الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَرَجَ قَبْلَ رَكْعَةٍ، فَهَلْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا أَوْ يَسْتَأْنِفُونَهَا؛ عَلَى وَجْهَيْنِ. . . .
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِقَرْيَةٍ يَسْتَوْطِنُهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا، فَلَا تَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (وَإِنْ خَرَجَ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، أَتَمُّوهَا جُمُعَةً) نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ؛ وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ إِذَا فَاتَ لَمْ يُمْكِنِ اسْتِدْرَاكُهُ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي الِاسْتِدَامَةِ لِلْعُذْرِ، وَكَالْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ. وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ فِي جَمِيعِهَا إِلَّا السَّلَامَ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ فَيُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِهَا كَالطَّهَارَةِ (وَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ) فَعَلَ (رَكْعَةٍ، فَهَلْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا أَوْ يَسْتَأْنِفُونَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ ". أَحَدُهُمَا: يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا لِأَنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ، فَجَازَ بِنَاءُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، كَصَلَاةِ السَّفَرِ مَعَ الْحَضَرِ، وَالثَّانِي: يَسْتَأْنِفُونَهَا ظُهْرًا، لِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَلَمْ تُبْنَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَالظُّهْرِ وَالصُّبْحِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يُتِمُّونَهَا جُمُعَةً؛ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ.
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ خَصَّ إِدْرَاكَهَا بِالرَّكْعَةِ، وَقِيلَ: يُتِمُّونَهَا جُمُعَةً، حَكَاهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنَ " الْمُذْهَبِ "، وَذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " نَصًّا، وَقِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَرَدَ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَبِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ثَابِتٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَيُمْتَنَعُ الْقِيَاسُ، فَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَهُمْ فِيهَا، فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا، وَوَقْتَ الْعَصْرِ، وَوَقْتَ الظُّهْرِ الَّتِي الْجُمُعَةُ بَدَلُهَا.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ الْخُطْبَةِ وَالتَّحْرِيمَةِ، لَزِمَهُمْ فِعْلُهَا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا يَلْزَمُهُمْ إِنْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.
[الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِقَرْيَةٍ يَسْتَوْطِنُهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا]
(الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِقَرْيَةٍ يَسْتَوْطِنُهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا، فَلَا تَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ)«لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ كَتَبَ إِلَى قُرَى عُرَيْنَةَ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ» ، وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ
وَتَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِي الْأَبْنِيَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ إِذَا شَمِلَهَا اسْمٌ وَاحِدٌ. . . . وَفِيمَا قَارَبَ الْبُنْيَانُ مِنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَمَّعَ بِهِمْ بِهَزْمِ النَّبِيتِ، وَلِأَنَّ الْقَرْيَةَ الْمَبْنِيَّةَ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ يَسْتَوْطِنُهَا الْعَدَدُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَبُيُوتِ الشِّعْرِ وَالْحَرَكَاوَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُقْصَدْ لِلِاسْتِيطَانِ غَالِبًا، وَلِذَلِكَ كَانَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ حَوْلَهُ ـ عليه السلام ـ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهَا، زَادَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ: وَلَوِ اتَّخَذُوهَا أَوْطَانًا؛ لِأَنَّ اسْتِيطَانَهُمْ فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ، وَقَدَّمَ الْأَزَجِيُّ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: صِحَّتُهَا وَوُجُوبُهَا عَلَى الْمُسْتَوْطِنِينَ بِعَمُودٍ أَوْ خِيَامٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ مُتَّجِهٌ. نَقَلَ أَبُو النَّصْرِ الْعِجْلِيُّ: لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ جُمُعَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَنَقَّلُونَ، وَفِي تَصْرِيحِ الْمُؤَلِّفِ بِالْقَرْيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّتِهَا الْمِصْرُ، وَتُشْتَرَطُ الْإِقَامَةُ فِيهَا، فَلَوْ رَحَلَ عَنْهَا أَهْلُهَا فِي بَعْضِ السَّنَةِ لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَكَذَا لَوْ دَخَلَ قَوْمٌ بَلَدًا لَا سَاكِنَ بِهِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِهِ سَنَةً فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ مَا يُمْنَعُ الْقَصْرُ، وَأَهْلُهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَلَا جُمُعَةَ ـ أَيْضًا ـ فَلَوْ خَرِبَتِ الْقَرْيَةُ وَعَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى عِمَارَتِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا فَعَلَيْهِمُ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ عَزَمُوا عَلَى النَّقْلَةِ فَلَا (وَتَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِي الْأَبْنِيَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ إِذَا شَمِلَهَا اسْمٌ وَاحِدٌ) قِيَاسًا عَلَى الْقَرْيَةِ الْمُتَّصِلَةِ، وَاعْتَبَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعَ الْمَنَازِلِ فِي الْقَرْيَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي.
وَقَالَ ـ أَيْضًا ـ: مَعْنَاهُ: مُتَقَارِبَةُ الِاجْتِمَاعِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّفْرِيقَ إِذَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ لَمْ تَصِحَّ فِيهَا الْجُمُعَةُ، زَادَ فِي " الشَّرْحِ ": إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْهَا مَا يَسْكُنُهُ أَرْبَعُونَ، فَتَجِبُ بِهِمُ الْجُمُعَةُ وَيَتْبَعُهُمُ الْبَاقُونَ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْجَدُّ فِي " فُرُوعِهِ ": وَرَبَضُ الْبَلَدِ لَهُ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا تَقَارَبَ قَرْيَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ، لَمْ يَصِحَّ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فِي وَاحِدَةٍ بِتَكْمِيلِ الْأُخْرَى، فَإِنْ كَمُلَ فِي أَحَدِهِمَا لَزِمَهُمْ فِعْلُهَا، وَإِنْ كَمُلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَالْأَوْلَى جَمْعُ كَلِّ قَرْيَةٍ فِي مَوْضِعِهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي: الْقَرْيَةُ إِذَا كَانَتْ فِي الْمِصْرِ عَلَى فَرْسَخٍ فَمَا دُونُ، لَزِمَهُمْ قَصْدُهُ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ إِلَى جَنْبِ قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَلَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَرْبَعُونَ، وَإِلَى جَنْبِهَا مِصْرٌ فِيهِ دُونَهُ، لَزِمَ أَهْلَهُ قَصْدُ الْقَرْيَةِ (وَ) تَجُوزُ إِقَامَتُهَا (فِيمَا قَارَبَ الْبُنْيَانُ مِنَ