الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الْعُشْرَ، وَيَتَوَلَّى تَفْرِيقَ الْبَاقِي، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: دَفْعُهَا إِلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ أَفْضَلُ،
وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا إِلَّا بِنِيَّةٍ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السُّلْطَانِيَّةِ " يَحْرُمُ إِنْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ أَهْلِهَا، وَيَجِبُ كَتْمُهَا إِذَنْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَيُجْزِئُ مُطْلَقًا؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا:«إِذَا أَدَّيْتَهَا إِلَى رَسُولِي، فَقَدْ بَرِئْتَ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَكَ أَجْرُهَا، وَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا» وَلِلْإِمَامِ طَلَبُهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مُطْلَقًا إِذَا وَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا إِذَنْ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ دَفْعُ الْبَاطِنَةِ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَجْهًا وَاحِدًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: وَلَوْ مِنْ بَلَدٍ غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَوَارِجُ، فَلَمْ يُؤَدِّ أَهْلُهُ الزَّكَاةَ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِمُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَيْسُوا تَحْتَ حِمَايَتِهِ (وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الْعُشْرَ) لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ، يَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَعَنْهُ: يَدْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، وَعَنْهُ: دَفْعُ الظَّاهِرِ أَفْضَلُ (وَيَتَوَلَّى) الْمَالِكُ (تَفْرِيقَ الْبَاقِي) كَالْمَوَاشِي وَنَحْوِهِمَا، فَيَضَعُهَا مَوْضِعَهَا (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ دَفْعُهَا إِلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ أَفْضَلُ) وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ، وَزَوَالِ التُّهْمَةِ.
تَنْبِيهٌ: لِلْإِمَامِ طَلَبُ نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ فِي وَجْهٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَمَا أَخَذَهُ الْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ مِنَ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ مَالِكِهَا، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُمْ إِذَا نَصَّبُوا إِمَامًا، وَفِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إِلَيْهِمُ اخْتِيَارًا، وَعَنْهُ: الْوَقْفُ فِيمَا أَخَذَهُ الْخَوَارِجُ مِنَ الزَّكَاةِ.
[شَرْطُ النِّيَّةِ فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ]
(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ: لَا يُجْزِئُ (إِخْرَاجُهَا إِلَّا بِنِيَّةٍ) لِقَوْلِهِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، فَافْتَقَرَتْ إِلَيْهَا كَالصَّلَاةِ، وَمَصْرِفُ الْمَالِ إِلَى الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ، فَلَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِتَعْيِينٍ، فَيَنْوِي الزَّكَاةَ أَوِ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ أَوْ صَدَقَةَ الْمَالِ أَوِ الْفِطْرِ، فَلَوْ نَوَى صَدَقَةً مُطْلَقَةً لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ كَصَدَقَتِهِ بِغَيْرِ النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ، وَلَا الْمَالِ
الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تُجْزِئُهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُزَكَّى عَنْهُ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ: تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمَالُ، كَشَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَأَجْزَأَ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنِ الْحَاضِرِ، أَجْزَأَ عَنْهُ إِنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهَا، وَإِنْ أَدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا جَعَلَهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ لِتَعْيِينِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَجْزَأَ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ نَوَى عَنِ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إِلَى غَيْرِهِ، كَعِتْقٍ فِي كَفَّارَةِ مُعَيَّنَةٍ فَلَمْ تَكُنْ، وَإِنْ نَوَى عن الْغَائِبَ إِنْ كَانَ سَالِمًا أَوْ نَوَى وَإِلَّا فَنَفْلٌ، أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَضُرَّ التَّقْيِيدُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصِ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ، وَالْأَوْلَى مُقَارَنَتُهَا لِلدَّفْعِ، وَلَهُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَالصَّلَاةِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " تُعْتَبَرُ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَلَوْ حَرَّكَهَا لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ (إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا) قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِغَيْرِ نِيَّةِ رَبِّ الْمَالِ فِي الظَّاهِرِ بِلَا تَرَدُّدٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِأَدَائِهَا ثَانِيًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُجْزِئُ فِي الْبَاطِنِ؛ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ، فَقَامَتْ نِيَّتُهُ مَقَامَ نِيَّةِ الْمَالِكِ، كَوَلِيِّ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي، وَقَالَهُ الْقَاضِي: إِنَّهَا تُجْزِئُ إِذَا أَخَذَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ كَالْقِسْمَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ) وَابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ "، وَاخْتَارَهُ حَفِيدُهُ:(لَا تُجْزِئُهُ - أَيْضًا - مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إِمَّا وَكِيلُهُ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ أَوْ وَكِيلُهُمَا، فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ، وَكَالصَّلَاةِ، فَعَلَى هَذَا يَقَعُ نَفْلًا مِنَ الطَّائِعِ وَيُطَالَبُ بِهَا، وَيُجْزِئُ لِلْمُكْرَهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا كَالْمُصَلِّي مُكْرَهًا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْمَالِ، وَلَا يَصِحُّ إِلْحَاقُ الزَّكَاةِ بِالْقِسْمَةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِبَادَةً، وَلَا تُعْتَبَرُ لَهَا نِيَّةٌ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إِذْنَهُ مِنْهُ، وَلَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ.
فَرْعٌ: لَوْ غَابَ الْمَالِكُ أَوْ تَعَذَّرَ إِذْنُهُ لِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ، فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَالِهِ أَجْزَأَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةُ أَخْذِهَا إِذَنْ، وَنِيَّةُ الْمَالِكِ مُتَعَذِّرَةٌ بِمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ، كَصَرْفِ الْوَلِيِّ