الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
فِي الْمَعْدِنِ
وَمَنِ اسْتَخْرَجَ مِنَ مَعْدِنِ نِصَابًا مِنَ الْأَثْمَانِ، أَوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً؛ وَهُوَ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ. ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ كَعْبٍ فِي الْفِدْيَةِ، وَحُمِلَ كَلَامُ عُمَرَ عَلَى التَّعَارُفِ بِبَلَدِهِ - وَهِيَ الْحِجَازُ - أَوْلَى، وَهَذَا ظَاهِرُ " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَقِيلَ: نِصَابُهُ أَلْفُ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ، قَدَّمَهُ فِي " الْكَافِي "، نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: مِنْ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ، وَأَمَّا الْفَرْقُ بِسُكُونِ الرَّاءِ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ مِنْ مَكَايِلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَهُ الْخَلِيلُ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ: يَسَعُ مِائَةً وَعِشْرِينَ رِطْلًا.
قَالَ الْمَجْدُ: وَلَا قَائِلَ بِهِ هُنَا.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ زَكَّى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمُعَشَّرَاتِ مَرَّةً، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، خِلَافًا لِلْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُرْصَدٍ لِلنَّمَاءِ، فَهُوَ كَالْقِنْيَةِ، بَلْ أَوْلَى لِنَقْصِهِ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ.
فَرْعٌ: تَضْمِينُ أَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بَاطِلٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَهُ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " بِأَنَّ ضَمَانَهَا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ مَا زَادَ، وَغُرْمِ مَا نَقَصَ، وَهَذَا مُنَافٍ لِمَوْضُوعِ الْعِمَالَةِ، وَحُكْمِ الْأَمَانَةِ.
[فَصْلٌ فِي الْمَعْدِنِ]
فَصْلٌ
فِي الْمَعْدِنِ بِكَسْرِ الدَّالِّ سُمِّيَ بِهِ لِعُدُونِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِيهِ لِإِقَامَتِهِ، يُقَالُ: عَدَنَ عُدُونًا، وَالْمَعْدِنُ: الْمَكَانُ الَّذِي عُدِنَ فِيهِ الْجَوْهَرُ (وَمَنِ اسْتَخْرَجَ) إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَتَرَكَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ مَا سَبَقَ (مِنْ مَعْدِنٍ) سَوَاءٌ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ، وَلَوْ مِنْ دَارِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ فِي مَوَاتٍ خَرِبٍ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ جَارِيًا، فَكَأَرْضِهِ إِنْ قُلْنَا: هُوَ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَأَنَّهُ يَمْلِكُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ يَمْلِكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ، أَوْ كَانَ جَامِدًا، فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى بَلَدِهِ كَالْمَغْصُوبِ (نِصَابًا مِنَ الْأَثْمَانِ) فَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (أَوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ) مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ بِقِيمَةِ أَحَدِهِمَا؛
الْجَوْهَرِ وَالصُّفْرِ وَالزِّئْبَقِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ وَالْكُحْلِ وَالزَّرْنِيخِ وَسَائِرِ مَا يُسَمَّى مَعْدِنًا، فَفِيهِ الزَّكَاةُ فِي الْحَالِ رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ مِنْ عَيْنِهَا إِنْ كَانَتْ أَثْمَانًا؛ سَوَاءٌ اسْتَخْرَجَهُ فِي دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ، لَمْ يَتْرُكِ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا تَرْكَ إِهْمَالٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ فِيمَا دُونَ نِصَابِ الْأَثْمَانِ، ثُمَّ مَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (مِنَ الْجَوْهَرِ، وَالصُّفْرِ، وَالزِّئْبَقِ، وَالْقَارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ، وَالزَّرْنِيخِ، وَسَائِرِ مَا يُسَمَّى مَعْدِنًا) كَالْبِلَّوْرِ، وَالْعَقِيقِ، وَالْحَدِيدِ، وَالْكِبْرِيتِ، وَالْمَغْرَةِ، وَنَحْوِهَا (فَفِيهِ الزَّكَاةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] ، وَلِمَا رَوَى رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمَعَادِنَ الْقِبْلِيَّةَ قَالَ: فَتِلْكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاةُ إِلَى الْيَوْمِ» رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَحْرُمُ عَلَى أَغْنِيَاءَ ذَوِي الْقُرْبَى، فَفِيهِ الزَّكَاةُ لَا الْخُمُسُ كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْطَبِعْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا:«لَا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ» إِنْ صَحَّ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْأَحْجَارِ الَّتِي لَا يُرْغَبُ فِيهَا عَادَةً، فَدَلَّ أَنَّ الرُّخَامَ مَعْدِنٌ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، قَالَ الْأَصْحَابُ: الطِّينُ والماء غير مَرْغُوبٌ فِيهِ، فَلَا حَقَّ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الطِّينَ تُرَابٌ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَمْ أَسْمَعْ فِي مَعْدِنِ النَّارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ، وَالزَّرْنِيخِ شَيْئًا.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ عَنْ غَيْرِ الْمُنْطَبِعِ (فِي الْحَالِ) لِأَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ حَوْلٌ كَالزَّرْعِ (رُبْعُ الْعُشْرِ) مِنْ عَيْنِ أَثْمَانٍ أَوْ (مِنْ قِيمَة) مِنْ غَيْرِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ بِظُهُورِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " وَ " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " وَغَيْرِهِمَا، كَالثَّمَرَةِ (سَوَاءٌ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ، لَمْ يَتْرُكِ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا تَرْكَ إِهْمَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَأَدَّى إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ اسْتِخْرَاجُ نِصَابٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً،