَصِ) نَصَّ عَلَيْهِ، كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ إِذَا ضَاقَ عَنْهَا الْمَالُ، وَعَنْهُ: يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا لِتَقْدِيمِهِ بِالرَّهِينَةِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ، بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ، وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنَجَّا بِأَنَّهَا حَقٌّ آدَمِيٌّ، أَوْ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَقِّهِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الزَّكَاةَ إِنْ عَلِقَتْ بِالْعَيْنِ، اخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " قَالَ صَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ ": لِبَقَاءِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ، فَجَعَلَهُ أَصْلًا، وَلَوْ عُلِّقَتْ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ قَهْرِيٌّ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مُرْتَهِنٍ، وَغَرِيمٍ مُفْلِسٍ، كَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ، فَهَذَا التَّعَلُّقُ بِسَبَبِ الْمَالِ، فَيَزْدَادُ وَيَنْقُصُ، وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ، وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْوَاجِبِ مِنْهَا مُسْتَقِرٌّ، وَيُقَدَّمُ النَّذْرَ بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهَا، وَعَلَى الدَّيْنِ.
[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]
[زَكَاةُ الْإِبِلِ]
بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
بَدَأَ بِهِ اقتداء بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ الَّذِي كَتَبَهُ لِأَنَسٍ رضي الله عنهما، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِطُولِهِ مُفَرَّقًا. سُمِّيَتْ بَهِيمَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ، وَالْأَنْعَامُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: النَّعَمُ: هِيَ الْإِبِلُ خَاصَّةً، فَإِذَا قِيلَ: الْأَنْعَامُ، دَخَلَ فِيهِ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَلَا تَجِبُ إِلَّا فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا) السَّائِمَةُ: الرَّاعِيَةُ، وَقَدْ سَامَتْ تَسُومُ سَوْمًا إِذَا رَعَتْ، وَأَسَمْتُهَا: إِذَا رَعَيْتُهَا؛ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ
ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: الْإِبِلُ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا، فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّلَامُ -: «فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ، فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً، شَاةٌ» ، فَذِكْرُهُ السَّوْمَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلنَّسْلِ وَالدَّرِّ بِخِلَافِ الْمِعْلُوفَةِ وَالْعَوَامِلِ، وَقِيلَ: يَجِبُ فِي الْعَوَامِلِ كَالْإِبِلِ الَّتِي تُكْرَى.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَقِيلَ: وَتَجِبُ فِي مَعْلُوفَةٍ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ (وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى) الْمُبَاحَ، فَلَوِ اشْتَرَى لَهَا مَا تَرْعَاهُ، أَوْ جَمَعَ لها مَا تَأْكُلُ، فَلَا زَكَاةَ، وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلِ السَّوْمُ شَرْطٌ أَوْ عَدَمُهُ مَانِعٌ، فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (أَكْثَرِ الْحَوْلِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ لَامْتَنَعَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ أَصْلًا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ كُلُّهُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَا أَثَرَ لِعَلَفِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ لِلسَّوْمِ، وَالْعَلَفُ نِيَّةٌ فِي وَجْهٍ، فَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ، وَجَبَتْ كَغَصْبِهِ حَبًّا، وَزَرْعِهِ فِي أَرْضِ مَالِكِهِ، فِيهِ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّهِ كَنَبَاتِهِ بِلَا زَرْعٍ، وَإِنِ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا غَاصِبٌ فَلَا زَكَاةَ؛ لِفِقْدَانِ الشَّرْطِ، وَفِي آخَرٍ يُعْتَبَرُ فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، وَقِيلَ: تَجِبُ إِذَا عَلَفَهَا غَاصِبٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، فَقِيلَ: لِتَحْرِيمِ فِعْلِهِ، وَقِيلَ: لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ عَنْ رَبِّهَا، وَقِيلَ: يَجِبُ إِنْ أَسَامَهَا لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ، كَمَا لَوْ كَمُلَ النِّصَابُ بِيَدِ الْغَاصِبِ (وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا الْإِبِلُ) بَدَأَ بِهَا لَبُدَاءَةِ الشَّارِعِ حِينَ فَرَضَ زكاة الْأَنْعَامَ؛ وَلِأَنَّهَا أَهَمُّ؛ لِكَوْنِهَا أَعْظَمَ النِّعَمِ قِيمَةً وَأَجْسَامًا، وَأَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ (وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا) وَهِيَ أَقَلُّ نِصَابِهَا؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» (فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ) إِجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: " «إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا، فَفِيهَا شَاةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ، وَفِي الْعَشْرِ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشَرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُجْزِئُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ شَاةِ الْجُبْرَانِ، وَجَعَلَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ إِذَا عَدِمَ الشَّاةَ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْزِئُهُ مَعَ وُجُودِ الشَّاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَتُعْتَبَرُ الشَّاةُ بِصِفَةِ الْإِبِلِ، فَفِي كِرَامٍ سَمِينَةٍ كَرِيمَةٌ سَمِينَةٌ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَتْ بَدِيلَ مَعِيبَةٍ. فَقِيلَ: الشَّاةُ كَشَاةِ الصِّحَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ: بَلْ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ، يَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ، كَشَاةِ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى الْقِيمَةِ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَبِكُلِّ حَالٍ لَا يُخْرِجُ مَرِيضَةً، وَكَذَا شَاةُ الْجُبْرَانِ، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مِنْ جِنْسِ غَنَمِهِ، وَلَا جِنْسِ غَنَمِ الْبَلَدِ، وَلَا يُجْزِئُ الذَّكَرُ، وَقِيلَ: بَلَى لِإِطْلَاقِهَا (فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَلَمْ تُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بَقَرَةً، وَكَنِصْفَيْ شَاتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ أَوَّ لًا، وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْ بِنْتُ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْرِجٌ لِلْوَاجِبِ، وَزِيَادَةٍ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ، بِخِلَافِ الْبَعِيرِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ فَأَكْثَرَ، بِنَاءً عَلَى إِخْرَاجِ الْقِيمَةِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ إِنْ أَجْزَأَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ (وَفِي الْعَشْرِ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشَرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ) هَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَثَابِتٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ:«فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا، فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» (فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ عَلِيٍّ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ» (وَهِيَ الَّتِي لَهَا سَنَةٌ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ حَمَلَتْ غَالِبًا، وَالْمَاخِضُ: الْحَائِلُ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ تَعْرِيفًا بِغَالِبِ حَالِهَا، كَتَعْرِيفِهِ الرَّبِيبَةَ
الَّتِي لَهَا سَنَةٌ، فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزَاهُ ابْنُ لَبُونٍ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَنَتَانِ، فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَهِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْحِجْرِ (فَإِنْ عَدِمَهَا) فِي مَالِهِ، أَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً (أَجْزَأَهُ ابْنُ لَبُونٍ) لِقَوْلِهِ عليه السلام:" «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» . " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي لَفْظٍ:«فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ» عَلَى وَجْهِهَا؛ لِأَنَّ وُجُودَهَا كَالْعَدَمِ فِي الِانْتِقَالِ إِلَى الْبَدَلِ، وَالْأَشْهَرُ: أَوْ خُنْثَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ، وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَيُجْزِئُ حِقٌّ أَوْ جَذَعٌ أَوْ ثَنِيٌّ، وَأَوْلَى لِزِيَادَةِ السِّنِّ، وَفِي بِنْتِ لَبُونٍ، وَلَهُ جُبْرَانٌ وَجْهَانِ، فَإِنِ اشْتَرَى بِنْتَ مَخَاضٍ وَأَخْرَجَهَا أَجْزَأَ بِلَا نِزَاعٍ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَلَا يُجْزِئُ إِخْرَاجُ ابْنِ لَبُونٍ بَعْدَ شِرَائِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَعْلَى مِنَ الْوَاجِبِ، لَمْ يُجْزِئْهُ ابْنُ لَبُونٍ، وَالْأَشْهَرُ: لَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهَا، بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سِوَى بِنْتِ مَخَاضٍ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ يُخْرِجُ عَنِ الْمِرَاضِ صَحِيحَةً، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْهُ (وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَنَتَانِ) وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ وَضَعَتْ، فَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ (فَإِنْ عَدِمَهُ - أَيْضًا - لَزِمَهُ) شِرَاءُ بِنْتِ (مَخَاضٍ) وَلَا يُجْزِئُهُ هُوَ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ:«مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ» ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ؛ وَلِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْعَدَمِ، فَلَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، كَمَا لَوِ اسْتَوَيَا فِي الْوُجُودِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ (وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ:«فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَفِيهَا بنت لَبُونٌ أُنْثَى» وَظَاهِرُهُ: لَا يُجْزِئُ ابْنُ لَبُونٍ، وَقِيلَ: بَلْ يُجْبَرَانِ لِعَدَمٍ (وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ) لِحَدِيثِ الصِّدِّيقِ: «فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ» (وَهِيَ الَّتِي لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ) وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ، سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا، وَيَطْرُقَهَا الْفَحْلُ، وَالذَّكَرُ مِنْهَا مُحِقٌّ
الَّتِي لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ.
فصل
وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، ثُمَّ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الصَّدَقَةِ: «وَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ» (وَهِيَ الَّتِي لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ) وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ، سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ إِذَا سَقَطَ مِنْهَا سِنُّهَا، وَالذَّكَرُ جَذَعٌ، فَلَوْ أَخْرَجَ ثَنِيَّةً؛ وَهِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي السَّادِسَةِ، أَجْزَأَ بِلَا جُبْرَانٍ، سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ ثَنِيَّتَهَا، وَقِيلَ: وَيُجْزِئُ عَنِ الْجَذَعَةِ حِقَّتَانِ، وَابْنَتَا لَبُونٍ، وَابْنَتَا لَبُونٍ عَنِ الْحِقَّةِ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلَّفُ وَنَقَضَهُ بَعْضُهُمْ بِبِنْتِ مَخَاضٍ عَنْ عِشْرِينَ، وَبِبِنْتِ بَنَاتِ مَخَاضٍ عَنِ الْجَذَعَةِ.
1 -
فَصْلٌ
الْأَسْنَانُ الْمَذْكُورَةُ لِلْإِبِلِ هُوَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لِبِنْتِ مَخَاضٍ سَنَتَانِ، وَلِبِنْتِ لَبُونٍ ثَلَاثٌ، وَلِحِقَّةٍ أَرْبَعٌ، وَلِجَذَعَةٍ خَمْسٌ كَامِلَةٌ، فَحَمَلَهُ الْمَجْدُ عَلَى بَعْضِ السَّنَةِ؛ وَهُوَ غَرِيبٌ؛ لِقَوْلِهِ: كَامِلَةٌ، وَقِيلَ: لِبِنْتِ مَخَاضٍ نِصْفُ سَنَةٍ، ولبنت لبون سنة، وَلِحِقَّةٍ سَنَتَانِ، وَلِجَذَعَةٍ ثَلَاثٌ (وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ) إِجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ» (وَفِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ) إِجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ» (فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً) أَيْ: عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ (فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ) فِي الْمَشْهُورِ، وَالْمُخْتَارُ للعامة، لظاهر خَبَرُ الصِّدِّيقِ:«فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ» وَبِالْوَاحِدَةِ حَصَلَتِ الزِّيَادَةُ، فَقِيلَ: الْوَاحِدَةُ عَفْوٌ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهَا الْفَرْضُ، وَقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِهَا
خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْحَقَاقَ، وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ شَيْءٌ، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ، فَعَدِمَهَا، أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ مِنْهَا، وَمَعَهَا شَاتَانِ، أَوْ عِشْرِونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِي، فَإِنْ عَدِمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوُجُوبُ (ثُمَّ) تَسْتَقِرُّ الْفَرِيضَةُ (فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي خَمْسِينَ حِقَّةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ لِخَبَرِ الصِّدِّيقِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْهُ: لَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ إِلَّا إِلَى مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ فَتَسْتَقِرُّ الْفَرِيضَةُ، فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْآجُرِّيُّ، لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، فَإِنْ صَحَّ، عُورِضَ بِرِوَايَتِهِ الْأُخْرَى، وَبَّمَا هو أَكْثَرُ مِنْهُ، وَأَصَحُّ (فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ، اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ) هَذَا الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْبَقَرِ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِلْأَخْبَارِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: مَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ لِيَتِيمٍ أَوْ مَجْنُونٍ، فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ إِخْرَاجُ الْأَدْوَنِ الْمُجْزِئِ، فَلَوْ جُمِعَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ فِي الْإِخْرَاجِ، كَأَرْبَعِ حِقَاقٍ، وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ جَازَ، جَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ، فَإِطْلَاقُ وَجْهَيْنِ سَهْوٌ، أَمَّا مَعَ الْكَسْرِ، فَلَا، كَحِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفٍ عَنْ مِائَتَيْنِ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ؛ وَهُوَ ضَعْفٌ.
فَرْعٌ: إِذَا وُجِدَ أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ كَامِلًا، وَالْآخَرُ نَاقِصًا، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ جُبْرَانٍ يُعَيِّنُ الْكَامِلَ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ بَدَلٌ (وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْحِقَاقَ) أَيْ: يَجِبُ إِخْرَاجُهَا، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي " الشَّرْحِ " نَظَرَا لِحَظِّ الْفُقَرَاءِ، إِذْ هِيَ أَنْفَعُ لَهُمْ لِكَثْرَةِ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا، وَأَوَّلَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " النَّصَّ عَلَى صِفَةِ التَّخَيُّرِ، وَقَدَّمَ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ أَفْضَلَهَا، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَأْخُذُ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهَا، وَمُرَادُهُمْ: لَيْسَ لِلسَّاعِي تَكْلِيفُ الْمَالِكِ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ سَبَبُهَا النِّصَابُ، فَاعْتُبِرَتْ بِهِ (وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنُ الْفَرِيضَتَيْنِ شَيْءٌ) وَتُسَمَّى الْأَوْقَاصُ؛ لِعَفْوِ الشَّارِعِ عَنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَعَدِمَهَا) لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهَا، وَخُيِّرَ الْمَالِكُ، فَإِنْ شَاءَ (أَخْرَجَ سنا أَسْفَلَ مِنْهَا، وَمَعَهَا شَاتَانِ، أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِي) هَذَا
السِّنَّ الَّتِي تَلِيهَا، انْتَقَلَ إِلَى الْأُخْرَى، وَجَبَرَهَا بِأَرْبَعِ شِيَاهٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا إِلَى سِنٍّ تَلِي الْوَاجِبَ، وَلَا مَدْخَلَ لَلْجُبْرَانِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي كِتَابِ أَنَسٍ: " «وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ ثَابِتٌ فِي كَوْنِ مَا عَدَلَ إِلَيْهِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ عَدِمَهَما حَصَلَ الْأَصْلُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ أَدْنَى مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، لِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا يَجِبُ فِي زَكَاتِهَا، وَلَا يُخْرِجُ أَعْلَى مِنَ الْجَذَعَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى رَبُّ الْمَالِ بِغَيْرِ جُبْرَانٍ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَاقْتَضَى: أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجَذَعَةُ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَأَخْرَجَ الثَّنِيَّةَ، أَنْ يَأْخُذَ الْجُبْرَانَ مِنَ السَّاعِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي وَجْهٍ حِذَارًا مِنْ تَخْيِيرٍ ثَالِثٍ، وَيَجُوزُ مِنْ آخَرَ، وقَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْعَشَرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الشَّاةِ (فَإِنْ عَدِمَ السِّنَّ الَّتِي تَلِيهَا، انْتَقَلَ إِلَى الْأُخْرَى وَجَبَرَهَا بِأَرْبَعِ شِيَاهٍ، أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا) أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَوْرَدَهُ الشَّيْخَانِ مَذْهَبًا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ لَهُ الِانْتِقَالَ إِلَى الَّذِي يَلِيهِ مَعَ الْجُبْرَانِ، وَجَوَّزَ الْعُدُولَ عَنْهَا إِذَا عَدِمَ الْجُبْرَانَ إِذَا كَانَ هُوَ الْوَصِيُّ، وَهَاهُنَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، فَإِذَا عَدِمَ، جَازَ الْعُدُولُ إِلَى مَا يَلِيهِ مَعَ الْجُبْرَانِ، وَلَا شَكَّ فِي التَّعْدِيَةِ إِذَا عُقِلَ مَعْنَى النَّصِّ، وَمَحَلُّهُ مَا إِذَا كَانَ بِصِفَةِ الصِّحَّةِ، أَوْ لِجَائِزِ الْأَمْرِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ النِّصَابُ مَعِيبًا، وَعُدِمَتِ الْفَرِيضَةُ، فَلَهُ دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلَى مَعَ الْجُبْرَانِ، وَلَيْسَ لَهُ دفع مَا فَوْقَهَا مَعَ الْجُبْرَانِ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ وَمَا بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ أَقَلُّ، فَإِذَا دَفَعَهُ الْمَالِكُ صَارَ كَتَطَوُّعِهِ بِالزَّائِدِ بِخِلَافِ السَّاعِي وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا إِلَّا إِخْرَاجُ الْأَدْوَنِ؛ وَهُوَ أَقَلُّ الْوَاجِبِ، كَمَا لَا يَتَبَرَّعُ. (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ) وَابْنُ عَقِيلٍ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ " النِّهَايَةِ ": وهو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا إِلَى سِنٍّ تَلِي الْوَاجِبَ) إِذِ النَّصُّ إِنَّمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ، وَالزَّكَاةُ فِيهَا شِيَابَةُ التَّعَبُّدِ (وَلَا مَدْخَلَ لَلْجُبْرَانِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ) ؛ لِأَنَّ النَّصَّ إِنَّمَا وَرَدَ فِيهَا،