الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
175 - محمد بن الحسن الزُّبيدي النحوي أبو بكر الأندلسي
صاحب الشرطة، من الأئمة في اللغة والعربية. ألف كعاباً في النحو سمّاه " الواضح " واختصر كتاب " العين "، وله مصنفات في الأدب والعربية سيأتي ذكرها، وكان شاعراً كثير الشعر. قال يوسف بن عبد البر: كتب أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي إلى أبي مسلم بن فهد: طويل:
أبا مُسلم إنَّ الفتى بجنانِه
…
ومِقْوَلِهِ لا بالمراكبِ واللُّبْسِ
وليس ثيابُ المرءِ تُغني قُلامةً
…
إذا كان مقصوراً على قِصرِ النفسِ
وليس يفيدُ العلمَ والحلمَ والحجا
…
أبا مسلمٍ طولُ الجلوس على الكرسي
وقال أبو محمد علي بن أحمد الأندلسي: كتب الوزير أبو الحسن جعفر بن عثمان المُصحفي إلى صاحب الشرطة أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي اللغوي، كتاباً فيه:" فاضت نفسه "، بالضاد، فأجابه الزُّبيدي بمنظوم بيَّن فيه الخطأ دون تصريح وهو: منسرح:
قل للوزير السني مَحْتِدُهُ
…
لي ذمةٌ منك أنت حافظُها
عنايةٌ بالعلوم مفخرة
…
قد بَهظَ الأوَّلين باهظها
يُقرّ لي " عَمْرُها " و " ومعْمَرُها "
…
فيها " ونظَّامُها " و " جاحظُها "
قد كان حقاً قبولُ حُرمتِها
…
لكنَّ صرفَ الزَّمان لافظُها
وفي خطوب الزمان لي عِظةٌ
…
لو كان يثني النفوس واعظُها
إنْ لم تحافظْ عصابةٌ نُسبت
…
إليك قِدْماً فمن يحافظُها
لا تَدَعَنْ حاجتي مطَّرحةً
…
فإن نفسي قد فاظ فائظُها
فأجابه المصحفي: منسرح:
خفِّض فواقاً فأنت أوحدُها
…
علماً ونقَّابُها وحافظُها
كيف تضيعُ العلوم في بلدٍ
…
أبناؤهُ كلُّهم يُحافظُها؟
ألفاظُهم كلّها معطلةٌ
…
ما لم يُعوِّل عليك لافظُها
مَن ذا يدانيك إن نطقت وقد
…
أقرّ بالعجز عنك " جاحظُها "
عِلمٌ ثنى العالمين عنك كما
…
ثنى عن الشمس من يلاحظُها
وقد أتتني فُديتَ شاغلةٌ للنفْسأن قلت: " فاظ فائظُها "
فأوضِحَنْها تفُزْ بنادرةٍ
…
قد بَهَظَ الأولين باهظُها
فأجابه الزبيدي، وضمّن شعره الشاهد على ذلك: طويل:
أتاني كتابٌ من كريم مكرَّم
…
فنفَّسَ عن نفسٍ تكاد تَفيظُ
فَسَرَّ جمبعَ الأولياء ورودُه
…
وسيءَ رجالٌ آخرون وغيظوا
لقد حفظ العهد الذي قد أضاعه
…
لديَّ سواه والكريم حفيظُ
وباحثتَ عن " فاظتْ " وقبليَ قالها
…
رجالٌ لديهم في العلومِ حظوظُ
روى ذاك عن " كيسان "" سهلٌ " وأنشدوا مقال أبي العيناء وهو مَغيظ
" وسُمِّيتَ غيّاظاً ولست بغائظٍ
…
عدوّاً ولكن للصديق تغيظُ "
فلا حفِظ الرحمنُ روحَك حيةً
…
ولا هي بالأرواحِ حين تفيظُ "
قلت وقد ذكر يعقوب بن السكِّيت في كتاب " الألفاظ ": " فاضت نفسه " بالضاد، وذكرها ابن جنّي في كتاب " سر الصناعة " له،
وبسط القول هناك، وكان الحكم المستنصر، بن عبد الرحمن الناصر الأموي المستولي على الأندلس، ومقيم سوق العلوم بها مدة، استحضر محمد بن الحسن الزبيدي رحمه الله إلى دار ملكه، قرطبة، للاستفادة منه، فأقام بقرطبة مدة واشتاق أهله بإشبيلية، فاستأذن الحكم في العود؛ فلم يأذن له اغتباطاً به. فكتب إلى جارية له تُدعى سلمى بإشبيلية: منسرح:
ويحك يا سلْمَ لا تراعي
…
لا بُدَّ للبيْن من زماع!
لا تحسبيني صبرت إلا
…
كصبر ميْت على النزاع
ما خلق الله من عذاب
…
أشد من وقفة الوداع
ما بيننا والحُمام فرقٌ
…
لولا المناحات والنواعي
إن يفترق شملنا وشيكاً
…
من بعد ما كان ذا اجتماع
فكلُّ شمل إلى افتراق
…
وكل شعب إلى انصداع
وكل قرب إلى بعاد
…
وكلُّ وصل إلى انقطاع
توفى أبو بكر الزُّبيدي بالأندلس قريباً من سنة ثمانين وثلاثمائة. رحمه الله وله من التصانيف كتاب " مختصر العين " وكتاب " الانتصار " على من آخذ عليه في " مختصر العين "، وكتاب في " أبنية سيبويه " وشرحها والزيادة فيها، وكتاب " لحن العامَّة "، وكتاب " الو اضح " في النحو، وكتاب " أخبار النحاة ".