الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ الثَّغْرِ الِاجْتِمَاعُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَالْأَفْضَلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَهُوَ الْجَزَاءُ أَوِ الْفَضْلُ بِالْمُضَاعَفَةِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ، وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَمَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ إِلَى وُجُوبِهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ، وَلَا الصِّبْيَانِ إِلَّا عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ، قَالَهُ فِي " الْمُذْهَبِ "، وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَفِي وُجُوبِهَا لِفَائِتَةٍ وَالْمَنْذُورَةِ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ: لِلنِّسَاءِ حُضُورُ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ، وَعَنْهُ: الْفَرْضُ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ لِلشَّابَّةِ؛ وَهُوَ أَشْهَرُ، وَالْمُرَادُ الْمُسْتَحْسَنَةُ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ فِي الْجُمُعَةِ، وَغَيْرُهَا مِثْلُهَا؛ فَمَجَالِسُ الْوَعْظِ كَذَلِكَ أَوْلَى.
[صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ]
(وَلَهُ فِعْلُهَا فِي بَيْتِهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَطَهُورًا؛ فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ هُوَ السُّنَّةُ، وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ، زَادَ فِي " الشَّرْحِ " وَ " الرِّعَايَةِ " قَرِيبٍ مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ، وَزَادَ:(جَارُ الْمَسْجِدِ مَنْ أَسْمَعَهُ الْمُنَادِي) . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " إِنَّ فِعْلَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَعَنْهُ: فَرْضُ عَيْنٍ لِإِرَادَةِ التَّحْرِيقِ.
[صَلَاةُ أَهْلِ الثَّغْرِ الْجَمَاعَةَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ]
(وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ الثَّغْرِ) هُوَ مَوْضِعُ الْمَخَافَةِ مِنْ فُرُوجِ الْبُلْدَانِ (الِاجْتِمَاعُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّهُ أَعْلَى لِلْكَلِمَةِ، وَأَوْقَعُ لِلْهَيْبَةِ، فَإِذَا جَاءَهُمْ خَبَرٌ عَنْ عَدُوِّهِمْ سَمِعَهُ جَمِيعُهُمْ، وَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِهِمْ، وَإِنْ جَاءَ عَيْنٌ لِلْكُفَّارِ رَأَى كَثْرَتَهُمْ بِهَا.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ، لَسَمَّرْتُ أَبْوَابَ الْمَسَاجِدِ الَّتِي لِلثُّغُورِ؛ لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ.
لِغَيْرِهِمُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ إِلَّا بِحُضُورِهِ.
ثُمَّ مَا كَانَ أَكْثَرَ جَمَاعَةً، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ، وَهَلِ الْأَوْلَى قَصْدُ الْأَبْعَدِ أَوِ الْأَقْرَبِ، عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَالْأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ إِلَّا بِحُضُورِهِ) لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ ثَوَابُ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَتَحْصِيلٌ لِلْجَمَاعَةِ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، زَادَ فِي " الشَّرْحِ " وَابْنُ تَمِيمٍ: وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ تُقَامُ فِيهِ مَعَ غَيْبَتِهِ، إِلَّا أَنَّ قَصَدَ غَيْره كَسْرَ قَلْبِ جَمَاعَةٍ، فَجَبْرُ قُلُوبِهِمْ أَوْلَى. (ثُمَّ مَا كَانَ أَكْثَرَ جَمَاعَةً) ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " وَغَيْرِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ الْأَوْلَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ لِمَا رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ رَجُلٍ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا هُوَ أَكْثَرُ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، (ثُمَّ) إِنِ اسْتَوَيَا فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ فِعْلَهَا (فِي الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ) لِأَنَّ الطَّاعَةَ فِيهِ أَسْبَقُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَكْثَرِ جَمَاعَةً، وَقِيلَ: إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ. قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَفِي " الْوَجِيزِ ": الْعَتِيقُ أَفْضَلُ، ثُمَّ الْأَبْعَدُ، ثُمَّ مَا تَمَّتْ جَمَاعَتُهُ.
(وَهَلِ الْأَوْلَى قَصْدُ الْأَبْعَدِ أَوِ الْأَقْرَبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: قَصْدُ الْأَبْعَدِ أَفْضَلُ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى مَرْفُوعًا: «إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ أَجْرًا أَبْعَدُهُمْ مَمْشًى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِكَثْرَةِ حَسَنَاتِهِ بِكَثْرَةِ خُطَاهُ، وَالثَّانِيَةُ: قَصْدُ الْأَقْرَبِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ لَهُ جِوَارًا فَكَانَ أَحَقَّ بِصَلَاتِهِ؛ كَمَا أَنَّ الْجَارَ أَحَقُّ بِمَعْرُوفِ جَارِهِ، وَكَمَا لَوْ تَعَلَّقَتِ الْجَمَاعَةُ بِحُضُورِهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَكْثَرِ جَمْعًا.