الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَنَدَّى شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ، وَلَقَّنَهُ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّةً، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَشِيًّا، وَيُكْرَهُ وَسَطَ النَّهَارِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي رَمَضَانَ لَيْلًا، لَا مُبْتَدَعَ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِفِعْلِهِ ـ عليه السلام ـ، وَيُخْبِرُ بِمَا يَجِدُ بِلَا شَكْوَى، وَكَانَ أَحْمَدُ يَحْمَدُ اللَّهَ أَوَّلًا لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ، إِذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍّ، وَيُنَفَّسُ لَهُ فِي أَجَلِهِ لِخَبَرٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَيَدْعُو لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ عبد مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ يَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَسَالُ اللَّهَ العظيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عُوفِيَ» لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُكْرَهُ أَنْ يَعُوَدَ امْرَأَةً غَيْرَ مُحْرِمَةٍ، أَوْ تَعُودُهُ، وَتَعُودُ امْرَأَةٌ امْرَأَةً مِنْ أَقَارِبِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَهَلْ يُكْرَهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ عِيَادَتَهَا (وَتَذْكِيرُهُ) إِذَا خِيفَ مَوْتُهُ، قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ " (التَّوْبَةَ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَهُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا؛ لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» يَعْنِي: مَا لَمْ تَبْلُغْ رُوحُهُ إِلَى حَلْقِهِ (وَالْوَصِيَّةَ) لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةً عِنْدَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
[مَا يُسَنُّ فِعْلُهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ]
(فَإِذَا نَزَلَ بِهِ) أَيْ: نَزَلَ الْمَلَكُ بِهِ لَقَبْضِ رُوحِهِ (تَعَاهَدَ) أَرْفَقُ أَهْلِهِ وَأَتْقَاهُمْ لِرَبِّهِ (بَلَّ حَلْقَهُ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَنَدَّى شَفَتَيْهِ
ثَلَاثٍ إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ، فَيُعِيدَ تَلْقِينَهُ بِلُطْفٍ وَمُدَارَاةٍ، وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةَ يس، وَتَوْجِيهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. فَإِذَا مَاتَ أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ، وَشَدَّ لِحْيَيْهِ، وَلَيَّنَ مَفَاصِلَهُ، وَخَلَعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِقُطْنَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُطْفِئُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الشِّدَّةِ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ النُّطْقَ بِالشَّهَادَةِ (وَلَقِّنْهُ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا:«لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْمُحْتَضِرِ مَيِّتًا بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، وَعَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ بِهَا إِقْرَارٌ بِالْأُخْرَى، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَفِي " الْفُرُوعِ " احْتِمَالٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُلَقَّنُ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ، فَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْأُولَى.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَيُكْرَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ بِلَا عُذْرٍ (مَرَّةً) نَقَلَهُ مُهَنَّا وَأَبُو طَالِبٍ (وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثٍ) لِئَلَّا يُضْجِرَهُ، وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَجَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِذَا قُلْتَ مَرَّةً فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ أَتَكَلَّمْ (إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ فَيُعِيدَ تَلْقِينَهُ بِلُطْفٍ وَمُدَارَاةٍ) ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّ اللُّطْفَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، فَهُنَا أَوْلَى (وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةَ يس) لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ لِينٌ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَلِأَنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ عِنْدَهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: وَتَبَارَكَ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (تَوْجِيهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ) لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ «قِبْلَتُكُمْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِقَوْلِ حُذَيْفَةَ: وَجِّهُونِي. وَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا، وَعَنْهُ: مُسْتَلْقِيًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: سَوَاءٌ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَلِيلًا لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ تَطْهِيرُ ثِيَابِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "؛ «لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فلبسها ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقُولُ: الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِثِيَابِهِ عَمَلُهُ (فَإِذَا مَاتَ أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ)«لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ، وَقَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا «إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَيِّتَ فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ، فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ، وَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى مَا قَالَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِئَلَّا يُقَبَّحَ مَنْظَرُهُ، وَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ، وَيَقُولُ مَنْ يُغْمِضُهُ: بِاسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ نَصَّ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: يُغْمِضُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ وَتُغْمِضُهُ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ تُغْمِضَهُ حَائِضٌ أَوْ جُنُبٌ أَوْ يَقْرَبَاهُ، وَتُغْمِضُ الْأُنْثَى مِثْلُهَا أَوْ صَبِيٌّ، وَفِي الْخُنْثَى وَجْهَانِ.
(وَشَدَّ لِحْيَيْهِ) لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ أَوِ الْمَاءُ فِي وَقْتِ غُسْلِهِ (وَلَيَّنَ مَفَاصِلَهُ)
ثِيَابَهُ، وَسَجَاهُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُهُ، وَجَعَلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً أَوْ نَحْوَهَا، وَوَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ، مُتَوَجِّهًا مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ، وَيُسَارِعُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَتَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِتَبْقَى أَعْضَاؤُهُ سَهْلَةً عَلَى الْغَاسِلِ لَيِّنَةً، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ إِلَى عَضُدَيْهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا وَيَرُدُّ سَاقَيْهِ إِلَى فَخْذَيْهِ، وَهُمَا إِلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَقِبَ مَوْتِهِ قَبْلَ قَسْوَتِهَا، فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ تَرَكَهُ (وَخَلَعَ ثِيَابَهُ) لِئَلَّا يَحْمَى جَسَدُهُ فَيُسْرِعَ إِلَيْهِ الْفَسَادُ وَيَتَغَيَّرَ، وَرُبَّمَا خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ فَلَوَّثَتْهَا (وَسَجَّاهُ) أَيْ: غَطَّاهُ (بِثَوْبٍ يَسْتُرُهُ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ فِي كَرَامَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْطِفَ فَاضِلَ الثَّوَابِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ بِالرِّيحِ (وَجَعَلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ، الَّتِي يَنْظُرُ فِيهَا (أَوْ نَحْوَهَا) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ طِينٍ لِقَوْلِ أَنَسٍ: ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيدٍ. وَلِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُهُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ (وَوَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ) لِأَنَّهُ يَبْعُدُ عَنِ الْهَوَامِّ، وَيَرْتَفِعُ عَنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ (مُتَوَجِّهًا) إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَقِيلَ: عَلَى ظَهْرِهِ (مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ) أَيْ: يَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ رِجْلَيْهِ، لِيَنْصَبَّ عَنْهُ مَاءُ الْغُسْلِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
(وَ) يَجِبُ أَنْ (يُسَارِعَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، زَادَ فِي " الرِّعَايَةِ " قَبْلَ غُسْلِهِ.
وَتَجْهِيزُهُ إِذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ بِانْفِصَالِ كَفَّيْهِ، وَمَيْلِ أَنْفِهِ، وَانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ السَّامِرِيُّ: قَبْلَ دَفْنِهِ بِوَفَائِهِ أَوْ بِرَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ عَنْهُ إِنْ تَعَذَّرَ وَفَاؤُهُ عَاجِلًا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِبْرَاءِ الذِّمَّةِ.
(وَ) يُسَنُّ (تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْأَجْرِ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمَ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ إِلَى عكسه لظاهر النَّصِّ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا أَشْبَهَتِ الْمِيرَاثَ فِي كَوْنِهَا بِلَا عَرَضٍ، فَكَانَ فِي إِخْرَاجِهَا مَشَقَّةٌ عَلَى الْوَارِثِ، فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إِخْرَاجِهَا.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ (أَوِ) الَّتِي لِلتَّسْوِيَةِ أَيْ: فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا (وَتَجْهِيزُهُ) لِقَوْلِهِ ـ عليه السلام ـ «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ أَهْلِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ أَصْوَنُ لَهُ، وَأَحْفَظُ مِنَ التَّغْيِيرِ، لَكِنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ وَلِيِّهِ وَغَيْرِهِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا، وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ أَوْ يُشَقَّ عَلَى الْحَاضِرِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ انْتَظَرَ بِهِ حَتَّى يعلم مَوْتِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: تُرِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يَخَفْ فَسَادَهُ (إِذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ بِانْفِصَالِ كَفَّيْهِ، وَمَيْلِ أنفه، وَانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ دَالَّةٌ عَلَى الْمَوْتِ يَقِينًا، زَادَ فِي " الشَّرْحِ "، وَ " الرِّعَايَةِ "، وَامْتِدَادُ جِلْدَةِ وَجْهِهِ، وَظَاهِرُ " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " التَّلْخِيصِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُسَارَعَةِ فِي تَجْهِيزِهِ، وَكَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّه رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَيَّنَ مَفَاصِلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " الْمُذْهَبِ "، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَا وَلَاءَ بِهِ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمَا إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّجْهِيزُ قَبْلَ تَيَقُّنِ الْمَوْتِ تَفْرِيطٌ.