الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَلَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَأَمَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
شُرِعَ
لِأَجْلِ الْحَظِّ
، فَإِذَا كَانَ لَهُ تِسْعَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَلَهُ مِائَةٌ أُخْرَى ضُمَّا، وَعَلَى الْأَجْزَاءِ: لَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَحَظُّ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ، لِانْقِطَاعِهِ عَمَّا قَبْلَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إِلَيْهِمَا، فَلِهَذَا قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": (وَعَنْهُ: يُكَمَّلُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِالْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ مِنَ الْأَجْزَاءِ أَوِ الْقَيِّمَةِ، ذَكَرَهَا فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ ".
فَرْعٌ: يُضَمُّ جَيِّدُ كُلِّ جِنْسٍ إِلَى رَدِيئِهِ، وَمَضْرُوبِهِ إِلَى غَيْرِهِ.
(وَيُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ) ؛ أَيْ: عُرُوضِ التِّجَارَةِ (إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، كَمَنْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَمَتَاعٌ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أُخْرَى، أَوَّ لُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمَتَاعٌ قِيمَتُهُ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ؛ وَهِيَ تُقَوَّمُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَكَانَا مَعَ الْقِيمَةِ جِنْسًا وَاحِدًا، فَلَوْ كَانَ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ، فَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ يُضَمُّ الْجَمِيعُ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ.
[الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ وَالْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ]
فَصْلٌ (وَلَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ؛ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَلِأَنَّهُ مُرْصَدٌ لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُبَاحِ، فَلَمْ تَجِبْ كَالْعَوَامِلِ، وَثِيَابِ الْقِنْيَةِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: مُعْتَادٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ لِرَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ إِنْ أُعِدَّ لِلُبْسٍ مُبَاحٍ أَوْ إِعَارَةٍ، وَلَوْ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَرَجُلٍ يَتَّخِذُ حُلِيَّ النِّسَاءِ لِإِعَارَتِهِنَّ، أَوِ امْرَأَةٍ تَتَّخِذُ حُلِيَّ الرِّجَالِ
الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ، وَالْآنِيَةُ، وَمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ أَوِ النَّفَقَةِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِإِعَارَتِهِمْ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ إِذَا لَمْ يُعرْ وَلَمْ يُلْبَسْ، قَالَهُ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ "، نَقَلَ ابْنُ هَانِي: زَكَاتُهُ عَارِيَتُهُ، وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ خَمْسَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِامْرَأَةٍ فِي يَدِهَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ: هَلْ تُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ» ".
وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ، قَالَهُ أَبُو عَبِيدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ:«وَفِي الرِّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ» .
وَجَوَابُهُ بِأَنَّهَا هِيَ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ، قَالَ أَبُو عَبِيدٍ: لَا نَعْلَمُ هَذَا الِاسْمَ فِي الْكَلَامِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ إِلَّا عَلَى الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ ذَاتِ السِّكَّةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الشُّمُولُ يَكُونُ مَخْصُوصًا بِمَا ذَكَرْنَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ إِذَا كَانَ الْحُلِيُّ لِيَتِيمٍ لَا يَلْبَسُهُ، فَلِوَلِيِّهِ إِعَارَتُهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ لَمْ يُعِرْهُ وَجَبَتْ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ (فَأَمَّا الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ) ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ، فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ أَصْلِهِ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ عَلَى سَرْجٍ وَلِجَامٍ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْآنِيَةُ مِنَ النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ لَمَّا كَانَتْ لِمُحَرَّمٍ جُعِلَتْ كَالْعَدَمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الِاتِّحَادِ جَوَازُ الصَّنْعَةِ، كَتَحْرِيمِ تَصْوِيرِ مَا يُدَاسُ مَعَ جَوَازِ اتِّخَاذِهِ (وَمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمَدِّ فَقَطْ، فَنَصَّ عَلَى وُجُوبِهَا، سَوَاءٌ حَلَّ لَهُ لُبْسُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مِنْ جِنْسِهِ الزَّكَاةُ، وَكَمَا لَوْ أُعِدَّ لِتِجَارَةٍ كُحْلِيِّ الصَّيَارِفِ (أَوِ النَّفَقَةِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ) ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَقَطَتْ مِمَّا أُعِدَّ لِلِاشْتِغَالِ بِصَرْفِهِ عَنْ جِهَةِ النَّمَاءِ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَقَيَّدَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الشَّرْحِ " بِالِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ،