الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَلَاحِقُونَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ، وَيُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُعَرَّفٌ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَالتَّنْكِيرُ مِنْ طَرِيقٍ لِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَنْكِيرَهُ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَخَيَّرَهُ الْمَجْدُ، وَبَعْضُهُمْ حَكَاهُ نَصًّا، وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى الْأَحْيَاءِ، وَعَنْهُ: تَعْرِيفُهُ أَفْضَلُ كَالرَّدِّ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: سَلَامُ التَّحِيَّةِ مُنَكَّرٌ، وَسَلَامُ الْوَدَاعِ مُعَرَّفٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ لِلتَّبَرُّكِ. قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، وَفِي الْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى اللُّحُوقِ لَا إِلَى الْمَوْتِ، وَفِي الشَّافِي: أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْبِقَاعِ (وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ) رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " (فَنَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُمُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى الْمَقَابِرِ، وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ عَلَى سَاكِنِ الْمَكَانِ مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ (اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ) رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ (وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ) لِأَنَّهُ رُوِيَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، وَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ دَعَا لِأَهْلِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» سُمِّيَ بِهِ لِغَرْقَدٍ كَانَ بِهِ؛ وَهُوَ مَا عَظُمَ مِنَ الْعَوْسَجِ، وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ.
فَائِدَةٌ: يَسْمَعُ الْمَيِّتُ الْكَلَامَ، وَيَعْرِفُ زَائِرَهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ. يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَفِي " الْغُنْيَةِ " يَعْرِفُهُ كُلَّ وَقْتٍ، وَهَذَا الْوَقْتُ آكَدُ، وَيُكْرَهُ مَشْيُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ إِلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ كَالْخُفِّ لِلْمَشَقَّةِ، وَفِي التمشك وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ
[تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ]
(وَيُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَرْفُوعًا:«مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْمَيِّتِ.
وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا
وَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ: أَعْظَمَ اللَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ عَزَّى أَخَاهُ مُصِيبَتَهُ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي سَنَدِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ وَهِيَ التَّسْلِيَةُ وَالْحَثُّ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعِينَ بِالصَّبْرِ، وَالصَّلَاةِ، وَيَسْتَرْجِعَ، وَلَا يَقُولَ إِلَّا خَيْرًا، وَيَسْأَلَ اللَّهَ أَجْرَ الصَّابِرِينَ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَعُمُّ بِهَا أَهْلَ الْمَيِّتِ حَتَّى الصَّغِيرَ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِامْرَأَةٍ شَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَوْ شَقَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِزَوَالِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الشَّقُّ، وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ مَكْرُوهٌ، وَيَبْدَأُ بِخِيَارِهِمْ؛ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ يَدِ مَنْ يُعَزِّيهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِآخِرِ وَقْتِ التَّعْزِيَةِ، فَدَلَّ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا؛ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، وَحَدُّهُا فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ يُكْرَهُ بَعْدَهَا لِتَهْيِيجِ الْحُزْنِ، وَاسْتَثْنَى أَبُو الْمَعَالِي إِذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِهَا إِذَا حَضَرَ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَزَادَ: مَا لَمْ يَنْسَ.
فَرْعٌ: إِذَا جَاءَتْهُ التَّعْزِيَةُ فِي كِتَابٍ رَدَّهَا عَلَى الرَّسُولِ لَفْظًا، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارَهَا، فَلَا يُعَزِّي مَنْ عَزَّى (وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَهْيِيجِ الْحُزْنِ، وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ فِيهِ.
أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ.
وَفِي تَعْزِيَتِهِ عَنْ كَافِرٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَفِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِمُسْلِمٍ: أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ، وَفِي تَعْزِيَتِهِ عَنِ كَافِرِ: خْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ
وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الْخَلَّالُ: سَهَّلَ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعٍ.
قَالَ: وَنُقِلَ عَنْهُ الْمَنْعُ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا بَأْسَ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ عِنْدَهُمْ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِمْ شِدَّةُ الْجَزَعِ، وَأَمَّا الْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ فَأَكْرَهُهُ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُلُوسُ بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتْبَعَ الْجِنَازَةَ، أَوْ يَخْرُجَ وَلِيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ، فَعَلَهُ السَّلَفُ (وَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ) .
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَا أَعْلَمُ فِي التَّعْزِيَةِ شَيْئًا مَحْدُودًا، إِلَّا أَنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عَزَّى رَجُلًا، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ وَآجَرَكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، «وَعَزَّى رَجُلًا فَقَالَ: (آجَرَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ فِي هَذَا الرَّجُلِ» وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: «أَعْظَمَ اللَّهُ أَجَرَكُمْ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكُمْ» وَيَقُولُ الْمُعَزَّى: اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَكَ، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لِآخَرَ: عَزِّ عَنِّي فُلَانًا تَوَجَّهَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ يُعَزِّيكَ (وَفِي تَعْزِيَتِهِ عَنْ كَافِرٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجَرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَفِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِمُسْلِمٍ: أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَكَ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِحَالِ الْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ، وَيَحْرُمُ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ، فَيَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَدْعُو لِكَافِرٍ حَيٍّ بِالْأَجْرِ، وَلَا لِكَافِرٍ مَيِّتٍ بِالْمَغْفِرَةِ (وَفِي تَعْزِيَتِهِ) أَيِ الْكَافِرِ (عَنْ كَافِرٍ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَلَا نَقُصَ عَدَدَكَ) فَيَدْعُو لَهُ بِمَا يَرْجِعُ إِلَى طُولِ الْحَيَاةِ، وَكَثْرَةِ الْمَالِ، وَالْوَلَدِ، لِأَجْلِ الْحُرْمَةِ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: يَقُولُ: أَعْطَاكَ اللَّهُ عَلَى مُصِيبَتِكَ أَفْضَلَ مَا أَعْطَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ دِينِكَ، يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ مِثْلُهُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَيْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ مِثْلَهُ،