الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفْضَلُهُمْ. وَيُجْعَلَ وَسَطُ الْمَرْأَةِ حِذَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُسَوِّي بَيْنَ رُؤوسِهِمْ.
فصل
وَيُكَبِّرُ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْفَاتِحَةَ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَةٌ: جَمْعُ الْمَوْتَى فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ أَوْ شُقَّ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالتَّسْوِيَةِ (وَيَجْعَلُ وَسَطَ الْمَرْأَةِ حِذَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ، لِيَقِفَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْقِفَهُ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْعَلُ وَسَطُهَا حِذَاءَ صَدْرِ الرَّجُلِ، وَخُنْثَى بَيْنَهُمَا (وَقَالَ الْقَاضِي: يُسَوِّي بَيْنَ رُؤوسِهِمْ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْكَافِي "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ وَابْنَهَا زَيْدًا تُوُفِّيَا جَمِيعًا، فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَسَوَّى بَيْنَ رُؤوسِهِمَا. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عَنْ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَابِعٌ لَا حُكْمَ لَهَا، وَعَلَيْهِ: يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّجُلِ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ، يَجْعَلُونَ دَرَجًا، رَأْسُ هَذَا عِنْدَ رِجْلِ هَذَا، وَإِنَّ هَذَا وَالتَّسْوِيَةَ سَوَاءٌ، قَالَ الْخَلَّالُ: وَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ قَوْلُهُ.
فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ تَسْوِيَةُ صُفُوفِ الْجِنَازَةِ، وَأَنْ لَا يُنْقِصُهُمْ عَنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ، لِخَبَرِ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ» ، وَسَبَقَ حُكْمُ الْفَذِّ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى أَنْ لَا يَبْرَحَ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى تَرْتَفِعَ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٍ.
[صِفَةُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]
(وَيُكَبِّرُ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ)«لِتَكْبِيرِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عَلَى النَّجَاشِيِّ أَرْبَعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاشْتَهَرَتِ الرِّوَايَاتُ بِهِ (يَقْرَأُ فِي الْأَوْلَى الْفَاتِحَةُ) لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ فِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ
الثَّانِيَةِ. وَيَدْعُو فِي الثَّالِثَةِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أُمِّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ، وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَرَأَ بِالْفَاتِحَةِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى» ، وَكَالْمَكْتُوبَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَفْتِحُ؛ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَعَنْهُ: بِلَى، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ " ثُمَّ يَتَعَوَّذُ لِلْآيَةِ، وَعَنْهُ: لَا، وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَفْعَلُهُ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُمَا، وَيَبْتَدِئُ الْحَمْدَ بِالْبَسْمَلَةِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا، قَالَ فِي " الْفُصُولِ ": بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي مَذْهَبِنَا، وَجَزَمَ فِي " التَّبْصِرَةِ " بِقِرَاءَةِ سُورَةٍ مَعَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ سِرًّا، وَلَوْ لَيْلًا، لَا يُقَالُ: ابْنُ عَبَّاسٍ جَهَرَ بِهَا.
وَقَالَ: سُنَّةٌ وَحَقٌّ، لِأَجْلِ تَعْلِيمِهِمْ (وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّانِيَةِ) سِرًّا، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ: أَنَا مُطْرَفُ بْنُ مَازِنَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ» وَيَكُونُ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي بَعْدَهَا " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِكَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَهْلِ طَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ " وَفِي " الْكَافِي " لَا يَتَعَيَّنُ صَلَاةٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ (وَيَدْعُو) لِنَفْسِهِ، وَلِوَالِدَيْهِ، وَالْمَيِّتِ، وَالْمُسْلِمِينَ (فِي الثَّالِثَةِ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا له
وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُتَقَلَّبَنَا وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ فَتَوَفِّهُ عَلَيْهِمَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ. وَافْسَحْ لَهُ قَبْرَهُ، وَنَوِّرْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الدُّعَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَلَا تَوْقِيتَ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ (فَيَقُولَ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُتَقَلَّبَنَا وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفِّهِ عَلَيْهَمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ زَادَ ابْنُ مَاجَهْ «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ» وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، لَكِنْ زَادَ فِيهِ الْمُؤَلِّفُ: وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَفْظُ " السُّنَّةِ "«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقُولُ عَلَى جِنَازَةٍ حَتَّى تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَيِّتَ، وَفِيهِ:«وَأَبْدِلْهُ أَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ» ، وَزَادَ الْمُؤَلِّفُ لَفْظَ مِنَ الذُّنُوبِ «وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْمَحَلِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً أَنَّثَ الضمير، وَإِنْ كَانَ خُنْثَى قَالَ: هَذَا الْمَيِّتُ وَنَحْوَهُ.
تَذْنِيبٌ: " نُزُلَهُ " بِضَمِّ الزَّايِ، وَقَدْ يُسَكَّنُ، " وَمَدْخَلَهُ " بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَوْضِعُ الدُّخُولِ، وَبِضَمِّهَا: الْإِدْخَالُ، وَالزَّوْجُ بِغَيْرِ هَاءٍ: لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَقَدْ يُقَالُ لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ: زَوْجَةٌ، حَكَاهَا الْخَلِيلُ وَالْجَوْهَرِيُّ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ،
لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ، وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمِ، وَيَقِفُ بَعْدَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَزَلَ بِكَ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَجَازِهِ بِإِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، اللَّهُمَّ إِنَّا جِئْنَا شُفَعَاءَ لَهُ فَشَفِّعْنَا فِيهِ، وَلَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، إِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شَرًّا مِنَ الْمَيِّتِ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، لِلْخَبَرِ، وَلَا بَأْسَ بِالْإِشَارَةِ بِالْإِصْبَعِ حَالَ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا) وَعِبَارَةُ " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ "؛ وَهُوَ أَوْلَى (قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ، وَفَرَطَا، وَأَجْرًا، وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمِ) لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الدُّعَاءِ لَائِقٌ بِحَالِهِ مُنَاسِبٌ لِمَا مَرَّ فِيهِ، فَشُرِعَ كَالِاسْتِغْفَارِ لِلْبَالِغِ، زَادَ جَمَاعَةٌ: سُؤَالَ الْمَغْفِرَةِ لَهُ، وَالْأَشْهَرُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ، هَذَا هُوَ السُّنَّةُ.
فَرْعٌ: إِذَا لَمْ يُعْرَفُ إِسْلَامُ وَالِدَيْهِ دَعَا لِمُوَالِيهِ، وَفِي " الْفُرُوعِ "، وَمُرَادُهُمْ فِيمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا ومَاتَ أَنَّهُ كَصَغِيرٍ (وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلًا) لِمَا رَوَى الْجُرْجَانِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَقِفُ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَكُنْتُ أَحْسَبُ هَذِهِ الْوَقْفَةَ لِيُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ» وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ بَعْدَهَا دُعَاءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ
الرَّابِعَةِ قَلِيلًا. وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخِرَقِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمُ الْوُقُوفَ.
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: يَدْعُو فِيهَا كَالثَّالِثَةِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْآجُرِّيُّ، وَالْمَجْدُ فِي " شَرْحِ الْهِدَايَةِ "؛ لِأَنَّ ابْنَ أَبِي أَوْفَى فَعَلَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَعَلَهُ.
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَصْلَحُ مَا رُوِيَ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يُخَالِفُهُ، وَلِأَنَّهُ قِيَامٌ فِي جِنَازَةٍ، أَشْبَهَ الَّذِي قَبْلَهُ، فَيَقُولُ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَحَكَاهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ عَنِ الْأَكْثَرِ، وَصَحَّ أَنَّ أَنَسًا كَانَ لَا يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا خَتَمَهُ بِهَذَا، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْمَحَلِّ، وَفِي " الْوَسِيلَةِ " رِوَايَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَقَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَلِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ؛ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ وَلَا يُسَبِّحُ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ حَرْبٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ (وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَنْ سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ رَوَى عَطَاءُ بْنُ السائب «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَ عَلَى الْجِنَازَةٍ تَسْلِيمَةً» رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا تَسْلِيمَتَيْنِ فَهُوَ جَاهِلٌ، وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ عَنْ يَمِينِهِ أَكْثَرُ مَا رُوِيَ فِيهِ وَهُوَ أَشْبَهُ، وَإِنْ سَلَّمَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَتَجُوزُ ثَانِيَةٌ، وَاسْتَحَبَّهَا الْقَاضِي، وَذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ رِوَايَةً، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى تَسْلِيمَتَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ، وَقِيلَ: يُسِرُّ وَيُتَابِعُ إِمَامًا فِي الثَّانِيَةِ كَالْقُنُوتِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ