الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَفِي
الرِّكَازِ
الْخُمُسُ، أَيُّ نَوْعٍ كَانَ مِنَ الْمَالِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ زَكَاةٌ، وَبَاقِيهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ شَيْءٌ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَّرَهُ الْبَحْرُ، وَعَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ، رَوَاهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَلَمْ تَأْتِ بِهِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ وُجُودُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، فَهُوَ كَالْمُبَاحَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْبَرِّ (وَعَنْهُ: فِيهِ الزَّكَاةُ) نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْرَجٌ، فَوَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْمَعْدِنِ، وَقِيلَ: غَيْرُ حَيَوَانٍ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَصَيْدِ الْبَرِّ، وَنَصَّ أَحْمَدُ التَّسْوِيَةَ، وَمُثِّلَ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْمُحَرَّرِ " بِالْمِسْكِ وَالسَّمَكِ، فَيَكُونُ الْمِسْكُ بَحْرِيًّا، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي السَّمَكِ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَافَّةً، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِأَنْ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي الْمِسْكِ إِذَا أَصَابَهُ صَاحِبُهُ: فِيهِ الزَّكَاةُ، شَبَّهَهُ بِالسَّمَكِ إِذَا صَادَهُ، وَصَارَ فِي يَدِهِ مِنْهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": (وَهُوَ أَوْلَى.
[الرِّكَازُ]
فَصْلٌ (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي أَرْضِ الْحَرْبِ الْخُمُسُ، وَفِي أَرْضِ الْعَرَبِ الزَّكَاةُ (أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنَ الْمَالِ) كَالنَّقْدَيْنِ، وَالْحَدِيدِ، وَالرَّصَاصِ، وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَظْهُورٌ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ، فَوَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ وَالْغَنِيمَةُ (قَلَّ) ذَلِكَ الْمَوْجُودُ (أَوْ كَثُرَ) بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَالزَّرْعِ؛ لِكَوْنِهِمَا يَحْتَاجَانِ إِلَى
لِوَاجِدِهِ إِنْ وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ أَوْ أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهَا، وَإِنْ عُلِمَ مَالِكُهَا أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كُلْفَةٍ، وَاعْتُبِرَ لَهُمَا النِّصَابُ تَحْقِيقًا، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي مَصْرِفِهِ، فَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ (لِأَهْلِ الْفَيْءِ) اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ " وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " لِفِعْلِ عُمَرَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَخْمُوسٌ لِخُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَصْرِفِ الْغَنِيمَةِ، بَلِ الْفَيْءُ الْمُطْلِقُ لِلْمَصَالِحِ كُلِّهَا (وَعَنْهُ: أَنَّهُ زَكَاةٌ) نَقَلَهَا حَنْبَلٌ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ صَاحِبَ الْكَنْزِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْخُمُسِ عَلَى الْمَسَاكِينِ؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ كَالْمَعْدِنِ، فَيُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ فَيْءٌ، إِلَّا إِذَا كَانَ عَبْدًا فَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كسب مَالُهُ، كَالِاحْتِشَاشِ، وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ زَكَاةٌ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَيَمْلِكُهُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَيُخْرِجُهُ عَنْهُمَا وَلِيُهِمَّا، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ وَجُوبَهَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ لِوَاجِدِهِ تَعْرِفَتُهُ بِنَفْسِهِ، كَمَا لَوْ قُلْنَا إِنَّهُ زَكَاةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " لِأَنَّهُ أَدَّى الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يُضْمَنُ؟ وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِه والْمَعْدِنِ إِمْسَاكُ الْحَقِّ لِنَفْسِهِ لِحَاجَةٍ (وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ) لِفِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا دَفَعَا بَاقِيَ الرِّكَازِ لِوَاجِدِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ مَظْهُورٍ عَلَيْهِ، فَكَانَ لِوَاجِدِهِ بَعْدَ الْخُمُسِ كَالْغَنِيمَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِنَا، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَجِيرًا لِطَلَبِهِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ سِوَى الْأُجْرَةِ (إِنْ وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ كَالصَّيْدِ مِنْهَا (أَوْ أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهَا) كَالْأَرْضِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ الْقَدِيمَةِ، وَجُدْرَانِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقُبُورِهِمْ، وَلَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِهَا، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " أَوْ قَرْيَةٍ خَرَابٍ أَوْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ: «وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، وَلَا فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ
كَانَتْ مُنْتَقِلَةً إِلَيْهِ، فَهُوَ لَهُ أَيْضًا، وَعَنْهُ: أَنَّهُ لِمَالِكِهَا، أَوْ لِمَنِ انْتَقَلَتْ عَنْهُ إِنِ اعْتَرَفَ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِأَوَّلِ مَالِكٍ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ حَرْبِيٍّ مَلَكَهُ إِلَّا أَنْ لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخُمُسُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَفِي لَفْظٍ:«وَإِنْ وَجَدَهُ فِي خَرِبَةٍ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ، فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» (وَإِنْ عُلِمَ مَالِكُهَا) كَمَنْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ، أَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَوِ اسْتَعَادَهَا (أَوْ كَانَتْ مُنْتَقِلَةً إِلَيْهِ) بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ (فَهُوَ لَهُ أَيْضًا) فِي الْأَشْهَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، بَلْ هُوَ مُودَعٌ فِيهَا، فَهُوَ كَالصَّيْدِ وَالْكَلَأِ، يَمْلِكُهُ مَنْ ظَفِرَ بِهِ كَالْمُبَاحَاتِ كُلِّهَا، وَعَلَيْهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمَالِكُ أَوَ لَا، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ عَنْ أَحْمَدَ فَيَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَحْفِرَ لَهُ فِي دَارِهِ، فَأَصَابَ كَنْزًا، فَهُوَ لِلْأَجِيرِ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي (وَعَنْهُ: أَنَّهُ لِمَالِكِهَا) قَطَعَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " التَّلْخِيصِ " لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَكَانَ مَا فِيهَا لَهُ كَالْقُمَاشِ (أَوْ لِمَنِ انْتَقَلَتْ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ (إِنِ اعْتَرَفَ بِهِ) كُلٌّ مِنَ الْمَالِكِ وَالْمُنْتَقِلِ عَنْهُ، فَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ مِيرَاثًا حُكِمَ بِأَنَّهُ مِيرَاثٌ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ لِمُورِّثِهِمْ فَلِأَوَّلِ مَالِكٍ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا أُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ (وَإِلَّا) فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ، وَلَمْ يَدَّعِهِ (فَهُوَ لِأَوَّلِ مَالِكٍ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، فَكَانَ لَهُ كَحِيطَانِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ، كَمَا لَوِ ادَّعَاهُ بِصِفَةٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ يَكُونُ كَالْمَالِ الضَّائِعِ حَيْثُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ فَادَّعَاهُ وَاجِدُهُ فَهُوَ لَهُ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ خِلَافُهُ، وَعَلَى الْأَوْلَى إِنِ ادَّعَاهُ الْمَالِكُ قَبِلَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا وَصْفٍ، فَهُوَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى مُمْكِنًا، وَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا، فَالظَّاهِرُ صِدْقُهُ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَعَلَيْهَا يَكُونُ لِوَاجِدِهِ، وَمَتَى دُفِعَ إِلَى مُدَّعِيهِ بَعْدَ إِخْرَاجِ خُمُسِهِ، غَرِمَ وَاجِدُهُ بَدَلَهُ إِنْ كَانَ أَخْرَجَ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَخَذَهُ مِنْهُ قَهْرًا غَرِمَهُ، لَكِنْ هَلْ هُوَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ، وَعَنْهُ: مَالُهُ يَكُونُ لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إِنِ اعْتَرَفَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ أَوْ لم يُعَرِّفْهُ الْأَوَّلُ، فَلِوَاجِدِهِ، وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ حَرْبِيٍّ مَلَكَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ،