الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُبَاحٍ.
السَّابِعُ:
فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَفِي " الْعُمْدَةِ " وَابْنِ تَمِيمٍ وَ " الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ": مِنَ الْمُسْلِمِينَ (وَضَرْبٌ غَرِمَ لِإِصْلَاحِ نَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ) كَمَنِ اسْتَدَانَ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ كُسْوَتِهِمْ، وَقَيَّدَهُ بِالْمُبَاحِ لِيُخْرِجَ مَا اسْتَدَانَ وَصَرَفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا، وَدَخَلَ فِيهِ مَا إِذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَيُعْطَى قَدْرَهُ مَعَ فَقْرِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ احْتِمَالًا بِالْمَنْعِ، وَكَمَا لَا يَدْفَعُ إِلَى الْغَارِمِ الْكَافِرِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَكَذَا لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ مَيِّتٍ غَرِمَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةٍ لِقَبُولِهَا، كَمَا لَوْ كَفَّنَهُ مِنْهَا، وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْغَارِمَ لَا يُشْتَرَطُ تَمْلِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ:{وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] ، وَلَمْ يَقُلْ لِلْغَارِمِينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَمَنْ تَحَمَّلَ بِسَبَبِ إِتْلَافِ مَالٍ أَوْ نَهْبِ أَحَدٍ مِنَ الزَّكَاةِ، وَكَذَا إِنْ ضَمِنَ عَنْ غَيْرِهِ مَالًا، وَهُمَا مُعْسِرَانِ، جَازَ الدَّفْعُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا.
مَسَائِلُ: مِنْهَا: إِذَا اجْتَمَعَ الْغُرْمُ وَالْفَقْرُ، أُعْطِيَ بِهِمَا، فَإِنْ أُعْطِيَ لِلْفَقِيرِ، فَلَهُ صَرْفُهُ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ أُعْطِيَ لِلْغُرْمِ، لَمْ يَصْرِفْهُ فِي غَيْرِهِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَمِنْهَا: إِذَا دَفَعَ الْمَالِكُ إِلَى الْغَرِيمِ بِلَا إِذْنِ الْفَقِيرِ، فَعَنْهُ يَصِحُّ، كَدَفْعِهَا لِلْفَقِيرِ، وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْغَارِمِ، فَلَا يَصِحَّ قَضَاؤُهُ إِلَّا بِتَوْكِيلِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ دَافِعُهَا لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى وَكَالَةٍ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي إِيفَائِهِ، وَلِهَذَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ إِذَا امْتَنَعَ.
وَمِنْهَا: إِذَا أَبْرَأَ رَبُّ الْمَالِ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَمْ تَسْقُطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرَجُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ لِقَوْلِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ فِي أَنَّهَا تَسْقُطُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَمْ لَا؛ وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ مِنْ زَكَاةِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَلَا يَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهَا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، بِنَاءً عَلَى الْحَوَالَةِ وَفَاءٌ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ، وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.
[فِي سَبِيلِ اللَّهِ]
(السَّابِعُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لِلنَّصِّ (وَهُمُ الْغُزَاةُ) ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْغَزْوُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 167]، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ، وَلَا خِلَافَ فِي
الْحَجِّ، وَعَنْهُ: يُعْطَى الْفَقِيرُ مَا يَحُجُّ بِهِ الْفَرْضَ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ.
الثَّامِنُ: ابْنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
اسْتِحْقَاقِهِمْ وَبَقَاءِ حُكْمِهِمْ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مُتَطَوِّعَةً، وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ) أَيْ: لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ رِزْقٌ رَاتِبٌ يَكْفِيهِ، فَهُوَ مُسْتَغْنٍ بِهِ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ كِفَايَةُ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الزَّكَاةِ فَرَسًا يَصِيرُ حَبِيسًا فِي الْجِهَادِ، وَلَا دَارًا وَضِيعَةً لِلرِّبَاطِ أَوْ يَقِفُهَا عَلَى الْغُزَاةِ، وَلَا غَزْوُهُ عَلَى فَرَسٍ أَخْرَجَهُ مِنْ زَكَاتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَا إِذَا اشْتَرَى الْإِمَامُ بِزَكَاةِ رَجُلٍ فَرَسًا، فَلَهُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ يَغْزُو عَلَيْهَا، كَمَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ زَكَاتَهُ لِفَقْرِهِ، (وَلَا يُعْطَى مِنْهَا فِي الْحَجِّ) فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا فِي " الْمُغْنِي "، وَصَحَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ "، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ حَيْثُ أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ إِلَى الْجِهَادِ غَالِبًا، وَالزَّكَاةُ لَا تُصْرَفُ إِلَّا لِمُحْتَاجٍ إِلَيْهَا كَالْفَقِيرِ أَوْ مَنْ يَحْتَاجُهُ الْمُسْلِمُونَ كَالْعَامِلِ، وَالْحَجُّ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إِلَيْهِ، وَالْفَقِيرُ لَا فَرْضَ فِي ذِمَّتِهِ فَيُسْقِطُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّطَوُّعَ، فَتَوْفِيرُ هَذَا الْقَدْرِ عَلَى ذَوِي الْحَاجَةِ أَوْ صَرْفِهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى، (وَعَنْهُ: يُعْطَى الْفَقِيرُ) فَهُوَ مِنَ السَّبِيلِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ:«أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ نَاقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَرَادَتِ امْرَأَتُهُ الْحَجَّ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ارْكَبِيهَا، فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَيُشْتَرَطُ لَهُ الْفَقْرُ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ لَيْسَ لَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ سِوَاهَا، وَقِيلَ: لَا؛ وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " فَيَجُوزُ لِلْغَنِيِّ كَوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِهِ فِي السَّبِيلِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، (قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ الْفَرْضَ أَوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ) جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِسْقَاطِ الْفَرْضِ، وَالتَّطَوُّعُ لَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ، وَلَكِنْ ذَكَرَ الْقَاضِي جَوَازَهُ فِي النَّفْلِ كَالْفَرْضِ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْفَقِيرُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِنْهُ كَالتَّطَوُّعِ، فَعَلَى هَذَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَا يَحُجُّ بِهِ حَجَّةً كَامِلَةً، وَمَا يُعِينُهُ فِي حَجِّهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ مِنْ زَكَاةِ نَفْسِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَغْزُوَ بِهَا.
فَرْعٌ: الْعُمْرَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحَجِّ، نَقَلَ جَعْفَرٌ: الْعُمْرَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.