الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِجْلِ الْقَبْرِ. إِنْ كَانَ أَسْهَلَ عَلَيْهِمْ. وَلَا يُسْجَى الْقَبْرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِامْرَأَةٍ، وَيُلْحَدُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَتَّى تُوضَعَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا وَضْعُهَا عَلَى الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: لِلصَّلَاةِ، وَعَنْهُ: فِي اللَّحْدِ، لِاخْتِلَافِ الْخَبَرِ، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْلَ وَضْعِهَا كَمَنْ بَعُدَ (وَإِنْ جَاءَتْ وَهُوَ جَالِسٌ لَمْ يَقُمْ لَهَا) لِقَوْلِ عَلِيٍّ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثُمَّ قَعَدَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ عَلِيٌّ:«كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَمَرَ بِالْقِيَامِ، ثُمَّ جَلَسَ، وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَكَذَا إِذَا مَرَّتْ بِهِ، وَعَنْهُ: الْقِيَامُ وَتَرْكَهُ سَوَاءٌ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِأَمْرِهِ بِذَلِكَ، وَعَنْهُ: حَتَّى تَغِيبَ أَوْ تُوضَعُ، فَيَقُومُ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلَيْهِ حِينَ رُؤْيَتِهَا، لِلْخَبَرِ، وَظَاهِرُهُ: لَوْ كَانَتْ جِنَازَةُ كَافِرٍ، لِفِعْلِهِ ـ عليه السلام ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ الْكَرَاهَةُ، إِذْ دَلِيلُهُ نَاسِخٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ
[صِفَةُ دَفْنِ الْمَيِّتِ]
(وَيَدْخُلُ قَبْرَهُ مِنْ عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ: مِنْ شَرْقِهِ ثُمَّ يُسِلُّهُ سَلًّا، لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ سَلًّا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَدْخَلَ الْحَارِثَ قَبْرَهُ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وقال: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ مُوَجِّهٍ بَلْ دُخُولٍ، وَدُخُولُ الرَّأْسِ أَوْلَى، كَعَادَةِ الْحَيِّ، لِكَوْنِهِ يَجْمَعُ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ، وَلِهَذَا يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَبْدَأُ بِهِ فِي حَمْلِهِ (إِنْ كَانَ أَسْهَلَ عَلَيْهِمْ) كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْمَجْدُ؛ لِأَنَّ فِي ضِدِّهَا ضَرَرًا وَمَشَقَّةً؛ وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي " الْوَجِيزِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَظَاهِرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَلَامِهِ أَنَّهُ يُدْخِلُهُ مُعْتَرِضًا مِنْ قِبْلَتِهِ إِذَا لَمْ يَسْهُلْ مِنْ عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وَخَرَجَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَقِيلَ: يَبْدَأُ بِإِدْخَالِ رِجْلِهِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِيمَنْ يَدْخُلُهُ، بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَسَائِرِ أُمُورِهِ، وَقِيلَ: الْوِتْرُ أَفْضَلُ، وَأَنَّهُ لَا حَدَّ لِعُمْقِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ «احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ: يُعَمَّقُ إِلَى الصَّدْرِ، وَقَدَّرَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا بِقَامَةٍ وَبَسْطَةٍ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ نَصًّا، وَالْبَسْطَةُ: الْبَاعُ، وَجَعَلَهُمَا فِي " الْوَسِيلَةِ " أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَنِصْفًا نَصًّا، وَبِالْجُمْلَةِ يَكْفِي مَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسِّبَاعَ، وَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَمَوْضِعُ فَوْقَهُ خَشَبًا لَا فِي تُرَابٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، كَمَا لَا يَجُوزُ سَتْرُهُ إِلَّا بِالثِّيَابِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
تَنْبِيهٌ: الْأَحَقُّ بِالتَّلْقِينِ وَالدَّفْنِ أَحَقُّهُمْ بِالْغُسْلِ. وَذَكَرَ الْمَجْدُ وَابْنُ تَمِيمٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَلَّى دَفْنَ الْمَيِّتِ غَاسِلُهُ، فَيُقَدَّمُ الْوَصِيُّ، ثُمَّ الأقرب فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ، ثُمَّ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ، ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ، وَالْمَرْأَةُ مَحَارِمُهَا الرِّجَالُ أَوْلَى مِنَ الْأَجَانِبِ، وَمِنْ مَحَارِمِهَا النِّسَاءُ بِدَفْنِهَا، وَهَلْ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ عَلَى مَحَارِمِهَا الرِّجَالِ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ عُدِمَا، فَالرِّجَالُ الْأَجَانِبُ أَوْلَى فِي الْمَشْهُورِ، وَعَنْهُ: نِسَاءُ مَحَارِمِهَا، قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَوْلَى، وَشَرْطُهُ عَدَمُ مَحْذُورٍ مِنْ تَكَشُّفِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ أَوْ غَيْرِهِ.
قَالَ الْمَجْدُ: أَوِ اتِّبَاعِهِنَّ الْجِنَازَةَ، وَيُقَدَّمُ مِنَ الرِّجَالِ خَصِّيٌّ، ثُمَّ شَيْخٌ، ثُمَّ أَفْضَلُ دِينًا وَمَعْرِفَةً، وَمِنْ بَعْدِ عَهْدِهِ بِجَمَاعَةٍ أَوْلَى مِمَّنْ قَرُبَ.
فَرْعٌ: لَا يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ دَفْنُ امْرَأَةٍ مَعَ حُضُورِ مَحْرَمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَحْمِلُهَا مِنَ الْمُغْتَسَلِ إِلَى النَّعْشِ، وَيُسَلِّمُهَا إِلَى مَنْ فِي الْقَبْرِ، وَيَحِلُّ عُقَدَ الْكَفَنِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي " الْأُمِّ "، وَمَتَى كَانَ الْأَوْلَى بِغُسْلِهِ
لَهُ لَحْدًا. وَيُنْصَبُ اللَّبِنُ عَلَيْهِ نَصْبًا، وَلَا يُدْخِلُهُ خَشَبًا، وَلَا شَيْئًا مَسَّهُ النَّارُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَوْلَى بِدَفْنِهِ تَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ نَائِبُهُ إِنْ شَاءَ (وَلَا يُسْجَى الْقَبْرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةٍ) فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَغْطِيَةُ قَبْرِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نُعَلِّمُهُ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَرَاهُ الْحَاضِرُونَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ " الْوَجِيزِ " وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَيُكْرَهُ سَتْرُ قَبْرِ الرَّجُلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ وَتَقَدَّمَ بِقَوْمٍ دَفَنُوا مَيِّتًا وَبَسَطُوا عَلَى قَبْرِهِ الثَّوْبَ، فَجَذَبَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّ كَشْفَهُ أَمْكَنُ وَأَبْعَدُ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ مِنْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُكْرَهْ (وَيُلْحِدُ لَهُ لَحْدًا) لِقَوْلِ سَعْدٍ: الْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا اللَّبِنَ عَلَيَّ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَاللَّحْدُ إِذَا بَلَغَ الْحَافِرُ قَرَارَ الْقَبْرِ حَفَرَ فِيهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ مَكَانًا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ؛ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ أَنْ يَحْفِرُوا أَرْضَ الْقَبْرِ شَقًّا يَضَعُ فِيهِ الْمَيِّتَ وَيُسْقَفُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَيُكْرَهُ الشَّقُّ بِلَا عُذْرٍ، فَلَوْ تَعَذَّرَ اللَّحْدُ لِكَوْنِ التُّرَابِ يَنْهَارُ يَبْنِيهِ بِلَبِنٍ وَحِجَارَةٍ إِنْ أَمِنَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَشُقُّ إِذَنْ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا أُحِبُّ الشَّقَّ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ (وَيَنْصِبُ اللَّبِنَ عَلَيْهِ نَصْبًا) لِحَدِيثِ سَعْدٍ، وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ طِنَّ قَصَبٍ جَازَ، لِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ: رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّبِنَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ مَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَأَبْعَدُ مِنْ أَبْنِيَةِ الدُّنْيَا، وَعَنْهُ: الْقَصَبُ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَابْنُ عَقِيلٍ؛ «لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ خَرَّجَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ» ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " هُمَا سَوَاءٌ، وَيُسَدُّ الْخَلَلُ بِمَا يَمْنَعُ التُّرَابَ مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ.
وَيَقُولُ الَّذِي يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَيَضَعُهُ فِي لَحْدِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَيَحْثِي التُّرَابَ فِي الْقَبْرِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ يُهَالُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ أَحْمَدُ: وَيَسُدُّ الْفُرْجَةَ بِحَجَرٍ، فَدَلَّ أَنَّ الْبَلَاطَ كَاللَّبِنِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبِنُ أَفْضَلَ (وَلَا يَدْخُلُهُ خَشَبًا) بِلَا ضَرُورَةٍ (وَلَا شَيْئًا مَسَّهُ النَّارُ) لِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ اللَّبِنَ وَيَكْرَهُونَ الْخَشَبَ وَالْآجُرَّ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِأَهْلِ الدُّنْيَا، وَتَفَاؤُلًا أَنْ لَا تَمَسَّهُ النَّارُ، وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً، أَوْ فِي حَجَرٍ مَنْقُوشٍ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْ يُجْعَلُ فِيهِ حَدِيدٌ، وَلَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ رَخْوَةً أَوْ نَدِيَّةً (وَيَقُولُ الَّذِي يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ:«بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إِذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ قَالَ ذَلِكَ» ، وَفِي لَفْظٍ: وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رَوَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَعَنْهُ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْقَبْرِ وَصَاحِبِهِ» ، وَإِنْ قَرَأَ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] الْآيَةَ، وَأَتَى بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ لَائِقٍ عِنْدَ وَضْعِهِ وَإِلْحَادِهِ، فَلَا بَأْسَ لِفِعْلِهِ ـ عليه السلام ـ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ (وَيَضَعُهُ فِي لَحْدِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ هَكَذَا دُفِنَ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالْمُؤَلِّفِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " يَجِبُ دَفْنُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَعِنْدَ صَاحِبِ " الْخُلَاصَةِ " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ شَيْئًا لِقَوْلِ عُمَرَ: إِذَا جَعَلْتُمُونِي فِي اللَّحْدِ فَأَفْضُوا بِخَدِّي إِلَى الْأَرْضِ. وَاسْتَحَبَّ عَامَّتُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةً كَالْمِخَدَّةِ لِلْحَيِّ، وَيَجْعَلُ قُدَّامَهُ وَخَلْفَهُ مَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَلَى قَفَاهُ أَوْ وَجْهِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ "، وَ " الْفُرُوعِ " يُدْنِيهِ مِنْ قِبْلَةِ اللَّحْدِ، وَيُسْنَدُ خَلْفَهُ، وَيُكْرَهُ الْمُرَقَّعَةُ وَالْمُضَرَّبَةُ،
عَلَيْهِ التُّرَابُ.
وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ عَنِ الْأَرْضِ مُسَنَّمًا، وَيُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. وَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا قَطِيفَةٌ تَحْتَهُ لِكَرَاهَةِ الصَّحَابَةِ؛ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَنَصَّ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا مِنْ عِلَّةٍ فِي الْأَرْضِ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ شُقْرَانَ وَضَعَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنْهُمْ (وَيُحْثِي التُّرَابَ فِي الْقَبْرِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) اسْتِحْبَابًا، لِمَا رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ حَثَى عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالْيَدِ، قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ "؛ وَهُوَ شَامِلٌ لِحَاضِرٍ بِهِ، زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ: مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، لِفِعْلِهِ ـ عليه السلام ـ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَقِيلَ: مَنْ دَنَا مِنْهُ، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَذَكَرَ ابْنُ مُنَجَّا: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إِذَا حَثَى الْأُولَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّانِيَةِ {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّالِثَةِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55](ثُمَّ يُهَالُ) أَيْ: يُصَبُّ (عَلَيْهِ التُّرَابُ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِأَنَسٍ: كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ التُّرَابَ؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ فِي الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِ تُرَابِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِنَهْيِ عُقْبَةَ عَنْهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ.
قَالَ فِي " الْفُصُولِ ": إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِهِ بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا عِنْدَ رَأْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ «لِأَنَّهُ ـ عليه السلام ـ تَرَكَ عِنْدَ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ