الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّحْرَاءِ.
الثَّالِثُ: حُضُورُ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. . . . وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الصَّحْرَاءِ) وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا الْبُنْيَانُ لِقَوْلِ كَعْبِ [بْنِ مَالِكٍ] : إِنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ قَالَ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَسَنُ الْإِسْنَادِ صَحِيحٌ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: حَرَّةُ بَنِي بَيَاضَةَ عَلَى مِيلٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. وَقِيَاسًا عَلَى الْجَامِعِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي جَامِعٍ إِلَّا لِعُذْرٍ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِذَا صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ.
[الشَّرْطُ الثَّالِثُ: حُضُورُ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ]
(الثَّالِثُ: حُضُورُ أَرْبَعِينَ) رَجُلًا (مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: بَعَثَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ جَمَّعَ بِهِمْ، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بِالْمَدِينَةِ.
وَقَالَ جَابِرٌ: «مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَمَا فَوْقُ جُمُعَةً وَأَضْحًى وَفِطَرًا» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ (وَعَنْهُ: تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ) اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَهَذَا جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ، وَعَنْهُ: فِي الْقُرَى خَاصَّةً؛ لِقِلَّتِهِمْ، وَعَنْهُ: بِخَمْسِينَ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَمَّا بَلَغَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إِتْمَامِهَا اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا. . . . وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ إِنْ نَقَصُوا قَبْلَ رَكْعَةٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خَمْسِينَ جَمَّعَ بِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَعَنْهُ: بِسَبْعَةٍ، وَعَنْهُ: بِخَمْسَةٍ، وَعَنْهُ: بِأَرْبَعَةٍ، وَعَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا: لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِمَامِ زَائِدًا عَلَى الْعَدَدِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: بِلَى، فَعَلَيْهَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا نَاسِيًا لَمْ يُجْزِئْهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا بِدُونِهِ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ، وَيَتَخَرَّجُ: لَا مُطْلَقًا، قَالَ الْمَجْدُ: بِنَاءً عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْمُؤْتَمِّ بِنَاسٍ حَدَثَهُ تَفْسُدُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرَأَ خَلْفَهُ.
فَرْعٌ: إِذَا رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ الْعَدَدَ، فَنَقَصَ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، وَلَزِمَهُ اسْتِخْلَافُ أَحَدِهِمْ، وَبِالْعَكْسِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَوْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إِلَّا بِأَرْبَعِينَ، لَمْ يَجُزْ بِأَقَلَّ، وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِقِصَرِ وِلَايَتِهِ، بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ، وَبِالْعَكْسِ الْوِلَايَةُ بَاطِلَةٌ لِتَعَذُّرِهَا مِنْ جِهَتِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لَهَا أَحَدَهُمْ (فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إِتْمَامِهَا) لَمْ يُتِمُّوهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ، فَاعْتُبِرَ فِي جَمِيعِهَا كَالطَّهَارَةِ، وَ (اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "، وَقِيلَ: يُتِمُّونَ ظُهْرًا، وَقِيلَ: جُمُعَةً، وَلَوْ بَقِيَ وَحْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْأُولَى، وَقِيلَ: جُمُعَةً إِنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ الْعَدَدُ الْبَاقِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا فِي الصَّلَاةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْمُرَادُ فِي انْتِظَارِهَا كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي الْخُطْبَةِ، وَلِلْدَارَقُطْنِيِّ: بَقِيَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَإِنَّمَا انْفَضُّوا لِظَنِّهِمْ جَوَازَ الِانْصِرَافِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ: أَنَّ خُطْبَتَهُ ـ عليه السلام ـ هَذِهِ كَانَتْ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْجُمُعَةَ، فَظَنُّوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي الِانْصِرَافِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُمُ انْفَضُّوا لِقُدُومِ التِّجَارَةِ لِشِدَّةِ الْمَجَاعَةِ، أَوْ ظُنُّ وُجُوبُ خِطْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ فَرَغَتْ.
أَتَمُّوا ظُهْرًا، وَإِنْ نَقَصُوا بَعْدَ رَكْعَةٍ أَتَمُّوا جُمُعَةً، وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَمَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّهَا ظُهْرًا. . . . إِذَا كَانَ قَدْ نَوَى الظُّهْرَ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ عَادُوا فَحَضَرُوا الْقَدْرَ الْوَاجِبَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ (وَيُحْتَمَلُ) هَذَا وَجْهٌ (أَنَّهُمْ إِنْ نَقَصُوا قَبْلَ رَكْعَةٍ أَتَمُّوا ظُهْرًا، وَإِنْ نَقَصُوا بَعْدَ رَكْعَةٍ أَتَمُّوا جُمُعَةً) وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَذِكْرُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.
قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ عِنْدِي كَالْمَسْبُوقِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَسْبُوقَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ جُمُعَةٍ تَمَّتْ شَرَائِطُهَا وَصَحَّتْ، فَجَازَ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ هَذِهِ، وَإِنْ بَقِيَ الْعَدَدُ، أَتَمَّ جُمُعَةً.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: سَوَاءً سَمِعُوا الْخُطْبَةَ أَوْ لَحِقُوهُمْ قَبْلَ نَقَصِهِمْ بِلَا خِلَافٍ، كَبَقَائِهِ مِنَ السَّامِعِينَ.
(وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً) أَيْ: بِسَجْدَتَيْهَا، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ (أَتَمَّهَا جُمُعَةً) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلَفْظُهُ «فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى» قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هَذَا خَطَأٌ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا يَصِحُّ.
(وَمَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّهَا ظُهْرًا) لِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ.
وَعَنْهُ: يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» ، وَكَالظُّهْرِ، وَكَإِدْرَاكِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الْمُقِيمِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِدْرَاكُهُ إِدْرَاكُ إِلْزَامٍ، وَهَذَا إِدْرَاكُ إِسْقَاطٍ لِلْعَدَدِ، وَبِأَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَ مَنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ
قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقْلَا: يَنْوِي جُمُعَةً وَيُتِمُّهَا ظُهْرًا، وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ. . فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ سَجَدَ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الثَّانِيَةِ، فَيُتَابِعَ إِمَامَهُ وَتَصِيرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُؤَلِّفِ صِحَّةُ دُخُولِهِ مَعَهُ؛ وَهُوَ الْأَصَحُّ، بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَهَا بِإِحْرَامِهِ، وَلِهَذَا قَالَ:(إِذَا كَانَ قَدْ نَوَى الظُّهْرَ فِي قَوْلِ " الْخِرَقِيِّ ") صَحَّحَهُ الْحُلْوَانِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ قَصْدٌ يَتْبَعُ الْعِلْمَ، وَيُوَافِقُ الْفِعْلَ، فَالْمُصَلِّي ظُهْرًا لَا يَنْوِي جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ يَنْوِي غَيْرَ مَا يَفْعَلُهُ، وَلِأَنَّ الظُّهْرَ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ ابْتِدَاءً فَكَذَا اسْتَدَامَتُهُ، كَالظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا دَخَلَ وَقْتُهَا، وَإِلَّا كَانَتْ نَفْلًا (وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقْلَا: يَنْوِي جُمُعَةً) تَبَعًا لِإِمَامِهِ (وَيُتِمُّهَا ظُهْرًا) وَذَكَرَ الْقَاضِي الْمَذْهَبَ، كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ مَعَ الْمُقِيمِ، وَضَعَّفَهُ الْمَجْدُ بِأَنْ قَالَ: فَرَّ مِنَ اخْتِلَافِ النِّيَّةِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ فِي الْبِنَاءِ، وَالْوَاجِبُ الْعَكْسُ أَوِ التَّسْوِيَةُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْبِنَاءِ مَعَ اخْتِلَافٍ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، وَقِيلَ: الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ هَلْ هِيَ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ أَمْ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ دُخُولُ مَنْ فَاتَهُ مَعَهُ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ دَخَلَ انْعَقَدَتْ نَفْلًا، وَالثَّانِي: يَصِحُّ دُخُولُهُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَيْهَا ظُهْرًا، وَيَجِبُ أَنْ يُصَادِفَ ظُهْرُهُ زَوَالَ الشَّمْسِ.
(وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ زُحِمَ عَلَى السُّجُودِ) بِالْأَرْضِ (سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ) أَيْ: قَدَمِهِ وُجُوبًا إِنْ أَمْكَنَ، ذَكَرَهُ مُعْظَمُهُمْ، لِقَوْلِ عُمَرَ: إِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَسَعِيدٌ وَهَذَا قَالَهُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُخَالِفٌ، وَلَا يَأْتِي بِمَا يُمْكِنُهُ حَالَ الْعَجْزِ، فَوَجَبَ، وَصَحَّ كَالْمَرِيضِ يُومِئُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدٍ، وَيُومِئُ غَايَةَ الْإِمْكَانِ، فَأَمَّا إِنِ احْتَاجَ إِلَى وَضْعِ يَدَيْهِ أَوْ رُكْبَتَيْهِ، وَقُلْنَا: يَجُوزُ فِي الْجَبْهَةِ، فَوَجْهَانِ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) انْتَظَرَ، وَ (سَجَدَ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ) وَتَبِعَ إِمَامَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ لِلْعُذْرِ؛ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا، وَالْمُفَارَقَةُ وَقَعَتْ صُورَةً لَا حُكْمًا، فَلَمْ تُؤَثِّرْ (إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الثَّانِيَةِ فَيُتَابِعَ
أُولَاهُ، وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ فَسَجَدَ، ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ، أَتَى بِرَكْعَةٍ أُخْرَى بَعْدَ سَلَامِهِ وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُ. . . وَعَنْهُ: يُتِمُّهَا ظُهْرًا.
الرَّابِعُ: أَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ، وَمِنْ شَرْطِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِمَامَهُ، وَتَصِيرَ أُولَاهُ، وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً) ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» ، وَلِأَنَّهُ مَأْمُومٌ خَافَ فَوْتَ الثَّانِيَةِ فَلَزِمَتْهُ الْمُتَابَعَةُ كَالْمَسْبُوقِ، وَعَنْهُ: لَا يُتَابِعُهُ بَلْ يَشْتَغِلُ بِسُجُودِ الْأُولَى، وَكَمَا لَوْ زَالَ الزِّحَامُ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، فَإِنْ لَمْ يَزُلِ الزِّحَامُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ، وَهَلْ تَحْصُلُ لَهُ رَكْعَةٌ يُتِمُّهَا جُمُعَةً أَوْ يُصَلِّي ظُهْرًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ (فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِتَرْكِهِ مُتَابَعَةَ إِمَامِهِ عَمْدًا، وَمُتَابَعَتُهُ وَاجِبَةٌ؛ لِقَوْلِهِ: فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، وَتَرْكُ الْوَاجِبِ عَمْدًا يُبْطِلُهَا وِفَاقًا (وَإِنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ فَسَجَدَ) أَيْ: إِذَا جَهِلَ تَحْرِيمَ مُتَابَعَةِ إِمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِسُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي مَوْضِعِ الرُّكُوعِ جَهْلًا، فَهُوَ كَالسَّاهِي.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُعْتَدُّ بِهِ (ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ، أَتَى بِرَكْعَةٍ أُخْرَى بَعْدَ سَلَامِهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِسُجُودٍ مُعْتَدٍّ بِهِ (وَ) إِذَا اعْتَدَّ لَهُ بِذَلِكَ (صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، وَالْجُمُعَةُ تُدْرَكُ بِهَا، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَخَالَفَ فِيهِ الْمُؤَلِّفَ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَأْمُومِ سُجُودُ سَهْوٍ (وَعَنْهُ: يُتِمُّهَا ظُهْرًا) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْ إِمَامَهُ فِيهِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّدَارُكِ، فَلَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ.
1 -
مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ، وَزُحِمَ عَنِ السُّجُودِ، أَوْ أَدْرَكَ الْقِيَامَ، وَزُحِمَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى سَلَّمَ إِمَامُهُ، أَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، فَفَاتَهُ ذَلِكَ بِالْوُضُوءِ، وَقُلْنَا: يَبْنِي، اسْتَأْنَفَ ظُهْرًا، نَصَّ عَلَيْهِ، لِاخْتِلَافِهِمَا فِي فَرْضٍ وَشَرْطٍ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ، وَلِافْتِقَارِ كُلٍّ